بسبب سوء الأحوال الجوية.. قرار هام حول موعد الامتحانات بجامعة جنوب الوادي    ننشر المؤشرات الأولية لانتخابات التجديد النصفي بنقابة أطباء الأسنان في القليوبية    محمد جبران رئيسا للمجلس المركزي للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب    السيسي محتفلا ب"عودة سيناء ناقصة لينا" : تحمي أمننا القومي برفض تهجير الفلسطينيين!!    قبل عودة البنوك غدا.. سعر الدولار الأمريكي مقابل الجنيه والعملات العربية والأجنبية السبت 27 إبريل 2024    مصر ستحصل على 2.4 مليار دولار في غضون 5 أشهر.. تفاصيل    صندوق النقد: مصر ستتلقى نحو 14 مليار دولار من صفقة رأس الحكمة بنهاية أبريل    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية التعاملات السبت 27 إبريل 2024    بالصور.. رفع المخلفات والقمامة بعدد من شوارع العمرانية    رغم قرارات حكومة الانقلاب.. أسعار السلع تواصل ارتفاعها في الأسواق    جماعة الحوثي تعلن إسقاط مسيرة أمريكية في أجواء محافظة صعدة    أستاذ علاقات دولية: الجهد المصري خلق مساحة مشتركة بين حماس وإسرائيل    شهداء وجرحى جراء قصف طائرات الاحتلال منزل في مخيم النصيرات وسط غزة    الرجوب يطالب مصر بالدعوة لإجراء حوار فلسطيني بين حماس وفتح    قطر تصدر تنبيها عاجلا للقطريين الراغبين في دخول مصر    "أسوشيتدبرس": أبرز الجامعات الأمريكية المشاركة في الاحتجاجات ضد حرب غزة    ملف يلا كورة.. الأهلي يواصل كتابة التاريخ    وزير الرياضة يُهنئ الأهلي لصعوده لنهائي دوري أبطال أفريقيا للمرة ال17 في تاريخه    موعد مباراة الأهلي المقبلة بعد التأهل لنهائي دوري أبطال أفريقيا    الترجي يحجز المقعد الأخير من أفريقيا.. الفرق المتأهلة إلى كأس العالم للأندية 2025    موعد الاجتماع الفني لمباراة الزمالك ودريمز في إياب نصف نهائي الكونفدرالية    مارسيل كولر: قدمنا مباراة كبيرة.. وسعيد بالتأهل للنهائي وبالحضور الجماهيري    أحمد عبد القادر: الأهلي اعتاد على أجواء رادس    أرقام مميزة للأهلي بعد تأهله لنهائي دوري أبطال أفريقيا    السيطرة على حريق في منزل بمدينة فرشوط في قنا    العراق.. تفاصيل مقتل تيك توكر شهيرة بالرصاص أمام منزلها    تعرض للشطر نصفين بالطول.. والدة ضحية سرقة الأعضاء بشبرا تفجر مفاجأة لأول مرة    برازيلية تتلقى صدمة بعد شرائها هاتفي آيفون مصنوعين من الطين.. أغرب قصة احتيال    حريق يلتهم شقة بالإسكندرية وإصابة سكانها بحالة اختناق (صور)    تعطيل الدراسة وغلق طرق.. خسائر الطقس السيئ في قنا خلال 24 ساعة    %90 من الإنترنت بالعالم.. مفاجأة عن «الدارك ويب» المتهم في قضية طفل شبرا الخيمة (فيديو)    عاصفة ترابية وأمطار رعدية.. بيان مهم بشأن الطقس اليوم السبت: «توخوا الحذر»    دينا فؤاد: تكريم الرئيس عن دوري بمسلسل "الاختيار" أجمل لحظات حياتي وأرفض المشاهد "الفجة" لأني سيدة مصرية وعندي بنت    في سهرة كاملة العدد.. الأوبرا تحتفل بعيد تحرير سيناء (صور)    علي الطيب: مسلسل مليحة أحدث حالة من القلق في إسرائيل    طريقة عمل كريب فاهيتا فراخ زي المحلات.. خطوات بسيطة ومذاق شهي    استئصال ورم سرطاني لمصابين من غزة بمستشفى سيدي غازي بكفر الشيخ    تعرف علي موعد صرف راتب حساب المواطن لشهر مايو 1445    بلاغ يصل للشرطة الأمريكية بوجود كائن فضائي بأحد المنازل    حظك اليوم برج