مازالت تتصدر رغبات الطلبة المتفوقين كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان والهندسة والإعلام والاقتصاد والعلوم السياسية.. وتملأ عن آخرها من المرحلة الأولى للتنسيق.. ولم تتغير هذه الاختيارات على مر السنين فلم نجد مثلًا أحد المتفوقين والحاصل على مجموع فوق 95% يتقدم للالتحاق بكليات أخرى.. فما هى الأسباب وراء تمسك المتفوقين بالالتحاق بهذه الكليات؟ ولماذا لم تتغير الرغبات؟ ومتى تتغير ثقافة المجتمع تجاه كليات القمة. بداية يؤكد د. حامد طاهر نائب رئيس جامعة القاهرة الأسبق أن إقبال المتفوقين على هذه الكليات (الطب والصيدلة والهندسة والإعلام والاقتصاد والعلوم السياسية) يرجع إلى عدة عوامل.. العامل الأول أن أولياء الأمور يحاولون تحقيق رغباتهم التى لم يستطيعوا تحقيقها فى حياتهم فنجد أن ولى الأمر الذى كان يريد أن يلتحق بكلية الطب ويعمل طبيبا يسعى أن يدخل ابنه كلية الطب، وكذلك الهندسة وغيرها.. العامل الثانى أن هذه الكليات أخذت وضعًا اجتماعيًا منذ زمن طويل ويحتاج الأمر لدراسة لأن التكالب على دخول كلية مثل الاقتصاد والعلوم السياسية يؤدى إلى البطالة فنسبة 90% من الخريجين لا يعملون بالسلك الدبلوماسى، وأيضًا الإقبال على الطب يعانى من البطالة وأغلبهم راتبه لا يتجاوز 250 جنيها شهريا هذه الكليات تعد واجهة اجتماعية ولكن بدون أرضية مرضية لشخص يريد أن يبنى حياته ويكون أسرة، مشيرًا إلى أن الأمر يتطلب من مركز المعلومات واتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء أن يحدد لنا ما هى الكليات التى تحتاج لطلبة والأخرى التى بها نقص طلابى. ويرى د. حامد أن رغبات الطلاب غير المدروسة جيدًا قد تؤدى إلى البطالة فيما بعد، مؤكدًا أن التعليم الجامعى أصبح مقلوبا، ففى كل بلاد العالم التعليم ينتهى عند المرحلة الثانوية أو ما يعادلها من التعليم الفنى وأن الذى يدخل للمرحلة الجامعية هم عدد قليل، ففى مصر قاعدة الهرم مقلوبة، فالذى يلتحق بالجامعات أكثر ممن يلتحقون بالتعليم الفنى والدليل على ذلك أن مهنة الصيانة تعانى فلا نجد الفنى المتعلم الذى يقوم بالصيانة وإنما نجد العمال غير المتعلمين الذين يقومون بهذه المهنة فإننا نريد خريج الجامعة وليس الشهادة الاجتماعية. ويؤكد د. حامد أن ولى الأمر الشاطر هو الذى يدفعه أبناؤه للالتحاق بالتعليم مثلًا لإصلاح الكمبيوتر والتليفزيون، فخريج هذه الأقسام عليه إقبال أكثر من خريجى كلية الهندسة، ولكن من يفهم؟! حاجة السوق ويتساءل د. حسن شحاتة أستاذ المناهج وطرق التدريس بجامعة عين شمس: متى تتغير ثقافة التعليم؟ فإنه يرى أن كلية القمة من وجهة نظره هى التى ترتبط بسوق العمل مثل كليات السياحة والصناعة والزراعة فسوق العمل يتطلب خريجى هذه الكليات. ويؤكد د. شحاتة أن ربط العمل بالتعليم يؤدى إلى الكليات الأكثر إقبالًا عليها والدليل أنه كان الإقبال على كليات التربية لأن خريجيها يتم تعيينهم فورًا بعد التخرج. ويرى أن الأمر يتطلب فتح تخصصات جديدة مثل كلية جديدة تخدم على قناة السويس تخرج العاملين فى هذا المحور بجميع متطلباته، مشيرًا إلى ضرورة قيام وزارة التخطيط بتجديد الوظائف الجديدة التى يحتاجها سوق العمل ومواصفاتها. ويرى أنه لا بد من وضع خريطة طريق للتعليم العالى ترتبط بسوق العمل واحتياجاته المتغيرة والكليات التى تؤدى إلى العمل لأن ربط التعليم بسوق العمل هو بمثابة «العصا السحرية» التى تغير مصير التعليم الجامعى فى مصر. درجة أولى ومن جانبها ترى د. محبات أبو عميرة العميد السابق لكلية البنات جامعة عين شمس أن الأسر المصرية تقبل على الكليات التى يطلق عليها القمة، وهى كليات الطب والصيدلة والهندسة وغيرها، فالطلبة تقبل عليها باعتبارها كليات درجة أولى من وجهة نظر المجتمع. وتؤكد د. محبات أنه يمكن للطلبة الذين لم يتمكنوا من الالتحاق بإحدى كليات القمة أن يلتحقوا بالكلية القريبة منهم فالطالب الذى يريد الالتحاق بكلية الطب فإنه يمكنه الالتحاق بكلية العلوم قسم بيولوجى فهى قريبة من الدراسة بكلية الطب، وأيضًا إذا أراد الالتحاق بكلية الهندسة ولم يمكنه مجموعه من الالتحاق بها فإنه يمكنه الالتحاق بكلية العلوم رياضة أو كلية التربية رياضة، مشيرة إلى أننا بذلك نحاول التوفيق بين الميول والمجموع. وترى د. محبات أنه لإحداث تغير فى ثقافة المجتمع تجاه كليات القمة والكليات الأخرى فإن هذا يعتمد على تغيير ثقافة المجتمع وهذا يحتاج إلى تغيير نظام التعليم، فإننا فى حاجة إلى تكوين لجنة على غرار لجنة إعداد الدستور تكون مهمتها تطوير التعليم ككل ويكون تشكيل هذه اللجنة بعيدًا عن أيدى وزير التعليم العالى.. هذه اللجنة تبحث لماذا يتجه الطلبة مثلًا للدراسات الأدبية أكثر من الدراسة العلمية؟.. وتناقش دراسات وأبحاث أخرى: لماذا يحب الطلبة الالتحاق بكليات القمة؟ وترى أنه لا بد أن يكون لدى الطلبة قناعة بالالتحاق بالكلية التى تحقق الاستفادة والتعلم فى نفس الوقت، بحيث يتعلم منها شيئًا يستطيع تطبيقه فى سوق العمل.