نائب وزير الإسكان: الذكاء الاصطناعي ركيزة أساسية لتطوير منظومة تشغيل وصيانة محطات المياه    حماس تجدد اتهامها للاحتلال بخرق اتفاق وقف إطلاق النار في غزة    وزير الخارجية يبحث مع رئيس وزراء قطر تطورات الأوضاع في غزة    صحة غزة: 106 شهداء وجرحى بالقطاع خلال 24 ساعة    موعد مباراة الزمالك وزيسكو بالكونفدرالية والقنوات الناقلة    بدء سداد رسوم حج الجمعيات الأهلية للفائزين بالتأشيرات حتى 27 نوفمبر    مصرع سائق توك توك بطلق ناري على يد عاطل بعد تدخله لفض مشاجرة في شبرا الخيمة    بعد انتشار فيديو محاولة سرقة موتوسيكل بالقليوبية.. الأمن يضبط الجناة    نصر فريد واصل: حرصت خلال فترة ولايتي مفتيا على تجنب كل ما يفرق الأمة    في تسجيل صوتي.. شيرين تنفي شائعة اعتزالها: سأواصل الغناء حتى الموت    اتصال هاتفي بين وزير الخارجية ورئيس الوزراء ووزير خارجية قطر    إذاعة الجيش الإسرائيلي: معلومات حساسة مكنت «الفصائل» من تنفيذ هجوم 7 أكتوبر    مسيرات أوكرانية تهاجم محطة رئيسية للتدفئة والكهرباء فى موسكو    ائتلاف حقوق الإنسان يصدر تقريرًا جديدًا: "ملامح تصويتية متغيّرة في المرحلة الأولى... تقدم للمستقلين وتراجع نسائي لافت"    الزمالك: إجراءات سحب أرض فرع أكتوبر خاطئة    وزيرة التضامن الاجتماعي تتفقد العاصمة الإدارية الجديدة لمحافظة الوادي الجديد    «التموين» تنتهي من صرف مقررات نوفمبر بنسبة 94%    جامعة بني سويف ال 8 محليا و 130 عالميا في تصنيف تايمز للعلوم البينية 2025    موعد انطلاق المرحلة الثانية من امتحان شهر نوفمبر لصفوف النقل    تعليم القاهرة: الدراسة منتظمة بجميع المدارس عدا مقار اللجان الانتخابية    رئيس الطائفة الإنجيلية يشارك في احتفال دار الإفتاء بمرور 130 عامًا على تأسيسها    ورشة عمل عملاقة.. أكثر من 200 منشأة قيد التنفيذ لدعم مشروع الضبعة النووي    متحف الأكاديمية المصرية بروما يجذب أعدادًا كبيرة من الزوار الأوروبيين    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فانصروا الوطن يرحمكم الله !؟    متحدث الصحة: الإنفلونزا الحقيقية عادت بقوة بعد غيابها لثلاث سنوات بعد زوال مناعة كورونا    كلية التمريض بجامعة القاهرة الأهلية تنظم ندوة توعوية بعنوان "السكري والصحة | غدًا    اتهامات لأمريكا بإدارة عمليات سرية وخفية بفنزويلا للإطاحة بمادورو    إطلاق قافلة زاد العزة ال78 إلى غزة بحمولة 220 ألف سلة غذائية و104 ألف قطعة ملابس    11 شرطا للحصول على قرض مشروع «البتلو» من وزارة الزراعة    حالة الطقس.. الأرصاد تكشف خرائط الأمطار المتوقعة: رعدية ببعض المناطق    قرار هام من المحكمة في واقعة التعدي على أطفال داخل مدرسة خاصة بالسلام    كيف ترخص السيارة بديلة التوك توك؟.. الجيزة توضح الإجراءات والدعم المتاح    غرف السياحة: كريم المنباوي ضمن أقوى 50 شخصية مؤثرة بسياحة المؤتمرات عالميا    مواجهات مثيرة.. مواعيد مباريات اليوم الأحد والقنوات الناقلة    جامعة بنها تحصد 18 ميدالية في بطولة الجامعات لذوي الاحتياجات بالإسكندرية    مصطفى كامل: محدش عالج الموسيقيين من جيبه والنقابة كانت منهوبة    أسامة الأزهري: الإفتاء تستند لتاريخ عريق ممتد من زمن النبوة وتواصل دورها مرجعًا لمصر وسائر الأقطار    جوزيه جوميز: كنا نستحق نقطة واحدة على الأقل أمام الهلال    مصر تستحق صوتك.. انزل شارك في انتخابات مجلس النواب من أجل مستقبل أفضل لبلدنا (فيديو)    نقابة «النيابات» تخصص غرفة عمليات لمتابعة انتخابات المرحلة الثانية    "أنا متبرع دائم".. جامعة قناة السويس تنظم حملة التبرع بالدم للعام ال15    أول لقاح لسرطان الرئة فى العالم يدخل مرحلة التجارب السريرية . اعرف التفاصيل    موعد مباراة ريال مدريد أمام إلتشي في الدوري الإسباني.. والقنوات الناقلة    هيئة الاستثمار: طرح فرص استثمارية عالمية في مدينة الجلالة والترويج لها ضمن