التحقيق في وفاة سيدة مسنة إثر سقوطها من الطابق السادس بمستشفى طيبة بإسنا    وزير المجالس النيابية: الرشاوي الانتخابية ممنوعة ومجرمة    «المالية» تكشف حقيقة إطلاق حزمة حماية اجتماعية جديدة    سقوط سيارة نقل من معدية شرق التفريعة ببورسعيد وجهود لإنقاذ مستقليها    وزير المالية: نستهدف إطلاق وثيقة السياسات الضريبية قبل نهاية 2025    البيت الأبيض: ترامب "فوجئ" بالقصف الإسرائيلي لسوريا    مصر ترحب بالبيان الصادر عن 25 دولة حول الوضع بالأراضي الفلسطينية المحتلة    نجم الزمالك السابق ينتقد اعتذار وسام أبو علي للأهلي    عماد النحاس: الأهلي حقق مكاسب بالجملة من مباراة الملعب التونسي الودية    عمر كمال: استفدنا بشكل كبير من ودية الملعب التونسي.. وجاهزون لتحديات الموسم المقبل    كريم فؤاد: سعيد بالعودة.. وأسعى لتحقيق أقصى استفادة من معسكر الإعداد    ضبط طفل يقود سيارة ملاكي في الجيزة عقب تداول فيديو الواقعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي    جهود مكثفة لضبط عصابة سرقة ماكينات الري في شبرا النملة وقُرى مجاورة بطنطا    انتشال جثة ونقل مُصاب إثر سقوط سيارة نقل من معدية شرق التفريعة ببورسعيد    النائب العام يزور رئيس هيئة قضايا الدولة لتهنئته بتولّي المنصب الجديد    البحيرة.. ضبط مستودع يبيع 455 أسطوانة غاز في السوق السوداء بكفر الدوار    ماذا قال عن بيان الاتحاد الفلسطيني؟.. وسام أبو علي يعتذر لجماهير الأهلي    احتفالية وطنية بمكتبة القاهرة الكبرى تروي مسيرة المجد والاستقلال في عيون أدبائها    مصطفى كامل: السوشيال ميديا تناولت صورة المشهد في حفل راغب علامة بشكل غير مستحب    راغب علامة: صورة «القبلة» خادعة.. وما حدث لحظة عفوية من معجبة عربية    "تنظيم عمل المؤثرين": توصية رئيسية لدراسة ماجستير للباحث محمود أبو حبيب بجامعة عين شمس    رسميا.. افتتاح وحدة مناظير أورام النساء بمستشفى 15 مايو التخصصي    كريم فؤاد: نسيت الإصابة تماما.. وهذا ما أركز عليه الآن    أشرف صبحي: انتخابات جديدة للأندية بعد تعديلات قانون الرياضة.. وال3 دورات مقترح الأولمبية الدولية    شعبة الخضروات والفاكهة: الحلقات الوسيطة سبب ارتفاع الأسعار    درجة الحرارة غدا الثلاثاء في مصر    ولي عهد الكويت يشيد بحكمة الرئيس السيسي وبالدور المصري الداعم لمختلف القضايا العربية    رئيس هيئة الدواء المصرية يوقّع مذكرة تفاهم مع وكالة تنظيم الأدوية السنغالية    كرة سلة – منتخب مصر يهزم إيران في بطولة لبنان الودية    الشباب العربى فى العصر الرقمى    سياسي فلسطيني: لا نعوّل إلا على مصر.. وتجويع غزة جريمة تفوق الوصف    فعالية ثقافية لذوى الهمم بمتحف طنطا    صور| اتفاقية بين الجامعة الألمانية بالقاهرة وغرفة الصناعة العربية الألمانية لدعم التعليم    وزير الصحة يتفقد مشروعات تطوير مستشفيي الأورام والتل الكبير بالإسماعيلية    على طريقة المطاعم.. خطوات تحضير المكرونة بصلصة البولونيز    هل النية شرط لصحة الوضوء؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    