رغم الهجوم الشديد الذى تعرض له فيلم «حلاوة روح»، لدرجة دفعت رئيس الحكومة لمنعه، قبل أن يصدر حكم قضائى بإعادة عرضه فى دور السينما، إلا أن موجة الأفلام الهابطة التى تستهين بالقيم وتشجع العنف ضد المرأة والتحرش بها فى كل مكان، لا تزال مستمرة، وهو ما يشهد به موسم إجازة نصف العام السينمائى. ??? وقد استفز هذا التحدى من جانب صناع سينما الإسفاف الكثير من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعى، ودفعهم للمطالبة بمقاطعة دور العرض التى تقدم هذه النوعية من السينما الرخيصة، احتجاجا على تقديم تلك الأفلام للشخصيات النسائية بما يهين المرأة المصرية ويشجع على إباحة التحرش بها. وأوضحت مبادرة «شُفت تحرّش» وهى إحدى الجهات الحقوقية فى مواجهة التحرش بالقاهرة أن صناع الأفلام السينمائية، قد أساءوا تناول الشخصيات النسائية فى معظم أفلام هذا الموسم، وأن تلك الأفلام تستبيح أجساد الشخصيات النسائية بمشاهدها، فضلا عن إباحة التحرش بهن وتبرير العنف الجسدى واللفظى والتمييز تجاههن، من خلال سياق كوميدى بسيط يظن صناع الفيلم أنه ليس مؤذيا. وأكدت المبادرة، أن تلك المشاهد ليست مجرد مشاهد ساخرة تصنع البهجة لدى المتفرج، بل إنها تغير إحساس المتفرج بما هو مقبول ومعتاد، لأنه مثلما تتأثر السينما بالواقع المعاش، فإن الواقع يتأثر أيضا بالسينما. ودعت حملة «اخرس» الحقوقية، عبر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، المواطنين إلى مقاطعة أفلام إحدى شركات الإنتاج الفنى، ووصفتها بأنها «إسفاف»، وتدور معظم أعمال هذه الشركة «السبكى» حول شاب بلطجى يواجه المشاكل ويقع فى غرام فتاة غالبًا ما يتم اختيارها من ضمن فنانات الإغراء. يقول الناقد طارق الشناوى إن تناول السينما لظاهرة التحرش بدأ مع حادث الثمانينيات الشهير والمعروف باسم فتاة المعادى، وقتها تسابق المنتجون على تقديم أفلام مستغلين الحادث، ومنها المغتصبون للفنانة ليلى علوى وأخرجه وكتبه سعيد مرزوق، وفيلم اغتصاب عن قصة فاروق سعيد بطولة هدى رمزى وفاروق الفيشاوى من إخراج على عبدالخالق، فقرر صناع تلك الأفلام مناقشة الأزمة لا لأغراض اجتماعية أو إنسانية أو فنية، ولكن كان هدفهم الوحيد تحقيق الربح وكانوا يتسابقون على من سيعرض قبل الآخر ليجنى ما سيحققه الفيلم خاصة أنه جرى، فكان هناك تسرع فى تقديم هذه الأعمال. وأشار الشناوى إلى أن أفضل الأعمال الجديدة التى تناولت ظاهرة الاغتصاب فيلم «678» من تأليف وإخراج محمد دياب وبطولة نيللى كريم، لأنه مصنوع بذكاء وحس فنى، ورصد ظاهرة التحرش بكل أشكالها ويحتوى على جانب علمى وسيكولوجى، وتمكن من مهاجمة القضية بتواز فنى وعلمى وركز على طرح ما وراء جريمة التحرش وتأثيره على الشخصيات. وأضاف: السينما كانت سببا فى انتشار الفواحش والسلبيات ولم تعالجها وللأسف تحولت السوقية إلى وسيلة لجذب الجماهير، وأصبح السبكى متحكما فى الإنتاج، وتسبب فى انهيار الموضوعات وتحولها إلى سطحية وحولت البطل إلى بلطجى، والعشوائيات أجواء رئيسية فى الفيلم المصرى. أما المخرج مجدى أحمد على فيقول إن التحرش لم يكن ظاهرة كبيرة وواضحة إلا فى السنوات الأخيرة، لذا أعتقد أنه يستحق مزيداً من الاهتمام من المبدعين فى الفترة المقبلة، حتى يتم تناوله بشكل أفضل، رغم اعتقادى أن الفن ليس له تأثير كبير فى هذه الظاهرة التى تعود إلى أسباب كثيرة، منها نظرة المجتمع إلى المرأة، مع خطاب دينى رجعى جداً ناحية المرأة.