لم يكن الترحيب والاحتفاء الذى قوبل به فوز روحانى برئاسة إيران من قبل الدول الغربية أمرا مفاجئا، خاصة أن الرئيس الإيرانى الجديد كان قد وعد خلال حملته الانتخابية باعتماد سياسة أكثر مرونة تجاه الغرب، وقد عكست ردود الفعل الدولية رغبة الدول الغربية فى انتهاج سياسة مختلفة مع إيران فى ظل نظام الحكم الجديد، فالولايات المتحدة أعلنت أنها مستعدة للتعاون مباشرة مع طهران حول ملفها النووى، وفى باريس قال وزير الخارجية الفرنسى «لوران فابيوس» إن فرنسا «أخذت علما بانتخاب حسن روحانى» رئيسا لإيران وهى مستعدة للعمل معه، خصوصا حول الملف النووى، من جانبها دعت بريطانيا الرئيس الإيرانى المنتخب إلى وضع إيران على سكة جديدة، خصوصا عبر التركيز على قلق المجتمع الدولى حيال البرنامج النووى الإيرانى. كما وصف «جاك سترو» وزير الخارجية البريطانى الأسبق روحانى فى مقال بصحيفة «ديلى تلجراف» بأنه رجل ذكى سياسيا، وله رؤية لنظام أكثر اعتدالا، ويرى سترو أن الخطأ الذى يقع فيه كثيرون فى الغرب بشأن إيران هو الحط من قدرها باعتبارها تُدار من قبل رجل واحد، يقصد ديكتاتورية المرشد الأعلى، مضيفا أن المرشد هو السلطة الأعلى لكنه رغم ذلك يجب عليه أن يأخذ فى الاعتبار القوى المتنافسة التى تشكل المؤسسة الإيرانية، من الحرس الثورى وبقية الجهاز الأمنى ورجال الدين الذين منهم روحانى والبرلمان والرئيس المنتخب، كما أعلنت كاثرين آشتون وزيرة خارجية الآتحاد الأوروبى أن الاتحاد عازم على العمل مع الرئيس الإيرانى المنتخب حسن روحانى حول الملف النووى لبلاده. وإذا كانت الدول الغربية احتفت بهذا الفوز أملا فى تغيير سياسة إيران خاصة فيما يتعلق بالملف النووى، فالأمر لم يكن كذلك بالنسبة لإسرائيل، حيث قللت اسرائيل من دور الرئيس المنتخب، مؤكدة أن سياسة إيران النووية يحددها المرشد الأعلى «على خامنئى»، وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية فى بيان إن “البرنامج النووى لإيران قرره حتى الآن خامنئى وليس الرئيس الإيرانى”، مشيرة إلى أنه “سيستمر الحكم على إيران استنادا إلى أفعالها فى المجال النووى كما فى مجال الإرهاب»، وأضاف البيان أن على إيران أن تتجاوب مع مطالب المجتمع الدولى بوقف برنامجها النووى والكف عن نشر الإرهاب فى العالم. أما الصحف الغربية فقد تساءلت حول ما إذا كان انتخاب روحانى سيؤدى إلى تغيير حقيقى فى هذا الملف، حيث ذكرت صحيفة « نيويورك تايمز» الأمريكية أن السؤال الذين يدور الآن داخل العواصم الأوروبية يتمثل فيما إذا كان اتباع نهج أكثر تصالحية سوف يؤدى فى نهاية المطاف إلى تغيير جوهرى فى الصراع مع إيران حول برنامجها النووى، وخاصة فى ظل حقيقة أن الرغبة فى إجراء حوار مع الغرب لا تعنى بالضرورة الموافقة على تقديم تنازلات، وأضافت أن هذا السؤال يزداد تعقيدا لاسيما أن مرشد الثورة الإيرانية على خامنئى لا يزال يستحوذ على السلطة المطلقة لإدارة شئون البلاد المدنية والدينية، ومنها السياسات الخاصة بالبرنامج النووى، وهو ما اتضح فى تصريح «شريف حسينى» النائب البرلمانى بأن بلاده لن تغير سياساتها النووية». أما صحيفة «الأوبزرفر» البريطانية فقالت إن روحانى كان قد وافق على وقف تخصيب اليورانيوم، والسماح بمزيد من التدقيق فى البرنامج عندما كان مسئولا عن التفاوض مع الغرب بشأن البرنامج النووى المثير للجدل، متجنبا خطر الإحالة لمجلس الأمن والعقوبات الاقتصادية. وأكدت الصحيفة أنه خلال حملته الانتخابية التى استمرت لثلاثة أسابيع، رغب روحانى فى تحسين علاقته مع الغرب، والعمل على رفع العقوبات من خلال إيجاد حل للمأزق النووى. أما صحيفة «ليبراسيون» الفرنسية فأشارت إلى أن المجتمع الدولى أعرب بعد انتخاب روحانى على رأس السلطة فى إيران، عن أمله «على الأقل» فى وجود اختلاف فى نمط التعامل الإيرانى وليس تغييرا حقيقيا، ونقلت الصحيفة عن دبلوماسى أوروبى قوله «إننا لا نتوقع ثورة، وإنما الفرصة تكمن ربما فى تناول الملفات بشكل مختلف»، مشيرا إلى أن الانتخابات الرئاسية الإيرانية «لن تغير شيئا أساسيا، ولكن يمكن أن تؤدى بالضرورة إلى اختلاف عن نمط الرئيس السابق نجاد».