كان من أهم ما أكد عليه مشروع الدستور الجديد الذى سنخرج جميعاً للاستفتاء عليه يومى 14 و15 يناير القادم.. هو تنظيم الأجهزة الرقابية.. وتمتعها بالاستقلال الفنى والإدارى والمالى والحماية اللازمة لأعضائها حتى تستطيع الدولة مكافحة الفساد وتعزيز قيم النزاهة والشفافية ضماناً لحسن أداء الوظيفة العامة والحفاظ على المال العام. وأحسب أننا فى حاجة إلى تفعيل مثل هذه المواد التى تتصدى للفساد الذى كان إحدى سمات النظام الأسبق بزعامة الرئيس المخلوع مبارك وتحالفت فيه السلطة مع المال.. وتم الاستيلاء على ثروة هذا الشعب الغلبان.. وجمعوا المال الحرام من السمسرة والعمولات والمضاربة فى أسعار قوت الناس.. وهربوا الأموال إلى بنوك سويسرا وبريطانيا وفرنسا.. ورغم مرور ثلاث سنوات على قيام ثورة 25 يناير لكننا لم نستطع استرداد الأموال المنهوبة والمهربة! فمواد مشروع الدستور الخاصة بالهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية قالت بكل صراحة إن الدولة تلتزم بمكافحة الفساد. وتلتزم الهيئات والأجهزة الرقابية المختصة بالتنسيق فيما بينها فى مكافحة الفساد.. وأن هذه الهيئات تقوم بوضع ومتابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد بالمشاركة مع غيرها من الهيئات والأجهزة المعنية وذلك على النحو الذى ينظمه القانون. ونص مشروع الدستور الجديد على أن يصدر بتشكيل كل هيئة مستقلة أو جهاز رقابى قانون يحدد اختصاصاتها ونظام عملها وضمانات استقلالها والحماية اللازمة لأعضائها وسائر أوضاعهم الوظيفية بما يكفل لهم الحياد والاستقلال. وسيقوم رئيس الجمهورية بتعيين رؤساء تلك الهيئات والأجهزة بعد موافقة مجلس النواب بأغلبية أعضائه لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة ولايعفى أى منهم من منصبه إلا فى الحالات المحددة بالقانون ويحظر عليهم مايحظر على الوزراء. وأكد المشروع على أن الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية تقدم تقارير سنوية إلى كل من رئيس الجمهورية ومجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء فور صدورها. وقد ألزم مشروع الدستور الجديد مجلس النواب بالنظر فى هذه التقارير وأن يتخذ الإجراء المناسب حيالها فى مدة لا تتجاوز أربعة أشهر من تاريخ ورودها إليه وتنشر هذه التقاير على الرأى العام.. وتبلغ الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية سلطات التحقيق المختصة بما تكتشفه من دلائل على ارتكاب مخالفات أو جرائم وعليها أن تتخذ اللازم حيال تلك التقارير خلال مدة محددة وذلك كله وفقاً لأحكام القانون. وبالنسبة للرقابة على أموال الدولة والأشخاص الاعتبارية العامة سيقوم الجهاز المركزى للمحاسبات بذلك.. بالإضافة إلى مراقبة الموازنة العامة للدولة والموازنات المستقلة ومراجعة حساباتها الختامية. كما أن البنك المركزى سوف يختص بوضع السياسات النقدية والائتمانية والمصرفية ويشرف على تنفيذها، ومراقبة أداء الجهاز المصرفى، وله وحده حق إصدار النقد ويعمل على سلامة النظام النقدى واستقرار الأسعار فى إطار السياسة الاقتصادية العامة للدولة. ومن ناحية أخرى سوف تختص الهيئة العامة للرقابة المالية بالرقابة والإشراف على الأسواق والأدوات المالية غير المصرفية بما فى ذلك أسواق رأس المال وبورصات العقود الآجلة وأنشطة التأمين والتمويل العقارى والتأجير التمويلى والتخصيم والتوريق.. وذلك على النحو الذى ينظمه القانون. *** كانت هذه ملامح مواد مشروع الدستور التى نصت على مواجهة الفساد والتصدى له.. وأرجو أن تتحقق هذه المواجهة على أرض الواقع وفى أروقة الحكم ومؤسساته حتى لاتكون مجرد نصوص فقط..ولا تجد من يطبقها!