بعد أن أصبح فن الكاريكاتير فى مقام الدخيل والزائد على حاجة الصحافة المصرية وإهمال وزارة الثقافة وقلة حيلة جمعية فن الكاريكاتير من أمر تأريخ هذا الإبداع الفكاهى الذى طالما أبدع القراء بمناقشة أكبر القضايا بخطوط ساخرة حيث كان باستطاعته أن يثير الجدل ويستفز السلطة وربما يعزل مسئولا. لم يعد لفنانيه حيلة إلا محاولة تأريخ فنهم من خلال كتيبات مصورة بالجهود الشخصية كما يروى فنان الأهرام الكبير سعيد بدوى.... يقول سعيد بدوى إن تأريخ الكاريكاتير الذى من المفترض أن يكون له طابع قومى شأنه شأن باقى ألوان الفن من كتابة وتأليف ورسم وفن تشكيلى وغيره لم يعد له مكان لائق حتى فى بيته الأبدى الصحافة، حيث أصبح كالزيادة التى يفضل الاستغناء عنها رغم الدور الكبير والتاريخى للكاريكاتير الذى لا يستطيع أحد إنكاره فى تاريخ الصحافة المصرية ولاينكر مبدعيه الكبار الذين كانت رسوماتهم تثير عامة الشعب قبل كبرائه بجدال قد يصل لحد الأزمات السياسية لذلك فكرت فى تدوين أعمالى فى كتاب خاص بى قمت بانتاجه كاملا على نفقتى الخاصة حتى لا ينسى اسمى وفنى بمرور السنين لأسميه «البسمة والضوء» ليعبر عن الكاريكاتير وفنانه العين الساخرة على المجتمع وصاحب الدور الأكبر فى مناقشة القضايا بأبسط الطرق وهو الرسم والصورة المعبرة التى لا تحتاج إلى قارئ يجيد القراءة أو مثقف يفهم المعانى العميقة لأنه ينقل الواقع فى صورته المجردة للسلبيات ليس فقط لوصف المشكلة وإلقاء الضوء عليها ليلخص جوانبها فى لوحه صغيرة بدلا من عدة صفحات كما يفعل الصحفى أو الكاتب وإنما ليقدمها بشكل متفائل مصاحبة ببسمة أمل لذلك أسميته «البسمة والضوء» وهو ذاكرة وتوثيق لكل مرحلة من مراحل التطور المجتمعى الذى لا يمثل تأريخا للكاتب فقط، وإنما مادة يستعان بها لدراسة المجتمع فى العقود السابقة والقادمة من شكل الحياة والملابس والأفراد والمشكلات التى تختلف مع الزمن وزخارف الحياة التى أصبحت أكثر تعقيدا بدخول التكنولوجيا... ويروى الفنان سعيد بدوى رحلته مع الكاريكاتير فيقول بدأت حياتى كمهندس طباعة فى مطابع الأهرام، حيث تخرجت فى الفنون الجميلة قسم طباعة وفى يوم ما ذهبت إلى صلاح منتصر وكان وقتئذ مدير التحرير لأخبره أن رسم العناوين لا يناسب صفحة الأهرام لأعرض عليه اقتراحى الذى صممته فوافق وقال لى نفذه ومن هنا بدأت علاقتى تتطور بأعمال سكرتارية التحرير والمواد التحريرية حتى عرفت بالرسام محمد سعيد بدوى إلى أن أراد صلاح منتصر أن يجدد شكل صفحات الأهرام، ويضيف كاريكاتيرا فكنت أنا المرشح الأول مع سكرتير التحرير عبد السميع والد الدكتور عمرو عبد السميع فوكلت إلىّ رسم كاريكاتير يومى فى الصفحة 2 التى اشتهرت بأخبار السينما والمنوعات الخفيفة بمساحة 2 عمود، وكذلك عمرو عبد السميع الذى كان يرسم ضحكات اقتصادية فى صفحة الاقتصاد.. ويستكمل بدوى أن الحال استمر حتى سمع عنى الفنان الكبير صلاح جاهين الذى كان له فضل كبير فى تأكيد موهبتى، حيث ترك لى رسالة فى الجريدة ذات يوم بأنه يريد مقابلتى و ترك لى رقمه وعندما سمعت ذلك خفت أن أكون قلدت أحد رسوماته التى كنت أعيد رسمها بنفسى لأتعلم منها وعندما كلمته وطلب منى زيارته عرضت عليه أعمالى فما كان منه إلا أن انهال نقدا ضدى لماذا رسمت هذه؟ ومافائدة هذا؟؟ وماذا تعنى تلك الرسمة وهل ترى هذا شيئا مضحكا؟ وعندما سكت خجلا تابع حديثه لابد لكل رسمه من فكرة والفكرة هى التى تضحك وتثير السخرية وليس الرسم متابعا انت تجيد الرسم ولكن بدون فكرة وقبل أن اغادر طلب منى أن ارسم ثلاث شخصيات فى 20 لوحة مختلفة بحركات مختلفة جالسا وماشيا ونائما وغيره، وبعد ثلاثة أيام كلمته لأخبره بأتى انتهيت من الرسم وعندما ذهبت إليه اعجبه ما رسمته كثيرا وطلب منى ألا اتعجل فى النشر واستخدام تلك الشخصيات حتى اتمكن أكثر من أدواتى وخطوطى وأفكارى واتمرن جيدا على إنتاج الفكرة وقال لى تعالى فى أى وقت لترينى ما ترسمه وبالفعل ظللت أزوره بين الحين والآخر فيعلمنى وأشاهده وهو يرسم وأتابعه... ويتابع بدوى إنه فى إحدى زياراته لصلاح جاهين فاجأه بسؤال غريب فقال له اسمك ايه؟؟ فيقول ظننت انه نسينى فقال له اسمى محمد بدوى فكررها بقولك اسمك ايه؟؟ فقلت محمد سعيد عبد الرازق بدوى ففكر قليلا ثم قال يبقى سعيد بدوى وظل يغنيها مرددا سعيد بدوى سعيد بدوى ففرحت بالاسم الذى ظللت امضى به رسمى حتى الآن... ويضيف بدوى بدأت انشر فى عدة جرائد بالإضافه لكل إصدارات الأهرام حتى انقطعت فترة عن الكاريكاتير ثم عدت إليه لأشارك فى مسابقات دولية وجرائد خاصة حتى انقطعت عنه الآن لأتفرغ لكتب الأطفال ورسوم الأطفال ذات القصص وجاءت لى الفكرة من خلال رسمى لأحفادى الذين كنت أحكى لهم كل مرة قصة مختلفة لنفس الرسم ففكرت فى رسم القصص وطباعتها ونجحت الفكرة بعد أن عرض علىّ صاحب إحدى المطابع أن يطبع لى وأصبحت اكتفى إلى جانب ذلك برسم موتيفات الموضوعات بالجرائد وهى الرسوم المصاحبة للموضوعات الأدبية والأشعار بالأهرام، بالإضافة لعمل ورش تدريبية لتعليم الأجيال الجديدة أصول فن الكاريكاتير. وأخيرا أكد بدوى على أن فن الكاريكاتير الذى لا يجد من يتبناه لا بالدراسة والبحث فى الكليات والمعاهد ولا فى المحافل الثقافية والقومية إلا أن الجمعية المصرية للكاريكاتير تحتوى على آلاف الرسومات لكبار الرسامين فى تاريخ الكاريكاتير المصرى الذى ينتظر العون بمتحف للكاريكاتير أو توثيق بكتب ثقافية أو مشروعات قومية، حيث لاتستطيع الجمعية وهى لا تملك إلا اشتراكات أعضائها أن تقدم العون لحماية واستغلال هذا الزخم التاريخى إلا ببعض المعارض فى تقصير كبير من وزارة الثقافة التى وعدنا وزيرها بأن يهتم بإصدار كتب ولم يصدر حتى الآن إلا كتابان منذ عدة أسابيع فقط للفنان صلاح جاهين ولا توجد أى كتب أخرى للكاريكاتير سوى بالجهود الذاتية، كما فعلت وكذلك الفنان زهدى بكتابين وجمعة بكتابين والفنان الكبير الليثى الذى تنوى ابنته تأريخ أعماله بكتاب...