المرض لا يعترف بسن.. أو مهنة.. أو نوع رجل.. امرأة.. طفل.. شاب.. الكل فى المرض سواء.. هو رجل قارب الستين من عمره.. لا يعرف كم مر من الزمن وهو يعانى من مرضه.. لا يعرف كم صرف من نقود على مرضه.. كل ما يعرفه ويعيه.. أنه مريض عاجز غير قادر على العمل والرزق أو حتى الخروج والعيش كالجميع.. يجلس ليتذكر.. يمر شريط حياته ومرضه أمام عينيه وكأنه شريط سينمائى لقصة دامية.. يتذكر كيف كان شابا فى عنفوان الشباب يعمل ويكد من أجل أسرته الصغيرة، ولكنها كبرت مع مر الأيام، ولذلك كان العمل كل حياته من أجل هذه الأسرة.. زوجة وثلاثة من الأبناء الذين زادت احتياجاتهم بمرور الأيام والسنين.. كان يعمل «مبلط» أرضيات.. كان يبذل أقصى جهده ليوفر لهم الحياة السعيدة الهانئة.. يخرج من الصباح الباكر لعمله ويظل فيه إلى منتصف الليل، فهو يعلم جيدًا أنه إن لم يفعل ذلك فلن تجد أسرته لقمة العيش، كان يلبى جميع مطالب أطفاله.. لم يكن يعود إلى المنزل إلا محملا بالطلبات والاحتياجات.. ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه.. كان يتمنى أن يكبر أطفاله وأن يواصلوا تعليمهم.. وأن تسعد زوجته وأسرته.. ولكن كان ذلك بعيد المنال.. الآلام تزحف على جسده بهدوء.. يشعر بها ولكنه يتجاهلها.. يوهم نفسه بأنها سرعان ما تخف.. ولكنها بدأت تتزايد.. لم يخبر زوجته حتى لا تنزعج ومع ذلك كانت تشعر أنه يخفى عنها شيئا ما.. وبدأت الآلام تظهر كالشمس.. أصبح غير قادر على أن يستيقظ للذهاب للعمل..يتوجع بينه وبين نفسه.. ولكن الزوجة كانت تسمعه بالرغم من حرصه على ألا تسمعه.. تورم بالساقين.. ارتفاع درجة الحرارة، ثم إصابته بنوبة من القىء جعلته يفصح عن آلامه.. حاولت أن تخفف عنه ولكن هيهات فقد نهش المرض جسده.. وكان عليه أن يذهب إلى الطبيب وكانت بداية رحلة المرص والألم.. وكان أول شىء طلبه الطبيب هو إجراء تحاليل سريعة.. عندما رآه حوَّله إلى المستشفى، فهو مصاب بفشل كلوى ويحتاج إلى تحاليل وأشعة ليبدأ العلاج.. كان عليه الذهاب إلى المستشفى. وتحديدًا وحدة الغسيل الدموى ثلاث مرات أسبوعيا.. كان يخرج منها غير قادر على الحركة ويحتاج إلى راحة، ولذلك أصبح غير قادر على العمل فهو يذهب يوما إلى المستشفى وينام اليوم الثانى فى انتظار جلسة الغسيل الثانية.. أصبح لا حول له ولا قوة ينظر إلى أولاده ويرى الحزن فى عيونهم.. حزنهم عليه وعلى حالهم فقد أصبحت المعيشة صعبة جدًا على الأسرة التى نام عائلها وهو غير قادر على توفير أى مطلب من متطلباتهم اليومية.. الدموع أصبحت سلواه والحزن صديقه.. ماذا يفعل وليس له أى مورد رزق؟ فهل يجد من يساعده؟ من يرد فليتصل بصفحة مواقف إنسانية.