رغم تفاوت المواقف بين القوى الإقليمية سواء تجاه إقامة الانتخابات الرئاسية المصرية فى حد ذاتها، أو تجاه المرشحين فيها، إلا أن ثلاث قوى إقليمية هى إسرائيل وتركياوإيران، تابعت هذه الانتخابات باهتمام بالغ، واتفقت فى مراقبة ما يجرى بمصر كقوة إقليمية لا يمكن إغفالها أو عدم الاكتراث بمن يكون رئيسها الجديد، ولكن إسرائيل ربما اختلفت عن الطرفين الآخرين فى إعلانها عن مواقفها بصورة أكثر وضوحا عن تركياوإيران اللتين التزمتا «الصمت الرسمى» حيال ما يجرى فى مصر بشأن الانتخابات الرئاسية.. وإن كان ما تبثه وتسربه إسرائيل لا يخلو دائما من ألاعيب ومناورات سياسية أقل ما توصف به أنها كمن يضع السم فى العسل. وفى هذا السياق، تحدث محللون إسرائيليون عن المرشح الرئاسى عبدالفتاح السيسى بطريقة تهدف للتأثير على الصورة الإيجابية للسيسى فى الشارع المصرى، وقال المحلل شمعون آران إن إسرائيل مرتاحة للتوقعات بشأن فوز السيسى فى الانتخابات الرئاسية.. ونوه آران إلى أن السيسى هو الشخص الذى سيلتزم بمعاهدات السلام الموقعة بين تل أبيب والقاهرة، وكذلك لأنه يعتبر معاديا لحركة حماس وجماعة الإخوان المسلمين. وعلى نفس المنوال، ذكر موقع «عنيان مركزى»، أن إسرائيل ترى فى الرئيس الجديد لمصر عبد الفتاح السيسى «شريكا نزيها» لمصالحها الأمنية والاقتصادية المشتركة، وأشار الموقع إلى أن السيسى قال خلال حملته الانتخابية إنه سيحافظ على معاهدة السلام، وإنه سيطلب المزيد من التسهيلات، والتغيرات الأمنية بهدف تعزيز الوجود بسيناء فى إطار النضال ضد العناصر الإرهابية والعناصر الإجرامية. ويعم القلق فى إسرائيل من أن يسعى الرئيس الجديد لمصر إلى تعديل بنود اتفاقية «كامب ديفيد» للسلام الموقعة بين مصر وإسرائيل، وتتخوف الدولة العبرية، كذلك من تعزيز التواجد العسكرى المصرى فى سيناء التى تعد وفقا للمعاهدة منطقة منزوعة السلاح، وهذا الأمر يعتبره المحللون السياسيون عاملا مهما قد يؤدى إلى بعض التوترات على صعيد العلاقات بين مصر وإسرائيل خلال السنوات المقبلة، بمجرد أن يبدأ الوضع الداخلى فى الاستقرار وتعود مصر لممارسة دورها الإقليمى والدولى، وبخاصة إذا لم تبد إسرائيل بعض المرونة فيما يخص القضية الفلسطينية. وفى الوقت الذى يرفض فيه غالبية المصريين بقاء مناطق شبه منزوعة السلاح فى ظل تنامى الخطر الإرهابى بسيناء تتزايد مخاوف تل أبيب من أن يسعى الرئيس الجديد إلى إرضاء الشارع المصرى والسعى إلى إثبات قدرته على فرض انتشار القوات المصرية فى سيناء، أو أن يذهب أبعد من ذلك باتخاذه قرارا بتجميد معاهدة السلام. وخلال الأشهر الأخيرة، أعرب عدد من المسئولين الإسرائيليين عن «ارتياحهم» للمرشح عبد الفتاح السيسى، ومنهم رئيس الوزراء الأسبق إيهود باراك الذى دعا إلى دعم السيسى ووصفه ب«الزعيم الذى أنقذ مصر من السقوط فى الهاوية»، وأكد هذا الاتجاه المحلل الإسرائيلى «إيلى نيسان» مبررا هذا الموقف الإسرائيلى بأن المشهد الأمنى فى سيناء يعد عاملا حاكما لتطورات هذه العلاقة، وهو مشهد مفتوح على احتمالات كثيرة سواء فيما يتعلق ب«القضاء على الإرهاب فى سيناء» أو «مكافحة حركة حماس القريبة من جماعة الإخوان»، حسب تعبيره، وأضاف «نيسان» أن «من مصلحة إسرائيل ومصر أن يفوز المرشح البارز السيسى فى هذه الانتخابات»، زاعما أن النظام المصرى برئاسة السيسى فى حال تم انتخابه سيهتم بمواصلة العلاقات بغض النظر عن تعثر المحادثات بين الجانبين الإسرائيلى والفلسطينى. وأبدت إسرائيل كثيرا من الشك حيال المرشح حمدين صباحى، والذى ينتمى إلى التيار الشعبى الذى يتبنى الفكر الناصرى المعادى لإسرائيل، وإذا كان صباحى قد خفف من لهجته ضد إسرائيل، فهذا لم يمنعه خلال الحملة الانتخابية من التصريح بأنه لن يستقبل السفير الإسرائيلى، الأمر الذى دفع المحلل الإسرائيلى «إيلى نيسان» إلى التطاول على المرشح الرئاسى حمدين صباحى، ووصفه بأنه «مجرد مرشح شكلى» ولن يكون له أى تأثير على مجرى الأمور، وذكرت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية، فى أحد مقالاتها، أنها تتوقع مستقبلا أفضل لمصر على أيدى المرشح الرئاسى «عبد الفتاح السيسى»، ونوهت الصحيفة إلى أن «مصر تريد رجلا قويا لاستعادة الاستقرار، والتعامل مع الاقتصاد». أما تركيا التى صمتت رسميا حيال انتخابات الرئاسة المصرية، فقد سمحت لعدد من الدعاة والأئمة أتباع الشيخ يوسف القرضاوى والمنتمين للإخوان بأن يعقدوا على أراضيها مؤتمرا صحفيا بخصوص الفتوى الموقعة منهم بعدم شرعية الانتخابات المصرية، وجاء انعقاد مؤتمر إسطنبول بهدف التأثير على الناخبين المصريين قبل موعد الانتخابات الرئاسية بيوم واحد، حيث أصدر حوالى 200 داعية إسلامى من أتباع القرضاوى بيانا يؤكدون فيه رفضهم للانتخابات وتحريضهم على عدم المشاركة فيها. ومن جانبها، أبدت إيران حالة صمت رسمى تجاه الانتخابات الرئاسية المصرية، وعمدت ألا تطلق تصريحا أو تعلن موقفا محددا تجاه أحد المتنافسين فى هذه الانتخابات، وذلك على الرغم من أن طهران عبرت سابقا عن ارتياحها لعملية الاستفتاء على الدستور التى جرت فى 14 يناير الماضى فى مصر، وأبدت طهران تفاؤلها آنذاك بإجراء الانتخابات الرئاسية فى مصر ، حين قال مساعد وزير الخارجية الايرانى للشئون العربية والأفريقية حسين أمير عبداللهيان:«إننا مرتاحون لإجراء الاستفتاء على الدستور وإقامة الانتخابات الرئاسية فى مصر باعتبارها تحركا ديمقراطيا ونعتبر ذلك مؤشرا على تكميل مسيرة الثورة والعودة إلى الديمقراطية».