بعد غلق باب الترشح للانتخابات الرئاسية الإيرانية 2013، اصطف المرشحون على خط البداية فى انتظار انطلاق ماراثون الانتخابات المزمع إقامتها فى شهر يونيو القادم، وقبيل الكشف عن برامجهم الانتخابية انتظر المرشحون قرار لجنة مراقبة الانتخابات التابعة لمجلس صيانة الدستور، والتى يتعين عليها البت فى أهلية وصلاحية 686 مرشحا- من بينهم 30 امرأة - تقدموا لخوض الانتخابات. ويعد الرئيس الإيرانى الأسبق على أكبر هاشمى رفسنجانى (1989-1997)، من أبرز الأسماء التى تقدمت للترشح، وكذلك إيسفنديار رحيم مشائى المساعد السابق لأحمدى نجاد والمدعوم منه شخصيا، وذلك برغم ترشح شقيق نجاد الأكبر داوود أحمدى نجاد، بالإضافة إلى على أكبر ولايتى مستشار المرشد الأعلى على خامنئى للشئون الخارجية. ومع بدء العد التنازلى لانطلاق الانتخابات الإيرانية يترقب العالم بشغف كبير ما ستسفر عنه نتائجها، لتحديد هوية الرئيس السابع فى تاريخ الجمهورية الإسلامية منذ تأسيسها عام 1979، والذى سيخلف أحمدى نجاد الذى أوشكت ولايتة الثانية على الانتهاء والذى لايحق له الترشح لولاية ثالثة وفقا للدستور، وتحظى تلك الانتخابات بأه مية كبيرة حيث يواجه خليفة نجاد تحديات كبيرة أبرزها المستوى الاقتصادى المتدنى للبلاد فى ظل العقوبات الدولية بسبب برنامجها النووى، والذى تثار بسببه التكهنات حول تدخل عسكرى محتمل من قبل القوى الكبرى فى العالم. ويعتقد كثير من الخبراء والمحللين السياسيين أن الانتخابات الرئاسية الإيرانية ستشهد العديد من المتغيرات، مستندين فى ذلك لتصريح المرشد الأعلى للثورة الإيرانية “على خامنئى” بأن الانتخابات ستكون الإنجاز الأكبر للشعب الإيرانى وأنها ستساهم فى رسم غد مشرق لبلادهم. وفى الوقت الذى يرى فيه كثير من المراقبين والمتابعين أن الرئيس المقبل للجمهورية الإسلامية سيكون من بين حفنة السياسيين الخاضعين للمرشد الأعلى أو من بين بطانته التى تدين له بالولاء والطاعة، جاء الرئيس السابق هاشمى رفسنجانى بترشحه ليقلب كافة الموازين والحسابات، حيث يحظى بشعبية كبيرة بين الإصلاحيين بالإضافة لدعم شريحة ليست بالقليلة من المحافظين القلقين على مستقبل بلادهم، ما جعله المرشح الأوفر حظا للفوز بالانتخابات، كما وصفته الصحف الإصلاحية بالمنقذ، كما صرح “أحمدى خرام” وزير النقل السابق قائلا: “إن ترشح رفسنجانى حدث تاريخى، فبلادنا فى حالة حرجة وخطرة ونحتاج لشخص بحكمته وحنكته”، كما أشارت صحيفة “الفايننشيال تايمز” البريطانية إلى أن ترشح رفسنجانى يمثل تحديا كبيرا، وحتى وإن خسر الانتخابات، فإنه سيظل شوكة فى حلق النظام الحالى الحالم بنقل مقاليد الحكم بسلاسة لمواليه وهو ما لايمكن بسهولة فى وجود رفسنجانى، ومن المعروف سابقا كراهية خامنئى لرفسنجانى عندما كان الأخير رئيسا للبلاد بسبب نهجه العملى الذى يهدف إلى إصلاح العلاقات مع دول المنطقة وتحرير الاقتصاد الإيرانى، فى حين رأت وسائل إعلام موالية للمحافظين ان تيار الثورة بقيادة المرشد الأعلى ومرشحه سيهزم كلا من «تيار الانحرافى» بقيادة مشائى و«تيار العصيان» بقيادة رفسنجانى. وتتضاءل فرص مرشح نجاد ومساعده السابق رحيم مشائى فى تجاوز لجنة مراقبة الانتخابات بسبب مشاعر الكراهية له من قبل المرشد الأعلى والكثير من رجال الدين والقضاة الذين تتألف منهم اللجنة، حيث يعتبرونه زعيما لتيار ضال بعد تصريحاته عن القومية الايرانية دون الإسلامية، مما يجعل الأمل ضئيلا أمام أحمدى نجاد وحلفائه للاحتفاظ بنفوذهم وربما بحريتهم بمجرد انتهاء الانتخابات، فى ظل توتر العلاقات مع خامنئى والتحدى الواضح له من قبل نجاد الذى أصر على ترشيح “مشائى” ودعمه بصورة علنية، ويذكر أن خامنئى قد تدخل شخصيا عام 2009 لمنع تعيين مشائى نائبا لنجاد بسبب تصريحاته العلمانية الكافرة على حد وصف المعسكر المحافظ. وفى حالة سماح لجنة المراقبة لمشائى بخوض الانتخابات فإنه سيحظى بتأييد انصار نجاد الذى حرص على مرافقته أثناء تقديم أوراقه للترشح، بينما يستند رفسنجانى إلى دعم الإصلاحيين وتيار واسع من المحافظين، فى حين يتمتع أكبر ولايتى المرشح الموالى لخامنئى بدعم واسع من قبل تيار الأصوليين. ورغم التكهنات حول حصول رفسنجانى على موافقة المرشد الأعلى خامنئى قبل اعلانه خوض الانتخابات إلا أن “فريدة فرحى” وهى محاضرة إيرانية فى جامعة هاواى شددت على أن ذلك غير مؤكد، وإن حدث فلا يعنى وجود تحالف بينهما، نظرا للعداء الشديد والخلافات الجوهرية بينهما، فالأول يرى أن الاصلاح هو مفتاح استمرار الجمهورية الإسلامية، فيما يخشى الثانى من أن يكون ذلك إيذانا بانهيارها، بينما لم تستبعد صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية وجود صفقة فيما بينهما، إلا أنها شددت على أن نتيجة تلك الانتخابات لايمكن معرفتها مسبقا ولايمكن التنبؤ باسم الرئيس القادم، كما أنها لن تخلو من المفاجآت على حد وصفها.