وصفته بالأب الحنون والمقاتل الشجاع.. إنها الكاتبة الصحفية سكينة السادات شقيقة الرئيس الراحل أنور السادات التى كشفت الكثير من الأسرار فى حياة بطل الحرب والسلام، وتطرقت إلى أدق التفاصيل عن علاقة السادات بالرئيس الراحل جمال عبد الناصر والرئيس المخلوع حسنى مبارك، كما أسهبت فى الحديث عن ذكرياتها عن السادات وعلاقته بأسرته.. إضافة إلى موضوعات أخرى مثيرة وقضايا شائكة فى سياق هذا الحوار. * ما أهم ذكرياتك مع الرئيس السادات؟ ** عشنا مع الرئيس السادات «رحمة الله عليه» أجمل أيام عمرنا، فكان لنا بمثابة الأب والأخ الحنون الطيب، وعندما كان فى السجن كنا نذهب إليه كل 15 يومًا لنستشيره حول كل ما يتعلق بإدارة شئون حياتنا من حيث زواجنا وتعليمنا وغيرها من الأمور الأخرى. * وما ذكرياتك عن شقيقك الطيار عاطف السادات؟ ** عاطف «رحمه الله» كان أول من أقلع بطائرته فى حرب 73 وقام بالتمهيد لباقى القوات الجوية فى اقتحام مقرات العدو وبعد إنهاء مهمته بنجاح أخبرته القيادة بالعودة، ولكنه كان يرى طائرات العدو فى مطار المليز الإسرائيلى فأصر على إتمام مهمته بضرب هذه الطائرات، وبعدها أصاب صاروخ جسم الطائرة التى كان يقودها واستشهد «رحمه الله» من أجل سيناء الغالية والتى ضحى من أجلها رجال مصر بأرواحهم قبل أن يأتى الرئيس السابق محمد مرسى ويحاول بيعها وتحويلها إلى إمارة تابعة لتركيا وقطر! * ما هى الأعباء التى كانت تسبب ضغطًا نفسيًا عليك لقربك للرئيس السادات؟ ** على الإطلاق.. لم أتحمل أى أعباء بسبب أننى شقيقة السادات، بل على العكس زادت محبة الناس لى، خاصة فى عملى بمؤسسة دار الهلال، بالإضافة إلى أن الرئيس السادات منع إعطائى أى علاوات أو زيادات تختلف عن زملائى. * متى بدأ عملك فى دار الهلال؟ ** عملت فى المجلة قبل أن يتولى السادات الحكم عندما كان رئيس مجلس الأمة «على ما أتذكر» وكان له علاقة طيبة بمسئولى دار الهلال، وكنت حينها مازلت طالبة فى الجامعة، وطلبت منه أن أعمل فى المؤسسة فقال لهم «جربوها لو نفعت خلوها ولو منفعتش مشوها» ولكن الحمد لله وفقنى ربنا فى عملى فى المؤسسة حتى وقتنا هذا وأواصل العطاء منذ 50 عامًا فى مجال الصحافة. * يقال إن الرئيس السادات اختبأ فى مدينة كرداسة وتزوج منها أثناء فترة مطاردة الانجليز له فى قضية وزير المالية أمين عثمان.. ما معلوماتك عن هذه الرواية؟ ** هذا الكلام خاطئ تمامًا والسادات لم يذهب إلى كرداسة على الإطلاق وكل ما كان يربطه بها هى عائلة مكاوى والتى كانت زوجته الأولى الحاجة إقبال تمت لها بصلة قرابة لهذه العائلة وكانوا يأتون إلينا فى الأعياد والمناسبات فقط، وهذه هى العلاقة الوحيدة التى تربط السادات بكرداسة. * هذا يعنى إنك تعلمين المكان الذى اختبأ به السادات عند هروبه من الانجليز؟ ** السادات كان مختبأ عند سائق فى قرية تسمى «دمرو» وكان يعمل مع السائق عتالًا على السيارة، وبعد أن أصبح رئيسًا للجمهورية ذهب لزيارة السائق فى بيته وكرم عائلته وأرسله لأداء فريضة الحج، كما زار أهالى هذه القرية فى منزلهم. * ما هى السمة الأساسية فى بيت السادات؟ ** الاحترام وتوقير الكبير والتدين والصلاة والصوم وكانت أسرتنا متوسطة الحال والسادات كبير العائلة لذا لا نجرؤ أن نتخذ أى قرار دون أن يوافق عليه حتى وهو فى المعتقل. * كيف كانت علاقتك بالرئيس السادات فى ظل فارق السن الكبير بينكما؟ السادات كان يعاملنى مثل ابنته فهو من زوجنى وجهزنى وقام بكل مهام الأب والأخ الكبير معى، لأن والدى كان مفوضه فى أمورنا حتى توفى والدى فأصبح هو من يحمل البيت على عاتقه. * هل كان يتحدث الرئيس السادات عن السياسة فى المنزل؟ ** كان ممنوعًا من الحديث فى السياسة داخل المنزل حتى ونحن أطفال صغار قبل ثورة 52 كان يجىء الرئيس عبد الناصر إلى منزلنا لعقد اجتماع مجلس الأمة وكان لا يشعرنا بشىء ولم يتحدث فى السياسة إلى زوجته جيهان السادات فالرئيس كان يفصل المنزل عن عمله السياسى. * هل تطبعت جيهان السادات بطابع البيت الساداتى؟ ** نعم تطبعت لأنها من أسرة متوسطة الحال مثلنا فوالدنا كان صوفيًا وتعلمنا القراءة من مكتبته، ثم أصبح السادات أديبًا. * قبل الحرب هل كان يبدو عليه أنه سيخوض معركة فى وقت قريب؟ ** أمام الناس يظهر أنه يصلح الطائرات والدبابات لأنه كان هناك سلاح روسى قديم فكان كما يقال «بيغزل برجل حمار» كان يحاول دائمًا التأكيد على أنه عام الضباب للتمويه وخرجت ضده مظاهرات وارتضى على نفسه كل ما قيل من أجل مصر. * كيف استقبلتم تصريح هدى عبد الناصر بأن السادات قتل والدها؟ ** الرئيس عبد الناصر شارك السادات فى تربيتنا وكل ما قيل شائعات ورفعت رقية قضية ضد هدى عبد الناصر وكسبتها وبعد ذلك اعتذرت هدى لجيهان السادات على ما قالته وأخذت رقية مبلغ التعويض وتبرعت به لمستشفى السرطان. * ما شعور السادات بعد الحرب؟ ** السادات كان هدفه بعد الحرب عدم موت رجاله فى حروب أخرى لذا فكر فى حقن الدماء واسترداد الأرض. * وماذا عن ثورة الجوع؟ ** لا يوجد ثورة جوع.. ما حدث أن رغيف الخبز كان بخمسة مليمات ومن ثم قال السادات إنه سيرفع سعر الرغيف إلى قرش. * ما رأيك فيما نسب إلى الرئيس السادات بأنه كان ينتمى للجماعة؟ ** الرئيس السادات لم يكن إخوانيًّا، إنما كان هو والرئيس جمال عبد الناصر متدينين ومتعاطفين مع الإخوان والدليل على ذلك أن عبد الناصر وثق فى الإخوان، ثم للأسف حاولوا قتله، والسادات أيضًا أخرجهم من تحت الأرض وطالبهم أن ينشروا الإسلام الوسطى ويعملوا بما يرضى الله بعد أن أحس بأن عبدة الشيطان والبهائيين بدأوا ينشرون أفكارهم، ولكن الإخوان تآمروا على السادات وقتلوه. * ما ردك على ما يقال بأن السادات أخرج الإخوان من أجل القضاء على الناصريين؟ ** الناصريون لم يكن لهم تأثير فالسادات خاض الحرب وانتصر وكان لا يوجد غير ما يمكن أن تسميهم «الحنجوريين» الذين كانت مهنتهم الكلام. * ما رأيك فى أسباب سقوط حكم مبارك.. وهل الإخوان لهم دور فى ذلك؟ ** الإخوان لم يقوموا بثورة يناير، وإنما من قام بها هو الشعب المصرى وسقوط حكم مبارك نتيجة استيلاء بعض رموز هذا النظام على الدولة كأحمد عز الذى كان عضو مجلس شعب واستولى على شركة حديد الدخيلة التى أسسها اليابنيون هدية لأنور السادات وشعب مصر والحزب الوطنى، وعدم إتاحة الفرصة لأحد من الشعب بإقامة مشروع أو شركة، فالشعب انتفض من الكبت والتدهور والديكتاتورية. * ما رأيك فى ثورة 30 يونيو.. وهل هى المكملة لثورة 25 يناير؟ ** 30 يونيو هى ثورة حقيقية أنقذت مصر من الانهيار التى كانت فيه العام الماضى ومن الرئيس الذى كان يبيع أرض مصر ويدخل التكفيريين وبحدود معلوماتى أن طائرات بها تكفيريين دخلت الأراضى المصرية من أفغانستان وباكستان وبنجلاديش واليمن وذهبت إلى القصر الرئاسى وقابلت المستشار القانونى محمد فؤاد جاد الله وأخطرته بما وصلنى وقال لى: سنتخذ الإجراءات اللازمة، واتضح بعد ذلك أن قدومهم كان بعلم من محمد مرسى، كما أنه أمر بالإفراج عن 23 ألف مجرم معتاد الإجرام منهم 500 إرهابى محكوم عليهم بالإعدام فى جرائم إرهابية فأصبحت مصر فى خطر وتعيينه لقاتل محافظًا للأقصر وفى ذكرى أكتوبر الماضية احتفل بها مع قتلة السادات أمام الشعب فإن كان هذا شعوره كان يجب عليه ألا يظهر أمام الشعب الذى لا ينسى أن السادات هو من انتصر على إسرائيل ومنح مصر حريتها لأول مرة. * ما رأيك فى الفريق السيسى؟ ** أطلب من الله أن يحميه وأتمنى شخصًا يحكم مصر مثله لأنه شخصية وطنية أخرج مصر من بحر الظلمات وأريد أن أقول له لا بد أن تكون رئيس الجمهورية القادم وإذا لم ترغب فى ذلك فعلى الرئيس القادم أن يكون على وفاق مع الفريق السيسى لكى تسير الأمور لأن البلد ليست على استعداد لأى خلافات أخرى. * وما رأيك فى مشروع الدستور الجديد وحركة تمرد؟ ** لا بد أن يكون دستورًا توافقيًا يشمل كل فئات المجتمع ولا يهدر حق المرأة والطفل والشباب وسعدت بأن حركة «تمرد» صرحت أنها ستشارك فى الانتخابات البرلمانية بعدد منها على كل مقاعد البرلمان وسوف انتخبهم لأنهم شباب واع وفى حديثى مع محمود بدر مؤسس الحركة قلت له: لو لم تقدر على خوض الانتخابات.. استعين بخبير. * هل تؤيدى انعقاد مجلس الشيوخ؟ ** لا أوافق شكلًا وموضوعًا على مجلس الشيوخ الذى يعتبر غرفة ثانية للبرلمان المصرى لأن الحالة المادية لمصر لا تسمح كما أنه سيقوم بأعمال قادر أن يقوم بها مجلس النواب منفردًا على أن يكون أعضاؤه مختارون بمواصفات بمعنى أن من يرشح لمجلس النواب يجب ألا يقل سنه عن 35 عامًا ويكون حاصلا على شهادة جامعية. * ما رؤيتك لدور المرأة فى المجتمع حاليًا؟ ** يوجد بمصر 44 مليون امرأة ونسبة 30% لتمثيلها فى مؤسسات الدولة قليلة جدًا مقارنة بالأعداد، ولكن أوافق على هذه النسبة بشرط أن يحسن اختيار هؤلاء السيدات ليكونوا قادرين على الدفاع عن حقوقهن فى المؤسسات التى يمثلنها. * ما هى رؤيتك للمرحلة القادمة؟ ** استكمال خارطة الطريق من خلال كتابة دستور جديد والتأكيد على عدم إقصاء أى فئة أو فصيل فى المجتمع. * ماذا عن الإخوان؟ ** أرفض تمامًا المصالحة مع جماعة الإخوان المسلمين وأود أن أقول لهم «فى ستين داهية» عدد القتلى الذين استشهدوا على يد الإخوان ومنهم 22 جنديًا فى المنوفية فقط فى حادث سيناء الأخير أكبر دليل على رفض الشارع المصرى لهم وبالأخص المنوفية فلا يوجد قرية واحدة بالمحافظة ليس بها قتيل على يد الإخوان وهذا ما يحزننى عن كيفية الاحتفال بالعيد هذا العام وسط أهالى المنوفية فى ظل عدد الشهداء الذين سقطوا بالمحافظة، خاصة وأنهم مرتبطون بقرابة ونسب وبالتالى لا يمكن إعادة هؤلاء المجرمين إلى المجتمع مرة أخرى، خاصة بعد سماح مرسى بإدخال التكفيريين والإرهابيين إلى مصر، وإذا سمحت الدولة بقبول هؤلاء المجرمين ففى هذه الحالة سنثور ضدها لرفض هذا النوع من المصالحة، خاصة أن مرسى جاء ومعه مجموعة من الجهلاء. * ما تقييمك لما يحدث فى سيناء؟ ** على مسئوليتى يوجد فى سيناء مليونيرات من وراء تجارة الأنفاق وعمليات تهريب السولار والبنزين والسيارات، وأنا مندهشة من الأعمال الإجرامية التى يقوم بها أنصار الإخوان المسلمين وحركة حماس. * لقد نشأت فى بيئة عسكرية.. هل تفضلين رئيسًا عسكريًا لمصر؟ ** إذا ترشح السيسى للرئاسة سوف انتخبه ليس لأنه رجل عسكرى، وإنما لأنه صاحب قرار وأنقذ مصر من الظلام وحافظ على البلد من البيع كما كان سيفعل مرسى من خلال بيع سيناء، والتفريط فى حلايب وشلاتين، بالإضافة إلى استمرار الوضع الذى كنا نعيشه من نقص السولار وانقطاع الكهرباء واستمرار عمليات التهريب عبر الأنفاق أما إذا لم يترشح السيسى فلم أحدد حتى الآن من سأنتخبه فى الانتخابات الرئاسية المقبلة. * كيف ترى حكم مبارك؟ ** مبارك لم يكن خائنًا فهو رجل وطنى ولم يسمح بالتفريط فى ذرة تراب من أرض مصر ولا نستطيع إنكار دوره فى حرب أكتوبر 73 فكان قائد القوات الجوية فى الحرب وعلى هذا الأساس اختاره الرئيس السادات نائبًا له على الرغم أن كل ما كان يتمناه هو أن يصبح سفيرًا لمصر. وفى بداية حكمه كان يعمل لصالح الشعب ولكن بعد زواج السلطة بالمال وظهور أمثال جمال مبارك وأحمد عز كتبت نهاية حكمه. * كيف كانت علاقة مبارك بأسرة السادات؟ ** للأسف طبيعة مبارك لم يكن بارًا بأهله ولا بأهل غيره وبالتالى كانت العلاقات بيننا منعدمة تمامًا. * ما رأيك فى الاحتفال بنصر أكتوبر هذا العام؟ ** الاحتفال بنصر أكتوبر هذا العام كان من أروع الاحتفالات على مدار الأعوام السابقة وكان له مذاق مختلف، خاصة بعد زوال حكم الإخوان المسلمين وفى هذا اليوم شاهدت بنفسى الناس سعيدة بهذا الاحتفال فى الشوارع والميادين وشعرت بالسعادة عندما رأيت المواطنين يحملون صورة قادة وزعماء حرب أكتوبر عبد الناصر والسادات وأيضًا صورة السيسى الذى حررنا من الظلم والجهل والظلام المتمثل بحكم مرسى. * ما هو سبب ابتعادك عن حضور الاحتفالات بنصر أكتوبر وإحياء ذكرى الرئيس الراحل أنور السادات.. وتصدر السيدة جيهان السادات المشهد؟ ** على الإطلاق لم أختف عن مشهد الاحتفال بنصر أكتوبر وإحياء ذكرى الرئيس الراحل أنور السادات وأحرص دائمًا على الظهور على الفضائيات والصحف وأتحدث عن ذكرياتى مع الرئيس السادات أما السيدة جيهان السادات فلأنها زوجة الرئيس وأقرب الناس إليه وعاشت معه أوقات عديدة فى الحرب والسلام وتنقلت معه إلى دول العالم وشهدت حفلات رسمية ولديها ذكريات عديدة مع السادات. * كيف رأيت جلوس السيدة جيهان السادات بجوار الرئيس عدلى منصور فى الاحتفال بذكرى نصر أكتوبر؟ وجود جيهان السادات بجوار الرئيس المؤقت عدلى منصور بحكم إحياء ذكرى زوجها لأنها كانت السيدة الأولى، بالإضافة إلى أننا نعتبرها تمثلنا جميعا، ثم وهو بالطبع أحسن من مرسى اللى كان يجلس بجواره طارق الزمر وعاصم عبدالماجد كما أن للرئيس السادات عددًا كبيرًا من الأشقاء والأبناء وبالتالى فإنه من غير المعقول أن يظهروا جميعا فى الاحتفالات ووسائل الإعلام. * ما هى أهم ذكرياتك مع الرئيس السادات فى العيد. ** فى البداية كان الرئيس السادات يصلى صلاة العيد فى القاهرة، ثم ننتقل معه إلى قرية ميت أبو الكوم بالمنوفية لنقرأ الفاتحة على روح الوالدين وبعد ذلك نذهب إلى المنزل لنقوم بعملية الذبح وتوزيع اللحوم على أهالى القرية، ثم نقيم حفل إفطار جماعى للعائلة والأقارب وبعد قضاء اليوم فى القرية مع الأهل والأقارب نعود مرة أخرى إلى القاهرة بمتابعة أعمالنا.