وسط موجه من الارتفاع غير المسبوق للأسعار مقترنة بفوران شعبى يطالب بتحقيق العدالة الاجتماعية على مدار ثورتين متتاليتين جاءت تصريحات د. حازم الببلاوى رئيس مجلس الوزراء بطرح 1200 جنيه كحد أدنى للأجور للنقاش متجاهلاً قيمة الحد الأقصى لتثير من جديد حالة من السخط العام والغضب الشعبى. « أكتوبر « ترصد فى سياق الموضوع التالى ردود أفعال الشارع والمتخصصين. يقول د. بركات الشرقاوى مدرس اللغة العربية الحاصل على شهادة الدكتوراة والذى لا يزيد راتبه عن 1000 جنيه لا تكفى نفقاته منفردا أن تلك التصريحات أثارت عنده الإحساس بالظلم وضياع الحقوق وفقدان الأمل فى أية خطوات مستقبلية نحو العدالة الاجتماعية. ومن ناحية أخرى أوضح أن وزارة التربية والتعليم تستطيع تحقيق هيكل عادل للأجور للعاملين بها من خلال إجراء بعض إصلاحات الهيكلة فى مخصصات الوزارة مشيرًا أنه على سبيل المثال يتم تخصيص 60% لهييئة الأبنية التعليمية عن كل مدرسة أو مبنى جديد يتم إنشاؤه مع العلم أن تلك الجهة لا تقوم بدور يذكر فى هذا الأمر، وأضاف أن هناك أمثلة عديدة على الخلل فى هيكل الأجور بالوزارة منها أنه على سبيل المثال يتقاضى وكيل الوزارة مبلغ يصل إلى 40 ألف جنيه بدل توقيعات، ويأتى ذلك متفقًا مع تصريحات بعض الأطباء بأن 60 % من ميزانية وزارة الصحة مخصصة لديوان الوزارة. ويقول مسعد عبدا لرحيم عامل بشركة حلوان نسيج يعول أسرة مكونة من 6 أفراد إن 1200 جنيه كحد أدنى للأجور لا تكفى عيش حاف مشيرا إلى أن المبلغ الذى يستطيع أن يحقق له بالكاد حياة كريمة ولأسرته 2500 جنيه. وتقول بهيرة موظفة بالشئون الاجتماعية أن 1200 جنيه لا تكفى مواصلات فقط لها ولأسرتها. إزاء ذلك يشعر أصحاب المهن الحرة ممن يعتمدون على رزق يوم بيوم بالظلم وأنهم سقطوا من ذاكرة الحكومة حيث يقول عم حسن 62عام ويعمل فى مهنة صناعة الأحذية أنه انتهى به العمر دون أن يحقق ما يضمن له البقاء على قيد الحياة هو وأسرته حال مرضه وعدم قدرته على العمل حيث لا معاش ولا أجر ثابت وعلاوة على ذلك ارتفاع جنونى فى الأسعار. بدعة مصرية بداية استنكر بشدة د. رائد سلامة الخبير الاقتصادى طرح 1200 جنيه حدًا أدنى للأجور متسائلاً لماذا دومًا ما تأتى خطط التقشف الحكومية فى غير صالح الغلابة والمطحونين وتترك من يأخذ الملايين على حاله . مؤكدأ أن توجهات الحكومة بشكل عام فى قضية الأجور تأتى فى غير صالح محدودى الدخل وتعمق من الظلم الاجتماعى. و يرى أن المبلغ الذى يضمن حد الكفاف لا يجب أن يقل عن 1500 جنيه شهريًا كحد أدنى للأجور ومن ناحية أخرى أشار إلى أن اقتراح 36 ضعف كحد أقصى للأجور هو بمثابة بدعة مصرية ويخالف المعيار العالمى للحد الأقصى الأجور الذى يترواح من 15 إلى20 ضعفًا. ويرى أن إصلاح هيكل الأجور يتطلب ربط الأجر بالأسعار فى الدستور وترشيد الإنفاق الحكومى