أعلن مدير مركز المخطوطات ومتحف المخطوطات بمكتبة الإسكندرية د. يوسف زيدان أن معمل الترميم التابع لمركز المخطوطات قام هذا الأسبوع بخطوتين جديدتين فى مجال الترميم؛ كما قام بالانتهاء من المجموعة الأولى من مخطوطات بطريركية الروم الأرثوذكس بالإسكندرية، والبدء فى المجموعة الرابعة من نوادر دار الآثار بالكويت. وعن الخطوة الأولى يقول الروائي يوسف زيدان إن المشروع يتضمن ترميم مخطوطات ورقية ورقوق نفيسة تؤرخ لتقاليد الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية العريقة، وتُلقي الضوء على التفاعل الحضاري الإسلامي المسيحي المتمثل في إدراج اللغة العربية في هوامش متون الصلوات اليونانية، واستخدام الشيراز العربي فوق الشيراز البيزنطي في عملية التجليد. وتتمثل المرحلة الأولى في ترميم ثلاث مخطوطات كنسية يونانية تحمل وفقًا لدليل مخطوطات المكتبة البطريركية الصادرعام 1945 بالإسكندرية الأرقام الآتية على التوالي، وشمل الترميم أغلفة المخطوطات، واقفالها، والحلي النحاسية الخاصة بتلك الأغلفة واستعاضة ما تلف منها، بالإضافة إلى صناعة علب الحفظ القياسية التي تحافظ على مستوى الحرارة والتهوية الخاصة بالمخطوطات.. والمخطوطات الثلاثة هى:"جامع الألحان"، و"الصلوات اليومية لشهري سبتمبر وأكتوبر"، و" الصلوات اليومية لأشهر يونيو، يوليو، وأغسطس". ومخطوط "جامع الألحان"، كتبه "يواقيم" بابا الإسكندرية سنة 1640 ميلادية، ويتضمن الألحان الكنسية الثمانية (أكتوئيخوس) لكنيسة الروم الأرثوذكس، وقد كتبت فيه العناوين بالمداد الأحمر. ويتميز هذا المخطوط بوجود مجموعة من الإرشادات باللغة العربية تبين مواعيد الترتيل للتيسير على القارئ. أما المخطوط الثاني الذي يضم"الصلوات اليومية لشهري سبتمبروأكتوبر"، فهو عبارة عن مجلَّد مُكوَّن من جزءٍ مطبوع يمثل دليل الصلوات اليومية لشهري سبتمبر (1- 18/ 9 )، وأكتوبر ( 13 – 31/ 10)؛ وآخر مخطوط يمثل دليل الصلوات اليومية للفترة المتبقية. وتمت كتابة هذا المخطوط بدير القديس سابا بالإسكندرية أثناء بطريركية البابا سيلفستروس (1569 – 1592) ميلادية. ويطلق على هذه النوعية من الكتب الكنسية "الميناون" وتعني "الشَّهري"؛ والكتاب يتألف من ثلاثة أجزاء، ويحتوي على صلوات الأعياد السَيِّدية (الخاصة بالسيد المسيح)، والأعياد المريمية، وأعياد سائر القديسين. أي أنه يخدم جميع الأعياد الثابتة على مدار أشهر السنة بدءًا من شهر سبتمبر، وتُرتَّل تلك الصلوات خلال فترتي الغروب والسَّحَر. والمخطوط الثالث يحمل عنوان "دليل الصلوات اليومية للشهور المبينة"، وهو مجلد مخطوط لعدة مؤلفين يحتوى أيضاً على جزء من صلوات فترة الصوم الكبير( التريوديون). ويضم المخطوط في بدايته ونهايته صفحات متعلقة بذات الموضوع من مخطوط مختلف لناسخ مختلف. والتريوديون هو: كتاب الخدمة غير الثابتة أي الفترة الممتدة بين أحد الفرِّيسيّ والعشَّار إلى مساء سبت النور، فهو يشتمل على صلوات فترة التهيئة للصوم أي مدة أربعة أسابيع، وفترة الأربعين المقدسة. وعناوين المخطوط كُتِبَت بالمداد الأحمر، وتجليده الأول يرجع لسنة 1352 ميلادية، وعلى هامش الصفحة الأولى فقرة بالعربية تفيد مراجعة المخطوط بدير القديس (أرسانيوس) بجبل المقطم، وعبارة تنص على أن من اقتطعه "لِيُحرَمْ من ملكوت الله". وأكد يوسف زيدان أنّ عملية الترميم قد تمت وفقاً لمعايير الترميم الدولية التي تحكم جميع عمليات الترميم التي تتم داخل معمل ترميم المخطوطات بالمركز، ونظرًا لأهمية المخطوطات وحرصًا من قسم الترميم على التوثيق العلمي لعمليات الترميم، فلقد تم إنشاء ملفات تُسجِّل المراحل الترميمية المختلفة التي خضعت لها المخطوطات الثلاث. والمعايير التي تم اتباعها بشكل عام في عملية الترميم تنص على أن تكون جميع المواد المستخدمة في عمليات الترميم قابلة للاسترجاع دون أن يؤثر ذلك في أصل المخطوطات.ومن ضمن هذه الأسس أيضًا، أن يتم الحفاظ على الهوية التاريخية التي تميز هذه المخطوطات، ومن أهم المعالم التاريخية التي تُميِّز هذه المخطوطات: أساليب الخياطة والحبكة "الشيراز"، وطريقة التجليد. بالإضافة إلى المعالم والعلامات سواءٌ تلك التي تُظهِر استخدام الأغلفة في عمليات تجليد لمخطوطات أخرى من قبل، أو تلك التي تُظهِر وجود عمليات ترميم سابقة تعرَّض لها المخطوط. بالإضافة إلى أشكال الحلي المعدنية وخاماتها، وأشكال الأقفال ومسامير الإغلاق في كل مخطوط، وسُمك الأوراق وطبيعة الخامات لكل ورقة. وأضاف زيدان أن الحفاظ على الدلائل التاريخية سواءً من أصل المخطوطة، أو تلك المضافة عليها هو من أهم معايير الترميم التي يعتمدها المعمل، حيث يتم الاحتفاظ بجميع الأجزاء الخاصة بالمخطوطات، ومحاولة ترميم وحفظ هذه الأجزاء، بغض النظر عن حجمها أو درجة الاهتراء اللاحقة بها "بما لا يؤثر في حالة المخطوط مستقبلاً"، كما يتم اعتبار جميع الأجزاء سواءٌ في الأغلفة أو الأوراق جزءًا من أصل المخطوطات. كما شملت عملية الترميم أيضًا إجراءات احترازية يتم فيها استبدال جميع الخامات التي استخدمت في صناعة المخطوط، والتي قد تَضُر به على المدى البعيد - كالغراء الحيواني – بأخرى تطيل من عمره وتحافظ عليه. وكذلك يتم إيجاد حلول للمشكلات التقنية الموجودة في صناعة المخطوط البيزنطي والتي تؤدى إلى اهتراء أو تلف أجزاء المخطوط؛ كطريقة الإغلاق التي تؤدى إلى تلف حواف الأوراق في المخطوطات البيزنطية. صور