أطلق علماء التاريخ على الإسكندرية ماريا وترابها زعفران وسر هذه التسمية أن كلمة ماريا مشتقة أصلاً من «ميريت» وهى كلمة هيروغليفية معناها الميناء. وكان للإسكندرية ثلاثة موانىء فى شرقها ووسطها وغربها والميناء الأول هو الميناء الشرقى وميناؤها الغربى كان للتجارة من وإلى المدينة. وكانت التجارة مزدهرة والرخاء يعم المدينة. أما حكاية الزعفران فترجع إلى الملك (باتوس) حاكم مدينة قورنيائية وهى مدينة شحات بلقينا حاليا. واشتهر ذلك الملك بتجارة نبات الزعفران حيث كان باهظ الثمن حينذاك لدرجة أنه كان يرسم على الأوانى الفخارية اليونانية وهو يحمل فى إحدى كفتيه نبات الزعفران ويحمل فى الكفة الأخرى ذهب خالص تجسيدًا لن الزعفران كان يوزن الذهب، وهذا يدل على ثراء الإسكندرية وتشبيهه بنبات الزعفران الباهظ والقيمة. أما الإسكندرية الحالية فأصبحت مدينة عشوائية ويطلق عليها عجوز البحر المتوسط بعد أن كانت عروسا رائعة الجمال وعاصمة عالمية يطلق عليها «بولتين» لأنها جمعت تراثا وثقافات وحضارات متعددة من اليونان والرومان والفراعنة والأقباط والمسلمين. وانصهرت هذه الثقافات فى بوتقة واحدة جعلت الجميع يعيش فى سلام وتوافق حضارى وثقافى. والإسكندرية حتى تقوم من كبوتها بحاجة إلى رجل رشيد وقائد شجاع بعد أن أصابها القبح المعمارى وصارت عبارة عن غابات أسمنتية غير متناسقة وغير حضارية بعد أن كانت العمارات فى الأحياء وعلى الكورنيش ذات نسق معمارى واحد لا يتجاوز ارتفاعها 6 طوابق على أقصى تقدير. وبدأت هذه الكارثة منذ عهد اللواء المحجوب محافظ الإسكندرية الأسبق حيث تبارى المقاولون الجشعون فى إنشاء الأبراج وناطحات السحاب فى الأزقة والحوارى إلى الطابق العشرين وفى البداية كان يدفع المخالفون غرامات للأحياء ثم تدخل السماسرة والوسطاء من بعض نواب الشعب وحصلوا الغرامات لأنفسهم بعد توقيع الموافقة بالارتفاع المخالف لدرجة ظهور تعبير «نواب التعليات» وحاليًا تقام حوالى 300 عمارة مخالفة مع طلعة كل صباح دون توقف والأحياء عاجزة عن وقف هذا النزيف اليومى لأنه ليس لديها الإمكانيات ولا الأمن لوقف هذه المهزلة. والحل العاجل أن يصدر ترخيص البناء لصاحب الأرض الفعلى وليس «للكحول» وهو شخص يستخدمه المقاول شماعة دون معرفة عنوان أو عمل حقيقى له لأنه دائمًا ما يكون جاهلاً ويضحك عليه المقاول مقابل عدة جنيهات مقابل توقيع أى غرامات أو مخالفات أو أحكام ضده يتعذر تنفيذها لعدم معرفة عنوانه إن السكندريين ليحزنهم ما يحدث لمدينتهم التى تغنى بها السفراء والمؤرخون والعلماء والفنانون. إن الإسكندرية تستغيث لما يحدث لها من خرق لقانون المبانى والفوضى والعشوائيات فى كل شىء فى شوارعها وميادينها وأسواقها. ألا يوجد رجل رشيد يستطيع انقاذها من الغرق فى هذا المستنقع المحزن؟!.