في حلقة خاصة ومميزة عن النبوءة الفنية لمستقبل مصر استضافت الفنانة إسعاد يونس الكاتب والسيناريست الكبير وحيد حامد في برنامج صاحبة السعادة علي فضائية سي بي سي تو، حيث قال وحيد حامد انه فلاح وعاش في القرية لما يقرب خمسة عشر عام بما جعله يعي جيدا حياة الفلاحين اليومية بما تحمله من أفراح وأحزان وشرب أخلاق القرية وهذه كانت مرحلة مهمة جدا في حياته وتكوينه النفسي والثقافي والمرحلة الثانية في حياته كانت الانتقال للمدينة والاحتكاك بشخصيات مختلفة ولهجات مختلفة وكان ذلك في اوائل الستينات وان انتقاله للقاهرة كان له مردود قوى علي شخصيته لأنها كانت مدينة الثقافة والمسارح ودور العرض. وأضاف حامد انه قد بدأ الكتابة الإذاعية وهو مجند و أن الإذاعة المصرية كان لها فضلا في بداية مشواره قدم خلالها مسلسلات ناجحة صنعت له جمهور واسم مؤكدا أنه لم ينسلخ علي الإطلاق عن حياة الناس وأنه حتي الأن حريص علي الاحتكاك بالناس. وقد داعب في بداية الحلقة مقدمة البرنامج إسعاد يونس برفضه قولها "حضرتك " وطلب منها مناداته باسمه كما يفعل هو وأستطرد حديثه مبتسما وقال أن بداية معرفته بنجيب محفوظ كان في مقهي الفيشاوي وكان يتأمله من بعيد ويخشي الاقتراب منه لعدم معرفته ردة فعله إلى أن داعب نجيب محفوظ احد رواده بقول "الأفيا " فذهب بعدها لإحدى ندواته في كازينو صفية حلمي وقدم له نفسه. وتذكر حامد الحوار الذي دار بينه وبين محفوظ قائلا «تحدث معه بحميمية شديدة»، وأضاف حامد أن مشواره الفني به أشياء مضيئة جدا وأشياء مظلمة جدا فقد عاش مظاهرات عام 1977 وكان وقتها قد بدأ مشواره ككاتب وبدأ الاهتمام بالشأن العام وتذكر موقف انه في ليلة كان يسير بمفرده وكان الوقت متأخرا عند خروجه من نقابة السينمائيين وهو يحمل ورقا وقد استوقفه شخصان واتهماه بأنه شيوعي ويكمل حامد «ومن وقتها وانا اهتم بالشأن العام وبدأت أشاهد واقعة البريء ورأيت أن المجندين بالأمن المركزي يتم تلقينهم بأنهم يقوموا بمحاربة أعداء الوطن وكأن المتظاهرين إسرائيليين أو أعداء مما يجعلهم يتعاملوا بعنف مع المتظاهرين لأسباب غير حقيقية وهذا كان سبب كتابتي لفيلم البرئ وبعد عرض الفيلم بشهرين شهدت مصر أحداث الأمن المركزي وتم منع الفيلم». وأضاف المؤلف الكبير أن رجل الأمن أحيانا يشعر بالملل ويشعروا برغبة في العمل واكبر دليل علي ذلك ما حدث معه عند إيقافه ليلا واتهامه بالشيوعية ان رجلا الأمن بعد ان قاما بتفتيشه تركوه يذهب، فأحيانا الأمن يمارس سلطات قاسية لمجرد التسلية دون توجيهات. وأكد حامد انه طوال حياته مهتم بقضية العدالة ويفعل هذا بطريقة عفوية دون قصد وهذا نابع من إحساسه بالظلم، وحكى حامد كيف كان يجلس في مقهي الفيشاوي في وقت متأخر من الليل وخرج من المقهى متجها لدرب الجماميز وهو يسير علي قدميه رأى مكتبة وصاحبها يحمل كتبا جديدة اشتراها ليضعها في المكتبة واستوقفه الرجل للشراء، وبالفعل جلس ليتفحص الكتب وصادف مرور شاويش الدورية وسأل صاحب المكتبة عن سبب فتحه للمكتبة في ذلك الوقت المتأخر، وانه هو من رد عليه وذكر للشاويش أنها مكتبة وليست مقهي وباستنكار سأله الشاويش كيف يرد عليه وهو جالس ورد عليه انه حر يرد عليه بالطريقة التي تعجبه سواء كان جالسا أو واقفا وقبل ان ينهي جملته قام الشاويش بالإمساك به من ملابسه وإيقافه بالقوة وحدث شجار وقام بالتصفير وحضر زملائه واتجهوا به من درب الجماميز إلى قسم السيدة. وبخفة ظل وصف الكاتب الكبير كيف تعاملوا معه في خلال رحلته لقسم السيدة فكلما اقترب منه عسكري أو شاويش أدعي الشاويش