أن المنظمات الأجنبية العاملة فى روسيا، ستكون مجالًا جديدًا للصراع بين روسيا والغرب، فمع استمرار العقوبات التى فرضها الغرب على روسيا بسبب الأزمة الأوكرانية، قرر الرئيس الروسى اتخاذ إجراءات جديدة، أثارت استياء القوى الغربية بشكل كبير، حيث أصدر بوتين قانونا يتيح للسلطات منع عمل المنظمات الأجنبية التى تصنف «غير مرغوب فيها» من قبل الدولة. ينص القانون الذى صوت عليه أعضاء مجلسى النواب والشيوخ، على أنه «يمكن أن يعتبر غير مرغوب فيه، نشاط أى منظمة غير حكومية أجنبية أو دولية، يمثل تهديدا للأسس الدستورية لاتحاد روسيا، ولقدرات البلاد الدفاعية، أو أمن الدولة». ويمنح القانون السلطات إمكانية منع المنظمات غير الحكومية الأجنبية المعنية، وملاحقة موظفيها الذين يمكن أن يحكم عليهم بالسجن لفترات تصل إلى ست سنوات، كما يمكن منعهم من دخول البلاد، كما يتيح غلق حسابات بنكية للهياكل المستهدفة، كما يتعين على المنظمات الروسية التى تتلقى تمويلا من منظمات غير مرغوب فيها «تقديم جرد» عن عملياتهم. ويأتى هذا القانون ليكمل قانونًا تم التصويت عليه فى 2012، يجبر المنظمات غير الحكومية التى تتلقى تمويلا من الخارج، ولديها «نشاط سياسى» أن تسجل باعتبارها «عميلا أجنبيا». وكما هو متوقع، قوبل القرار بثورة عارمة سواء من قبل المنظمات الحقوقية العالمية، أو العديد من الدول الغربية وعلى رأسها الولاياتالمتحدة، فمن جهتها اعتبرت منظمتا «العفو الدولية» و «هيومن رايتس ووتش» فى بيان مشترك، أن هذا القانون هو «آخر فصل فى القمع غير المسبوق للمنظمات غير الحكومية فى روسيا». أما الولاياتالمتحدة فانتقدت القرار الروسى بشدة، حيث قالت مساعدة المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، «مارى هارف» فى بيان «نخشى أن يحد هذا القانون الجديد فى شكل أكبر من عمل المجتمع المدنى فى روسيا». واعتبرت الخارجية الأمريكية أن هذا القانون «هو مثال إضافى على قمع الحكومة الروسية المتنامى للأصوات المستقلة، وعلى إجراءاتها المتعمدة لعزل الشعب الروسى عن بقية العالم». وأضافت هارف «لا نزال قلقين حيال القيود الأكبر التى تستهدف وسائل الإعلام المستقلة والمجتمع المدنى، وأفراد الأقليات والمعارضة السياسية». وقالت إن «الروس، مثل كل شعوب العالم، يستحقون حكومة تدعم التنوع الفكرى، والشفافية والمساءلة والمساواة فى المعاملة تحت سقف القانون، والقدرة على ممارسة حقوقهم من دون خوف من العقاب». فى نفس السياق، قال الوزير البريطانى للشئون الأوروبية، «ديفيد ليدنجتون»، إن هذا القانون «مثال آخر لمضايقة السلطات الروسية للمنظمات غير الحكومية»، وأضاف فى بيان أن «القانون الجديد سوف يؤثر بشكل مباشر على قدرة المنظمات الدولية على العمل، وتعزيز وحماية حقوق الإنسان فى روسيا، ويهدف بوضوح إلى تقويض عمل المجتمع المدنى الروسى»، طالبا من الكرملين «عدم التدخل فى العمل القيم للمنظمات غير الحكومية». لم تقف روسيا صامتة تجاه تلك الانتقادات، حيث ردت على لسان رئيس ديوان الرئاسة الروسية سيرجى إيفانوف، الذى صرح فى مقابلة مع قناة روسيا اليوم، بأن خطة وسائل الإعلام الغربية لتشويه القيادة الروسية من خلال الافتراءات ستفشل. وأشار إيفانوف إلى الافتراءات التى يتعرض لها فى أحيان كثيرة الأشخاص المقربون من الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، على صفحات وسائل الإعلام الغربية، لاسيما البريطانية والأمريكية، معربًا عن ثقته بأن خطتها الهادفة لتخييب آمال المواطنين الروس فى السلطات الروسية عن طريق هذه الافتراءات لن تتحقق. وقال إيفانوف «إننى على ثقة تامة بأن أغلبية الدول الغربية، وفى مقدمتها الدول الأنجلوسكسونية، غير راضية عن كيفية تطور روسيا والاتجاه الذى تسير نحوه، وهم غير راضيين عما تشهده أوكرانيا، وبالرغم من أن ذلك لم نبادر له، وأنا أشدد على ذلك، فإننا لم نفعل سوى الرد على ما بدأه الجانب الآخر».