هذا نموذج آخر مُشرف للعالم والباحث المصرى الذى لم تعقه العراقيل ولا الروتين المعتاد فى بلادنا عن مواصلة نجاحاته العلمية واكتشافاته البحثية.. إنه د. أشرف خليل رئيس قسم بحوث البروتين بمعهد الهندسة الوارثية فى مدينة الأبحاث العلمية والتطبيقات التكنولوجية ببرج العرب.. استطاع د. أشرف اقتحام أحد أخطر معاقل المرض الذى يتسبب فى وفاة الملايين من البشر سنويا، وهو مرض السرطان.. ومن خلال أبحاثه توصل ليس فقط لامكانية الاكتشاف المبكر للسرطان وانما اكتشاف مدى قابلية الجسم للإصابة به مستقبلا وذلك عن طريق دلالة جزيئية عن الأجسام المضادة للجين المسئول عن إيقاف انقسام الخلية البشرية.. مركزا على دور ما يسمى «بروتينات الصدمة الحرارية» فى علاج أمراض السرطان بشتى أنواعها. «أكتوبر» التقت د. أشرف خليل.. لتسليط الضوء على اكتشافه العلمى المهم والذى يمكن أن يساعد فىانقاذ حياة ملايين من المصابين بالسرطان أو المستعدين للإصابة به.. ? هل هناك من جديد فى الأبحاث العلمية المتعلقة بمرض السرطان؟ ?? من المعروف أن مرض السرطان من أخطر أمراض العصر الحديث وقد سمى هذا المرض بالسرطان نسبة إلى حيوان السرطان الذى يطبق على فريسته فى أى موضع من جسمها ثم يمد أطرافه المتعددة فى جميع الاتجاهات وأطلق عليه هذه التسمية «أبو قراط» المعروف بأبو الطب وذلك فى القرن الخامس الميلادى والسرطان (CANCER) هو ورم خبيث ينشأ عن نمو خلايا الجسم نمواً غير طبيعى وبدون سيطرة وليس لهذا النمو نهاية. وهناك ما يقرب من 250 نوعاً من هذا المرض اللعين نذكر منها: سرطان الثدى والبروستاتا والقولون والمستقيم والمثانة والمبيض والرحم والمعدة والكبد والقناة الهضمية والدم. ? وما هى أسباب الإصابة بهذا المرض؟ ?? فى أغلب الأحيان يظل السبب المباشر لحدوث السرطان غامضا إلا أنه من المعروف الآن أن هناك مجموعة من العوامل الخارجية والداخلية التى تتسبب فى الإصابة بالسرطان وتعتبر العوامل الخارجية والمرتبطة بالبيئة وغذاء الانسان الأكثر أهمية فى هذا الخصوص حيث يقدر أن حوالى 80% من حالات الإصابة بالسرطان يمكن أن ترجع بشكل أو بآخر لهذه العوامل، حيث يقدر أن 35% من حالات السرطان لها علاقة بغذاء الإنسان كاللحوم المصنعة واللحوم المشواة والزيوت المهدرجة، و3% لها علاقة بالتدخين، 5% لها علاقة بالأمراض الفيروسية مثل فيروس الالتهاب الكبدى الوبائى وفيروس الثآليل الجنسية الذى يصيب الرحم، 5% لها علاقة بعوامل مهنية كطبيعة العمل والملوثات الموجودة فى بيئة بعض المهن والصناعات مثل الصناعات البلاستيكية والصباغات والمبيدات ومشتقات البترول كما أن 3% من الحالات لها علاقة بالتعرض لجرعات اشعاعية غير طبيعية مثل الأشعة فوق البنفسجية وأشعة اكس كما أن استهلاك المشروبات الكحولية يتسبب فى حوالى 3% من حالات السرطان ولملوثات الهواء دور فى حوالى 2% من حالات السرطان وتعتبر العوامل الوراثية مسئولة عن الإصابة فى حوالى 5% من الحالات. ? ما الجديد الذى توصلت اليه أبحاثك فى مجال السرطان؟ ?? البحث توصل إلى إمكانية الاكتشاف المبكر لقابلية جسم الانسان للإصابة بالسرطان وذلك عن طريق دلالة جزيئية عن الأجسام المضادة للجين المسئول عن إيقاف انقسام الخلية البشرية،ويتناول البحث أهمية ودور ما يسمى بروتينات الصدمة الحرارية(HSPs).. فى مختلف أنواع الأورام و التى قد تكون مؤشرات حيوية أو أهدافا جزيئية لعلاج السرطان حيث قامت بنشره مجلة علمية عالمية تسمى «BBA - Reviews on Cancer» وهى تعتبر من أهم المجلات العلمية فى هذا المجال وقد استغرق تجميع مادة البحث وكتابته وإعداده للنشر ما يزيد على سنة ونصف السنة حيث تم مراجعة وفهرسة وتبويب واستخلاص المعلومات من حوالى مائتين وخمسين بحثا على مدار فترة تزيد على عشرين عاما. وتقوم تلك المجلة العالمية برصد التطورات الجديدة فى دراسة السرطان على المستوى الجزيئى وذلك بنشر أفضل المقالات البحثية