أدى العدوان الإسرائيلى الوحشى على غزة إلى إشعال الكراهية لليهود فى جميع أنحاء أوروبا، حيث انتشرت فى العديد من دول القارة التهديدات، ونبرة الكراهية، وأعمال العنف ضد اليهود، وهو ما أدانه الأسبوع الماضى الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون حيث قال فى بيان إن النزاع فى الشرق الأوسط لا ينبغى أن يصبح حجة لأحكام مسبقة قد تؤثر على السلام الاجتماعى فى كل مكان فى العالم، مشيرا إلى الاحتجاجات المناهضة لإسرائيل التى اندلعت فى جميع أنحاء أوروبا وتضمنت هتافات «معادية للسامية». وبحسب الصندوق الائتمانى لأمن المجتمع الذى يقدم النصائح الاستشارية ليهود بريطانيا بشأن سلامتهم، فإن حوادث ما يسمى ب «معاداة السامية»- وهو المصطلح الذى يطلق فى الغرب على الأفعال العدائية تجاه اليهود- ارتفعت فى بريطانيا إلى مستوى غير مسبوق تقريبا منذ بداية الهجوم الإسرائيلى على غزة الشهر الماضى. وشهدت فرنسا اعتداءات على معابد يهودية، وحتى فى إيطاليا المعروفة تاريخيا بالتسامح، تم تشويه الجدران وواجهات المحال التجارية اليهودية فى العديد من الأحياء بالصليب المعقوق والعبارات التى تقول «احرقوا المعابد» و«أيها اليهود اقتربت نهايتكم». وتشتبه الشرطة فى أن يكون المتطرفون اليمينيون، وربما بالتعاون مع نشطاء مؤيدين للقضية الفلسطينية، هم من نفذوا مثل تلك الأفعال. وفى النمسا تم نقل مباراة لكرة القدم قبل بداية الموسم بين فريق مكابى حيفا الإسرائيلى وبادربورن الألمانى إلى مكان أكثر أمنا، بعد أن قامت مجموعة من الشباب يحملون أعلاما فلسطينية وتركية باقتحام الإستاد ومهاجمة اللاعبين أثناء مباراة سابقة للفريق الإسرائيلى. وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية فى تقرير لها عن تصاعد المشاعر المعادية لليهود أن أكثر ما يثير الدهشة هو موجة الحوادث التى اجتاحت جميع أنحاء ألمانيا، حيث يعتبر التكفير عن الهولوكوست والجرائم النازية الأخرى حجر الأساس للمجتمع الألمانى الحديث. ومن بين الحوادث الأخيرة المعادية لليهود فى ألمانيا، إلقاء زجاجة بيرة من خلال نافذة فى منزل أحد أبرز منتقدى ما يسمى ب «معاداة السامية»، وقد سمعت المواطنة هتافات معادية لليهود بعد ذهابها إلى الشرفة لمواجهة المعتدى عليها، حسبما قالت صحيفة «فرانكفورت راندشو». وأكدت «نيويورك تايمز» أنه حتى مع تضييق الشرطة الخناق على المتظاهرين المناهضين للعدوان الإسرائيلى على غزة، وحظر الشعارات التى تستهدف اليهود بدلا من السياسات الإسرائيلية، فإن ازدياد أعمال العنف قد أدى إلى انتشار الخوف بين اليهود، ليس فقط فى ألمانيا، بل أيضا فى الدول الأوروبية الأخرى. ففى فرنسا، بدأ المزيد من اليهود فى مغادرة البلاد خلال الشهورة الأخيرة، فى أعقاب زيادة فى مشاعر الكراهية تجاه اليهود والتى امتدت إلى الشوارع منذ بداية العدوان الإسرائيلى على غزة. وفى ألمانيا حيث يعيش أكثر من مائة ألف يهودى، تلقى المجلس المركزى لليهود فى ألمانيا مئات الاتصالات من الأعضاء يسألون عما إذا كان ينبغى عليهم حزم حقائبهم ومغادرة البلاد من عدمه. ويقول رئيس المجلس، ديتر جرومان: «لم أتلق مثل تلك الاتصالات منذ زمن بعيد». وتقول كارولا ميلتشيرت، وهى مديرة مدرسة ابتدائية فى برلين وأم لثلاثة أبناء، إنها لأول مرة على مدار العقود التى عاشتها فى ألمانيا تشعر بالخوف، مضيفة أن والدتها طلبت منها التوقف عن ارتداء نجمة داود حول عنقها. وبالرغم من أن صحفًا بارزة وسياسيين ونجومًا مشهورين فى النمساوألمانيا قد ردوا على تزايد كراهية اليهود بحملة تحت عنوان «ارفع صوتك» لدعم المجتمعات اليهودية فى بلدانهم، إلا أن صموئيل سالزبورن، أستاذ العلوم السياسية بجامعة جوتينجن لا يعتقد أنها غيرت من الرأى العام.