العقرب السبت 27-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    تهاني شم النسيم 2024: إبداع في التعبير عن المحبة والفرح    ناهد السباعي تحتفل بعيد ميلاد والدتها الراحلة    سميرة أحمد: رشحوني قبل سهير البابلي لمدرسة المشاغبين    أخبار الفن| تامر حسني يعتذر ل بدرية طلبة.. انهيار ميار الببلاوي    البيت الأبيض: ليس لدينا أنظمة "باتريوت" متاحة الآن لتسليمها إلى أوكرانيا    قلاش عن ورقة الدكتور غنيم: خلاصة فكره وحرية الرأي والتعبير هي درة العقد    أعراض وعلامات ارتجاج المخ، ومتى يجب زيارة الطبيب؟    أسعار النفط ترتفع عند التسوية وتنهي سلسلة خسائر استمرت أسبوعين    الصحة تكشف خطة تطوير مستشفيات محافظة البحيرة    فصل طالبة مريضة بالسرطان| أول تعليق من جامعة حلوان.. القصة الكاملة    العمل في أسبوع.. حملات لنشر ثقافة السلامة والصحة المهنية.. والإعداد لإطلاق الاستراتيجية الوطنية للتشغيل    الكشف الطبي بالمجان على 1058 مواطنا في دمياط    "ذكرها صراحة أكثر من 30 مرة".. المفتي يتحدث عن تشريف مصر في القرآن (فيديو)    تعرف على فضل أدعية السفر في حياة المسلم    تعرف على فوائد أدعية الرزق في حياة المسلم    «أرض الفيروز» تستقبل قافلة دعوية مشتركة من «الأزهر والأوقاف والإفتاء»    إقبال كثيف على انتخابات أطباء الأسنان في الشرقية (صور)    خير يوم طلعت عليه الشمس.. 5 آداب وأحكام شرعية عن يوم الجمعة يجب أن تعرفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدولة والسينما بعد 38 عاماً من القطيعة: الشر الذى لابد منه

طوال أكثر من ثلث قرن والجدل متصل حول علاقة الدولة بالسينما، فى السياسة كما فى الاقتصاد وغيرهما من مجالات الحياة.. جرت أعنف وأسرع عملية اقتلاع ل«فكرة الدولة»، أصبحت «الدولة» شيطانًا رجيمًا، على الرغم من أن أحدًا لا يعرف بالضبط أين تنتهى فكرة الدولة وأين تبدأ فكرة الفرد! باختصار.. استراح الجميع لإزاحة الدولة، لكن السينما لم تسترح، واكتشف السينمائيون أن السينما بوصفها صناعة أحوج من غيرها إلى دولة ترعى وتدعم وتضبط.. و«تخسر برضاها»، لأنها صناعة عقل وذوق ووجدان، ولأنها «منتج ثقافى»، وبناء فوقى أساسى.
اكتشف السينمائيون أن صناعتهم آخذة فى الانهيار موجة وراء موجة: من أفلام «كرنكة» إلى أفلام «انفتاح» إلى «مقاولات» إلى سينما شبابية وأخرى «نظيفة» إلى كوميديات لا تسمن ولا تغنى من جوع! أصبحت السينما مجرد هلس يفتقد حتى إلى شرعية أو منطق أو هدف محدد، وإن كانت هناك طفرات، على سبيل الاستثناء، الذى يؤكد القاعدة، وفى مناخ متخبط، وعشوائى كهذا بدأ السينمائيون يستنجدون بفكرة الدولة.. بدأوا يطالبون بعودتها ويتغزلون فى فضائلها: ليس حبًا فيها أو فى سيطرتها، بل كرهًا فى شروط السوق الحالية.
بكثير من المغامرة وقليل من التخطيط قررت الدولة بعد أكثر من ثلث قرن على تصفية آخر جيوبها «1971» أن تعود إلى الإنتاج بفيلم «المسافر» لمخرج شاب هو أحمد ماهر، وبطولة الواعد خالد النبوى والمخضرم عمر الشريف.. فإذا بالفيلم يقتحم مسابقة مهرجان فينسيا ضمن لوحة شرف لم تحتمل أسماء جهابذة يضيق المجال بذكرهم. مرة أخرى: هل كانت الدولة منذ تجربة «استديو مصر» التى تبناها رائد اقتصاد مستنير هو طلعت حرب وحتى تصفية القطاع العام فى 1971- هل كانت شرًا كما اعتقد أعداء الدولة والسينما معًا؟.. دعونا نرى!
