بين الحين والآخر يعلو صوت الخبراء فوق الحراك الثورى والحالة السياسية بكل تعقيداتها منذ اندلاع أحداث 25 يناير 2011 محذرين من خطورة استمرار تراجع الاحتياطى النقدى وانكماش النشاط الاقتصادى، وقد أثمرت اجتهاداتهم عن العديد من الرؤى والمقترحات التى تستهدف صياغة آليات جديدة لخلق مصادر جديدة للتمويل ومواجهة عجز الموازنة والدفع بعجلة التنمية الاقتصادية.. «أكتوبر» تطرح فى سياق الموضوع التالى أهم ما جاءت به عقول العديد من خبراء الاقتصاد لإنعاش الاقتصاد المصرى ورسم خطوط النهاية لأوضاعه المتأزمة. من جانبه أكد د. أيمن محمد إبراهيم الخبير الاقتصادى أن الاستثمار فى مجال النقل والمواصلات من الممكن أن يوفر مصادر جديدة للتمويل من شأنها إنعاش الاقتصاد المصرى، مشيرًا أنه على سبيل المثال من الممكن لمستثمرى العاشر من رمضان تولى مشروع إنشاء خط جديد لمترو الأنفاق يربط بين مصر الجديدة والعاشر من رمضان بالتنسيق مع الجهات الحكومية المختصة على أن يتم الاستفادة من هذا المشروع خلال عدة وسائل إما باستئجاره لعدة سنوات بما يحقق هامش الربح المتفق عليه وإما باتباع نمط الملكية المساهمة مع الحكومة ومن ثم الحصول على نسبة من الأرباح وإما بإدارته والاستفادة منه لعدة سنوات يتم الاتفاق عليها تؤول ملكيته للحكومة، وفيما يتعلق بمشروعات الطاقة ذكر أن القطاع الخاص قدم تجارب ناجحة فى توليد الطاقة الكهربائية وأنه يجب زيادة معدلات الاستثمار فى هذا المجال، وفى ذات السياق أكد أنه من الممكن فتح مجالات جديدة لتوليد الطاقة فى مجال إنتاج الطاقة المتجددة، مشيرًا إلى أنه من الممكن على سبيل المثال اشتراك سكان كل عقار فى شراء ألواح إنتاج الطاقة الشمسية على أن تتولى الحكومة الحصول على هذه الطاقة والاستفادة منها وهو ما يوفر تكلفة الاستيراد ويساهم فى زيادة دخل المواطنين. علاوة على ماسبق يقول د. أيمن محمد إبراهيم إن الدراسة التى أجراها لدمج كسور العلامة العشرية من الممكن أن تمثل موردًا مهماً من مصادر التمويل الجديدة، مشيرًا إلى أن دمج هذه المبالغ من الممكن أن يوفر مبلغ 50 مليار جنيه سنويًا، وأكد أنه وضع خطة للاستفادة من هذه المبالغ فى الإسهام فى سد عجز الموازنة والاستفادة من باقى المبلغ فى تمويل المشروعات التى تستهدف القضاء على مشكلة البطالة. من جانبه أكد د. يسرى طاحون أستاذ الاقتصاد بجامعة طنطا أن الأراضى الصحراوية الملاصقة للطرق السريعة التى تربط بين المحافظات من الممكن توظيفها فى خلق مصادر جديدة للتمويل خلال بيعها فى مزادات علنية للمواطنين، مشيرًا إلى أن ذلك من الممكن أن يتيح فرصًا متنوعة لصغار المواطنين للاستثمار فى مثل هذه الأراضى على أن تقدم الحكومة التسهيلات اللازمة لتحفيز المواطنين. بينما يرى فتحى ياسين رئيس مجلس إدارة البنك الأهلى الأسبق أن البنوك من الممكن أن توفر مصادر جديدة للتمويل خلال الشراكة فيما بين البنوك لتمويل المشروعات الكبرى التى تستوعب أعدادًا كبيرة من العمالة، موضحًا أن تمويل مثل هذه المشروعات قدم تجارب ناجحة للنهوض بالاقتصاد المصرى والخروج من أزمات اقتصادية تزيد فى خطورتها عن الأزمة الاقتصادية الراهنة مؤكًدا أن تلك المهمة تعد الواجب الوطنى الذى ينبغى على البنوك التكاتف لتحقيقه كما حققته. بينما يرى د. مختار الشريف أنه من الممكن خلق سوق جديد للعقارات من شأنها انعاش الاقتصاد المصرى خلال مواجهة العقبات التى تواجه استفادة مصر من الأصول غير النقدية موضحًا أن أكثر تلك العقبات خطورة المشكلة المتعلقة بتسجيل العقارات والأصول وهى التى تعرقل أية عمليات ائتمانية للاستفادة من تلك الأصول سواء من جانب الحكومة