ملتقى أزهري يكشف عن مظاهر الإعجاز في حديث القرآن عن الليل والنهار    هل يجوز عمل عقيقة واحدة ل3 أطفال؟.. أمين الفتوى يجيب    هل أرباح السوشيال ميديا حلال أم حرام؟.. الدكتور أسامة قابيل يجيب    رمضان عبدالمعز: اللسان مفتاح النجاة أو الهلاك يوم القيامة    وزير الخارجية: مصر مستعدة لتطوير تعاونها مع مفوضية الإيكواس في تدريب قوة لمكافحة الإرهاب    الزمالك يرفض الاستسلام ويجدد مفاوضاته لضم حامد حمدان لاعب بتروجت (خاص)    قرار عاجل من محكمة الاستئناف في قضية طفل البحيرة    مي سليم تنشر صورة مع تامر حسني وتوجه له رسالة.. ماذا قالت؟    افتتاح كنيسة جديدة ورسامة شمامسة في بوخوم بألمانيا    أول ولادة لطفل شمعي من الدرجة المتوسطة بمستشفى سنورس المركزي بالفيوم    أمجد الشوا: العالم بات يتعامل بلامبالاة خطيرة مع ما يحدث في غزة    جامعة بنها تستعد لاعتماد عدد من الكليات والبرامج خلال يوليو وسبتمبر    برلماني: مصر قطعت الطريق على "حسم" الإخوانية.. والأجهزة الأمنية تسطر نجاحًا جديدًا    تفاصيل اختطاف قوة إسرائيلية لمدير المستشفيات الميدانية في غزة    المعارضة ليس لها مكان…انتخابات مجلس شيوخ السيسي "متفصلة بالمقاس" لعصابة العسكر    رئيس الوزراء يستعرض موقف توافر الأسمدة الزراعية ومنظومة حوكمة تداولها    النفط والضرائب والسوق السوداء.. ثلاثية الحوثيين لإدارة اقتصاد الظل    شواطئ مرسى علم تحتفل مع السائح البلجيكي بيوم بلاده الوطني    الجامعة الألمانية تفتتح نموذجاً مصغراً للمتحف المصري الكبير في برلين    سوداني يوجه رسالة شكر للمصريين على متن «قطار العودة»: «لن ننسى وقفتكم معنا» (فيديو)    أوكرانيا: مقتل شخص وإصابة اثنين آخرين في أحدث الهجمات الروسية    الجيش الإسرائيلي يحرق منازل بمخيم نور شمس ويواصل عمليات الهدم في مخيم طولكرم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«سيما الفلاح» .. قليل من الدموع كثير من الضحك

أهملت الحكومات الفلاح فأهملته السينما بالتتابع مع إهمال الحكومات له وجعلت منه شخصية مرغوبة فى العهد الملكى ومجرد أضحوكة فى عهد مبارك لدرجة أن كلمة الفلاح صارت سبة على لسان أبناء الطبقات الراقية التى ربطت بين الفلاح والشخصية البيئة دون أن يعلموا أن الدولة كلها تقوم على أكتاف الفلاحين باعتبارهم من أشرف الناس ولم يكن للفلاح بريق فى السينما المصرية إلا فى فترة عبد الناصر لأنه كان نصيرا للفلاحين ويحسب للملك فاروق انه كان يمنع اظهار اى فئة فى مصر بمظهر غير لائق حفاظا على صورتها أمام العالم الخارجى.
وبصفة عامة لم يكن موضوع الفلاح شيقا بالنسبة لصناع السينما خاصة وانها بحثت عن الاثارة وابتعدت عن الموضوعات الهادفة وركزت على المغامرات عند نشأتها ولقناعة القائمين عليها بأن الموضوعات الهادفة تصيب المشاهد بالملل وان السينما وسيلة للترفيه وهو المفهوم الذى تغير بشكل كامل فى عهد مبارك من خلال فيلم البداية اخراج صلاح ابو سيف وافلام خالد يوسف التى ركزت على الظلم والفساد فبل الثورة.