بداية
فى عام 1925 تم إشهار «شركة مصر للتمثيل والسينما»، وبعد عشر سنوات، أى فى عام 1935 تم افتتاح «استوديو مصر» الذى أنشأه طلعت حرب وظهر أول فيلم من إنتاجه (وداد) عام 1936، وبذلك يمكن القول إن نشأة السينما المصرية كانت وطنية مائة فى المائة، وإن الاهتمام بهذه الصناعة كان- فى ظاهره على الأقل- جزءا من الحراك السياسى والاجتماعى والاقتصادى الذى أعقب ثورة 1919.
لقد عرفت صناعة السينما مع وجود «استوديو مصر» عصرا من الازدهار وصل فيه عدد دور العرض إلى أكثر من مائة، وارتفع متوسط إنتاج الأفلام من عشرة فى السنة خلال السنوات التى سبقت افتتاح «استوديو مصر» إلى عشرين فيلما فى السنوات التسع التالية وحتى نهاية الحرب العالمية الثانية، حيث تم فى هذه الفترة إنتاج 140 فيلما، وشهدت هذه الفترة بداية ما يسمى «الواقعية» فى الفيلم المصرى فى بعض أفلام استوديو مصر مثل (العزيمة) إخراج كمال سليم 1939 و(السوق السوداء) إخراج كامل التلمسانى 1943، والأخير ظل ممنوعا من العرض حتى عام 1946.
على أنه من المهم التوقف قليلا عند ثلاثة من أفلام استوديو مصر التى تجاوزت الخمسين فيلما: أولها (لاشين)- 1939- وهو أول فيلم مصرى يمنع عرضه لأنه ينطوى على «مساس بالذات الملكية ونظام الحكم»، وثانيها (العزيمة)- 1939- الذى أجمع معظم النقاد والمؤرخين على أنه بداية الواقعية فى السينما المصرية، وأول فيلم تتضح فى نهايته التوافقية أبعاد العلاقة بين طبقات المجتمع، وثالثها (السوق السوداء)- 1946- وهو ثانى فيلم مصرى يمنع من العرض وأول فيلم يشير صراحة وبنبرة أقرب إلى التحريض إلى دور الجماهير فى الدفاع عن حقوقها ومصالحها.
يقول الناقد السينمائى أحمد عبدالعال فى دراسته التى نشرتها مجلة (الفنون) عام 1982 تحت عنوان (ثورة يوليو.. وثلاثون عاما من التاريخ) إن الأفلام الثلاثة قد تشكل فى ضوء الدروس المستفادة منها أبعاد دور السينما المصرية وظيفيا وسياسيا.. «فنحن أمام عدد من الحقائق التى تكشف عن طبيعة الظروف والقوى التى حيدت الفيلم المصرى وفرضت عليه إما الولاء للسلطة أو مهادنتها، ولم تتح له سوى المنع والمصادرة»، وأبرز هذه الحقائق فى رأيه:
1- رغم امتياز فيلم (العزيمة) وريادته فى مجال الواقعية فإنه يعد من الوجهة المنهجية التأسيس العملى لما سماه «واقعية شكلية» تقترب من الواقع لكنها لا تتجاوزه، قد تشير إلى بعض مواطن ضعفه.. لكنها لا تأخذ موقفا منه، وقد تميل إلى تعديل بعض شروطه.. لكنها لا ترى ضرورة لإعادة النظر فيه. والترحيب الذى قوبل به الفيلم عند عرضه لم يكن يعكس سوى الاعتراف بأمانته الشديدة فى التعبير عن وجهة النظر التى ترى أن الحل المتاح لمشاكل مصر فى هذه الفترة يكمن فى ضرورة أن يصبح الأثرياء أكثر براً والفقراء أقل غوغائية.