انه قام بدفعه ويقوموا بضرب وحيد حامد، وبعد ذهابه للقسم قام الضابط -وقد اصبح هذا الضابط شخصية مشهورة الأن ورفض الكاتب الكبير ذكر اسمه- باحتجازه "بالتخشيبة " واستنكر فعلته بدفع فرد من افرد الشرطة وحضر صاحب المكتبة للدفاع عنه وطلبوا منه الاعتذار للشاويش وفعل ذلك رغما عنه. وأكمل حامد أن مدير أمن القاهرة في ذلك الوقت كان اللواء محمد السباعي شقيق الأستاذ يوسف السباعي، مضيفًا «قمت بالشكوى له واتصل بشقيقه في مديرية الأمن وبالفعل اتجهت إلى هناك وكان استقبال حافل ورويت للواء محمد السباعي ما حدث، وقام بالاتصال واستدعاء جميع أفراد الدورية للتعرف علي الشاويش. وبضحكة تذكر الكاتب مشهد دخول الدورية علي شكل طوابير وهو يحاول تذكر الشاويش وزملاءه الذين قاموا بضربه وقام بالفعل بالتعرف عليهم ولذلك في كل كتاباته التي تتحدث عن العنف أو التعسف من قبل أفراد الشرطة كانت عن تجربة شخصية وممارسات شهدها بنفسه واكد ان أعماله لقت صدى طيب عند الناس لانها مأخوذة منهم وقام هو بإعادة صياغتها بشكل يرضيهم ولغة قادرين علي إستيعابها وانه لا يتعالي علي الجمهور الذى يسمعه وتجول خلال حواره بين أفلامه. وقال حامد انه الي جانب الفكرة العامة أو مضمون الفيلم كان حريص علي نقل بعض التفاصيل الصغير مثل مشهد عادل إمام الذى سأل فيه الرهائن عن أمنياتهم في فيلم " الإرهاب والكباب " وكانت طلباتهم بسيطة رغم إلحاحه علي ان يطلبوا اشياء كبيرة لأن عند تحقهها ستصبح صغيرة وان رسالته في الفيلم من خلال هذا المشهد ان احلام البسطاء لا تتجاوز الوجبة الغذائية واضاف ان هناك من يرى وحيد حامد يميل الي الحل الفردى وذلك عندما كتب "الغول" قائلا «أعابوا عليا في ذلك وانا لن أتخلي عن الحل الفردي لأنه أحيانا يكون ضرورة رغم إنني افضل الحل الجماعي». مضيفًا أنه كان حريص علي توضيح ذلك بفيلم " الإرهاب والكباب " واثبات ان الجماعة هي التي يجب ان تتحرك ولا وجود لخائن بينهم والخلاصة كانت بسؤال وزير الداخلية ما هو شكل الإرهابي وأجاب ان الإرهابي "شكلنا" وأضاف أيضا انه يحمد الله ان كان له السبق في فيلم "النوم في العسل" بأنه أول من صرخ " ااه " أمام مجلس الشعب وهذا المشهد كان يقصده تماما بان تكون صرخات المواطنين أمام مجلس النواب المنتخبين للدفاع عن مصالح وكرامة وإنسانية المواطنين ونفس المشهد تكرر في ثورة 25 يناير وتعالت صرخات المواطنين بقولهم" اااه " أمام مجلس الشعب وكأن هذا الملاذ والحل. وتوقفت إسعاد يونس عند فيلم طيور الظلام وذكرت ان هذا الفيلم توقف عنده الكثير في الفترة الأخيرة ورد عليها حامد بأن بعض الأفلام والمسلسلات لا يفهمها الناس من مشاهدتها أول مرة ولابد ان تكون هناك مشاهدة اخرى متأنية ومتأملة وفيلم طيور الظلام قام بكتابته في عز سيطرة الإرهاب وانه قام بإنتاجه ولم يحقق الفيلم وقتها إيرادات رغم انه بطولة النجم الكاسح عادل إمام وهذا يرجع الي ان المشاهد كان يجد مقاومة عند دخولهم الفيلم من بعض الجماعات الإسلامية خاصة جماعة الإخوان المسلمين ولم يلقي الفيلم أي عروض شراء من الخارج لخوفهم من عرضه كما ان بعض دور العرض في مصر تخوفت من عرض الفيلم حتي لا تقوم الجماعات الإسلامية بتحطيمها واكد انه حصل علي عائد انساني ووطني عند إذاعته علي شاشات التلفاز والناس تعتبره الأن وثيقة ومن طيور الظلام الي فيلم "اللعب مع الكبار" الذى اكد حامد انه قام بكتابته ليتحدث عن الفساد واكد ان تكاد الأيام التي نعيشها الأن لفساد اللعب مع الكبار لأن الفساد يظهر الأن علي الساحة بشكل مسيئ ويزرع الخوف في قلوب