قالت الحكومة الأوكرانية إنها لن تهاجم الانفصاليين الموالين لروسيا خلال عيد القيامة غدا في حين هددت حليفتها الولاياتالمتحدةموسكو بعقوبات جديدة إذا لم تفنع الانفصاليين بالاستسلام. وينفي الكرملين أن تكون له سيطرة على المسلحين الذين يرغبون في أن تضم روسيا مناطقهم الشرقية على غرار ما حدث مع شبه جزيرة القرم. ووجهت موسكو انتقادات عنيفة لواشنطن على معاملتها لروسيا وكأنها "تلميذ مذنب" في أعقاب الاتفاق الذي وقع في جنيف يوم الخميس وتضمن ضرورة نزع سلاح الانفصاليين الأوكرانيين واخلاء المباني التي يسيطرون عليها. ولم تبد الحكومة الأوكرانية أي مؤشر يذكر على محاولة استعادة نحو 12 من مجالس البلدية وأقسام الشرطة ومواقع أخرى سيطر عليها الانفصاليون في الاسبوعين الماضيين رغم اعلانها عن بدء عملية "لمكافحة الإرهاب". ووعدت وزارة الخارجية الأوكرانية "بتعليق المرحلة النشطة من عملية مكافحة الإرهاب" ضمن قائمة من المبادرات الحكومية صدرت في وقت متأخر امس الجمعة لنزع فتيل الأزمة. وقالت متحدثة باسم جهاز أمن الدولة (اس.بي.يو) اليوم السبت إن التعليق "مرتبط بتطبيق اتفاق جنيف وعطلات عيد القيامة." ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية عن وزير الخارجية أندريه ديشيتسيا قوله اليوم السبت "توقفت عملية مكافحة الإرهاب خلال الاحتفال بعيد القيامة ولن نستخدم القوة ضدهم (الانفصاليين) في هذا الوقت." وهدد ديشيتسيا أمس الجمعة الانفصاليين بأنه قد تتخذ ضدهم "اجراءات ملموسة على نطاق اكبر" إذا لم يبدأوا في الاستسلام لمراقبي السلام الدوليين. والتقى ديشيتسيا في كييف اليوم السبت مع مسؤولين من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا التي تضم أعضاء حلف شمال الأطلسي وروسيا. وستشرف المنظمة على تنفيذ اتفاق جنيف الذي اتفقت بموجبه روسياوأوكرانياوالولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي على عملية لنزع السلاح وانهاء احتلال المباني في اطار برنامج أوسع نطاقا لنزع فتيل اسوأ أزمة بين الشرق والغرب منذ انتهاء الحرب الباردة. وسيتوجه مسؤول رفيع من المنظمة إلى دونيتسك اكبر مدينة في شرق أوكرانيا الناطق بالروسية في وقت لاحق اليوم السبت. وقال مسؤولون من المنظمة إن الانفصاليين لم يبدوا أي دلالة حتى الآن على أن لديهم "إرادة سياسية" للاستسلام. وقال زعماء الانفصاليين امس الجمعة إن توقيع روسيا على اتفاق جنيف ليس ملزما لهم. وتنفي موسكو تأكيدات غربية بأن لها سيطرة على النشطاء الأوكرانيين. - حديث بوتين وبعد أسابيع من الاتهامات المتبادلة أشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم السبت إلى امكانية تحسين العلاقات مع الغرب لكنه أوضح أن الأمر يعتمد على تنازلات من خصومه في الأزمة المتعلقة بأوكرانيا. وقال بوتين في حديث رحب فيه بتعيين أمين عام جديد لحلف شمال الأطلسي سيبثه التلفزيون الروسي في وقت لاحق اليوم "أعتقد أنه لا يوجد ما يعوق التطبيع والتعاون الطبيعي (مع الغرب)..لا يعتمد هذا علينا أو بالأحرى ليس علينا فقط. هذا يعتمد على شركائنا." وتنفي روسيا أي خطط لديها للغزو رغم حشدها آلاف الجنود على الحدود مع أوكرانيا. وقال متحدث باسم الكرملين اليوم السبت إن حشد القوات على الحدود يأتي كاجراء احترازي من اي امتداد للعنف وليس للتدخل في أوكرانيا. وأوضح مسؤولون بإدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما يوم الجمعة أن على روسيا أن تقنع المتعاطفين معها في أوكرانيا على انهاء اعتصاماتهم خلال أيام وإلا ستواجه عقوبات اقتصادية أشد وطأة من الاجراءات المحدودة التي فرضت عليها بعد سيطرتها على شبه جزيرة القرم. ووفقا لنص مقابلة ستذاع في وقت لاحق على قناة روسيا التلفزيونية تحدث بوتين عن علاقة شخصية "جيدة للغاية" تربطه برئيس وزراء النرويج السابق ينس شتولتنبرج الذي سيخلف أندرس فو راسموسن أمينا عاما لحلف الأطلسي في أكتوبر المقبل. وقال بوتين في المقابلة "ولكن دعونا نرى كيف سيطور العلاقات في إطار منصبه الجديد." ولم يحدد بوتين ما يأمل أن يقوم به الغرب. وتقول موسكو إن مصلحتها تقتصر على حماية حدودها وحماية الناطقين بالروسية في أوكرانيا من "الفاشيين" وغيرهم الذين أطاحوا بالرئيس فيكتور يانوكوفيتش في أعقاب احتجاجات استمرت لأشهر بسبب رفضه تعزيز العلاقات مع الاتحاد الأوروبي. وفرضت الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي اللذان يدعمان السلطات الجديدة في كييف عقوبات محدودة على مسؤولين روس بسبب ضم جزيرة القرم لكنهما يسعيان لايجاد سبيل مشترك لدرء ما يرونه رغبة موسكو في إحياء امبراطوريتها السابقة. وكثيرا ما شكت روسيا من توسيع حلف الأطلسي لعضويته لتضم دولا بشرق أوروبا كانت تدور في فلك موسكو إبان الحرب الباردة وتعزيز علاقاته بالجمهوريات السوفيتية السابقة مثل جورجيا ومولدوفا وأوكرانيا. وتعتبر روسيا ذلك نهجا عدائيا من الحلف لتقويضها. ولعل ازدراء الغرب لكفاح روسيا على مدى سنوات لاستيعاب آثار انهيار الشيوعية هو السبب وراء مطالب بوتين بمعاملة موسكو باحترام وهو أمر يحظي بشعبية بالغة بين الروس. ورد المتحدث باسم بوتين أمس الجمعة على تهديدات واشنطن بفرض عقوبات قائلا إنها تعامل روسيا مثل "تلميذ مذنب". وقالت سوزان رايس مستشارة الأمن القومي الأمريكي "نعتقد أن روسيا لها نفوذ كبير على تحركات المشاركين في أنشطة زعزعة الاستقرار." وأضافت "إذا لم نر تحركا يتوافق مع الالتزام الذي تعهدت به روسيا... في جنيف ... فمن الواضح أننا وشركاءنا الاوروبيين .. لا نزال مستعدين لفرض ثمن إضافي على روسيا." وأضافت "قد يشمل هذا الثمن والعقوبات استهداف كل القطاعات المهمة للاقتصاد الروسي." ولم تحدد واشنطن أي عقوبات إضافية قد تفرضها على روسيا. وإلى جانب الاتحاد الأوروبي فرضت واشنطن بالفعل قيودا على تأشيرات السفر وجمدت أموال عدد صغير من الروس وهو رد فعل قوبل بالسخرية في موسكو. لكن بعض الدول الأوروبية ليست مستعدة لاتخاذ مزيد من الاجراءات خشية أن يستفز ذلك روسيا بشكل أكبر أو ينتهي بها الأمر للإضرار باقتصاداتها التي تعتمد بقوة على الغاز الروسي. معسكرات متنافسة وتحدث وزير الخارجية الأمريكي جون كيري هاتفيا مع نظيره الروسي سيرجي لافروف وحثه على "الالتزام الكامل والفوري" باتفاقية جنيف. وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إن كيري اتصل أيضا برئيس الوزراء الأوكراني أرسيني ياتسينيوك وشكره على الإجراءات التي اتخذتها حكومته إلى الآن. لكن هناك خطوة واحدة قالت الحكومة الأوكرانية إنها لا تعتزم اتخاذها وهي إزالة مخيم اعتصام محاط بحواجز في ميدان الاستقلال بكييف المعروف باسم الميدان والذي لعب دورا رئيسيا في الإطاحة بيانوكوفيتش ويقول نشطاء إنهم سيظلوا هناك إلى أن تجرى الانتخابات الرئاسية المزمعة في 25 مايو. وقال وزير الخارجية ديشيتسيا إن الميدان ليس احتلالا "غير شرعي" ومن ثم لا علاقة له باتفاق جنيف. وقال دبلوماسي روسي إن هذا تفسير خاطئ للاتفاق. وقال دنيس بوشيلين زعيم الانفصاليين في شرق أوكرانيا إنه لا يرى أن رجاله ملتزمون بتوقيع روسيا على الاتفاق في جنيف. وقال بوشيلين الذي نصب نفسه رئيسا لما يسمى بجمهورية دونيتسك الشعبية للصحفيين إن لافروف "لم يوقع أي شيء باسمنا." وكرر اليوم السبت دعوته لإجراء استفتاء يعطي المناطق الشرقية في أوكرانيا صلاحية سيادية في أن تختار الانضمام لروسيا. لكن استطلاعا للرأي نشره معهد في كييف وجد أن حوالي ثلث السكان فقط في منطقتي دونيتسك ولوهانسك في أقصى شرق أوكرانيا يقولون إنهم سيصوتون لصالح الانضمام لروسيا رغم أن ما يزيد على الثلثين يرون أن القيادة الجديدة في كييف اغتصبت السلطة من الرئيس المدعوم من الكرملين في فبراير شباط الماضي. وهناك نقاط كثيرة مجهولة تكتنف الوضع. وقد لا يكون هدف بوتين النهائي هو ضم المركز الصناعي لأوكرانيا على غرار ما حدث في القرم رغم تصريحات له يوم الخميس ذكر فيها أن ما يعرف الآن بشرق وجنوب أوكرانيا كان يعرف باسم روسيا الجديدة في عهد القياصرة. وينفي الكرملين أي طموح للسيطرة على أراضي في أوكرانيا. ويعتقد كثير من المحللين أن بوتين يسعى أساسا للتأثير على الأحداث في أوكرانيا ليضمن نتيجة جيدة في الانتخابات التي تجرى الشهر القادم بعد خسارة يانوكوفيتش حليف روسيا السلطة هناك. ويثير ذلك بدوره تساؤلات تتعلق بدور أثرياء رجال الأعمال في أوكرانيا في الأزمة وفي الانتخابات. وتروج نظريات المؤامرة في كييف التي تقول إن الأغنياء وأصحاب النفوذ ربما يعملون على إذكاء الاضطرابات من وراء الكواليس لتعزيز أهدافهم الخاصة أو لكسب ود بوتين الذي يتمتع بسيطرة كبيرة على المصالح الاقتصادية لأقطاب الأعمال الأوكرانيين في روسيا.