2- منع عرض (لاشين) كان بمثابة الثمن الفادح الذى تجنبته السينما المصرية فى 99% من أفلامها بعد ذلك، وهو عدم الاقتراب من الحقيقة والمبالغة فى الابتعاد عن جميع القضايا الجوهرية وقبول مبدأ عدم التعرض للمؤسسات السياسية وتجنب المساس بها أو بممثليها، وإسناد اختلال المجتمع وفساده إلى تفسيرات أخلاقية تتعلق بظاهرة الخير والشر.
3- تقف تجربة (السوق السوداء) كواحدة من أكثر التجارب مرارة فى تاريخ السينما المصرية، إذ ظل ممنوعا من العرض حوالى ثلاث سنوات، وعندما عرض قوبل باستياء واستنكار من قبل جمهور أفلام ما بعد الحرب، وتعرض مخرجه الذى كان واحدا من كوادر اليسار الناشطين فى ذلك الوقت وعضوا فاعلا فى «جماعة الخبز والحرية» لصدمة هائلة أفقدته توازنه وأبعدته عن العمل السينمائى لفترة، عاد بعدها ليقدم عددا من الأفلام السطحية قبل أن يهاجر إلى لبنان ويترك السينما نهائيا.
وباستثناء فيلم (من فات قديمه) الذى أخرجه فريد الجندى فى مطلع الأربعينيات، وأنتجه يحيى السيد، نجل أحمد لطفى السيد باشا، وحمل بضراوة على حزب الوفد وزعيمه مصطفى النحاس وحرمه زينب الوكيل، ورفض الوفد بعد عودته إلى الحكم فى فبراير 1942 السماح بعرضه إلا بعد حذف 480 مترا منه.. باستثناء هذا الفيلم وبسبب ما تعرض له أيضا، اختفت «التعددية الحزبية» فى سينما ما قبل الثورة.
ويتساءل أحمد عبدالعال: هل اتفق على إبقاء السينما المصرية بعيدة عن المعارك التى شهدتها الأحزاب فى وقت كان لكل حزب صحفه وكتابه وشعراؤه؟ وكيف اتفق على تحييد السينما على الرغم من إمكانياتها الدعائية الهائلة؟ وهل لذلك علاقة بعدم مواكبة الفيلم المصرى بشكل عام للأحداث السياسية والوطنية والقومية الكبرى؟
وبعد الحرب العالمية الثانية أصبح إنتاج الأفلام أسهل وأسرع وسيلة ربح، ووصلت أرباح بعض الأفلام إلى أكثر من مائة ألف جنيه على الرغم من أن متوسط تكاليف الفيلم كان يتراوح بين 20 و25 ألف جنيه، وذلك نتيجة دخول أصحاب رؤوس الأموال الطفيلية (أغنياء الحرب) إلى ميدان صناعة السينما، وزيادة القوة الشرائية فى الوقت نفسه.
ففى الفترة من 1945 إلى 1951 ارتفع متوسط إنتاج الأفلام كل سنة إلى 50 فيلما، وبلغ عدد الأفلام 341 فيلما، أى نحو ثلاثة أضعاف الأفلام المصرية التى أنتجت منذ ظهر أول فيلم روائى مصرى طويل عام 1927 وهو فيلم (ليلى).
ووصل عدد دور العرض إلى 244 دارا عام 1949 وعدد الاستوديوهات إلى خمسة تحتوى على 11 بلاتوه تصوير. وشهدت هذه المرحلة بداية العديد من المخرجين الذين أثروا الفيلم المصرى بعد ذلك مثل صلاح أبوسيف ويوسف شاهين وكمال الشيخ وفطين عبدالوهاب وهنرى بركات وعز الدين ذوالفقار وغيرهم.
اهتمام ملموس دون تدخل
يمكن القول أن اهتمام الدولة/الثورة بالسينما بدأ يأخذ شكلا جديا وملموسا بعد إنشاء «مصلحة الفنون» عام 1955 وإسناد رئاستها إلى الكاتب الكبير يحيى حقى الذى أنشأ فى 1956 «ندوة الفيلم المختار» التى اتخذت من حديقة قصر عابدين مكانا لعروضها، وكانت الرحم الذى خرج منه جيل كامل من عشاق السينما ومثقفيها، وخرجت من معطفها أيضا حركة النقد السينمائى الجديد التى بلورت نفسها فى «جمعية الفيلم» عام 1960، ثم اتخذت شكلها الرسمى والقانونى عام 1972 بتكوين «جمعية نقاد السينما المصريين».
