بين التفاؤل والتشاؤم.. تأرجحت ردود الأفعال فى الشارع الفلسطينى تجاه اتفاق تحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام بين فتح وحماس و فرص طى السنوات السبع التى عانت غزة فيها سواء على الصعيد السياسى و الاقتصادى والاجتماعى. من معسكر المتشائمين، يرى المواطن أبو عدى العبيد أن اتفاق المصالحة لا يمثل سوى كذبة على الشعب الفلسطينى، لافتاً الانتباه إلى غياب النوايا الصادقة من طرفى الصراع «، مبيناً أن اتفاق مكة برعاية السعودية لم ينه الانقسام، رغم أن الطرفين أديا العمرة وطافا حول الكعبة، وأقسما اليمين هناك لاستعادة وحدة شطرى الوطن. من جهته، يشكك ماهر أبو دلال، وهو أحد الذين عذبوا على أيدى أجهزة حماس بعد السيطرة على قطاع غزة، وخصوصاً ما يسمى ب «جهاز الأمن الداخلى» فى صدق النوايا والإرادة لحركتى فتح وحماس، متسائلاً : « كيف يمكن أن تتم المصالحة وهناك من عذب وقتل وبترت ساقه و ضرب وكفر تارةً»، مبيناً أن هذا الاتفاق فى مهب الريح، ولن يصمد، واصفاً الحمساويين بأنهم « ليس لهم أمان». وأضاف أبو دلال: «لقد أطلقوا على قدمى رِصاصات اخترقت قدمى لتخرج من الجانب الآخر و تسببت لى فى إعاقة دائمة»، وتابع: « عولجت فى مصر، والأطباء أجمعوا أن إصابتى خطيرة، خصوصاً أن الرصاصات قطعت الأوتار عندى» مؤكداً أنه ينتظر الوقت المناسب ليأخذ بثأره. أما أبو رامى نصر، البالغ من العمر 48 عاماً، والذى استنكف عن العمل الإدارى فى مديرية التعليم العالى بخان يونس، يقول: « الاتفاق هو فى صالح حماس، وجاء فى هذا التوقيت لإخراجها من أزمتها التى تعانيها فى قطاع غزة، من إغلاق الأنفاق الشريان الحيوى لها» مضيفاً أن حماس تعانى من أزمة رواتب موظفيها راتباً كاملاً ، علاوةً على تشديد الحصار على الحركة وقياداتها المنفذين والمستفيدين من الانقسام. بصورة دراماتيكية، غيرت حركة حماس موقفها من الانتخابات الرئاسية الفلسطينية عما كان عليه عام 1995 حين حرمت الانتخابات لتعلن اليوم الموافقة بالمشاركة فيها ، وحول هذا الموضوع يقول محمود الهباش، وزير الأوقاف والشئون الدينية الفلسطينى، و أحد قادة الحركة المستقيلين سابقاً،: « إن مشاركة جميع الفصائل الفلسطينية فى استحقاق الانتخابات هو أمر طبيعى»، مبيناً أن ذلك هو الديمقراطية التى نريدها ونعمل من أجلها». وأضاف الهباش: « لقد طرحنا موضوع المشاركة فى الانتخابات عام 95 منذ قدوم السلطة الوطنية على قيادات الحركة ومجلس الشورى التابع لها، فرفضت، وحرمته»، لافتة إلى أن اتفاق أوسلو حرام شرعاً وقتذاك وأنه خيانة للوطن وثوابت الشعب الفلسطيني، مشيراً إلى أنه قدم استقالته آنذاك، وأنشأ حزب المسار الإسلامى الذى أيد المشاركة فى الانتخابات الفلسطينية. وحول ما إذا كانت حماس تؤيد اتفاق أوسلو أم لا؟، أوضح الهباش أن الحركة غيرت من مواقفها حيال المشاركة فى الانتخابات التشريعية عام 2006، وخاضت غمارها وفازت بأغلبية ساحقة، وهذا يعنى أن هناك براجماتية فى سياستها واستراتيجيتها، ويدل على موافقتها على اتفاق أوسلو لأن الانتخابات جرت تحت سقف أوسلو. أما حسام الدجنى، الكاتب الفلسطينى المقرب من حركة حماس، فيختلف مع الهباش، ويقول: « هناك تباين بالرأى داخل حركة حماس، ولم يتم حسم المسألة داخل مؤسساتها»، موضحاً أن مشاركة حماس بالانتخابات الرئاسية المقبلة خطوة تكتيكية لها دلالاتها السياسية». وذكر الدجنى أن هذه الدلالات تمثلت فى تأكيد حماس حرصها على الحياة السياسية وعلى السلوك الديمقراطى والمشاركة السياسية، مضيفاً أن :» رسائل سياسية داعمة بشكل غير مباشر للرئيس محمود عباس من خلال القول للمجتمع الدولى أن أمام عباس أشهرًا قليلة فى حال لم يقدم شيئاً يضمن الحقوق الفلسطينية ويقيم الدولة والعودة»، مشيراً إلى أن حماس تراهن على سقوط مشروع التسوية وأن تكون المقاومة هى البديل. وتابع الدجنى أن حماس تريد أن تحفز قواعدها وكوادرها ومحبيها تنظيمياً لتهيئة الأجواء للانتخابات المقبلة، مؤكداً أن إعلان حماس مشاركتها فى انتخابات الرئاسة هو تكتيك يهدف إلى الضغط على المجتمع الدولي، لعلمها باستحقاقات الرئاسة ومتطلباتها فى الوقت الراهن، وأردف قائلاً: « حماس أمام خيارين أحدهما قلب الطاولة على أوسلو من خلال تحالف سياسى يضم الجهاد واليسار»، ملمحاً إلى انضمام حركة فتح فى حال فشل خيار التسوية حسب قوله. وأوضح أن الخيار الآخر هو الرغبة فى إرسال رسائل سياسية لدعم الرئيس عباس فى مسيرته، ولكشف زيف الموقف الأمريكى الداعم لإسرائيل، وكشف الوجه الحقيقى للاحتلال الإسرائيلى، مؤكداً « حماس لو خلعت ثوبها سيكون سقوطها أسرع»، مرجعاً ذلك إلى أنها حركة ذات مرجعية أيديولوجية يصعب تغيير مواقفها بسهولة. وفى معرض رده على سؤال ما إذا كان مشاركة حماس فى انتخابات الرئاسة ستسرع سقوطها وإنهاءها، قال حسام الدجنى: « من الصعب أن تنتهى حماس»، مبيناً أنه قد تتقلص شعبيتها لكن الحركات السياسية لا تنتهى وهناك تجارب فلسطينية عديدة، مشيراً إلى أن اتفاق المصالحة بين فتح وحماس أعاد للأخيرة بعض شعبيتها، حسب رأيه.