هل فهمت السينما المصرية فى فترة النظام الأسبق (نظام مبارك) ظاهرة الإرهاب بشكل يجعل هذا الفهم صالحًا الآن.. وإلى أى مدى نجحت هذه السينما فى خلق صورة تساعد على وجود وعى حقيقى مفجر لدور فعلى لرجل الشارع البسيط فى مواجهة هذه الظاهرة.. انتقيت بشكل عشوائى خمسة أفلام اخترت أن نحكى عنها من تلك الزاوية فى هذه السطور. خمسة أفلام قدمتها السينما المصرية عن شخصية الإرهابى (طيور الظلام - الإرهابى - الإرهاب والكباب - بطل من ورق).. ثلاثة من هذه الأفلام لعب بطولتها النجم عادل إمام فى اثنين منهما جسد شخصية الإرهابى وفى الثالث كان شريك الإرهابى، والفيلم الرابع لعب بطولته آثار الحكيم وممدوح عبد العليم فيلم (بطل من ورق) وجسد شخصية الإرهابى فى هذا الفيلم نجم الكوميديا أحمد بدير، وفى الفيلم الخامس كانت البطولة لنادية الجندى (التى كانت قد حضرت نفسها فى تلك الفترة فى تقديم شخصية المرأة القوية) ولعب فى هذا الفيلم دور الإرهابى فاروق الفيشاوى وكان للكوميديا وجود فى فيلم (الإرهاب) فى شخصية المصور الصحفى (السلطة الرابعة) بحسب اللزمة الضاحكة التى كررها النجم أحمد بدير فى هذا الفيلم. .. الملحوظة الأولى على هذه الأفلام الخمسة أنها بما تضمنته من حس كوميدى كان خلقها لموقف معاد بعنف ورافض بعنف للإرهابى والإرهاب ضعيفًا.. لأن التناول للظاهرة فى جو ضاحك أقرب فى تأثيره من التعاطف، والملحوظة الثانية.. ظهر فى فيلمين بطل من ورق - الإرهاب، أن رجل الأمن يرى أن التعامل الأمنى مع الظاهرة يحتاج لتحييد أو للسيطرة على حركة رجل الإعلام (لزمة أنا سلطة رابعة) التى مررها المصور أحمد بدير فى فيلم الإرهاب تعكس ذلك، والمواقف التى تعرضت لها سوسن فى فيلم بطل من ورق كذلك. ..نتكلم عن رسم الشخصيات وتحديدا شخصية الإرهابى.. فيلم (الإرهابى) قدم شخصية الإرهاب على أنه مواطن بسيط غرروا به بأفكار خلقت لديه سوء فهم للمجتمع، وفى فيلم (بطل من ورق) ظهر الإرهابى عاملا بسيطا فى مكتب آلة كاتبة يعانى من مرض نفسى.. وإذا كانا الفيلمان قد أظهرا الإرهابى بشكل أنه مواطن بسيط مأزوم يستحق منا أن نحتويه، ومن ثم نتعاطف معه فى فيلم (الإرهاب والكباب) طرح ثان خالص.. الإرهابى فى فيلم (الإرهاب والكباب) وهم فى خيال (النظام) الذى تسببت إدارته المترهلة فى تعطيل مصالح الناس وسخطهم! .. فيلم (الإرهاب) قدم صورة نجح فيها فاروق الفيشاوى أن يكسبنا معه طوال الوقت حتى لحظة انكشاف أنه كان يخدعنا كما كان يخدع الصحفية (الشخصية التى لعبتها نادية الجندى). ..نصل إلى الفيلم الخامس فيلم (طيور الظلام) وأنا هنا استثنى هذا الفيلم من القصور الذى قلنا إنه غطى على الأفلام الأربعة السابقة وعاق خلق موقف مجتمعى من الإرهاب المفترض أن صناع الفيلم يقصدونه.. فيلم (طيور الظلام) قدم فهمًا أعمق وربما أصدق للظاهرة، حيث أظهر المغالين فى إظهار التدين والفاسدين وهم شركاء فى لعبة هدفها ضرب مصر! .. وعمومًا تبقى هذه الصورة التى قدمتها السينما فى الماضى عن (الإرهاب) فى حاجة إلى تعديل جوهرى.. الإرهابى ليس شخصًا مأزومًا معمول له غسيل مخ أو مريضًا نفسيًا علينا أن نفكر فى علاجه وإخراجه مما هو فيه، وإنما هو رجل باع نفسه عن وعى لأعداء يريدون بالوطن السوء.. هو وهؤلاء الأعداء قوات منظمة اختارت إدخال بلدنا فى حرب عصابات.. حرب متوفر لهؤلاء فيها السلاح والتمويل! .. نحتاج لسينما تقول ذلك بشكل مباشر وقوى الآن.