وظل الفلاح ومشاكله ابعد ما يكون عن السينما فى بدايتها وحتى عام 1962 عندما اصدر الرئيس جمال عبد الناصر قرارات التأميم التى شملت صناعة السينما بكل مشتملاتها، وعندما بدأت الدولة التخطيط للإنتاج السينمائى ووضعت على رأس الشركة المسئولة عنه المخرج الكبير صلاح ابو سيف بدأت السينما تعرف مشاكل الفلاحين فى بعض افلامها منها على سبيل المثال (صراع الأبطال: توفيق صالح 1962)، (المارد: سيد عيسي؛ 1964)، (أدهم الشرقاوي: حسام الدين مصطفي 1964)، (الحرام: بركات؛ 1965)، (العنب المر: فاروق عجرة؛ 1965)، (هارب من الأيام: حسام الدين مصطفى؛ 1965)، (القاهرة 30: صلاح أبو سيف؛ 1966)، (الزوجة الثانية: صلاح أبو سيف 1967)، (الدخيل: نور الدمرداش؛ 1967)، (جفت الأمطار: سيد عيسي؛ 1967)، (البوسطجي: حسين كمال 1968)، (حكاية من بلدنا: حلمي حليم 1969)، (يوميات نائب في الأرياف: توفيق صالح؛ 1969)، (شيء من الخوف: حسين كمال 1969)، (الحب سنة 70: محمود ذو الفقار؛ 1969)، (الأرض: يوسف شاهين 1970)، (حادثة شرف: شفيق شاميه؛ 1971)، (الأضواء: حسين حلمي المهندس 1972)، (النداهة: حسين كمال 1975)، (أفواه وأرانب بركات 1977)، (شفيقة ومتولي: علي بدرخان 1978).
وخلال هذه الدراسة سنتناول بالتحليل أهم افلام هذه المرحلة وهى أفلام (صراع الأبطال – إخراج توفيق صالح) و (الزوجة الثانية – اخراج صلاح ابو سيف) و(شيء من الخوف – اخراج حسين كمال) و (الأرض – إخراج يوسف شاهين).
صراع الأبطال
البداية كانت مع فيلم (صراع الأبطال) 1962 للمخرج الكبير توفيق صالح وهو من أهم الافلام التى تناولت بالتحليل جانب الصحة وانتشار الاوبئة فى حياة الفلاح المصرى ويكاد هو الفيلم الوحيد فى تاريخ السينما الذى تناول هذا الامر بشكل كامل، يبدأ الفيلم مع وصول الطبيب شكرى سرحان الى القرية للعمل فى الوحدة الصحية بها، ويصطدم اول الامر مع مدير الوحدة الصحية الذى يعيش فى القاهرة ولا يحضر الى القرية الا ساعتين كل اسبوع، وهذا بالطبع حال كل الوحدات الصحية فى مصر حتى الآن، اما الصدام الثانى فكان مع الداية التى تحترف علاج اهل القرية بالدجل والجهل، اما ثالث الصدامات فكان مع الاسرة الارستقراطية التى تمتلك الاراضى الزراعية بالقرية وتدخل فى شراكة مع المعسكر الانجليزى المجاور للقرية، وهذا الثالوث القاتل (الاهمال والجهل والاستغلال) لا يترك مجالا للفلاحين للحياة، ويضع الفيلم القرية كلها فى اختبار حياة او موت و ينظر ماذا يكون رد الفعل، فبين يوم وليلة يخرج وباء الكوليرا من معسكرات الانجليز لينتشر فى ارجاء القرية يحصد الارواح لا يفرق بين غنى و فقير أو امير و غفير، الكل تحت رحمة الوباء، ويحاول الطبيب السيطرة على الموقف على قدر المستطاع بالإمكانيات الضعيفة المتاحة، ويكون الفيلم رسالة واضحة لكل مسئول فى الدولة على الثالوث القاتل فى الريف المصرى وضعف الامكانيات المتاحة للقضاء عليه!!
الزوجة الثانية
أما فى فيلم (الزوجة الثانية) 1967 والذى اخرجه صلاح ابو سيف فنرى جانبا اخر من البؤس المسيطر على الفلاحين، وهذه المرة يتمثل فى ثالوث آخر هو (العمدة + شيخ القرية + مأمور القسم) هذا الثالوث الآخر الذى يفرض سيطرته على قرى مصر، فالعمدة (صلاح منصور) يطمع فى احدى الفلاحات (سعاد حسنى) الفلاحة التى وقع عليها الاختيار كانت زوجة وأما، و هنا تبدأ قصة الصراع غير المتكافئ بين الثالوث الخطير والفلاح الغلبان لكى يطلق زوجته لكى يتزوج بها العمدة، فالعمدة يهدد الفلاح ويغريه بالمال، والشيخ يؤكد له ان الاسلام يحض على طاعة اولى الامر منكم وهو بالطبع فى هذه الحالة العمدة نفسه، أما المأمور فيقبض عليه ويلفق له تهمة تغيبه فى دهاليز السجون، ويخضع الفلاح ويطلق زوجته مكرها، وأى ما كان الأمر الذى انتهى اليه الفيلم من انتقام القدر من العمدة وإصابته بالشلل فهو على كل حال أمر خيالى اراد به مخرج الفيلم صلاح ابو سيف التخفيف من بؤس الفيلم بنهاية سعيدة حتى وإن كانت غير واقعية، ويبقى الثالوث الخطير فى حقيقة الأمر يسيطر على الفلاح المصرى حتى الان!!
