تساؤلات عديدة تطرح نفسها بشأن مستقبل ليبيا ومواقف دول التحالف التى ساعدت الشعب الليبى للتخلص من قياداته السابقة تحت دعوى تحقيق الأمن والاستقرار والديمقراطية وبناء دولة المؤسسات وهل يمكن لأى مؤسسة ليبية أن تنجز خريطة للمستقبل دون مصالحة اجتماعية ومعالجة آثار الحرب التى دمرت مدنا كاملة، وهل استمرار الحال على ما هو عليه رسالة من المجتمع الدولى بأنه يملك أدوات الاستقرار فى المنطقة فى الوقت الذى يتناسب مع مصالحه؟ وما مغزى المشاركة فى الهدم وترك عملية البناء والتحول لشعوب مثقلة بتداعيات التغيير وسلبياته؟ وهل يمكن أن تعالج مشاكل ليبيا وأضرارها البالغة على دول الجوار خاصة مصر وتونس اجتماعات وزارية عربية أو دولية؟ كل هذه التساؤلات تجيب عنها الأسابيع المقبلة بعد إعلان الجامعة العربية ومن قبلها الأممالمتحدة مساعدة ليبيا فى بناء المؤسسات ومحاصرة الإرهاب والسطو المسلح على مصالح ليبيا الاستراتيجية. ومنذ أيام زار ليبيا مبعوث الأممالمتحدة طارق مترى للوقوف على تطورات الأوضاع وتحديد الأولويات الخاصة بمؤسسات الدولة وإمكانية استقرارها بعد حصار جماعات مسلحة للمصالح الحكومية ومؤسسات وموانئ النفط – إلا أن مترى غادر ليبيا دون الاعلان عن اعتزام الأممالمتحدة اتخاذ أى خطوة فى المستقبل القريب وكأن مجمل الدور الذى يقوم به المجتمع الدولى استطلاعى فقط، وتحاول كل من مصر وتونس الدخول على خط الوساطة لمساعدة المسئولين فى ليبيا للخروج من دوامة فشل مجلس الوزراء والبرلمان فى السيطرة على الوضع والخروج بخريطة طريق قابلة للتنفيذ والبقاء وقادرة على التعامل مع تحديات المرحلة وقد تبنت تونس مبادرة للحوار بين كل مكونات الشعب الليبى كبداية للتوقيع عليها فى حالة التوصل لتوافق على بناء الدولة الحديثة والمشاركة السياسية وخلال اجتماعات مجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين تم تبادل الأفكار حول كيفية دعم ليبيا فى مرحلة التحول واتفق على إجراء مشاورات بين الجامعة العربية والدول الأعضاء والدعوة إلى اجتماع وزارى لدول الجوار الليبى والتوصل إلى أهداف واضحة ومحددة بشأن الدعم المطلوب ثم الدعوة إلى اجتماع وزارى عربى شامل لمناقشة الأمر وإصدار توصيات تتعلق بالمسار السياسى والأمنى وبناء مؤسسات الدولة والحوار والمصالحة ووضع ضوابط لدعم مرحلة التحول فى ليبيا، فيما كشفت مصادر عن تبنى تونس للمصالحة والحوار بين كل الفرقاء فى ليبيا وصولا إلى اتفاق ينتهى بما وصلت اليه الدولة الليبية حاليا من فوضى واضطراب أمنى– وكان راشد الغنوشى قد طرح مبادرة تستند إلى تجربة الحوار الوطنى التونسى وفى حالة التوصل إلى اتفاق سوف تدعى كل الأطراف للتوقيع عليه فى تونس. وعشية اجتماع مجلس الجامعة العربية قدمت رابطة الليبيين المهجرين خطابا لرئيس الجامعة العربية د. نبيل العربى حول ما يحدث داخل ليبيا مشيرة إلى وجود 20 ألف سجين سياسى.. يعانون أبشع أنواع التعذيب فى السجون منهم 3000 امرأة وطفل واستمرار عمليات القتل على مدار الساعة دون رادع ودعتها للتدخل لإنقاذ الشعب الليبى. كما أشارت الرابطة إلى الحرمان من كافة الحقوق الإنسانية والتعليم والعلاج وجوازات السفر وإن الكثير منهم أصبح عاجزا حتى عن لقمة العيش. أما الخطر الآخر الذى تعانى منه ليبيا ودول الجوار هو انتشار السلاح وهجرة مجموعات تنظيم القاعدة إلى منطقة درنة والجبل الأخضر منذ ثلاث سنوات وفى أعقاب ثورة 25 يناير للشعبين المصرى والليبى، حيث وضع المخطط وقتها لأن يكون الجبل الأخضر فى ليبيا المحطة الأولى لبناء دولة فى سيناء لتنظيم القاعدة ويبدأ التأسيس بنقل السلاح الثقيل بكل أنواعه إلى سيناء وتأمين إقامة لعناصر التنظيم فى ليبيا، واستكمال بناء الجيش المصرى الحر إلا أن مصادر ليبية رفيعة المستوى أكدت أنه لا قيمة لهذه المجموعات والتى لن تتمكن من تنفيذ أى مخطط لها وأنهم لن يعكروا صفو الانتخابات المصرية او تعطيل خريطة الطريق، واليوم يدور الحديث عن انتقال عناصر جماعة الإخوان التى كانت تقيم فى قطر إلى ليبيا وقد كشفت مصادر أن مطار «معيتيقة» الدولى بالعاصمة الليبية طرابلس، شهد حركة وُصفت ب «المريبة»، مؤخرا بسبب تواتر الرحلات الجويّة لعدد من الطائرات القطرية المدنية والعسكرية. ونقلت بعض وكالات الأنباء أن الطائرات تحمل قادة من الصفّ الأوّل والثانى لجماعة الإخوان المسلمين الذين قررت الدوحة إخراجهم من أراضيها. وبحسب المصادر، فإنّ عمليّات نقل أعضاء جماعة الإخوان من الدوحة إلى طرابلس تجرى بإشراف جهاز الاستخبارات القطرية بالتنسيق مع الميليشيات المُسلحة الليبية الموالية لها، وكذلك بالتعاون مع الاستخبارات التركية التى كثّفت نشاطها فى ليبيا خلال السنوات الثلاث الأخيرة. وبالتالى بات من المطلوب أن ترفع الدول التى تتدخل فى الشأن المصرى والليبيى أن ترفع يدها وأن تنصر أى قرارات عربية أو دولية على هذا الأمر لأن الموضوع بات مرهونا بحياة ومقدرات الشعوب وأنها المتضرر الأول والأخير وأن يتم تفعيل الحوار بدلا من الحلول الأمنية وأن تقدم المساهمات والخبرات لدعم استقرار مؤسسات الدولة حتى تتمكن من بناء نظام ديمقراطى يستوعب الجميع بعيدا عن الإقصاء والتهميش.