أصبح الوضع فى اليمن على المحك بعد فشل مؤتمر جنيف منذ اللحظة الأولى لانعقاده فبين نظره الحوثيين له كآلية تفاوض وتأكيد الحكومة الشرعية أنه لا يهدف سوى لإنهاء الانقلاب فى الوقت الذى سعت فيه الأممالمتحدة إلى الاتفاق على خطة من عشر نقاط بينها وقف إطلاق النار وانسحاب المسلحين من المدن دون إحداث فراغ أمنى وتعيين فريق أمنى أممى لمراقبة وقف إطلاق النار إلا أن المؤتمر الذى أعلن انتهاؤه فى مدينة جنيف السويسرية والذى استمر لمدة ثلاثة أيام بهدف إنهاء النزاع فى اليمن انتهى دون حدوث أى مفاوضات بين الطرفين بسبب تعنت الوفد الحوثى. ويرى المراقبون أن الحوثيين لم يكن لديهم نية للاتفاق مع الحكومة الشرعية قبل بدء مفاوضات جنيف حيث كانت موافقتهم من حيث المبدأ هى لعبة سياسية لكسب تأييد الأممالمتحدة والمجتمع الدولى إلا أن الحوثيين فوجئوا بنية الحكومة التوصل إلى اتفاق سلمى معهم مما أصابهم بالارتباك والتعنت لإفشال المفوضات ورغم ذلك فان فشل مفاوضات جنيف قوى من حجة الحكومة الشرعية وأوضح نية الحوثيين فى عدم رغبتهم فى حل القضية سلميا ورغبتهم فى الانفراد بالحكم. والحقيقة أن هناك العديد من المؤشرات التى تؤكد تعمد الحوثيين إفشال المؤتمر وعلى رأسها تعمدهم تأخير تسمية اعضائه قبل مغادرة صنعاء وعدم التزامهم بالعدد المطلوب وهو سبعة أفراد كما تعمد الوفد الحوثى إعاقة المشاورات فى جنيف حتى انتهاء المؤتمر دون تحقيق نتائج فعلية كما اعترض على وفد الحكومة الشرعية ولم يلتق به وكان ممثلو الوفد الحوثى قد وافقوا على دعوة الأممالمتحدة للتشاور مع الحكومة الشرعية على القرار الأممى 2216 إلا أن المباحثات فشلت بسبب الشروط التعجيزية التى فرضها الحوثيون بالإضافة إلى عدم التزامهم برسالة بان كى مون الأمين العام للأمم المتحدة فلم يزل القصف الحوثى والموالين للرئيس المخلوع صالح مستمرًا فى مدينة عدن كما استمر القصف أثناء انعقاد المؤتمر بالإضافة إلى منع إدخال المعونات الإنسانية والطبية. وتمسك وفد الحكومة اليمنية بمناقشة 3 نقاط مهمة وهى كيفية تطبيق قرار مجلس الأمن 2216 والتركيز على الجانب الإنسانى وكيفية تخفيف المعاناة الإنسانية و محاولة التوصل إلى وقف لإطلاق النار ولو مؤقتاً على أن تنسحب الميليشيات من المواقع التى احتلتها مؤخراً فى حين تتلخص أهداف الحوثيين فى البحث عن هدنة مؤقتة لإعادة تنظيم أوراقهم والتوسع على الأرض. وردا على إفشال الحوثيين لمؤتمر جنيف تتجه الحكومة اليمنية برئاسة عبد ربه منصور هادى لرفع أسماء وفد الحوثيين وحلفائهم الذين شاركوا فى المؤتمر إلى مجلس الأمن الدولى لفرض عقوبات دولية عليهم وتجميد أرصدتهم نظرا للاعتداءات المسلحة التى تقوم بها المليشيات المسلحة التابعة لهم. وألقى كل من وفد الحكومة اليمنية إلى مشاورات جنيف والوفد الحوثى وحلفائه التهمة على الآخر بإفشال المشاورات فاتهم مستشار الوفد الرسمى اليمنى فى جنيف أحمد عوض بن مبارك الحوثيين بإفشال المشاورات فى جنيف منذ بدايتها، وشدد على ضرورة استعادة الشرعية قبل أى حديث عن حل طويل الأمد وقال إن الحوار بين الحكومة ومن وصفهم بالمتمردين هو مجرد خطوة تمهيدية باتجاه الحوار السياسى الشامل فى اليمن وأضاف أنه من المهم الحفاظ على الدولة والشرعية الدستورية ممثلة بالرئيس اليمنى وإلا فإن اليمن ستنزلق إلى أسوأ من الوضع الحالى و أشار إلى أن الخطيئة الكبرى تمثلت بالموافقة على بقاء على عبد الله صالح فى المعادلة السياسية مشدداً على أنه كان من الضرورى أن يغيب عن المشهد السياسى أن بقاءه مرتبط بكل ما يحدث فى اليمن وتوافق ذلك مع وجود ميليشيا مسلحة هى ميليشيات الحوثى واتهم بن مبارك الحوثيين وقوات صالح بقصف المناطق السكنية واختطاف واعتقال عشرات الصحفيين والمئات من الأشخاص من بينهم مواطنون بسطاء وقيادات عسكرية وسياسية. وبالمقابل حمل الوفد الحوثى أعضاء وفد الحكومة اليمنية مسئولية فشل مشاورات جنيف وعدم توصلها إلى نتائج إيجابية وأوضح رئيس الوفد حمزة الحوثى أن الطرف المقابل أوما يسمى بالطرف الحكومى حاول فرض أجندات يجعل من خلالها الأطراف المتشاورة فى المؤتمر طرفين فقط الأمر الذى تم رفضه من قبل المكونات السياسية وصرح محمد البخيتى عضو المجلس السياسى لحركة أنصار الله (الحوثيون) أن السبب الرئيسى فى فشل حوار جنيف هو محاولة توظيف الهدنة الإنسانية ونزع مكتسبات سياسية وان المسار الذى وضعه المبعوث الأممى إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ فى جنيف لا يؤدى إلى نتيجة وانه خضع للضغوط وأن المسار الذى ترعاه الأممالمتحدة ليس واضحاً وقال إن المشكلة الأسياسية فى اليمن أن هناك فراغاً فى السلطة التنفيذية. ورغم فشل مؤتمر جنيف إلا انه حظى بتأييد مجلس الوزراء السعودى الذى أشاد بجهود الأممالمتحدة لعقد المؤتمر للتوصل إلى حل سلمى باليمن وجدد مجلس الوزراء السعودى دعم المملكة لمطالب الحكومة اليمنية الشرعية بالالتزام بإعلان الرياض وقرار مجلس الأمن 2216 المتعلق بالأزمة اليمنية والمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية وكذلك نتائج الحوار الوطنى اليمنى الشامل لحل الأزمة.