وبعد أن وافق رئيس الجمهورية فى 31 يناير 1957 على توصية المجلس الأعلى للفنون والآداب أخذت مصلحة الفنون على عاتقها إنتاج الأفلام القصيرة، سواء كانت ثقافية أو تعليمية أو دعائية، وهى المهمة التى كانت تضطلع بها إدارة السينما التسجيلية والقصيرة.
لقد بدأت الدولة تستشعر خطورة السينما كأداة توجيه للرأى العام بعد نجاح السينما التسجيلية فى تغطية أحداث العدوان الثلاثى 1956وتأكيد تكاتف الجيش والشعب فى الصمود والمقاومة، وأوضحت للرأى العام العالمى وحشية المعتدين، وتميز فى هذا الصدد فيلم المخرج التسجيلى الرائد سعد نديم (فليشهد العالم) الذى عرض فى لندن أثناء العدوان، وبسببه كتبت الصحف البريطانية فى عناوينها: «امنعوا رائحة الدمار عن بريطانيا».
كذلك أبدى أعضاء مجلس قيادة الثورة إعجابهم بالفيلم عندما شاهدوه مع وزير الإرشاد القومى آنئذ فتحى رضوان.
بعد ذلك مباشرة بدأت مرحلة جديدة فى علاقة الثورة بالسينما، حيث صدر قرار إنشاء أول مؤسسة عامة للسينما فى مصر والوطن العربى عام 1957باسم «مؤسسة دعم السينما» التى تحولت عام 1958 إلى «المؤسسة المصرية العامة للسينما»، وتحددت أهدافها فيما يلى:
1- رفع المستوى الفنى والمهنى للسينما.
2- تشجيع عرض الأفلام العربية داخل وخارج البلاد.
3- إقراض المشتغلين بالإنتاج السينمائى الهادف.
4- الاهتمام بشؤون المشتغلين بصناعة السينما.
5- منح جوائز للإنتاج السينمائى والمشتغلين به.
6- إيفاد بعثات طويلة وقصيرة الأجل لدراسة فنون السينما.
7- الاشتراك فى مؤتمرات ومهرجانات السينما العالمية
8- إيفاد مبعوثين رسميين لدراسة أسواق الفيلم العربي
9- إقامة أسابيع للأفلام المصرية فى الخارج
10- إقامة أسابيع للأفلام الأجنبية فى مصر
وقد بدأت المؤسسة عملها بإقراض شركة «لوتس فيلم» التى تملكها المنتجة آسيا مبلغ 72 ألف جنيه مساهمة فى إنتاج فيلم (الناصر صلاح الدين) الذى أخرجه يوسف شاهين. كما أقامت المؤسسة ثلاث مسابقات ذات جوائز مالية للأفلام المصرية، عام 1958 (50 ألف جنيه) وعام 1961 (25 ألف جنيه) وعام 1962 (25 ألف جنيه)وشجعت ترجمة الكتب التى تتناول حرفة السينما وأقامت فى 1962 المهرجان الثانى للأفلام الأفريقية والآسيوية بمشاركة 32 دولة، وكان المهرجان الأول قد أقيم فى طشقند فى الاتحاد السوفيتى عام 1958.
كان قرار إنشاء المؤسسة يعنى تدخل الدولة رسميا فى صناعة السينما، وإن ظل هذا التدخل محكوما فى مراحله الأولى بالرعاية والدعم والإقراض والتمويل. ثم وضعت المؤسسة خطة متدرجة لإنتاج عدد محدود من الأفلام الروائية التاريخية من خلال «شركة مصر للتمثيل والسينما»، كما أنتجت عددا من الأفلام التسجيلية بينها (ينابيع الشمس) الذى أخرجه الكندى «جون فينى» وصوره حسن التلمسانى وتابع فيه المخرج رحلة نهر النيل من المنبع إلى المصب فى أسلوب شاعرى وإيقاع فنى رائع ولغة سينمائية راقية.
وكانت الدولة حتى ذلك الوقت لا تملك من استوديوهات السينما سوى «استوديو مصر» الذى ركزت على تطويره والاهتمام برفع مستوى كفاءة معداته، ورصدت نصف مليون جنيه (وكان رقما كبيرا آنئذ) لتزويده بمعدات صوت وكاميرات حديثة ومعامل لطبع الأفلام الملونة والأبيض والأسود.