أو الأفراد، والعقبة الأخرى التى ذكرها تتعلق بالموروث الثقافى للمجتمع المصرى والتى لا تحفز الاستثمار فى مثل هذه المجالات. ومن جانبها أكدت د. يمنى الحماقى أستاذ الاقتصاد جامعة عين شمس وكيل اللجنة الاقتصادية بمجلس الشورى السابق أن دفع عجلة النمو الاقتصادى وتجاوز الأوضاع المتأزمة يتطلب العمل فى إطار آليتين أساسيتين الأولى تتمثل فى إعلاء المصالح الاقتصادية فوق التوترات السياسية بمعنى أن تسير العلاقات الاقتصاية عبر قنواتها المختصة جنبًا بجنب مع التوترات السياسية وفقًا لما هو متبع عالميًا، مشيرة إلى العديد من النماذج على رأسها النموذج (الأمريكى الصينى) حيث تعد الصين من أكثر الدول أهمية بالنسبة للولايات المتحدةالأمريكية فيما يتعلق بالمصالح الاقتصادية رغم ما تشهده العلاقات السياسية من توترات شديدة وهو الحال ذاته بالنسبة لعلاقات المصالح الأمريكية مع دول جنوب شرق آسيا الصاعدة اقتصاديًا، والآلية الثانية كما أوضحتها د. يمنى هى التوقف عن المعالجات الانفعالية للإعلام المصرى للقضايا الاقتصاية والاستعانة بآراء وتحليلات غير ذوى الخبرة فى المجال الاقتصادى. من ناحية أخرى أكدت د. يمنى الحماقى ضرورة إعادة هيكلة الاقتصاد المصرى بما يضمن إصلاح منظومة الدعم وتوجيه الإئتمان إلى المجالات التى تخدم التنمية الاقتصادية وفى مقدمتها المشروعات الصغيرة التى تمثل عصب الاقتصاد المصرى والتى يمكن أن تقود قاطرة النمو الاقتصادية إذ ما تم وضعها على أجندة الأولويات. وإجمالًا لما سبق أكدت أن معالجة الأوضاع فى مصر بشكل عام تتطلب الخروج من الأيديولوجيات والفهم الجيد لمعطيات النظام العالمى الراهن فى ضوء معالجات إعلامية جيدة تتسم بالتأنى والعمق والابتعاد عن لهجة الصدام التى يمكن أن يكون لها مردودات سلبية شديدة الخطورة على الدولة المصرية. وطالب د. هانى سرى الدين الخبير الاقتصادى بتفعيل حزمة من الآليات العاجلة على المستوى التشريعى والإدارى والتنظيمى لمواجهة ظاهرة الأيدى المرتعشة فى إتخاذ القرار الاقتصادى التى تعرقل أى جهود من شأنها الخروج من الأوضاع الاقتصادية المتأزمة، محذرًا من التباطؤ فى التعاطى مع هذه القضية. وكشف سرى الدين أننا بحاجة لإعادة النظر فى تمثيل مصر أمام هيئات التحكيم الدولية وتشكيل لجنة وزارية قانونية لتقييم الموقف القانونى للقضايا المرفوعة ضد الحكومة المصرية، لافتا إلى ضرورة تعديل المواد الخاصة بقانون العقوبات والتربح والإضرار بالمال العام بالإضافة إلى إنشاء نص جديد يحول دون معاقبة الموظف العام بشأن التربح أو الإضرار بالمال العام ما لم يكن سلوكًا مقرونًا بالرشوة. وأضاف أننا بحاجة إلى ضرورة تفعيل قانون محاكمة الوزراء لمساءلتهم السياسية حال ارتكابهم أخطاء جسيمة فى مباشرة أعمالهم لا ترتبط بجرائم جنائية، لافتًا إلى عدم تجريم الجنائى للمخالفات التعاقدية ما لم تكن هذه المخالفات مقرونة بارتكاب جريمة كالتزوير، مطالبًا بتغليظ العقوبات الإدارية والمدنية على الأخطاء والمخالفات الإدارية التى يترتب عليها الإضرار بالمال العام حتى لو كانت مصحوبة بحسن النية. ولفت إلى ضرورة تغليظ العقوبات على جرائم البلاغ الكاذب المتصل بجرائم العدوان على المال العام بجانب تكليف الوزارات المعنية وخاصة الزراعة والبترول والإسكان بتنقيح لوائحها ونظم العمل بها لما يشوبها من فساد، مشيرًا إلى أهمية إعادة النظر فى طرق آليات الأجهزة الرقابية وبخاصة الرقابة الإدارية والجهاز المركزى للمحاسبات مع تحديد أهدافها وطرق تقييم أدائها إلى جانب تفعيل مشاركة ممثلى تلك الجهات فى أى تعديلات تشريعية تتعلق بالمسئولية والمحاسبة الإدارية.