ليلى مراد صوت لا يتكرر كثيرا، صوت من ذهب بريقه يأسر القلوب وهو مريح للأذن إلى أبعد الحدود صاحبته ذات وجه سينمائى نادر يسر الناظرين فإن كان ميلادها مغربيا فإن وجهها مصرى عربى شرقى جاذب لكل من له عين ترى. وحركاتها رشيقة جميلة مقنعة لصدقها تصل أحيانا إلى شكل الاستعراض غير المعد. إنها أميرة السينما الغنائية والاستعراضية العربية. ولها قدرة رائعة فى مجال التمثيل استطاعت بها أن تواجه على الشاشة عمالقة التمثيل السينمائى نجيب الريحانى، وحسين صدقى وأحمد سالم ومحمد فوزى وأنور وجدى. فى السنيما غنت للحب، وللمرح والضحك، وللحزن وشاركت فى استعراضات كثيرة. وكانت رائدة عندما اختارت أغنية دينية لتقدمها فى فيلم «ليلى بنت الأكابر» 1953 وهى «يارايحين للنبى الغالى هنيالكم وعقبالى، تأليف أبو السعود الإبيارى وتلحين السنباطى. ولم تكن ليلى فى ذاك الوقت قد أعلنت للملا اسلامها بعد أن كانت قد أسلمت بالفعل وتمارس الشعائر الإسلامية بينها وبين الله وبين المسلمين، وأما الريادة الثانية فهى أغنيتها القومية دور ياموتور عام 1952 فى فيلم «سيدة القطار» تأليف بيرم التونسى تلحين حسين جنيد ولم يعتاد جمهور السينما فى مصر أن يستمع إلى أغان عن الموتور وتشجيع الصناعة. عانت ليلى مراد كثيرا من سخافات الإسرائيليين الذين بذلوا الجهد الكثير والفكر المكير لاستقطابها. أغروها بالمال والشهرة العالمية ولما يئسوا أطلقوا حولها الشائعات التى جعلتها تدور حول نفسها مستعينة بكل الكبار الذين تعرفهم ليتوسطوا عند رجال ثورة يوليو ليتأكدوا من عدم صحة السموم التى يبثها الإسرائيليون عنها وربما كانت هذه الحرب القذرة سببا مباشرا لتعتزل ليلى مراد الغناء عام 1955 بعد فيلمها «الحبيب المجهول» وقد فسر البعض ذلك بأنه ذكاء فنى أن تختفى فى عز العطاء. وأصبح هذا الموقف مثلا يضرب للمواقف الفنية وللنجوم الكبار. لم تظهر ليلى فى حفلات الإذاعة إلا مرة واحدة غنت فيها اسأل عليه.. واختفت من الحياة الفنية إلى أن نجح بليغ حمدى فى إعادتها للغناء فى أوائل الثمانينيات من القرن العشرين فغنت من ألحانه وكلمات عبد الوهاب محمد مقدمة ونهاية المسلل الإذاعى «لست شيطانا ولا ملاكا» ثم غنت لبرنامج «ربات البيوت» بالإذاعة «العيش والملح وعشرتنا» ألحان رؤوف ذهنى. وفكر بليغ حمدى فى الاستزادة من صوت ليلى الذى لم ينل الدهر منه كثيرا فإذا كانت حركته قد ثقلت فإن إحساسه الجميل قد عوض ذلك ويكفى الاسم التاريخى الرنان صاحب ال 27 فيلما بالإضافة إلى فيلم «الضحايا» الذى غنت فيه بدون صورة. اتفق بليغ مع ليلى على الغناء فى برنامج قرر إنتاجه بالاشتراك مع اسماعيل كتكت على أن يكون التصوير فى أبوظبى وتغنى فيه أغنية فى كل حلقة، مع أصوات جديدة منها محمد الحلو وعلى الحجار وسوزان عطية وغيرهم. البرنامج عنوانه جديد فى جديد وقد وافقت ليلى بشرط أن تسمع كل أغنية تقوم بتسجيلها فإن لم يعجبها أداءها تمسح ولا ترى النور. واختفت الحلقات فهل تم مسح أغنيات ليلى؟ أم أنها فى حوزة منتجها؟ وفى أثناء حرب الاستنزاف سجلت ليلى مجموعة من الأغنيات للإذاعة تتعامل مع مؤلفين وملحنين لم تتعامل معهم من قبل ومنهم حلمى بكر ومحمد سلطان وعز الدين حسنى. ونشرت جريدة الأهرام أحد نصوص هذه الأغانى وقد كتبها فتحى قورة ولحنها منير مراد، وخسارة كبيرة ألا ترى هذه الكلمات النور خاصة لو كانت بصوت ليلى، تقول: «يارايح على صحرا سينا - سلم على جيشنا اللى حامينا - قوله إحنا معاك - وحياتنا فداك - ولا يغلى عليك أغلى ما فينا إحنا ولاد عمك وأخواتك - وقلوبنا دايما ثكناتك - تسلم وتعيش لنا قواتك - ترعانا وتحرس أراضينا - كلنا وياك جبهة قوية- وإيديك فى إيدينا الفدائية - وحنقضى على الإرهابية - وياويلهم منك أعادينا» ليلى مراد إذا غنت «ريان يا فجل» تكون جديرة بالاستماع فكيف تختفى كل هذه الأعمال بصوتها أين خبيئة ليلى؟ هل أمرت بمسحها على طريقة برنامج «جديد فى جديد»؟!