فكرة إنشاء ضاحية هليوبوليس التى سميت فيما بعد ب «مصر الجديدة» تنسب إلى رجل بلجيكى هو البارون إمبان الذى ولد عام 1852 م فى مدينة بليى لأسرة ميسورة الحال حيث تخرج فى معهد علوم الفلزات فى بروكسيل، ثم عمل مهندسًا مدنيًا، وأقام أول خط سكة حديد فى بلجيكا، كما شارك بعد ذلك فى إنشاء شبكة سكك حديد فرنسا ومترو باريس. جاء البارون إمبان إلى مصر عام 1894 واسس « الشركة المساهمة للترام» فى القاهرة التى قامت بمد أول خط ترام فى مصر. ثم اتجهت أنظار البارون بعد ذلك إلى منطقة صحراوية تبعد عن القاهرة حوالى 15 كيلو مترًا من ناحية الشرق ليبنى عليها واحدة من أجمل وأروع ضواحى القاهرة وأطلق عليها اسم «هليوبوليس» واشترى الفدان فى هذه الصحراء التى كانت تعرف آنذاك بصحراء القاهرة بسعر جنيه مصرى للفدان الواحد وفى هذا التاريخ كانت قيمة الجنيه المصرى أعلى من الجنيه الذهب وأسسس البارون شركة واحات هليوبوليس عام 1906 برأس مال قدره 15 مليون فرنك بلجيكى وعهد إلى مهندس شاب هو أرنست جاسبر بتصميم وتشييد الضاحية الجديدة التى كان من المفترض أن تقسم إلى واحتين الأولى تضم قصور وفيلات كبار الملاك والارستقراطيين أما الثانية فهى تضم الشقق للطبقة المتوسطة، كما توجد فى هليوبوليس أماكن للترفيه وفنادق وأماكن للعمال والبناءين لكن الأزمة المالية التى نشئت عام 1907 غيرت فكرة البارون امبان وجعل من ضاحية مصر الجديدة منطقة واحدة تتوافر فيها كل الإمكانيات فبنى فيها المساجد والكنائس والمدارس والحدائق وحلبة لسباق الخيل ومركزًا ترفيهيًا لجذب السكان وكانت مدينة «الونا بارك» الترفيهية هى أول مدينة ملاه فى الشرق الأوسط والقاهرة. السكان الجدد فى عام 1909 بدأ السكان فى استلام وحداتهم السكنية، وكان عددهم لا يتجاوز فى ذلك العام ألف ساكن. ولعل من أشهر قصور مصر الجديدة قصرين هما قصر البارون إمبان وقصر الاتحادية. قصر البارون: شيده البارون إمبان ليكون مقرًا لإقامته، وهو قصر أثرى يقع فى قلب الضاحية ويشغل القصر وحديقته مساحة 12500 متر، فقام بتصميم القصر المعمارى الفرنسى الكسندر مارسيل وزخرفه جورج لويس كلود، وللقصر طراز معمارى مميز يجمع ما بين الطرازين الأوروبى والهندى، واكتمل بناؤه عام 1911، ويتكون من طابقين أساسيين وبدروم، كما تميزه قبة عالية اتخذت الطراز الكمبودى فى بناء القباء. ويضم القصر العديد من التحف والتماثيل واللوحات الفنية والأعمدة والزخارف المميزة. قصر الاتحادية أما قصر الاتحادية فقد افتتح فى الأول من ديسمبر عام 1910 كأكبر فندق تم بناؤه آنذاك وسمى فندق جراند أوتيل حيث ضم أكثر من 400 غرفة إضافة إلى 55 شقة خاصة، وقاعات بالغة الضخامة، وتم فرش حجرات الفندق بالأثاث الفاخر من طراز لويس الرابع عشر ولويس الخامس عشر أما القاعة الكبرى فقد ضمت ثريات ضخمة من الكريستال كانت الأضخم فى عصرها وتبلغ مساحة القاعة 589 مترًا مربعًا تم فرش أرضيتها بسجاد شرقى فاخر ووضعت بها مرايات من الأرض إلى السقف وتشمل القاعة 22 عمودًا إيطاليًا ضخمًا من الرخام ومن الجهة الأخرى من القاعة الكبرى قاعة طعام فاخرة تكفى 150 فردًا، وقاعة أخرى ضمت 3 طاولات بلياردو. أما قبة القصر فارتفاعها يبلغ 55 مترًا من الأرض حتى السقف فى الستينيات استعمل القصر الذى صار مهجورًا بعد فترة من التأميم كمقر لعدة إدارات ووزارات حكومية. ففى يناير عام 1972 فى عهد رئاسة السادات صار القصر مقرًا لما عرف باتحاد الجمهوريات العربية الذى ضم كلًا من مصرو سورياو ليبيا، ومنذ ذلك الوقت عرف القصر باسمه غير الرسمى الحالى قصر الاتحادية أو قصر العروبة. وفى الثمانينيات وضعت خطة صيانة شاملة للقصر حافظت على رموزه القديمة ثم تحول القصر بعدها إلى مقر المجمع الرئاسى فى مصر برئاسة مبارك. وجدير بالذكر أن ضاحية هليوبوليس تغير اسمها بعد ثورة 23 يوليو 1952 إلى «مصر الجديدة» فى حين ظلت بعض أسماء المنشآت تحمل الاسماء القديمة مثل نادى هليوبوليس وبعض المحلات الخاصة.