المواطنين. وعن مسرحية " جحا يحكم المدينة " تحدث الكاتب الكبير انها مسرحية مصادرة وتم منعها ونادرا ما تذاع وهي من بطولة سمير غانم وتحدث فيها ان الناس من كثرة الملل وأملهم في ان تجد حاكم عادل قاموا بتجربة جحا في الحكم ومرسي حكم مصر بنفس الطريقة وسخرت إسعاد يونس وقالت انه من الظلم تشبيه حجا بمرسي وأضاف حامد انه يتذكر جملة في حوار للفنانة الكبيرة أمينة رزق تقول فيها "ان كل الظلمة يبدأوا طيبين " وانه يقول علي غرار ذلك "ان كل رجال السياسة يبدأوا مخلصين " ويفسدوا بحكم عوامل كثيرة أهمها شهوة النفوذ والسلطة والمصريين هم من يقوموا بإتلاف الحاكم بنفاقه. وصرح انه يعمل الأن علي استكمال مسلسل الجماعة الجزء الثاني وسبب تأخره وتأجيله ان هناك أعمال الخطأ بها غير مسموح به وانه لم يتم رفع قضية واحدة عليه عند عرض مسلسل الجماعة الجزء الأول وذلك لعدم وجود أخطاء به والجماعة الجزء الثاني يروى المرحلة الأخطر في حياة الجماعة بعد رحيل حسن البنا وتمكن الجماعة من المجتمع المصري في ظل رعاية وحماية حكومات مصرية متعاقبة فقد أعطاهم الرئيس الراحل السادات ترخيصا حتي قتلوه والجزء الثاني يتعرض لهذه الأشياء الدقيقة وانه سينهي احداث المسلسل بأحداث اليوم الذى سينتهي فيه من كتابة الحلقات لأنه كان مقرر كتابة ثلاث أجزاء لكنه سيضم جزءان وذلك بسبب حالته الصحية وأطباء القلب نصحوه بعدم التعرض لأى انفعالات وهذه المهنة هي مهنة الإنفعالات ومانراه الان من أحداث "تفرس وتنقط ". وأعربت إسعاد يونس عن شكرها وان أبناء صاحبة السعادة "مصر" مديونين للكاتب وحيد حامد وانه كان صاحب فضل في الفترة الماضية بجعل الناس تعيد النظر في الفن والرسائل التي تقدمها الأعمال الفنية وبتأثر شديد بكلماتها أكد لها انه لا يمكن ان يكون دائن ولكنه مدين للجمهور الذى شعر بمصداقية أعماله ومدين لمصر وهو حزين جدا عليها وداعبته في نهاية الحلقة قائلة انها تريد ان تنتج له فيلم من تأليفه وبود قال لها انه مدين لها بفضل وذلك بسبب فيلم " محامي خلع " فهو لم يطلب دعاية للفيلم وانها قامت من طلقاء نفسها بكتابة عبارة "فيلم لوحيد حامد" وهذه كانت أول مرة يقدم فيها فيلم للجمهور باسم كاتب وليس فيلم باسم النجم السينمائي وسعادته كانت وقتها تكمن ان المسئولين عن صناعة السينما بدأوا في معرفة قيمة الكلمة والنص وانه لا يجور علي احد رغم انه من أنصار ان إسم المؤلف يكون مع إسم المخرج وفي حجم واحد. واستكمالا لموضوع النبوءة الفنية استضافت إسعاد يونس الناقد علي أبو شادي الذي قال ان هناك أعمال فنية تنبأت بالمستقبل وهناك أعمال تحريضية رفضتها أمن الدولة مثل فيلم "هي فوضي" الذى كاد ان يكون السيناريو الذى حدث بعد ذلك وحدث ضغوطات كثيرة لحذف مشاهد في الفيلم وصناع الفيلم رفضوا والموضوع وصل لطريق مسدود بتهديد يوسف شاهين بربط نفسه أمام مجلس الشعب حتي الموت وكان وقتها مريض وتم عرض الفيلم دون حذف وأضاف أيضا انه حضر مراقبة ثلاث وزراء لفيلم البريء بعدها بيومان اندلعت أحداث الأمن المركزي وهذا الفيلم يحسب لوحيد حامد انه لدية قدرة علي قراءة الواقع والتنبؤ بما سيحدث وأشار الي ان مسلسل الجماعة غير وجهة نظر من شاهده وهذا هو الوعي وسبب هذا ان وحيد حامد كتب دراما صادقة ودقيقة وروى الحقيقة بمنتهي الصدق ولم يروى شيئ لا يوجد عليه مستندات واثبت انه قادر علي قراءة الواقع وتحليله بشكل دقيق لدرجة تجعله يتنبأ بالمستقبل بكتابته فيلم طيور الظلام وهدف وحيد حامد هو تنبيه الناس من خلال أعماله واختتم حواره بشكر الكاتب وحيد حامد علي أعماله.