قوس قزح.. بألوانه السبع.. يشكل صورة جميلة من صور إبداع الخالق عز وجل.. ولكن جاء قوم لوط المعاصرون ليحولوه إلى رمز لممارسة حرية الفجور والرذيلة والفواحش.. ورغم ذلك سيظل قوس قزح الحقيقى عاليا فى السماء إلى يوم الدين بينما يقبع قوس قزح المزعوم على الأرض مجرد علم يرفعه الغافلون ممن رأوا فى الحكم الذى أصدرته المحكمة العليا الأمريكية فى 26 يونيو الماضى، بالسماح بزواج المثليين جنسيا فى كافة الولاياتالأمريكية، انتصارا لما يسمونه الحب.. ولا ندرى ما علاقة الحب بهذا الفعل الفاحش الذى تحرمه جميع الأديان السماوية؟! وإذا كان آلاف المثليين حول العالم قد خرجوا إلى الشوارع للاحتفال بحكم المحكمة الأمريكية «التاريخى»، فهناك انقسام شديد داخل أمريكا نفسها بخصوص القرار حتى إن حكم المحكمة جاء بفارق ضئيل بين أعضائها التسعة، حيث صوت خمسة قضاة لصالح السماح بزواج المثليين، فى مقابل اعتراض أربعة من قضاة المحكمة. ويعرب ملايين الأمريكيين، وعلى رأسهم قادة الدين المحافظين، عن غضبهم واستيائهم من القرار ويتعهدون باستكمال معركتهم ضد هذا النوع من الزواج، وفى قداس يوم الأحد الأول بعد حكم المحكمة العليا وصف قس الكنيسة المعمدانية الأولى فى دالاس روبرت جيفريس حكم المحكمة بأنه «إهانة فى وجه الله عز وجل»، بينما قال الواعظ الانجيلى فرانكلين بيلى جراهام فى تعليقه على الحكم إن المحكمة العليا قد اختارت عن عمد رفض حقائق الكتاب المقدس وتأييد الخطيئة بدلا من ذلك. وقد أصدر مجموعة من القساوسة البروتستانت الإنجليين الأعضاء ب «لجنة الأخلاق والحرية الدينية» التابعة للكنيسة المعمدانية الجنوبية بيانا تعهدوا فيه بمواصلة الالتزام بتعاليم الكتاب المقدس للزواج بأنه اتحاد بين رجل وامرأة، وإبقاء هذه الحقيقة مهما كان الثمن. كما اعتبر مجمع الأساقفة الكاثوليك الأمريكى قرار المحكمة «خطأ مأسويا يمس بالحس السليم»، وتعهد المجمع بمواصلة اتباع تعاليم الكنيسة التى تنص على أن الزواج «اتحاد بين رجل وامرأة». وأظهر استطلاع للرأى أجرته شركة يوجوف للأبحاث أن 42% من الأمريكيين يعارضون قرار المحكمة، وأن أقل من نصف الأمريكيين (46%) هم من على استعداد لحضور حفل زفاف لمثليين جنسيا إذا تمت دعوتهم. وللتعبير عن اعتراضهم على القرار، تظاهر عدد من المحتجين أمام المحكمة العليا فى واشنطن ورفعوا لافتات تدعوا الشواذ جنسيا للعودة إلى صوابهم، وتظهر الاعتراض على ما يقومون به، ووصفت إحدى اللافتات المثليين بأنهم «عار» على أمريكا، فى حين يقوم المعارضون فى بعض المناطق بوضع الحواجز على الطرق فى محاولة لمنع إقامة حفلات زفاف المثليين، فيما يعكف المشرعون فى بعض الولايات على وضع مقترحات لإضعاف حكم المحكمة. وفى مبادرة شجاعة قام الموظفون بمكتب كاتب مقاطعة ديكاتور بولاية تينيسى بالتقدم بالاستقالة من مواقعهم اعتراضا على إصدار تراخيص زواج للمثليين جنسيا، قائلين إن ذلك يتعارض مع معتقداتهم الدينية. وتقول صحيفة «التليجراف» البريطانية إن هذه الخطوة لاقت استحسانا واسع النطاق ويمكن أن تمثل نموذجا لخطوات مماثلة فى جميع أنحاء البلاد. وفى ولاية تكساس، تعهد النائب العام كين باكستون بالدفاع عن الكتبة الذين يرفضون إصدار تراخيص الزواج للمثليين بسبب معتقداتهم الدينية، كما قام بعض المسئولين فى أماكن أخرى بتحدى حكم المحكمة ففى ولاية ألاباما قامت سبع مقاطعات على الأقل من مقاطعات الولاية ال67 برفض إصدار تراخيص الزواج للمثليين جنسيا بالرغم من خطورة تعرض المسئولين للغرامات أو حتى السجن. وفى ولاية كارولينا الشمالية، يكثف النشطاء جهودهم من أجل إقرار «قانون استعادة الحرية الدينية» والذى سيكون من شأنه حماية المجموعات المحافظة من التعرض لعقوبات قانونية إذا ما عارضت زواج المثليين. أما فى ولاية كولورادو فتحاول المجموعات المحافظة تقويض حكم المحكمة العليا من خلال صياغة قوانين جديدة سيتم طرحها على الناخبين فى استفتاء. كما يواجه القرار انتقادات شديدة من قبل الجمهوريين المحافظين، ويدعو العديد من المرشحين المحتملين للرئاسة إلى إجراء تعديلات دستورية أو تبنى العصيان المدنى للتغلب على حكم المحكمة، وفى هذا السياق، رأى مايك هاكابى، الحاكم السابق لولاية أركنساس، أن الولايات التى لا توافق على قرار المحكمة يمكن أن تتجاهل تنفيذه،وأن العصيان المدنى يمثل خيارا آخر. وفى نفس السياق، أعرب سكوت ووكر، حاكم ولاية ويسكونسون، عن رغبته فى إجراء تعديل دستورى يسمح للولايات باتخاذ القرار بخصوص تشريع زواج المثليين. واتفق معه فى الرأى تيد كروز، السناتور عن ولاية تكساس، والذى قال خلال لقاء إذاعى إن الحكم يمثل لحظة حزينة لأمريكا، واصفا الحكم بأنه عار على القضاء الأمريكى. يذكر أن أمريكا هى الدولة رقم 21 التى تعترف بهذا التشريع فقد سبقتها فى ذلك هولندا ، ولوكسمبرج، وبلجيكا، واسبانيا، وكندا، وجنوب أفريقيا، والنرويج، والسويد، والبرتغال، وأيسلندا، والأرجنتين، والدنمارك، وفنلندا، والمكسيك، وأورجواى، ونيوزيلندا، وفرنسا، والبرازيل، وبريطانيا، وأيرلندا.