المرجعية وذات الأهمية البائعة فى مجال بحوث السرطان بما فيها بيولوجيا السرطان، الجينات الكابحة للأوارم، السيطرة على دورة الخلية السرطانية، آليات حدوث التسرطن، وتصميم الأدوية المضادة للاوارم. وبالعودة إلى موضوع البحث ودور بروتينات الصدمة الحرارية فى مختلف أنواع الأورام والتى قد تكون مؤشرات حيوية أو أهدافا جزيئية لعلاج السرطان. وترجع تسمية هذه العائلة من البروتينات بهذا الاسم بسبب قيام الجينات بإنتاج هذه البروتينات بعد تعرض الخلية للصدمة الحرارية، هذه البروتينات تقوم على أعادة تنظيم الهيكل الحيوى لجزئيات البروتينات عند تعرضها للتلف أو المساعدة فى إزالتها إذا كان قد أصابها تلف لا يمكن أصلاحه. إلا أن نفس الاستجابة للصدمة الحرارية تحدث بالجسم بعد تعرضه للضغوط المختلفة بما فى ذلك الضغوط البيئية والضغوط الخاصة بعملية الأيض الحيوى، نقص الأكسجين، والتعرض للأشعة فوق البنفسجية والمواد الكيميائية، والنيكوتين، والجراحة، ونقص التغذية على سبيل المثال نقص الجلوكوز، الضغط النفسى والاصابات الفيروسية أو الضغوط الأخرى، مثل التعرض للشوارد الحرة (مشتقات الاكسجين النشطة) والمواد المسرطنة. هذا الحث على أنتاج بروتينات الصدمة الحرارية يمكن الخلايا من البقاء على قيد الحياة وتحمل ظروف الإجهاد والضغط. وقد قام العلماء بتصنيف بروتينات الصدمة الحرارية فى الثدييات إلى ست عائلات وفقا لحجمها الجزيئى. وبروتينات الصدمة الحرارية لا تعمل فقط أثناء الإجهاد الخلوى ولكن أيضا فى ظل الظروف الفسيولوجية الطبيعية حيث تلعب دورا حاسما فى الحفاظ على التوازن الطبيعى للخلايا فى أمراض المناعة الذاتية. وعلاوة على ذلك، فمن الواضح أن الإجهاد المفرط يلعب دورا رئيسيا فى التسبب فى أمراض القلب. كما اثبت ايضا، ارتباط عدد متزايد من اضطرابات الجهاز العصبى بمعدل انتاج بروتينات تالفة وتغير شكلها الهيكلى وبالتالى فإن زيادة إنتاجها يعتبر مؤشرا عاما فى معظم ان لم يكن جميع أمراض الأعصاب ? وكيف تؤثر بروتينات الصدمة الحرارية فى الاستجابة للعلاج من السرطان؟ ?? يركز هذا البحث على مناقشة العلاقة بين زيادة أو نقص انتاج بروتينات الصدمة الحرارية والاصابة ببعض الأورام وارتباطها بزيادة تكاثر الخلايا و سوء تمييز الخلايا وانتشار المرض وضعف الاستجابة للعلاج. ومثال على ذلك زيادة إنتاج مجموعة منها فى أورام الثدى و المبيض و الرئة والمثانة و الكبد فى حين يقل أنتاجه فى حالات سرطان الخلايا الحرشفية بالفم والورم الدبقى. وأيضا زيادةأنتاج مجموعة أخرى فى سرطان المعدة والرئة ومجموعة ثالثة فى حالات سرطان القولون والمستقيم والبروستاتا والمثانة. وهكذا حيث يزيد انتاج مجموعة مختلفة من مجموعات تلك البروتينات فى كل نوع من أنواع الاورام. وكل هذه الدراسات أدت الى العمل على تخليق عقاقير مضادة لزيادة معدلات بروتينات الصدمة الحرارية فى الجسم مما يساعد فى السيطرة على المرض وزيادة الاستجابة للعلاج، وحتى الآن لا يوجد عقاقير مضادة لبعض انواع تلك البروتينات ولكن هناك عقاقير مضادة لمجموعات أخرى منها، وتمر الآن هذه العقاقير بمراحل التجربة، لذلك يجب الاهتمام فى المستقبل بالبحوث الدوائية فى تصميم مثبطات لبروتينات الصدمة الحرارية المستهدفة والتى تتميز بقدرة منخفضة على مقاومة الجسم لها وإنتاج علاجات مضادة للأورام أكثر فعالية. ? وكيف يمكن اكتشاف قابلية الجسم للإصابة بالسرطان مبكرا؟ ?? يؤكد البحث إمكانية اكتشاف قابلية جسم الانسان للإصابة بالسرطان مبكراً وذلك عن طريق الكشف عن وجود الأجسام المضادة للجين المسئول عن إيقاف انقسام الخلية البشرية ويسمى الجين (P53) والذى إذا تعطل بسبب عملية تكوين أجسام مضادة له فإن الخلية تظل فى انقسام مستمر غوغائى وعشوائى وهذا بالطبع تؤدى الى حدوث خلل فى الجزيئات ومن ثم السرطان، ولقد وجد أن هذه الأجسام المضادة يؤدى الى الكشف المبكر عن القابلية للإصابة بالسرطان.