لكن  رغم هذا الاهتمام، ورغم ارتفاع متوسط عدد الأفلام الروائية الطويلة خلال السنوات العشر الأولى من عمر الثورة (1952- 1962) إلى 60 فيلما فى السنة (بإجمالى 588 فيلما، أى حوالى ضعف عدد الأفلام التى أنتجت منذ عام 1927) وزيادة عدد دور العرض إلى 354 دارا عام 1954.
فقد ظل محتوى الأفلام كما هو، ولم تستطع السينما المصرية خلال هذه المرحلة أن تتخلص تماما من آثار أفلام ما بعد الحرب العالمية الثانية. وبينما كانت تتردد أصداء شعار «ارفع رأسك يا أخى» فى الشارع المصرى. كانت الأفلام تشيع جوا من البلادة والاسترخاء، وتروج لقيم ومفاهيم تتعارض مع طموحات الثورة وتخنق فى الوقت نفسه المحاولات الجادة التى كانت بدورها فردية واستثنائية.
تراجيديا القطاع العام
بدأت مرحلة القطاع العام فى النصف الثانى من عام 1963 وانتهت رسمياً فى منتصف عام 1971 عندما تقرر تصفية «المؤسسة العامة للسينما» وإنشاء «الهيئة العامة للسينما والمسرح والموسيقى» بدلاً منها، وتحددت أهداف الهيئة الجديدة على النحو التالى:
1- الارتفاع بمستوى الإنتاج بتقديم النماذج الرفيعة.
2- تقديم التجارب الطليعية والعمل على تطويرها وربطها بالتطور العالمى.
3- تشجيع المواهب والقدرات المبدعة من الشباب.
4- تنشيط الإنتاج الفنى وتسويقه.
5- معاونة وتشجيع القطاع الخاص.
لكن ذيول هذه المرحلة امتدت إلى عام 1972 حيث تعرض عادة أفلام العام السابق، وزاد الناقد على أبوشادى قائلاً إنها امتدت إلى 1980، حيث عرض آخر فيلم من إنتاج القطاع العام. وقد بدأ القطاع العام إنتاج أفلام روائية طويلة فى أعقاب دمج «المؤسسة المصرية العامة للسينما» فى «مؤسسة الإذاعة والتليفزيون» عام 1963، وإنشاء أربع شركات تابعة لهذه المؤسسة الجديدة.. تتنوع اختصاصاتها بين الإنتاج والتوزيع والاستديوهات ودور العرض.
كانت ملكية استديوهات «مصر» و«الأهرام» و«نحاس» و«جلال» قد انتقلت إلى شركة الاستديوهات عن طريق الشراء من الحراسة العامة، أما بالنسبة لشركة دور العرض فقد تم نزع ملكية 11 داراً لصالحها قدرت قيمتها بمبلغ 821 ألف جنيه، فيما أسندت إليها إدارة سينما «ريفولى»، التى كانت قد وضعت تحت الحراسة، وقدر ثمنها بمبلغ 161 ألف جنيه، لكن الغريب أن الاستديوهات والمعامل ودور العرض لم تؤمم، ولم تعد فى الوقت نفسه إلى أصحابها، وكذلك الإنتاج والاستيراد والتوزيع، وتعددت أشكال ملكية المؤسسة للاستديوهات ودور العرض، كما تعددت أشكال الهياكل الإدارية وأشكال الإنتاج، حتى أنها لم تستقر عامين متتاليين، وبذلك اضطربت صناعة السينما خلال هذه المرحلة، نتيجة عدم وضوح موقف الدولة من السينما بشكل عام.
وقد أجمع الكثير من المؤرخين على أن دخول المؤسسة مجال الإنتاج أثار موجة من الخوف لدى القطاع الخاص، وتوقفت عجلة الإنتاج فى عدة شركات بانتظار أبعاد الخطوة الجديدة.
لكن المؤسسة- بدلاً من أن تقضى فترة من الوقت تقوم خلالها بالبحث والدراسة وإعداد قصص وسيناريوهات للفيلم النموذجى الذى أنشئت من أجله- اضطرت أن تنزل بسرعة إلى ميدان الإنتاج من دون تخطيط أو دراسة.
