أفلام الخيال العلمى الأمريكية لها جمهورها الواسع، ولكن من الصعب حقًا أن تجد منها فيلمًا يقدم فكرة عميقة توازى ما يقدمه من إبهار بصرى باستخدام عالم الخدع والمؤثرات، يبدو أن هدف صُناع هذه الأفلام هو الاستعراض التقنى، وفيلم «النسيان» الذى قام ببطولته توم كروز وأخرجه جوزيف كوزينسكى لا يختلف كثيرًا عن هذه الأفلام السائدة التى تقوم على الإمكانيات الضخمة (تكلَّف 120 مليون دولار) وبعد أن تشاهد على مدار أكثر من ساعتين ما يقترب من عروض الفيديو جيم، تخرج من السينما وفى ذهنك أقل القليل، وكأن داء النسيان قد تسرب إليك من الفيلم الذى يعتبر أن الذاكرة تساوى الإنسان نفسه، وكأنه يقدم بذلك فتحًا مبينًا فى تاريخ المعانى والأفكار! الفيلم مقتبس عن رواية غير منشورة كتبها المخرج نفسه، وبينما تبدو الحبكة معقدة نسبيًا، إلا أن الفكرة بسيطة للغاية، ويمكن أن تعتبر فيلم «النسيان» تقليديًا تمامًا فى تكرار استخدام فكرة الاستنساخ التى استهلكت فى كثير من الأفلام السابقة، تتعرف فى المشاهد الأولى عن زمن الفيلم المستقبلى وهو عام 2077، يظهر بطلنا جاك هاربر «توم كروز» داخل برج للمراقبة بجوار صديقته الجميلة فيكتوريا «أندريا ريسبوردج» يحكى لنا «جاك» ما يعرفه عن تدمير القمر الخاص بالأرض، وتدمير الأرض من خلال هجوم من كائنات فضائية يُطلق عليها اسم «آكلو الجيف» وقد أدى ذلك كما يقول جاك إلى حرب انتصر فيها الإنسان ولكنه خسر فيها الأرض، هاجر البشر إلى قمر اسمه «تايتان» يدور حول زُحل، ولكن ظلت هناك جيوش مقاومة لآكلى الجيف على الأرض، وقد قرر جاك أن يساهم من خلال عمله فى هذا البرج فى إعداد وبرمجة المركبات الفضائية اللازمة، للقضاء على ما تبقى من كائنات الفضاء، وذلك من خلال إشراف وتوجيه «سالى» التى تقيم فى محطة للمقاومة يطلق عليها «التت» وتنقل رسائلها إلى فيكتوريا مساعدة جاك عبر الشاشة فقط. نعرف أيضًا معلومة مهمة جدًا هى أن سالى قد مسحت ذاكرة جاك، حتى إذا وقع فى أيدى كائنات الفضاء لا يستطيعون الحصول منه على أى معلومات خطيرة، ومع ذلك نجد أن جاك يتذكر لقطات بالأبيض والأسود له فى مدينة نيويورك مع فتاة مجهولة، ولا أدرى كيف ياذكر رغم مسح ذاكرته، المهم أن رحلات جاك بالمركبة الخارقة تؤدى فى إحدى جولات تنظيف الأرض من بقايا الغزاة، إلى اكتشاف كبسولة بها امرأة نائمة تشبه تلك المرأة التى تظهر له فى الحلم، يعرف أنها رائدة فضاء اسمها «جوليا» يعود معها إلى مكان تحطم مركبتها فيتم أسر جاك، ولدهشته يكتشف أنه وقع فى أيدى مجموعة من البشر بينما كان يتصور أنه سيقع فى أيدى كائنات فضائية من فصيلة آكلى الجيف، يكشف زعيم المجموعة «فالكوم» (موجان فريمان) حقيقة تقلب مسار الأحداث رأسًا على عقب، ينفى تمامًا وجود شىء اسمه كائنات فضائية، ويخبر جاك أنه فى حاجة إليه لبرمجة مركبة فضائية ليتم مهاجمة «التت» الذى يضم سالى، إنها هى التى تدير عملية إفناء البشر، والحصول على المياه من كوكب الأرض، وقد استخدمت جاك وفيكتوريا لهذا الغرض. يقوم مالكوم بإطلاق سراح جاك هاربر الذى يلتقى من جديد مع جوليا وتعترف له بأنها زوجته التى رافقته فى جسم غريب فى الفضاء هو «التت»، ويزيد الأمر غموضًا مع ظهور رجل يشبه شكل وهيئة جاك هاربر، يتصارع معه جاك ويتغلب عليه، وفى الوقت الذى تشعر فيه فيكتوريا بالغيرة الشديدة من ظهور جوليا، زوجة جاك، تتكامل أبعاد الصورة ليكتشف جاك الحكاية كلها، بل ويتذكر التفاصيل التى نسيها. أصل القصة هى أن رحلة سفينة الفضاء عام 2017 كانت تضم كلًا من جاك وفكتوريا وجوليا التى وضعت فى كبسولة للنوم والاحتفاظ بالجسد لسنوات طويلة، عندما وجد جاك أن الجسم الغريب المسمى ب «التت» سيدمر السفينة، قرر أن يطلق كبسولة النوم الخاصة بزوجته جوليا فى الفضاء، وقد نجحت سالى فى استنساخ جاك وفيكتوريا، ومسحت ذاكرتيهما، واستخدامتهما فى استنزاف ثروات الأرض، بعد أن أوهمت جاك أنه يحارب الكائنات الفضائية، ولكنه اكتشف أن المركبات الفضائية التى يقوم بإصلاحها تقتل البشر وليست تلك الكائنات المزعومة! يتحالف جاك مع مالكوم للانتقام للبشرية، مرددًا أبيات لشاعر رومانى عن أن أفضل ميتة هى تلك التى يتحدى بها الإنسان خوفه انتقاما للأجداد، ينجح فى نقل مالكوم إلى الكبسولة وصولًا إلى التت، وباستخدام قنابل نووية، يقومان بالتضحية بنفسيهما، ويدمران التت، ولكن بعد ثلاث سنوات، وفى منزل جاك القديم، ووسط الخضرة اليانعة، تظهر جوليا زوجة جاك ومعها طفلته الجميلة، ثمرة لقاء عاطفى سريع، وفجأة نشاهد جاك نفسه يطل عليهما من جديد، لا تسألنى عن هذا البعث بعد انفجار التت، فالأخ جاك كما علمتم من المستنسخين، وليس على المستنسخ حرج وكل عام وأنتم بخير، المهم الإبهار وشغل السيما، والأهم أن جاك يؤمن بشعار هدى سلطان «إن كنت ناسى أفكرك».