قال عدد من الإعلاميين إن بعض المحسوبين على نظام مبارك يتوهمون أن براءة الرئيس الأسبق ورموز نظامه فى قضية قتل المتظاهرين بمثابة إشارة إلى عودتهم مرة أخرى إلى الحياة السياسية مؤكدين أن الشعب أدان مبارك ونظامه قبل القضاء?. يقول الدكتور فاروق أبو زيد الخبير الإعلامى وعميد إعلام القاهرة الأسبق إن التعليق الإعلامى على حكم البراءة لصالح مبارك غير قانونى ولا يجوز ومن حق القاضى محاكمة من ينتقد الحكم وإنما على الإعلام مناقشة الحكم وحيثياته والنتائج المترتبة عليه كما يحدث فى الغرب حيث تأتى التقارير الإعلامية الخاصة بالأحكام القضائية بالمناقشة والتحليل دون إبداء رأى برفض أو قبول الحكم احتراما للقانون، مضيفا أن الادعاء بالاستعداد لثورة جديدة فى يناير القادم أو محاولة الاتجار بالحكم القضائى لإشعال الشارع هو عبث وتخريف فشتان بين دولة مبارك الواهنة بكل أدواتها وبين النظام الإخوانى الفاشل وبين النظام الحالى الذى قويت شوكته بعودة الشرطة لكامل سيطرتها وتخلص القضاء من العناصر الإخوانية وعلى الرغم من ذلك يجب احترام حق أهالى الشهداء المكلومين وغيرهم من رافضى الحكم من أصحاب الحركات الثورية كما أن الإخوان لن يستطيعوا استغلال ذلك لاختلاق ثورة أو موجة احتجاجات لأنهم أثبتوا فشلهم وضعفهم التام فى 28 نوفمبر المزعوم وليس أمامهم إلا مواقع التواصل الاجتماعى لتضخيم أنفسهم، ولذلك لا يجب على الإعلام أخذ تلك الأمور على محمل الجد وإثارتها فى صورة أزمة وإنما العرض بشكل موضوعى وعدم الخلط بين الرأى والخبر. أما عبد الحليم قنديل رئيس تحرير صوت الأمة وعضو حزب الكرامة فاعتبر محاكمة مبارك مبتورة وكأنها لم تتم وأهدرت 500 مليون جنيه سدى من مال الشعب تكلفة لتلك المحاكمة التى كنا نعرف نتائجها مسبقا، لذلك أرفض التعليق على الحكم مباشرة ويكفى حديث القاضى عن القضية أثناء النطق بالحكم فيده مغلولة بين القانون والأدوات الضعيفة فالقضية مفرغة من مضمونها بفعل النيابة وأمر إحالتها بدون اسم مبارك إضافة إلى الأدلة الناقصة بفعل نظام مبارك نفسه الذى ترك رموزه شهرين طلقاء بعد الثورة فمحيت الأدلة وطمست وهربت الأموال بالخارج فظهرت القضية وكأنها اتهام بسرقة حبل غسيل مما جعل الحكم بالبراءة مستندا لعدم جواز النظر فى الدعوى ولا وجه لإقامتها والحقيقة أن البراءة لا قيمة لها لأن مبارك حاكمه الشعب من قبل أثناء الثورة بالإعدام وهو أقل ما يستحقه بعد قتله للملايين ليس فقط المتظاهرين وإنما غيرهم من المصريين فى حوادث القطارات والطرق والعبارات وبالأمراض جراء الأغذية المسرطنة والمياه الملوثة والتعذيب بالسجون ولو حكم له بمليون براءة فمن ينسى تجريف خيرات مصر ونهبها بالخصخصة وبيع الأراضى للحاشية وتجارة رجال الأعمال المنتفعين بثرواتها والمتسلقين حتى لم يعد فى البلد ما يسرق، كما صرح الرئيس السيسى فمن سرقها إذا؟ وأشار قنديل إلى الدور الواجب على الرئيس السيسى حيال هذا الحكم الذى يؤثر على شعبيته فمبارك الذى لم يعد له قيمة ولا أهمية للانتقام منه لازالت ضحاياه تطلب تكريس العدالة كأساس جديد لدولة مصر الجديدة ويظهر ذلك فى المظاهرات المدفوعة بالغضب لا أكثر وأى محاولة لاستغلالها سياسيا لن يؤدى لشىء أولا حرصًا على عدم اختلاط الأوراق مع الإخوان وهم المستفيد الأول من هذا الحكم منتظرين غسل سمعة مرسى كما غسلت سمعة مبارك ورجاله، وثانيًا لأن مشاعر الناس موزعة بين الأوضاع العامة والأحداث اليومية وما يأملونه من طموحات مستقبلية أما أحلام الإخوان فى كسب دعم الفلول غير مجد ومجرد تحركات لن يكون لها قيمة واقعية، مضيفا أنه يبقى استخدام قانون إفساد الحياة السياسية أو قانون الغدر الذى يقضى بمحاكمة النظام الحاكم بكل أفراده الذين انتفعوا من ممارسة مهام وظائفهم العامة وأسهموا فى فساد الحياة السياسة بحرمانهم من أى سلطة أو منصب تنفيذى أو العمل بشركات ذات مال عام وذلك سيكون كفيلا بالقصاص لأهالى الشهداء ولثأر مصر من نظام مبارك. إشعال فتنة ويرى الكاتب عبد الله السناوى الذى يرى أن قضية قتل المتظاهرين لم تنظر فعليا وأن المحكمة لم تبرىء مبارك بعكس ما يروج مؤيدوه من أكاذيب لمحاولة استعادة رجاله إلى الأضواء أما جماعة الإخوان المحظورة فمن المؤكد استغلالهم لهذا الحكم لإشعال فتنة ضد النظام الحالى وبالفعل أصدروا بيانات باسم الجماعة وباسم الجمعية الشرعية تؤكد ذلك وتروج لفكرة فشل ثورة 25 يناير وإعادة رموز مبارك بفعل النظام الانقلابى على حد وصفهم، ومن جانب مؤسسة الرئاسة فكان البيان الرئاسى الصادر فى هذا الشأن جيدا فى تعليقه على الحكم بشقيه القانونى والسياسى حيث أفاد القانونى منه باحترام الحكم القضائى أما السياسى فوعد بإجراء مصالحة واسعة مع الشباب والقوى الثورية والدولة وأكد على اقتران ثورتى يناير ويونيو، ولكن لابد أن يتبع ذلك مجموعة من السياسات والإجراءات والتى يجب أن تستهل بتعديل قانون التظاهر وفتح قنوات للحوار مع القوى الثورية ومناقشة سبل تحقيق الحريات وحماية حقوق الرأى والتعبير والاختلاف ولعل خبر طعن النائب العام على حكم البراءة أمام محكمة النقض ينذر بعدم انتهاء القضية خاصة وأنصار النظام يعملون على تسويق حكم البراءة وأنه تبرئه لتاريخ مبارك ورجاله رغم أن المحكمة لم تبرئه، وذلك على أمل العودة للساحة السياسية وتطهير تاريخ النظام البائد بكل جرائمه التى لا يمكن تجاهلها أو غفرانها أو محوها من التاريخ كما نأمل تفعيل قانون مباشرة الحياة السياسية المعروف بقانون الغدر لمنع رواد الفساد فى مصر على مدار 30 عاما من العودة وضمان مستقبل جديد أكثر شفافية وطهارة وتحقيق حلم الديمقراطية الحقيقية فى مصر.