الجولات الخارجية    كمال أبو رية يكشف حقيقة خلافه مع حمادة هلال.. ويعلق: "السوشيال ميديا بتكبر الموضوع"    اليوم.. الزمالك يبدأ رحلة استعادة الهيبة الأفريقية أمام زيسكو الزامبى فى الكونفدرالية    بدء فعاليات التدريب المشترك «ميدوزا- 14» بجمهورية مصر العربية    «هنيدي والفخراني» الأبرز.. نجوم خارج منافسة رمضان 2026    ضايل عنا عرض.. عندما يصبح «الفرح» مقاومة    وزير الرى: تنفيذ خطة تطهيرات للترع والمصارف خلال السدة الشتوية    وزارة الصحة: معظم حالات البرد والأنفلونزا ناتجة عن عدوى فيروسية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 23-11-2025 في محافظة قنا    وزير الري: أي سدود إثيوبية جديدة بحوض النيل ستقابل بتصرف مختلف    مواقيت الصلاة فى أسيوط اليوم الاحد 23112025    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الأحد 23 نوفمبر    جولة نارية في الدوري الإيطالي.. عودة نابولي وتعثر يوفنتوس    مفتي الجمهورية: خدمة الحاج عبادة وتنافسا في الخير    خلاف حاد على الهواء بين ضيوف "خط أحمر" بسبب مشاركة المرأة في مصروف البيت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سر طه حسين? ! ( 2 - 3 )
نشر في أكتوبر يوم 29 - 12 - 2013

من كان يشاهد طه حسين فى وقاره وانشغاله بقضايا فكرية وفلسفية جادة، وقدرته العجيبة على إعداد عشرات الكتب وآلاف المقالات ومئات المحاضرات العامة ورحلاته إلى كثير من دول العالم، من كان يتابع هذا الرجل الجاد المتجهم لا يصدق أن وراء ذلك قلبا غاية فى الرقة يمتلئ بالحب النادر الذى نسمع عنه فى القصص والروايات.
قصة حب طه حسين لزوجته سوزان لم نعرفها على حقيقتها إلا بعد أن نشرت سوزان كتابها الرائع «معك» وكشفت فيه كثيرا من أسرارا هذا الحب كما عبر عنه فى رسائله إليها كلما بعدت عنه بضعة أيام أو أسابيع عندما تذهب فى زيارة لأهلها فى فرنسا ولا يتمكن من مرافقتها بحكم عمله، فكان يكتب لها رسالة كل يوم يعبر فيها عن عذابه وهى بعيدة عنه. لم تكن سوزان تفكر فى إعداد هذا الكتاب لولا أن البروفسير جاك بيرك، المستعرب، وأستاذ التاريخ الاجتماعى والحضارى للعالم العربى قام بعد رحيل طه حسين بتخصيص سنتين يدرس فيها لكليته فى الكوليج دى فرانس دور طه حسين فى تاريخ الثقافة المعاصرة، وكان قد ارتبط بعلاقة صداقة قوية معه ومع زوجته سوزان وابنه مؤنس الذى كان يعمل فى منظمة اليونسكو ويعيش فى باريس وكان جاك بيرك معجبا بالعلاقة الفريدة التى ربطت طه حسين بزوجته، فاقترح عليها أن تكتب تجربتها لتقدم طه حسين، كما لم يسبق أن عرفه الناس عنه ولا يمكن أن يقوم بذلك أحد غيرها، وقال لها إن عليها أن تقول ما تعرفه عن طه حسين الإنسان، والأب، والزوج، وحياته وعلاقته معها، ومعاركه وهمومه كاتبا، ومناضلا سياسيا، وصحفيا، وجامعيا، ووزيرا.. إلخ.. وبالفعل قامت سوزان طه حسين خريجة السوربون بإعداد هذا الكتاب بالفرنسية وترجمه إلى العربية الأديب السورى بدر الدين عمرو زكى وراجعه محمود أمين العالم، ونشرت فيه بعض رسائله إليها.
***
تقول سوزان إنها - مع طه حسين - تعرفت على لطفى السيد: عبد العزيز باشا فهمى وزيوار باشا والدكتور محمد كامل حسين والشيخ مصطفى عبد الرازق وعبد الخالق ثروت والشيخ على عبد الرازق والدكتور محمد عوض محمد وعشرات من كبار السياسيين والمفكرين وأساتذة الجامعات، وإنها انخرطت - معه - فى الحياة السياسية، وخرجت معه غاضبة مع الغاضبين عندما أدلى تشرشل بتصريح قال فيه إن مصر جزء من الامبراطورية البريطانية.
وتقول: عندما يتحدثون عن التعصب الإسلامى لا أملك نفسى من الابتسام، أو الغضب لأنى عرفت الإسلام وعرفت أنه يرفض التعصب ويحترم الأديان والأنبياء جميعا. وتقول تحملت مع طه حسين فترات صعبة خاصة عندما فصل من الجامعة وتحول خصومه إلى أعداء، بينما كان عبد العزيز فهمى باشا يقول له: أنت عالم مصر، وإن مصر مدينة لك، وأنت معلمى!