وكان صلاح أبوسيف، الذى تولى قطاع الإنتاج فى تلك الفترة، يضع فى تقديره ستة أشهر كحد أدنى لبدء العمل فى أفلام القطاع الجديدة، لكن الرئيس عبدالناصر أمر بسرعة تحريك العجلة بعد أن تلقى برقيات كثيرة من سينمائيين عانوا من البطالة، بسبب نقل القطاع الخاص نشاطه إلى بيروت.
وأمام طوابير العاطلين أمر الدكتور عبدالقادر حاتم، الذى تولى وزارة الثقافة والإعلام عام 1962 خلفاً للدكتور ثروت عكاشة بأن يتم التعاقد وبسرعة مع هؤلاء السينمائيين، للعمل فى أفلام سميت «حرف ب» لا تزيد تكلفة الواحد منها على العشرة آلاف جنيه.
وقد كان مقدراً لتلك الأفلام ألا تعرض فى السوق، لكن الدكتور حاتم استجاب لاقتراح من المنتج والمخرج حلمى رفلة «أحد أساطين القطاع الخاص الذين اعتمد عليهم القطاع العام وكانوا سبباً فى تدميره من داخله!» بعرضها فى دور العرض التجارية، لتصبح أوضح تعبير عن خلل واضطراب العلاقة بين الدولة والسينما.
جوانب مشرقة
لم تكن تجربة القطاع العام كارثية تماما وفق بعض المحللين، فقد مولت المؤسسة عددا من الأفلام التى ينظر إليها الآن بوصفها من كلاسيكيات السينما المصرية، ووصلت الواقعية فى الفيلم المصرى إلى ذروة نضجها، والأمثلة على ذلك كثيرة. هناك (القاهرة 30) لصلاح أبو سيف 1966 عن رواية لنجيب محفوظ تعبر عن مأساة الصعود فى المجتمع الطبقى،
وهناك (القضية 68) لأبو سيف أيضا عام 1968 عن مسرحية للطفى الخولى تدعو إلى إعادة بناء الدولة والمجتمع بعد هزيمة 67، وهناك (الأرض) ليوسف شاهين 1970 عن رواية لعبد الرحمن الشرقاوى تتناول الصراع الاجتماعى والسياسى فى مصر فى الثلاثينيات،
وهناك (الحرام) لهنرى بركات 1965 عن رواية ليوسف إدريس تعبر عن حياة عمال التراحيل فى الريف، وهناك (سيد درويش) لأحمد بدرخان 1966 و(ثورة اليمن) لعاطف سالم 1966 والجزآن الأول والثانى من ثلاثية نجيب محفوظ: (بين القصرين) 1964 و(قصر الشوق) 1967 لحسن الإمام. وقد أتاح القطاع العام لكمال الشيخ أن يبدأ مرحلة جديدة فى حياته الفنية بإخراج (الرجل الذى فقد ظله) 1968 عن رواية فتحى غانم متعددة الأبعاد،
كما أنتج القطاع العام أحد أفضل أفلام المخرج حلمى حليم (حكاية من بلدنا) 1969 ومجموعة الأفلام التى تجاوز بها فطين عبد الوهاب كوميديات اسماعيل ياسين، وهى (الزوجة 13) 1963 و(مراتى مدير عام) 1966 و(أرض النفاق) 1968. وأنتج القطاع العام أيضا أهم ثلاثة أفلام لتوفيق صالح: (المتمردون) 1967 عن رواية للكاتب الصحفى صلاح حافظ و(يوميات نائب فى الأرياف) 1968عن رواية لتوفيق الحكيم و(السيد البلطى) 1969 عن رواية لصالح مرسى، وفى هذه الأفلام عبر توفيق صالح عن قضايا التمرد والثورة، والقانون والعدل، وصراع القديم والجديد.
كما أنتج القطاع العام (جفت الأمطار) لسيد عيسى 1966 عن رواية لعبد الله الطوخى، وهى تجربة فنية جديدة تتناول ارتباط الفلاح المصرى بأرضه. وشهدت هذه الفترة لأول مرة أفلاما يصل انتقادها لثورة يوليو إلى حد الهجوم أحيانا مثل (ميرامار) لكمال الشيخ و(شىء من الخوف) لحسين كمال، ومع ذلك لم تصادر هذه الأفلام ولم تمنع من العرض.
