حالة من القلق والجدل تسيطر على مجتمع صناعة الغزل والنسيج فى مصر منذ أن تم تداول تسريبات حول أقدام الحكومة المصرية على تخفيض الجمارك المفروضة على الغزول والملابس الجاهزة، نظرا لما تمثله هذه القرارات من إضرار بالغ بقلاع صناعة الغزل والنسيج المصرية التى تعانى بالأساس نتيجة إغراق الأسواق المحلية بالمنسوجات والملابس المستوردة من الصين والهند وتركيا وغيرها، مما يترتب عليه خسائر فادحة للكيانات الاقتصادية العاملة فى هذا المجال. وبين اتهامات النقابة العامة للغزل والنسيج، للحكومة بسعيها للاجهاز على قطاع صناعة الغزل والنسيج بإجراءات خفض الجمارك وردود وزارة المالية ممثلة فى مصلحة الجمارك بأنها بريئة من هذه الاتهامات تكمن الأزمة. بدأت هذه الأزمة عندما قام عبد الفتاح إبراهيم، رئيس النقابة العامة للغزل والنسيج، بنشر وثائق تكشف عن تحركات جادة تقوم عليها وزارة المالية لتخفيض قيمة الرسوم الجمركية على الغزول والملابس الجاهزة والأقمشة الواردة من الخارج بنسبة تصل إلى 22%. وسارعت النقابة العامة للغزل والنسيج إلى فضح هذا المخطط الحكومي، الذى يهدد بقاء امبراطوية صناعة الغزل والنسيج المصرية، الذى تمثل فى قيام هانى قدرى دميان، وزير المالية المصري، بتشكيل لجنة وزارية يترأسها محمد أحمد أبوزيد، رئيس جمارك بورسعيد، وعضوية عدد من صناع وتجار الملابس الجاهزة، التى وضعت قيمة الرسوم الجديدة على الواردات من الخارج بانخفاض يصل ل 22% وهو ما يهدد بغلق المزيد من الشركات والمصانع وتشريد الآلاف من عمال الغزل والنسيج، علاوة على العمال المشردين فعلا والموجودين فى الشارع. وبدورها تجاوبت وزارة المالية ممثلة فى رئيس مصلحة الجمارك د. مجدى عبد العزيز، بالتعاطى مع هذه الاتهامات، بالرد قائلا: إن ما كل نشر بخصوص نية وزارة المالية خفض الجمارك على الغزول والمنسوجات بواقع 22% أمر غير صحيح، مؤكدا أن التعريفة الجمركية لم تشهد أى تغيير، حيث إن فرض أى رسم جمركى أو ضريبة يتم بقانون وليس بقرار. وكشف د. عبد العزيز أن وزارة المالية حريصة أشد الحرص على حماية الصناعات المحلية وتوفير مناخ من المنافسة العادلة مع المنتجات المستوردة، التى كان يتم تهريبها أو تدخل بأسعار غير حقيقية، وهو ما يتم مواجهته من خلال قرار الوزير بفرض أسعار استرشادية على قطاع عريض من السلع والبضائع الواردة من الخارج، لكى تستخدم عند حساب التعريفة الجمركية المستحقة على تلك السلع. وأكد أن وزارة المالية ملتزمة بتطبيق أحكام منظمة التجارة العالمية، التى توجب فى المادة السابعة من اتفاقية الجات الاخذ بالقيمة الواردة فى الفاتورة عند حساب الرسوم إذا ما توافرت شروط صحتها، فاذا لم تتوافر يسمح بالاستعانة بالمعلومات السعرية المدرجة بقاعدة بيانات الجمارك وبطبيعة الحال، فإن الأسعار العالمية الحقيقية أمر غير ثابت بل تتحرك صعودا وهبوطا، ولذا نقوم بمراجعة تلك الأسعار كل فترة حفاظا على حقوق جميع أطراف المنظومة، وهى الخزانة العامة والمجتمع الصناعى والتجارى مصدرين ومستوردين والاهم حقوق المستهلك. وأشار د. عبد العزيز إلى أن هذه المبادئ هى الحاكمة فى آليات تعامل الجمارك مع قطاع الغزل والملابس الجاهزة، فأسعار الغزول من ألياف البوليستر، على سبيل المثال، مرتبط بشكل مرن بتحركات الأسعار العالمية للبترول، ويدلل على ذلك تراجع أسعار الغزول البوليستر بالتزامن مع الانخفاضات المتتالية فى أسعار البرول، وهو الأمر الذى استوجب إعادة النظر فى الأسعار الاسترشادية، التى تطبقها الجمارك على الواردات بما يعكس هذا التراجع. وخلص رئيس مصلحة الجمارك إلى أن قطاع الغزل والنسيج شهد العديد من صور التحفيز على مدار العشر سنوات الأخيرة، تتمثل فى تحمل وزارة المالية لجزء كبير من فاتورة أجور العاملين بقطاع الغزل والنسيج بشركات القطاع العام، وتقديم الخزانة العامة من دعم لشراء فضلة محصول القطن سنويا، وحرص وزارة المالية على احداث توازن بهيكل التعريفة الجمركية للصناعات النسيجية، حيث نجد أن صياغة فئات الرسوم الجمركية لقطاع الغزل والنسيج تتواكب مع التطورات العالمية، وفى نفس الوقت تضمن مصالح الصناعات الوطنية. يذكر أنه، وفقا لقانون الجمارك المصرى ولائحته التنفيذية والتعليمات الوزارية، تقدر رسوم الألياف النسيجية الواردة من الخارج بنحو صفر% باعتبارها مادة خام لأزمة للصناعة الوطنية، فيما تخضع الخيوط والغزول المستوردة لجمارك قدرها 5% فقط، وترتفع إلى 10% على الأقمشة، و30% للملابس الجاهزة، بالإضافة إلى إعفاء جميع الآلات والمعدات والأجهزة الرأسمالية وقطع غيارها من الرسوم الجمركية.