الحدث السياسى الأكبر الذى واكب مجىء عام (59) كان إعلان الوحدة بين مصر وسوريا (الخطوة الأولى فى مشوار تحقيق حلم الزعيم الراحل جمال عبد الناصر فى قيام الجمهورية العربية المتحدة وعاصمتها القاهرة، سبق ذلك الحدث بعامين انتصار الإدارة المصرية على العدوان الثلاثى الإنجليزى الفرنسى الإسرائيلى الذى وقع فى نهاية عام 56.. كما أنه بمجىء عام 59 يكون قد مضى على مغادرة الملك فاروق لمصر 7 سنوات تحولت فيها مصر من مملكة يرثها أبناء أسرة محمد على إلى جمهورية بما صاحب حدث الثورة عام 52 من تحولات فى شكل الخريطة الاجتماعية للمجتمع المصرى... السينما المصرية قدمت فى هذا العام 58 فيلما. الجريمة كانت الحدث المسيطر على التيمات الدرامية الخاصة بالعدد الأكبر من هذه الأفلام فى بعض الأفلام كانت مقترنة بالحب وفى بعضها الآخر كانت مقترنة بالخيانة والعلاقات المحرمة، هذا غير كم من الأفلام جاءت فيه الجريمة موضوعًا أساسيا فى إطار درامى كوميدى أو بوليسى، وفى سينما 59 تدخلت الرقابة (رقابة النظام الجمهورى الجديد) لمنع فيلمين ظهر فى عنوان كل منهما تلميح جنسى خادش للحياء وهى أفلام (حب ودلع) الذى أصرت الرقابة على عرضه «للكبار فقط» وفى هذا الفيلم كان أول ظهور للنجمة ماجدة الخطيب. الفيلم الثانى كان (قبلنى فى الظلام) الذى كاد يدخل ساحات المحاكم ليس بسبب اعتراض الرقابة عليه ولكن لسرقة قصته من بديع خيرى والحقيقة لم يظهر اعتراض رسمى من الرقابة على فيلم (قبلنى فى الظلام). اتهام الفيلم بالخلاعة فى عنوانه جاء من النقاد ومن الصحافة. وهناك فيلم ثالث كان للرقابة قرار بمنعه لكن منتجة تظلم وأعيد عرض الفيلم «الله أكبر». .. كما شهد عام 59 سرقة فنية قام بها صناع فيلم (قبلنى فى الظلام) على مسرحية لبديع خيرى استعاد فيها بديع حقه فى جلسة صلح حدثت سرقة فنية أخرى وضاع حق صاحب العمل الفنى فيها. الطريف أن صاحب العمل الفنى (صاحب الفكرة) كان الأديب الكبير عبد الحميد جودة السحار تعرف السحار على نيازى مصطفى وعرض عليه فكرة فيلم « طاقية الإخفاء» وكان السحار وقتها طالبًا بالجامعة وكان نيازى عائدًا لتوه من الخارج احتفظ نيازى بالفكرة ثم صاغ لها قصة سينمائية وقدمها فى 27 مايو 59 فى فيلم شهير هو فيلم (سر طاقية الإخفاء). .. فى سينما 59 ظهر تقدير السينما للجيش (صناع ثورة يوليو 52) فى فيلمين فقط الأول كان فيلم (رحلة إلى القمر). وكان أول فيلم مصرى يتناول موضوع الذهاب إلى القمر.. فى الفيلم كان هناك عالم ألمانى يقود الصاروخ الصاعد بمن عليه من بشر إلى القمر واعتبر بعض النقاد وجود ألمانى قائدًا للصاروخ الذاهب للقمر إسقاطًا على وجود خبراء ألمان يقومون بتطوير قدرات الصواريخ فى الجيش المصرى.. أما فيلم (نور الليل) الذى كان يحكى عن طيار شاب يقع فى غرام أمينة مكتبة يتردد عليها ثم يصاب فى الحرب ويفقد بصره الذى يستعيده ثم يتبرع له أحد أصدقائه بعينه وهو على فراش الموت... فى هذا الفيلم كتب مخرجه ريمون نصور بأنه يتقدم بخالص الشكر والتقدير إلى المشير عبد الحكيم عامر (قائد القوات المسلحة المصرية وقتها) وإلى رئيس الأركان وجنود القوات الجوية، الشكر من المخرج نصور كان لتعاونهم معه فى عملية صناعة وإنتاج الفيلم الذى كان أول فيلم له.. نصور قضى فترة تجاوزت ال 15 سنة عاملاً فى الحقل السينمائى وقد بدأ (عامل كلاكيت). وإذا كانت سينما 59 حملت كما ذكرنا تجربة فيلم فى موضوعه (حكاية نقل الأعضاء) كما فى فيلم نصور السابق الكلام عنه. هناك فيلم ثانى موضوعه تناول لأول مرة مسألة غزو الفضاء وهو فيلم (رحلة إلى القمر) حملت لنا سينما 59 أيضا تجربة فنية جديدة تنفيذها لأول مرة فى السينما المصرية. فى فيلمين