عفت سعيد - داليا كامل مجدى الشاذلى - روضة فؤاد هبة مظهر لم تكن ثورة أوكرانيا 2014 مثل سابقتها البرتقالية عام 2004، فهى لم تتسبب فقط فى أزمة داخل البلاد ولكنها أدت أيضا إلى إشعال التوتر بين روسيا والغرب بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية بشكل أعاد إلى الأذهان أجواء الحرب الباردة بين الغرب والاتحاد السوفييتى السابق وكأن الطرفين كانا يتحينان الفرصة ليستعرض كل منهما عضلاته للآخر فى تحد محفوف بالمخاطر للعالم كله. وعقب الإطاحة بالرئيس الأوكرانى السابق الموالى لروسيا فيكتور يانوكوفيتش بمساندة الغرب فى فبراير 2014 وما تضمنه ذلك من تهديد للمصالح الروسية، جاء رد الفعل الروسى قويا بضم القرم بناء على نتيجة الاستفتاء الذى صوت فيه الغالبية الساحقة من سكان شبه الجزيرة لصالح الانضمام إلى روسيا. وبالرغم مما ترتب على ذلك من فرض الغرب عقوبات اقتصادية مشددة على موسكو، إلا أن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين استمر فى تحديه للغرب بدعمه للانفصاليين الموالين لروسيا شرق أوكرانيا شاهرا فى وجه الغرب سلاح الغاز الروسى، مؤكدا على لسان وزير خارجيته سيرجى لافروف بأن فرض العقوبات ليس له علاقة بأزمة أوكرانيا ولكنه يستهدف تغيير نظام الحكم فى روسيا، وهو ما يؤكد عليه الكثير من الخبراء والمحللون الروس، ومن بينهم فيودور لوكيانوف، رئيس تحرير صحيفة «روسيا فى الشئون العالمية» والذى يقول إن حزمة العقوبات تم الإعداد لها مسبقا وإن أوكرانيا كانت مجرد الذريعة لإطلاقها. ويرى لوكيانوف أن هناك أدلة تدعم وجهة النظر التى تقول إن الولاياتالمتحدة كانت قد قررت مسبقا أن روسيا تحت حكم بوتين بدأت تسترد قوتها السابقة وتتحدى المواقف الأمريكية فى الكثير من الملفات الدولية ويجب التعامل معها بحزم الآن. أما بوتين، حسبما يقول الكاتب الصحفى تونى باربر، فى مقال له بصحيفة «الفاينانشيال تايمز» البريطانية، فهو يشعر باستياء شديد مما يعتبره تجاهل الغرب منذ انهيار الاتحاد السوفيتى عام 1991 لمكانة روسيا ومصالحها كقوة قيادية. ويرى باربر أنه من المستبعد أن يصل الغرب لأى تسوية مع بوتين بشأن أوكرانيا إلا إذا قدروا أن الأزمة من وجهة نظر الزعيم الروسى هى بشأن الدفاع عن مصالح روسيا الأساسية وأنه مستعد لدفع ثمنا دبلوماسيا واقتصاديا غاليا جدا للحفاظ على هذه المصالح، ويؤكد باربر أن بوتين يرى هذه اللحظة كلحظة حياة أو موت بالنسبة لروسيا وأنه فى الوقت الحالى يعتقد أنه فى مهمة تاريخية من أجل روسيا. وأزدادت الأمور تعقيدا بعد فرض الاتحاد الأوروبى والولاياتالمتحدة وكندا عقوبات على شبه جزيرة القرم، وكذلك توقيع الرئيس الأمريكى باراك أوباما على مشروع قانون «دعم حرية أوكرانيا» الذى أعده الكونجرس والذى يسمح بفرض عقوبات جديدة على روسيا فى حال استمرارها فى موقفها الرافض للتخلى عن ضم شبه جزيرة القرم والتوقف عن دعم الانفصاليين شرق اوكرانيا. وفى مقابلة مع برس تى فى، حذر جيمس جاتراس، المحلل السابق لشئون السياسة الخارجية الأمريكية فى مجلس الشيوخ، من أن فرض أمريكا للمزيد من العقوبات ضد روسيا من الممكن أن يحول حالة الحرب الباردة بين البلدين إلى حرب ساخنة، مؤكدا أن إقرار أوباما لقانون العقوبات يعتبر خطوة سيئة للغاية، حيث إنها ستغلق الباب أمام أى فرصة لتسوية الأزمة فى أوكرانيا.