شيء من الخوف
اذا كنا تابعنا فى الفيلمين السابقين الثالوثين الاشد فتكا بالقرية المصرية فاننا فى هذا الفيلم (شىء من الخوف) 1969 للمخرج حسين كمال نتابع كيف يكون الحال عندما تسيطر على القرية عصابة تمتص خيرها وترهب اهلها، وأى ما كان المعنى السياسي الرمزى وراء الفيلم فاننا أمام عصابة يترأسها عتريس (محمود مرسى) والتى تسيطر على القرية وتجبر الجميع على دفع الاتاوات، ووسائل الإرهاب متعددة تبدأ من البنادق والرصاص حتى تصل الى اغلاق الهويس فتجف الأرض ويموت الناس عطشا، ولكن يقيد الله للقرية فؤادة التى كانت بينها وبين عتريس قصة حب قبل ان ينخرط مع العصابة فتفتح الهويس فى مشهد من اهم مشاهد الفيلم مستغلة بالطبع حب عتريس لها، ولأول مرة فى السينما المصرية تسمح الرقابة بثورة فلاحية على شاشتها، ونتابع الفلاحين وهم يحملون جسد محمود بعد ان اغتالته العصابة ويقود الجموع أبوه (يحيى شاهين) ويحملون المشاعل ويرددون جملة واحدة اصبحت تتردد على كل لسان (جواز عتريس من فؤادة باطل) وتحرق الجموع الغاضبة بيت العصابة ويحترق عتريس وهو ينادى على حبيبته فؤادة، ولأول مرة ينتقم الفلاح من اعدائه على شاشة السينما بالطبع وتجدر الاشارة هنا الى ان الرقابة نصحت عبد الناصر بعدم عرضه بحجة ان فيه اسقاطا عليه وان عتريس فى الفيلم المقصود به جمال عبد الناصر ولكن يحسب لناصر انه أمر بعرض الفيلم وعاقب الرقيب!!
الارض
فيلم (الارض) 1970 من اهم افلام تلك المرحلة وهو للعبقرى يوسف شاهين الذى قدم اهم مشهد فى السينما المصرية فى اخر الفيلم، كما اختاره النقاد مشهدا من اهم مشاهد السينما العالمية لما يحتويه من رسالة مهمة وهى مدى ارتباط الفلاح بارضه وبالتالى مدى انتماء المصريين لمصر وهى القيمة التى نحن احوج الحاجة لها الآن.
المشهد الذى اثار كل من شاهده فى العالم يبدأ بالقوة القاهرة متمثلة فى مأمور البندر وهو يلقى الحبل لأحد الجنود ليربط ارجل الفلاح محمد ابو سويلم فى الحصان الذى يمتطيه و يبدأ فى سحله فى ارضه وهو يحاول التشبث بالارض التى افنى عمره فى زراعتها وفى خلفية المشهد يغنى الكورس (الارض لو عطشانة نرويها بدمانا)، وإذا كنا هنا بدأنا بآخر الفيلم لأهمية المشهد، لكن الفيلم ناقش العديد من قضايا الفلاح أهمها الجهل والأمية المنتشرة التى استغلها الباشا الكبير لكى يحصل على الأرض، ويختم الفلاحين على الورقة باعتبار انها شكوى للإدارة!! ايضا نرى قضية الأيام المخصصة للرى والتى لا تكفى جميع الاراضى، اضف إلى ذلك الجهل والشعوذة المنتشرة وكيف استغلها العمدة لصالحه، ثم قضايا الفقر التى دفعت بنات الفلاحين لقبول بيع اجسادهن للعمال المشتغلين بالطريق الجديد مقابل قروش قليلة، أيضا عساكر الهجانة التى جاءت لوأد تمرض القرية ضد الإدارة والباشا، وغيرها الكثير من القضايا التى يضيق المقام لمناقشتها كلها، ولكن يبقى فيلم الارض احد كلاسيكيات السينما المصرية والعالمية، ودرة الافلام التى تناولت حياة الفلاح فى مصر بكل أبعادها تقريبا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.