مودى .. يقود ثورة الربيع الهندى !

اكتسبت «الانتخابات التشريعية الأخيرة» فى الهند عدة سمات غير مسبوقة لأقدم الديمقراطيات الآسيوية والعالمية أولها فوز نارندرا مودى زعيم المعارضة اليمينية لحزب الشعب الهندوسى بأغلبية المقاعد فى البرلمان الجديد لتستعيد الهند بكارة الممارسة السياسية ممزوجة بإصرار شعبى غير معهود وتنفض عن كاهلها تكلس حزب «المؤتمر» بزعامة آل نهرو - غاندى الذى ظلت البلاد تعانى من ممارساته العقيمة طوال الثلاثين عاماً الماضية.. واستفاق الواقع السياسى - بعد غفوته الطويلة - من غياب التجارب السياسية المبدعة لحزب تساقطت أسنانه و غمرته التجاعيد الناتجة عن كهولة حزبية (مزمنة) واتهامات بالفساد وسوء استغلال للسلطة مخلوطة بركود اقتصادى وارتفاع فى نسبة البطالة وضياع لحقوق العمال وغلق العديد من المصانع.
وكان للورقة الاقتصادية الكلمة النهائية التى حسمت نتيجة الانتخابات التشريعية لصالح حزب الشعب القومى المتشدد (بهاريتا جاناتا) والتى استغلها مودى فى دعايته الانتخابية مشيرا لتجربته الاقتصادية الناجحة فى ولاية جوجارت والتى ترأسها ل 13 عاما وقد استغل معارضوه تشدده الدينى وغموض شخصيته للتحذير من وقوع نزاعات طائفية قد تهدد وحدة المجتمع الهندى مستغلين الاضطرابات الطائفية التى حدثت أثناء فترة حكمه لولاية جوجارت وأدت لوفاة ألف مسلم دون توجيه الاتهام لأحد وقد واجه مودى آنذاك اتهامات بالعنصرية وصدرت ضده قرارات دولية بمقاطعة الزعيم الهندوسى نارندرا مودى وحرمانه من الشرعية الدولية ولم يدافع مودى عن نفسه ولكن جاء الدفاع على لسان أحد القادة فى حزبه بأن هذه الاتهامات باطلة وأن الشعب الهندى تجاهل هذه الأحداث واهتم بأداء مودى الاقتصادى.
وفى المقابل حاول حزب المؤتمر المنافس تجديد شبابه بالدفع براهول غاندى لخوض غمار الانتخابات مستغلين شعبية الزعيمين نهرو وغاندى لتكون القرابة على حساب الكفاءة نظراً لطبيعة المجتمع الهندى التى تمنح القرابة العائلية ميزة مؤثرة فى الحياة السياسية حيث إن 30% من أعضاء البرلمان المنحل أبناء لعائلات سياسية شهيرة فى حين ينتمى نارندرا مودى (63 عاما) لأسرة رقيقة الحال فهو ابن بائع للشاى نباتى (مطلق) يعيش وحيدا فى منزله مع مجموعة من العصافير يعشق رياضة اليوجا وقد أمضى شبابه فى رحلات استكشافية فى جبال الهمالايا قبل أن تجذبه الحياة السياسية وقد أسهمت نشأته البسيطة وسمعته فى زيادة التأييد الشعبى له ولم تفلح محاولات معارضيه النيل من شعبيته الصاعدة ويتضح ذلك من نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة والتى تشير إلى نجاح تحالف حزب مودى فى الحصول على 325 من مقاعد البرلمان البالغ 543 مقعدا وهو ما يزيد على الأغلبية لتشكيل الحكومة الجديدة بالإضافة لنجاح أكبر ممارسة ديمقراطية فى العالم بسبب ضخامة أعداد المشاركين فى العملية الانتخابية والتى بلغت 814 مليون ناخب وتؤكد هذه النتائج أيضاً على حرص المجتمع الهندى على الإنجازات لا الوعود مطالبين بعيش وحرية وعدالة اجتماعية ليكون مودى بحق هو زعيم الربيع الهندى.