عاشور الزيات - محمود نعيم تصوير: عبد الله عبد العزيز مجددًا تتركز الأضواء على منطقة مثلث ماسبيرو ومعها هذه المرة حى صغير يقع على الشاطئ الشرقى للنيل فى مصر القديمة هو حى «أثر النبى» وسبب اجتذاب «ماسبيرو» و«أثر النبى» للأضواء هو اقتحام الحكومة بشكل جاد وفعلى لملف تطويرهما وأحدث موقف فى هذا الشأن هو هذا الاجتماع الذى انعقد فى بداية الأسبوع الماضى من شهر أغسطس الحالى وضم وزيرى الإسكان والتطوير الحضرى، بالإضافة إلى محافظ القاهرة ومخططى ماسبيرو وأثر النبى لمناقشة إعادة تخطيط المنطقتين فى إطار تطوير المناطق العشوائية فى العاصمة القاهرة مع التركيز على القاهرة الخديوية واستغلال بعض مناطق الفضاء سياحيًا. ومنطقة ماسبيرو تشبه على الخريطة مثلثًا ومن الشكل اكتسبت تسمية «مثلث ماسبيرو» وضلعه الغربى يقع على امتداد شارع كورنيش النيل بداية من مبنى فندق رمسيس هيلتون يقابله خط كوبرى 15 مايو بينما يقع رأس المثلث عند مقر القنصلية. ومسطح المنطقة يبلغ مساحة إجمالية 82.73 فدان إذا استقطعنا منها الشوارع الخارجية تقل إلى 75.19 فدان، وهذه المنطقة لا يستغرق الوصول إليها - سيرًا على الأقدام من كورنيش النيل - 5 دقائق وأقل من 10 دقائق من ميدان عبد المنعم رياض أو شارع الجلاء وهى قلب القاهرة الذى يطل على منطقة ساحرة من بينها هذا الموقع المتميز الذى وضعها فى بؤرة اهتمام المسئولين عن تطوير القاهرة وإعادة تخطيطها فى إطار المشروع الاستراتيجى الذى وضع قبل ثورة يناير 2011 بسنوات قليلة وعرف بمشروع تطوير القاهرة 2050 والذى استغرق إعداده ما يقرب من السنوات الثلاث ليخرج بدراسات شاملة للتطوير العمرانى والاقتصادى والسياحى والتعليمى والصحى وذلك بإشراف هيئة التخطيط العمرانى التابعة لوزارة الإسكان وتعاون منظمة «الهابيتات» للمصدرات البشرية والبرنامج الإنمائى للأمم المتحدة وبمشاركة شعبية من خلال تنظيم عدد من المؤتمرات وحوالى 300 ورشة عمل وندوة واستطلاعات للرأى بمناقشة المشروع وفى قلبه تطوير منطقتى مثلث ماسبيرو وحى أثر النبى، وخرجت الرسومات والخرائط الملونة تبشر بأحياء ومناطق خضراء داعمة للبيئة ونظيفة وحضارية وناطحات سحاب تطل على نيل القاهرة الساحر عند منطقة ماسبيرو.. كل هذا بديل عن العشوائية والمبانى المتهدمة غير الآدمية التى تحوى عددًا من السكان الآن حائرين ما بين الواقع الردىء الذى يعيشونه والأمل فى غد أفضل لا ينتقص فيه حق الشعب الآمن العادل الذى يعوضهم عن انتزاع ماهو تحت أيديهم الآن من أراض وعقارات حتى ولو كانت متهدمة أو آيلة للسقوط والانهيار.. وهذه هى الأزمة الحقيقية فى منطقة ماسبيرو وتتلخص فى سؤال: كيف نعوض أهالى المنطقة؟! لكن السؤال يسبقه سؤال آخر وهو كيف نحدد بدقة من له حق من الدخيل والمدعى وفى الإجابة عن هذا السؤال قال ل «أكتوبر» عدد من ممثلى شباب ائتلاف ماسبيرو إن رئيس الوزراء كان قد كلّف لجنة مُشكّلة من وزارة التطوير الحضرى والعشوائيات وممثلين للائتلاف بحصر للأسر المتضررة فى مثلث ماسبيرو والنتيجة التى خرجت بها هذه اللجنة أن العدد 5300 أسرة ويبدو أن رئاسة الوزراء رأت أن هذا العدد مبالغ فيه فأعادت تكليف محافظة القاهرة بإعادة الحصر مجددًا، وأن خطة م. إبراهيم محلب ومجلس الوزراء أن يعوض هذه الأسر بمساكن بديلة عبارة عن شقق فى عدد من العمارات سوف تبنى خصيصًا لهذا الغرض بمنطقة تملكها الدولة خلف وزارة الخارجية وبالتالى لن يخرج سكان المنطقة عنها. وخطة التطوير تشمل مراحل أخرى تمتد من مثلث ماسبيرو إلى حى بولاق أبو العلا فى مناطق (كفراوى سانتو كابش رملة بولاق وحكر أبو دومة) لتحويل هذه المناطق العشوائية إلى مناطق