«محمد» شاب لم يتجاوز الثامنة والثلاثين من عمره مقبل على الحياة.. حصل على دبلوم تجارة يبحث عن الاستقرار ولقمة العيش الشريفة سنوات وهو يتنقل بين مهنة وأخرى لم يجد عملا بشهادة الدبلوم ولذلك كان يعمل بائعاً متجولاً.. توصيل طلبات للمنازل.. أية مهنة وكل مهنة لم يرفض أى عمل.. مرت السنوات وبدأ يشعر أنه فى حاجة لأن يكوّن أسرة ويكون له أطفال.. وكانت بنت الجيران التى أحبها وبالفعل تزوج وبدأت حياة مختلفة عن التى كان يعيشها فى منزل أسرته ورزقه الله بالبنين والبنات وكان هدفه الدائم إسعادهم، حلم حياته الذى يداعب خياله منذ زمن أن يتعلم أطفاله ويدخلون الجامعة لعل حظهم يختلف عن حظه ويحققون ما لم يستطع تحقيقه.. كان عندما ينظر اليهم ينشرح قلبه كان يكد ويتعب طوال النهار وربما بعضا من الليل حتى يوفر لهم ما يحتاجون إليه.. كان لا يشعر بالتعب والارهاق وإن شعر لا يشكو أو حتى يستريح فهو يعلم جيدا أن المشوار طويل وهو مازال فى أوله.. ولكنه شعر بالتعب الذى حاول أن يتناساه أول الأمر ولكن بدأت الآلام تتزايد وأصبحت غير محتملة كان يخفى هذه الآلام حتى لا يلاحظ الأطفال وتقلق قلوبهم الصغيرة.. ولكن يوما بعد يوم بدأت تظهر عليه علامات المرض حتى داهمته الآلام وهو نائم بدأ يتأوه واستيقظ الأولاد على صوت أبيهم وقامت الزوجة كثيراً باستخدام الوصفات البلدية حتى تجنبه الآلام التى تهدأ قليلا وسرعان ما تعاود حدتها مرة أخرى حتى جاء الفجر فاصطحبته إلى المستشفى وبعد الفحص أكد الطبيب أنه مصاب بنزلة برد ووصف له بعض الأدوية.. مر يوم والثانى وعاودته الآلام بشدة هذه المرة عاد للمستشفى وطلب الطبيب منه إجراء تحاليل وأشعة وكانت النتيجة غير المتوقعة له أنه مصاب بفشل كلوى ويحتاج إلى الخضوع لجلسات الغسيل الدموى ثلاث مرات أسبوعيا لم يصدق ما يقوله الطبيب.. بكى.. ولكن ما باليد حيلة سلّم أمره إلى الله وأصبح عليه أن يذهب لرحلة العذاب يوما بعد يوم.. ويظل أسير جهاز الغسيل الدموى لمدة أربع ساعات لا يستطيع الحركة حتى تتم العملية بسلام كان حزينا لم يكن الحزن على نفسه فقط ولكنه كان حزينا على الأولاد الذى يحتاجون إليه وهم فى أهم مراحل حياتهم وبمرور الأيام أصبح غير قادر على الحركة والعمل وأصبح أسيراً للفراش لا يجد ما يسد به رمق أطفاله وحاولت الزوجة الخروج للعمل بالمنازل ولكن كانت تواجه كل مرة المشاكل بسبب انها تحمل على يدها طفلا لم يتجاوز العامين يحصل الزوج على معاش ضمان 120 جنيها وهو مبلغ لا يسمن ولا يغنى من جوع ويطير مع أول يوم وغول الاسعار يلتهم كل شىء والافواه الصغيرة مفتوحة تطلب سد رمقها فهل يجد من يقف إلى جانبه ويعينه على استكمال رسالته فى الحياة من يرغب فليتصل بصفحة مواقف انسانية.