تعبر سوزان عن حبها له فى كل صفحة من صفحات الكتاب وتكتب عبارات بعد وفاته أقرب إلى الشعر عن الحنين إليه وعن صور وذكريات تلاحقها وكل لحظة لهما معا مطبوعة فى ذاكرتها حتى بعد أن تجاوزت الثمانين من عمرها.
وفى رسائله إليها نتعرف عن الجانب الخفى من شخصية طه حسين، فقد كانت له شخصيته وهو مع الناس كبارا أو صغارا، وشخصية أخرى معها شخصية جادة وقورة تعبر عن أفكارها بدقة وبحرص، وشخصية منطلقة مرحة تعبر عن مشاعرها بتلقائية وبدون تخفظ، وهو نفسه يقول ذلك فى إحدى رسائله إليها.. لدىَّ شخصيتان: واحدة للعالم كله وأخرى لك.. لى.. لنا، ويسأله الشيخ بخيت وهو من مشاهير رجال الأزهر ومن كبار الأدباء: لماذا تزوجت بأجنبية، فيرد: قابلت فتاة وأحببتها فتزوجتها، ولو لم أتزوجها لبقيت عزبا أو لتزوجت نفاقا من إمراة مصرية بينما أنا أحب إمرأة أخرى، وكنت سأجعل منها أمرأة تعيسة..
ويبدأ طه حسين إحدى رسائله إليها بكلمة: يا ملاكى! ويقول فى رسالة أخرى: لم أكن أعتقد على الإطلاق بقدرتى على مثل هذا الحب.. ويكتب وهى فى فرنسا لعدة أسابيع - أحبك، وانتظرك، ولا أحيا إلا على هذا الانتظار.. وبعدها يكتب لها: لم يكن ممكنا أن أدخل غرفتك دون أن أضع يدى على صدرى بشكل عزيزى كما لو كان قلبى سيفر منى، فأنا لا أراك، ولا أرى صورتك، ولا أستطيع أن أكتب إليك بنفسى، ومع ذلك فإنى لا أحب أن أفكر فى مثل هذه الأشياء. ويكتب أيضًا: إننى وحدى فى مصر أرغم على تحمل كل أنواع البؤس وكل الأحداث دون أن أجدك إلى جانبى..
***
فى غيابها كان يكتب لها كل ما يحدث فى يومه.. ذهب إلى الإسكندرية لقضاء أيام بعد أن أرهقته الوحدة فى القاهرة، وكان معه صديقان الحا عليه أن ينزل البحر معهما، ولكنه ظل يرفض وأخيرًا تحت إلحاحهما - استسلم، ولكنه لم يحتمل أن يجد نفسه بلباس البحر شبه عار، وشجعه الصديقان على النزول إلى الماء، وحين نزل قال له صديقه: تقدم وتمسك جيدا بالحبل، وقال له الآخر: إغلق فمك ولا تتنفس وأغطس رأسك فى الماء، وعندما فعل ذلك وجد الماء يدخل فمه وأذنه وشعره، وضحك من حوله، وقال له الصديق: أغلق فمه وأذنه وشعره، وضحك من حوله، وقال له الصديق: أغلق فمك جيدا وكرر ذلك، ويكرر ولكن الحبل ينقطع ويتعثر ويكاد يغرق فيحمله لأحدهما، وخرج ليكتب لسوزان ما جرى ويقول: أتظين أننى سأعيد الكرة، كان الأمر ممتعا لكنه - بالنسبة لى - فى منتهى التعقيد، إننى أعرف الآن ما معنى الغرق.
وفى مرة أخرى يكتب لها: نسيت أن أقول لك أننى صرفت جنيهين ونصف من أجل حفلة ذكرى الشيخ محمد عبده، فقد دفع كل واحد من البشوات والبكوات والمشايخ خمسة جنيهات، ودفعنا كل من منصور فهمى وأنا جنيهين ونصف كنت أعتمد عليهما للأيام الباقية من الشهر، لكنك ترين أننى لست شريرا إلى هذا الحد ولو كنت خالى الوفاض!
***
يقول له لطفى السيد إن من المقبول أن ينفصل الزوجان مؤقتا من وقت إلى آخر فيؤدى ذلك إلى تغيير فى حياتهما، فيثور طه حسين ويصيح فيه: هل تجد من المقبول أن تنزل الصاعقة على رأسى؟ فيتساءل لطفى السيد: هل تجد أن انفصال الزوجين يشبه الصاعقة؟ فيرد طه حسين: بل إن الإنفصال أشد هولًا!
فى غيابها يبدو ضائعا، ممزق النفس، حتى أن لطفى السيد كان يقول: إن طه لا يستطيع أن يعمل بعيدا عن زوجته لأن قلبه لا يكون معه وكان طه حسين يضيف: نعم، وكذلك عقلى!
وهى يعبر عن غياب قلبه وعقله أيضًا فى غيابها فيكتب لها: اعذرى أفكارى فأنا لا أفكر وإنما أحب!
من يصدق أن هذا الرجل كان قلبه يحب كل هذا الحب.. وأكثر!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.