وهى تجربة تقديم عمل سينمائى كامل من أول تتر البداية حتى آخر لقطة فى لوكيشن واحد. التجربة الأولى قدمها المخرج صلاح أبو يوسف فى فيلم (بين السما والأرض) الذى جرت حوادثه فى أسانسير معطل ومتوقف بين طابقين فى إحدى العمارات. .. الفيلم الثانى كان للمخرج يوسف شاهين وهو فيلم (صراع فى النيل). الذى جرت حوادثه فى مركب شراعى يتحرك من قنا إلى القاهرة.. عام 59 السينمائى شهد أيضا أول ظهور للنجم أبو بكر عزت فى فيلم (أنا بريئة) للمخرج حسام الدين مصطفى الذى جرى عرضه فى 31 أغسطس فى سينما ديانا. كما شهد أول ظهور للنجم حسن يوسف فى فيلم (أنا حرة) من إخراج صلاح أبو سيف وشهد عام 59 أيضا أول ظهور للمطربة مها صبرى سينمائيا فى فيلم (أحلام البنات) للمخرج يوسف معلوف والذى جرى عرضه فى إبريل فى سينما ديانا أيضا. أما أهم عمل سينمائى ظهر فى عام 59 وقدم وجوها جديده فكان فيلم حسن ونعيمة. الذى قدم سعاد حسنى ومحرم فؤاد لأول مرّة، فليم (حسن ونعيمة) إخرج بركات عن قصة لعبد الرحمن الخميسى سبق قدمها مسلسلاً فى الإذاعة. وتذكر المراجع السينمائية التى تتحدث عن فيلم (حسن ونعيمة) أن منتجه (شركة بركات ومحمد عبد الوهاب) منح حق الدخول إلى دور العرض ومشاهدة الفيلم مجانًا لكل من يحمل اسم حسن أو نعيمة فى البطاقة الشخصية.. وبقرار رسمى من الحكومة المصرية ألزمت به الحكومة شركات الإنتاج العالمية العاملة فى مصر. قدمت شركة مترو جولدين ماير العالمية فيلما مصريا من إنتاجها وهو فيلم (آخر من يعلم) للمخرج كمال عطية قدمته شركة جولدين ماير مشاركة مع شركة إنتاج مصرية وهى شركة (أفلام الهلال). وكان قرار الحكومة يلزم الشركة بضرورة استثمار أرباحها التى تجنيها من عرض أفلامها فى مصر فى الإنتاج بمصر! ..ومن إخراج عاطف سالم جاء أول فيلم يحمل تيمة الجريمة فى عام 59. وهو فيلم (جريمة حب) الذى كان عرضه الأول فى سينما ديانا فى 5يناير. الفيلم الثانى كان للمخرج صلاح أبو سيف وهو فيلم (أنا حرة) وكان عن قصة للأديب إحسان عبد القدوس و كتب له السيناريو نجيب محفوظ. فيلم «موعد مع المجهول» كان الفيلم الثالث فى سينما 59 من إخراج عاطف سالم وحمل موضوعه تيمة الجريمة. فيلم (بافكر فى اللى ناسينى) فيه اقترنت الجريمة بالخيانة وهو عن قصة لعبد الحميد جودة السحار عنوانها المستنقع.. تلى هذا الفيلم فيلم «فضيحة فى الزمالك» الذى لعب بطولته عمر الشريف من إخراج نيازى مصطفى وتيمته الجريمة والخيانة.. وجاءت تيمة الفيلم التالى له (ارحم حبى) للمخرج بركات (العلاقات المزدوجة) وعلى تيمة الجريمة جاءت الأفلام الآتية (قلب من ذهب) للمخرج محمد كريم، و(آخر من يعلم) للمخرج كمال عطية و(لن أعود) للمخرج حسن رضا. و(المليونير الفقير) للمخرج حسن الصيفى وفيلم ( قاطع طريق) نفس المخرج وفيلم (حب للأبد) وفيلم (سمراء سيناء) للمخرج نيازى مصطفى وفيلم (أنا بريئة) للمخرج حسام الدين مصطفى، وفيلم (السابحة فى النهار) للمخرج محمد كامل حسن المحامى وفيلم (عاشت للحب) من إخراج السيد بدير وفيلم (الحب الأخير) للمخرج محمد كامل حسن المحامى أما فيلم (نساء محرمات) فكان يحتوى فى تيمته على الخيانة والعلاقات المحرمة دينيًا وكذلك فيلم (إحنا التلامذة) لعاطف سالم. وفيلم (بياعة الورد) قصته وإخراج محمود إسماعيل. وفيلم (مبروك) للمخرج حسن رضا. وفيلم (مفتش لمباحث) للمخرج حسين فوزى. وفيلم (من أجل حبى) للمخرج كمال الشيخ. وفيلم (المرأة المجهولة) للمخرج عز الدين ذو الفقار. فيلم «كل دقة فى قلبى» للمخرج أحمد ضياء الدين شهد عودة للمطرب محمد فوزى بعد انقطاع عن السينما كما كان فيلم (ليلى بنت الشاطىء) للمخرج حسين فوزى آخر أفلام محمد فوزى.الذى توفى عام 66.