استثمار سياحى واقتصادى على أن توفر الدولة بدائل ملائمة لسكانها فى المدن الجديدة فى نطاق القاهرة الكبرى مثل مدن 6 أكتوبر و15 مايو وبدر أو تعوضهم التعويض المادى المناسب. وإذا سرنا مع كورنيش النيل نحو الجنوب فسوف نصل إلى منطقة مصر القديمة عند المكان الذى شهد إنشاء أول عاصمة لمصر بعد الفتح الإسلامى وهى مدينة الفسطاط، وعند هذه البقعة المتاخمة لسور مجرى العيون تقع منطقة «أثر النبى» بشوارعها الضيقة التى تملأها مياه الصرف الصحى وورش الجلود التى مازالت تفوح منها روائح مواد الصباغة والدباغة والغراء والجلاتين ومخلفات الورش ونسبة عالية من التلوث تمتد على مساحة تقترب من 75 فدانا أو تساوى تقريبًا مساحة مثلث ماسبيرو. ومنذ عام 1992 صدر قرار بنقل المدابغ من هذه المنطقة إلى خارج القاهرة، وتم تجهيز منطقة الروبيكى بمدينة بدر الصناعية لهذا الغرض وحتى الآن لم ينفذ القرار حيث يرفض أصحاب الورش والعمال الذين يسكنون المنطقة أو قريب منها فى مصر القديمة ولم توفر لهم الدولة مسكنًا بديلًا فى الموقع الجديد بالروبيكى. وفى أحدث تصريحات بهذا الشأن صادر عن محافظة القاهرة أن تجهيز مدينة الجلود فى الروبيكى انتهت مرحلته الأولى بنسبة 80%، وفى نفس السياق أكد د. جلال السعيد محافظ القاهرة أن المحافظة سوف تقوم بحصر الملكيات فى هذه المنطقة، بينما صرح د. مصطفى مدبولى وزير الإسكان أن عدد السكان فى المنطقة بالكامل لا يزيد على 100 أسرة والباقى مخازن ومصانع وجراج نقل عام ومناطق تعليمية مما سوف يسهل تطوير المنطقة واستغلال «السيالة» النهرية لتحويلها إلى منطقة سياحية شاملة وطرح أراضيها للاستثمار. وما سبق باختصار هو موضوع هذا الملف والعناوين الرئيسية فى أزمتى تطوير منطقة مثلث ماسبيرو وحى أثر النبى اللتين شغلت جزءًا من تفكير الحكومة وعدد غير قليل من سكان المنطقتين والمهتمين بتطوير العشوائيات فى العاصمة القاهرة. وتظل المخططات ومشروعات تطوير منطقتى مثلث ماسبيرو وأثر النبى حبيسة أدراج الحكومات المتعاقبة منذ ما قبل ثورة يناير 2011 وما بعدها تنتظر الإرادة السياسية والسعى الجاد للتنفيذ. فى أقل من خمس دقائق سيرًا على الأقدام من كورنيش نيل ماسبيرو و10 دقائق من ميدان عبد المنعم رياض و7 دقائق من شارع الجلاء تصبح فى منطقة ماسبيرو الملاصقة للسور الخلفى لمبنى الإذاعة والتليفزيون ووزارة الخارجية، 75 فدانًا من الأراضى هى مساحة «مثلث ماسبيرو» أو قلب القاهرة، كما يطلق عليها سكانها مما دفع بعض رجال الأعمال لإعلان استعدادهم دفع ملايين الجنيهات دون أى تردد مقابل المشاركة فى استثمار هذا الموقع المتميز وتحويل استثمارات عقارية وسياحية ويدخل ضمن هذه المنطقة خطة أخرى لتطوير أبو العلا مناطق (كفراوى - سانتو - كابش - رملة بولاق - حكر أبو دومة) وتنوى محافظة القاهرة توفير البدائل الملائمة لسكانها وذلك إما بإعطائهم شقق تابعة للمحافظة ب (6 أكتوبر - 15 مايو - منطقة بدر) أو تعويضهم ماديًا وذلك حسب اختيار المواطن إلا أن قاطنى هذه المنطقة يظلون العائق الحقيقى وراء تنفيذ المشروع فى ظل كثرة الوعود التى ترددت على مسامعهم طوال الثلاثين عامًا الماضية من ناحية، فضلًا عما يتردد على ألسنة بعض خبراء التخطيط العمرانى من أن المشروع سيظل حلمًا مرهونًا بموافقة هؤلاء مع العلم أن عملية التطوير هدفها استعادة المنطقة لبريقها القديم فى إطار متكامل لشبكة الطرق والنقل مع الحفاظ على طبيعة المكان تاريخيًا وأثريًا سواء المسجلة أو غير المسجلة فى المنطقة ذو الطابع الحضارى وكان المشروع على وشك التنفيذ فى عهد الرئيس المعزول محمد مرسى بأموال قطرية ولكنه الآن ينفذ بأموال مصرية خالصة.