أثناء الحرب العالمية الثانية أنشأ الإنجليز إذاعة لاسلكية محلية فى السودان لنشر دعاية بواسطة الكلمة والأغنية فى أم درمان. هذه الإذاعة خلقت منافسة بين الفنانين القدامى والجدد ومن بينهم «عائشة الفلاتية» المطربة التى تميزت بأغانيها الحماسية للجنود. اسمها عائشة موسى من قبيلة الهوسة غرب السودان غنت للوطن وللأعياد وللربيع ولنهضة المرأة السودانية وللحب وللطبيعة وللأم والأب باللغة العربية واللهجة الهوسية . وتوفيت 1975. وشعب المملكة المغربية محب للغناء والناس على دين ملوكهم لكن لم نسمع عن مطربة مغربية اخترق صوتها حاجز الحدود إلى البلاد العربية وأول مطربة مغربية جاءت للقاهرة هى «سميرة سعيد» والذى شجعها على ذلك هو بليغ حمدى وكان قد استمع إلى صوتها كطفلة أثناء وجوده فى بلدها لم يظهر فى صوت وغناء سميره أية ملامح مغربية اللهم إلا «التريولات» التى تميز الغناء الإسبانى بدأت بالغناء الكلاسيكى، ثم تحولت إلى الحديث بلهجة خاصة.. وتبعت «عزيزة جلال» سميرة سعيد وغنت من ألحان بليغ والطويل والموجى وتزوجت واعتزلت بعد فترة ليست طويلة، أما «سمية قصير» فقبل أن تعتزل على طريقه عزيزة جلال كانت قد فازت بتشجيع موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب وسمح لها أن تسجل بصوتها قصيدته القديمة «منك يا هاجردائى» وأغنيته الشهيرة» «علشان الشوك اللى فى الورد بحب الورد» أما «رجاء بلمليح» فقد جاءت لمصر فى التسعينيات بعد أن سجلت فى بلدها ألبومين وغنت صبرى عليك طال، ولحن لها جمال سلامة وحلمى بكر وصلاح الشرنوبى قبل أن يختطفها الموت 2007 بعد إصابتها بمرض سرطان الثدى. وبقيت «جنات» فى مصر تشارك فى حفلاتها ومهرجان القاهرة للموسيقى العربية وتغنى فى المسلسلات التليفزيونية. وقبل أن نغادر شمال أفريقيا يجب أن نذكر للجزائر فضلها فى إنجاب المطربة وردة وهذا موضوع آخر. أما لبنان فهى القطر الذى يشارك مصر فى العصر الحديث تصدير الأصوات الغنائية لباقى الأقطار العربية. فالمطربة لورداكاسن (1917 - 2005) عاشت فى مصر وحفظت أغانى أم كلثوم واهتم بها والدها جورج داكاسن فخصص لها مدرسا يعلمها اللغة العربية والموسيقى غنت على قبر الزعيم سعد زعلول «يا روح سعد قد سكنت قلوبنا» ولها أغنية تاريخية شهيرة هى «آمنت بالله». وجانيت جرجس فغالى الشهيرة بصباح والمولودة عام 1920 بقرية وادى الشحرور بلبنان، اكتشفت فى نفسها القدرة على الغناء الاستعراضى. فهى خفة ودلال وجسم يتفاعل مع الأزياء المبهرة فيظهر جمالها وصوت خفيف الظل. استغنت هى عن كل قدراته لتظهر منه ما يصلح للحركة الراقصة والرشيقة وقد برعت فى السينما تمثيلا وغناء وحضورا. وكانت السينما المصرية سببا فى جذب أسماء لبنانية أخرى فى مجال الغناء هن سعاد محمد (المصرى) ونور الهدى ونجاح سلام، ثم ماجدة الرومى. أما سعاد محمد فهى صاحبة صوت كلاسيكى كلثومى تربى على أغانى كوكب الشرق وظل أثيرًا لها ما بقيت صاحبته على وش الدنيا. ولولا أن سعاد قد شغلتها حياتها الخاصة وأسرتها والأولاد كثيرة العدد لتركت لنا أضعاف ما تركت من أغان ناجحة وقد توفيت 2011. «ونجاح سلام» صوت لبنانى ولد من رحم فن أم كلثوم وعاش قيدا فى معصمها طوال حياتها الفنية. لم تحقق فى السنيما نفس النجاح الذى سبق أن حققته بلدياتها صباح ونور الهدى وسعاد محمد لكنها نجحت فى الإذاعة والحفلات الرسمية، فهى صاحبة صوت سهل الحركة جميل النبرة وظهر حبها لمصر بلدها الثانى فى أناشيد وطنية متميزة منها «يا أغلى اسم فى الوجود يا مصر» «وأنا النيل مقبرة للغزاة». أما «نور الهدى» فقد أثبتت كفاءة عالية فى تمثيل الأدوار السينمائية خفيفة الظل ويتبعها أغنيات خفيفة أيضا تبعث على الابتسام وتمتع العيون واعتزلت قبل رحليها 1998 بفترة طويلة. وكانت حياة «نازك» قصيرة ورغم أنها لم تكن تتمتع بوجه سينمائى إلا أن أغنيتها «كل دقة فى قلبى» مازالت تعيش بين الأحاسيس والعواطف ولها أغنيات ناجحة كثيرة فهى صاحبة صوت قوى تغلفه نبرة حزن جميلة واتسم صوتها وشخصها بالوقار والهدوء. وماجدة الرومى جاءت من لبنان إلى مصر وهى صبية لتمثل وتغنى من ألحان كمال الطويل وكلمات صلاح جاهين فى فيلم «عودة الابن الضال إخراج يوسف شاهين. ولما كبرت اتخذت خطا غنائيا غربيا على الأذن العربية فهو حاد وعنيف فى أكثر الأحيان لكنها صاحبة وجه وسيم يساعد على النجاح خاصة على المسارح. ويصعب حصر الأصوات اللبنانية التى كسرت حاجز الحدود فى بلدها وانتشرت فى الأقطار العربية لكثرتها ومنها نجوى كرم ونوال الزغبى وإليسا ورولا وكارول ونانسى عجرم وهيفاء وهبى وغيرهن. أما جارة القمر فيروز فهذا موضوع آخر.