شهدت الإسكندرية مؤخرًا حدثا سعيدا لكل المهتمين بالآثار، وهو افتتاح متحفين جديدين ببطريركية الروم الأرثوذكس بمنطقة المنشية بالإسكندرية. ففى احتفالية كبيرة شهدها اللواء طارق المهدى محافظ الاسكندرية، والبابا تيودوروس الثانى بطريرك الإسكندرية وسائر أفريقيا للأقباط الروم الأرثوذكس، وكرياكوس يروندوبولوس نائب وزير الخارجية اليونانى، والسفير اليونانى فى مصر خريستوبوليس لازاريس، والسفير القبرصى سوتوس ياسيديس، والقنصل اليونانى بالإسكندرية خريستوس كابوديسترياس، تم افتتاح متحفين مميزين بالبطريريكية التى بنيت منذ ألفى عام، المتحف الأول أقيم فى مكان خزانات المياه الجوفية التى تم اكتشافها أسفل مبنى البطريركية أثناء عمليات ترميمها، وهو ماجعل مكان المتحف غاية فى التميز والعراقة، فالمكان ذاته كما يقول البابا ثيودوروس الثانى يعد معلما أثريا من بقايا نظام معقد من إمدادات المياه فى العصر اليونانى والرومانى بالإسكندرية وتم تأهيل المكان لاستضافة المعروضات التى تعود إلى العصور الفرعونية والهلينستية والرومانية وإلى العصور الإسلامية أيضا بالإسكندرية ومناطق أخرى من مصر. تشمل المعروضات أقنعة لقبور من العصر الفرعونى ورؤوس منقوشة على الحجر من العصر البطلمى وتيجان من الأعمدة من العصر البيزنطى وأوعية من الزجاج والفخار تعود إلى العصر الإسلامى. وقال د.كرياكو سافوبوليس أستاذ الآثار والمشرف على المتحف، أن الأخير يضم نحو مائتى قطعة آثرية تعود إلى العصور الفرعونية والهلينستية والرومانية والإسلامية وهو من مقتنيات البطريركية، وجدت فى عدة أماكن مختلفة فى مصر، وتم جمعها من أكثر من مقر للبطريركية، مشيرًا إلى أن القطع تم وضعها بخزانات المياه الخاصة بالبطريركية والتى تم ترميمها مؤخرًا وتأهيلها لتصبح متحفا مميزا مفتوحا للجمهور وهو ما يعد إضافة قيمة لمتاحف الإسكندرية. أما المتحف الثانى فهو مقتنيات البطريركية وأقيم فى مبنى المكتبة والتى كانت فى الأساس مدرسة للاهوت، وهو يشمل ثلاثة أجنحة تضم إيقونات تعود إلى الفن الكريتى وغيرها للفن الروسى، وملابس بطريركية وقلادات وتيجان وصولجانات بطاركة الإسكندرية. كما ضم المتحف مجموعة كبيرة من أندر المخطوطات والكتب تنتمى لعصور مختلفة بداية من عام 1490 وحتى الآن، ومنها كتب دينية وأدبية وعلمية واسطورية باللغات اللاتينية واليونانية القديمة والروسية، ومن ضمن ما يضمه المتحف فرمانات الولاة العثمانيين للبطاركة. وقد أجريت للمخطوطات والمقتنيات عملية ترميم قبل عرضها بالمتحف تحت إشراف مركز المخطوطات بمكتبة الإسكندرية، وقال د. يوسف زيدان، مدير مركز المخطوطات بمكتبة الإسكندرية، أنه تم ترميم 686 ورقة خلال الشهور الستة الماضية وشمل الترميم أغلفة المخطوطات، وأقفالها، والحلى النحاسية الخاصة بتلك الأغلفة واستعاضة ما تلف منها، بالإضافة إلى صناعة علب الحفظ القياسية التى تحافظ على مستوى الحرارة والتهوية الخاصة بالمخطوطات والمخطوطات الثلاثة هى: «جامع الألحان»، و«الصلوات اليومية لشهرى سبتمبر وأكتوبر»، و«الصلوات اليومية لأشهر يونيو، يوليو، وأغسطس» ومخطوط «جامع الألحان»، كتبه «يواقيم» بابا الإسكندرية سنة 1640 ميلادية، ويتضمن الألحان الكنسية الثمانية (أكتوئيخوس) لكنيسة الروم الأرثوذكس، وقد كتبت فيه العناوين بالمداد الأحمر. وأضاف أن مشروع الترميم تضمن ترميم مخطوطات ورقية نفيسة تؤرخ لتقاليد الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية العريقة وتلقى الضوء على التفاعل الحضارى الإسلامى المسيحى المتمثل فى إدراج اللغة العربية فى هوامش متون الصلوات اليونانية واستخدام الشيراز العربى فوق الشيراز البيزنطى فى عملية التجليد وتتمثل هذا المشروع فى ترميم ثلاث مخطوطات كنسية يونانية. وأوضح أن المؤسسة الخيرية لستافروس نيارخوس تمول المتحف الأثرى، والمنظمة الخيرية لكرة القدم تمول المتحف البطريركى، وبدعم مساندة من السلطات المصرية.