ووضع معايير دقيقة وكاشفة للمكافآت باعتبارها أهم الأبواب الخلفية للفساد وإهدار المال العام. وعلاوة على ذلك يرى أنه فى حال رفع الحد الأدنى إلى 1500 جنيه وتحديد الأقصى ب 15 ضعف فإن قيمة الحد الأقصى ستظل كما هى فى حالة جعل الحد الأقصى 36 ضعف والأدنى 800 جنيه. ومن جانبه انتقد د. عبد المنعم السيد مدير مكتب القاهرة للدراسات الاقتصادية القيمة المقترحة للحد الأدنى للأجور مؤكدا أيضا لا يجب أن تقل عن 1500 جنيه وفقا لمتطلبات المعيشة فى الوقت الراهن مشيرًا إلى أن 1200 جنيه شهريًا التى طرحت منذ عام 2012 لم تعد تصلح. وأكد أن إصلاح هيكل الأجور يتطلب إعادة النظر فى منظومة الدعم وترشيد الإنفاق الحكومى، مشيرًا أن حوالى 100 مليار جنيه من دعم الطاقة يذهب للشركات الكبرى كثيفة الاستخدام التى تزيد أرباحها عن 300 % وهو ما لا يحدث بأى دولة فى العالم. حق مشروع الحد الأدنى للأجور حق مشروع لجميع العمال، طبقًا لما نصت عليه الدساتير والقوانين والاتفاقيات الدولية والعربية للعمل، هذا ما أكده عبد الفتاح إبراهيم، رئيس الاتحاد العام لعمال مصر، مطالبًا بضرورة ربط الحد الأدنى للأجور بما يحتاجه العامل من احتياجات معيشية، والعمل على تفعيل دور المجلس القومى للأجور لوضع السياسات التى تلتزم بها الحكومة عند إقرار الحد الأدنى والأقصى، موضحًا ضرورة مراعاة التضخم سنويًا من جانب الحكومة والتزامها بتنفيذ هذه القرارات بشكل تلقائى. كما طالب أيضا بضرورة تشغيل المصانع المغلقة، والاستفادة من أموال بعض الصناديق لدعم التنمية وتحقيق الاستقرار الاقتصادى والاجتماعى. وأكد ضرورة أن تكون قيمة الحد الأدنى للعاملين فى القطاع الخاص لا تقل عن 1500 جنيه للعاملين الجدد الذين يدخلون العمل لأول مرة، مع مراعاة زيادة هذا الرقم للعمال المنتظمين فى العمل، وأمضوا سنوات خدمة سابقة. فى سياق متصل، استنكر شعبان خليفة، رئيس النقابة العامة للعاملين بالقطاع الخاص، تصريحات الدكتور حازم الببلاوى، رئيس مجلس الوزراء، قيمة الحد الأدنى للأجور المطروحة للنقاش والتى تبلغ 1200 جنيه مؤكدًا أن هذا المبلغ لا يكفى لأكل العيش الحاف. ومن جانبه حذر عبد الغفار شكر، رئيس حزب التحالف الاشتراكى، من التقاعس عن تحقيق أهداف الثورة المتعلقة بالعدالة الاجتماعية من خلال تطبيق الحد الأدنى للأجور منتقدًا تصريحات د. حازم الببلاوى، رئيس الوزراء، مؤكدًا أنها ستؤدى إلى موجة كبيرة من الاحتجاجات فى قطاع كبير من الدولة. وأوضح أن الحكومة مسئولة عن تطبيق الحد الأدنى للأجور، خاصة أنه يعد ضرورة حياتية للعاملين بالدولة، لذا فإن حكومة الثورة التى يرأسها الببلاوى مسئولة عن إيجاد حلول لتطبيق الحد الأدنى للأجور خلال رفع الضرائب أو ترشيد بعض النفقات أو وضع حد أقصى للأجور، وهو الأمر الذى سيساهم بشكل كبير فى تحقيق العدالة الاجتماعية.