فيلم «الحرام» كان ترتيبه الرابع ضمن أحسن مائة فيلم قدمتها السينما المصرية، فيلم دعاء الكروان كان السادس فى هذه القائمة وفيلم «الزوجة الثانية» رقم 17 و«الأرض» رقم 2 و«خرج ولم يعد» رقم 57 واحتل فيلم «شىء من الخوف» المركز ال 20 فى حين جاء فيلم «يوميات نائب فى الأرياف» فى المرتبة 69 وجاء «ابن النيل» فى المرتبة 80 وفيلم «زينب» فى الترتيب 81.. كل هذه الأفلام وغيرها تحكى عن الريف فى مصر. وفى كل فيلم يحكى عن الريف أنت مجبر أن تتوقف عند حكاية بنت من بناته. (عزيزة) فى فيلم الحرام (آمنة) فى فيلم دعاء الكروان (جميلة) فى فيلم البوسطجى - (سلمى) فى فيلم أدهم الشرقاوى. (ليلى) فى ليلى بنت الريف (وصيفة) فى فيلم الأرض، (فؤادة) فى فيلم شىء من الخوف (فاطمة) فى فيلم الزوجة الثانية (وردة) فى فيلم الهلفوت (ريم) فى فيلم يوميات نائب فى الأرياف.. عنهن نحكى فى هذه السطور. فى البداية بداية حكينا عن البنات فى أفلام الريف يهمنى أن اشير بسرعة إلى الجو الاجتماعى. واتوقف عند علاقات البسطاء ببعضهم وعلاقتهم ب (جبروت الظالم) ذلك الموقف المزدوج (مجاراة الظالم) وفى نفس الوقت (التعاطف مع المظلوم) فى فيلم (الزوجة الثانية). الخفير (حسان) واحد من هؤلاء البسطاء أصحاب ذلك الموقف المزدوج الناس فى البلدة هم أيضا من أصحاب هذا الموقف المزدوج. هكذا صورهم المشهد الذى سمعنا فيه رواياتهم عندما قطع رجال العمدة الطريق على (أبو العلا وزوجته فاطمة) وسحبوهما إلى دوار العمدة متهمين بسرقة العمدة. سمعنا من قال تفاصيل كيف سرقوا وكم سرقوا وكيف عثر رجال العمدة على المسروقات وسمعنا من قال إن العمدة دخل بين (أبو العلا وفاطمة) ودس ما فرق بينهما وسط هذه الأجواء نقرأ (فاطمة) الشخصية التى جسدتها الرائعة سعاد حسنى. انثى بسيطة أخذت منها الاقدار نعمة الحال الميسور وفى نفس الوقت انعمت عليها بنعمة الجمال. بمفردها واجهت فاطمة (زوجة أبو العلا) العمدة الظالم بالحيلة. هذا الحل الذى أوحى لها به من مصدرين الشيخ الذى قابلته فى مسجد البندر والذى افتى لها بأن طلاق المُكره على التطليق لا يقع ومن ثم تبقى فاطمة زوجة لأبو العلا وعقد زواجها من العمدة باطل. المصدر الثانى الذى اهتدت فاطمة للحل عن طريقه الأراجوز الذى هو هنا يمثل مخزون الحكمة المتوازن من الأجداد الذى يصل إلينا فى الأمثال والحكايات والأغانى الشعبية - وأيضا الأراجوز يبرز دور الفن فى التأثير على وعى وأنماط تفكير من هم أمثال (فاطمة من البسطاء. مازلنا نتفحص البنات فى الأفلام التى حكت عن الريف المصرى... (وصيفة) الشخصية التى جسدتها نجوى إبراهيم فى فيلم الأرض كانت معادلة الأرض التى ينتمى لها أهل الحكاية ويدافعون عنها وفى الأرض نقابل (الفتاة المعدمة) التى جسدتها الممثلة فاطمة عمارة التى تتعرض للقتل ليكون مقتلها سلاحًا تشهره السلطة ضد من يخالف تعليماتها.. بقدر ما كانت وصيفة محاطة بمن يحميها بقدر ما عاشت الفتاة المعدمة وحيدة على هامش الحياة. مثلها كانت (عزيزة) فى فيلم الحرام الشخصية التى جسدتها فاتن حمامة أنثى تقع فى الخطيئة تحت ضغط الجوع وتتحمل العار والحمى بمفردها دون أن تبوح لأحد أو يشعر بها أحد حتى الموت. ومثل (وصيفة) كانت (سلمى) فى فيلم أدهم الشرقاوى . لكن (فؤادة) فى فيلم شىء من الخوف كانت أقرب إلى صلابة (فاطمة) فى الصمود فى مواجهة الظلم الفرق بينهما كان فقط أن (فاطمة) استمدت قوتها من علمها بصحيح الدين ومعرفتها بموروث أجدادها للمقاومة أما (فؤادة) فكانت قوية فى ذاتها. وتشابه زينب فى فيلم زينب سواء الفيلم الصامت الذى جسدت فيه الشخصية بهيجة حافظ أو فى الفيلم الناطق الذى لعبت فيه الدور راقية إبراهيم. تتشابه مع فؤادة فى أن للحب دورًا فى صمودها فى حين تتشابه من ناحية أخرى مع (عزيزة) بطلة فيلم الحرام و(الفتاة المعدمة) فى فيلم الأرض فى أنه لا انتصار متاح لأمثالهن غير الموت، نفس الملامح الإنسانية فى شخصية (جميلة) التى لعبتها زيزى مصطفى فى فيلم البوسطجى فقط (جميلة) كانت فتاة متعلمة لكنها لا تقدر على التخلف سواء فى ظلم أبيها لها ولحبيبها أو فى المكيال المعوج لدى هذا الأب حيث يسمح لنفسه بأن يزنى ويترك من أخطأ معها تواجه الموت ولا يسمح لابنته بالحب ويقتلها فى النهاية. ومن بين بنات الريف فى السينما التى حكت عن الريف تبقى (بنت حزينة) الفتاة التى جسدتها شريهان نموذجًا مختلفًا وكذلك (وردة) المطلّقة سيئة السمعة فى فيلم الهلفوت التى جسدتها إلهام شاهين.