وفضلا عن ذلك فتحت المؤسسة المجال أمام عدد من المخرجين الجدد المثقفين ليقدموا من خلالها تجاربهم الأولى مثل حسين كمال («المستحيل» - 1965 عن رواية لمصطفى محمود، و«البوسطجى» - 1968 عن رواية ليحيى حقى، و«شىء من الخوف» - 1969 عن رواية لثروت أباظة)، وخليل شوقى (الجبل) عن رواية لفتحى غانم مستوحاة من تجربة المهندس حسن فتحى فى قرية «القرنة» فى صعيد مصر، وفاروق عجرمة (العنب المر) ونور الدمرداش ( ثمن الحرية) وجلال الشرقاوى (أرملة وثلاث بنات) وعبد الرحمن الخميسى (الجزاء).
كما أن هناك أفلاما فنية أخرى لا تنتمى إلى الواقعية مثل «مومياء» شادى عبد السلام (1969) الذى يعبر عن بحث الإنسان المصرى عن هويته فى القرن التاسع عشر، والذى حقق نجاحا عالميا لم يسبق له مثيل بالنسبة لأى فيلم مصرى حتى الآن.
أرقام وإحصائيات من 1963 إلى 1972
■ عرض القطاع العام أول أفلامه (القاهرة فى الليل) إخراج محمد سالم فى 5 أغسطس 1963، بينما عرض آخر أفلامه (جنون الشباب) إخراج خليل شوقى فى أول ديسمبر 1980.
■ توقف القطاع عن الإنتاج عام 1971واستمرت أفلامه تعرض تباعا حتى 1980.
■ إجمالى عدد الأفلام 155 فيلما، تم عرض ثلاثة منها فى النصف الثانى من 1963، وعشرة فى الفترة من 1973 إلى 1980.
■ إجمالى الأفلام الروائية الطويلة التى عرضت خلال هذه الفترة 426 فيلما موزعة كالتالى: 281 للقطاع الخاص و145 للقطاع العام (بينها 6 أفلام إنتاج مشترك).
■ تفوق القطاع العام على الخاص فى عدد الأفلام المعروضة مرتين، الأولى عام 1965(24 فيلما مقابل 19) والثانية عام 1967 (20 فيلما مقابل 13).
■ عدد المخرجين الجدد الذين ظهروا خلال هذه الفترة 38 مخرجا: 21 قدمهم القطاع العام و17 قدمهم القطاع الخاص.
■ عدد المخرجين الذين تعاملوا مع القطاع العام 34 مخرجا، أكثرهم إسهاما محمود ذوالفقار (10 أفلام) ثم فطين عبدالوهاب (9 أفلام وثلث) ثم حسن الإمام (7 أفلام وثلث) ثم عاطف سالم (7 أفلام) ثم حسام الدين مصطفى (6 أفلام) ثم كمال الشيخ وحلمى رفلة (5 أفلام لكل منهما) ثم حسن رضا (4 أفلام وثلث) ثم هنرى بركات وأحمد بدرخان وحلمى حليم ونيازى مصطفى وصلاح أبوسيف وسعد عرفة (4 أفلام لكل منهم) ثم يوسف شاهين وتوفيق صالح وكمال عطية وعباس كامل وحسن الصيفى (3 أفلام لكل منهم).
■ عدد المخرجين الذين لم يعملوا مع القطاع العام على الإطلاق 25 مخرجا، بينهم أربعة ممثلين هم كمال الشناوى وماجدة الصباحى وأحمد مظهر وحسن يوسف.
■ عدد أفلام القطاع العام المأخوذة عن نصوص أدبية 68 فيلما مقابل 29 فيلما للقطاع الخاص (مع ملاحظة أن عدد الأفلام المأخوذة عن أعمال أدبية من 1927إلى 1962، أى منذ تقديم رواية «زينب» للدكتور محمد حسين هيكل إلى «خذنى بعارى» لعزيز أرمانى، 52 فيلما)، وعدد الأدباء والكتاب الذين تعامل معهم القطاع العام 39 أديبا وكاتبا من مختلف الاتجاهات والتيارات الأدبية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.