بعد مرور أكثر من عامين على قيام ثورة يناير.. لم تحقق الثورة الكثير من أهدافها وواجهت الكثير من التحديات الداخلية والخارجية حتى أنها أصبحت فى مفترق طرق. فعلى المستوى الداخلى انقسم فرقاء الوطن وادعى كل فصيل أنه صاحب الثورة ومفجرها وعندما يتقدم الوطن خطوة فى طريق الديمقراطية يرفض البعض الاحتكام لآلياتها فى سعيهم الحميم للسلطة وجروا وراءهم الشارع المصرى، وصاحب ذلك تردٍ كبير فى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية فخلقوا مناخا وهيئوا تربة لأنصار الثورة المضادة ليخرجوا من جحورهم ويتسللوا لمشهد الثورة، أما الثوار الحقيقيون فإنهم محزونون لوقوع الثورة فى فخ أعدائها فى الداخل والخارج، والحل كما يراه الخبراء نقدمه فى السطور التالية: يرى د. حسن أبو طالب مدير معهد الأهرام الاقليمى للصحافة أن القول بفشل الثورة غير صحيح، وأن الثورة وصلت إلى منتهاها أمر مغلوط، لأن ما يحدث الآن أننا مازلنا فى طور الثورة.. والثورة هى عملية تغيير ذات شقين: الأول هدم النظام السابق، والشق الثانى الدخول فى عملية تدريجية لبناء نظام جديد.. ومن المعروف أنه من اليسير هدم نظام قائم، أما أن نعيد بناء نظام جديد فهذا يتطلب تصوراً عاما، وجهود تشترك فيها كل قوى المجتمع من خلال خطط وموارد وسياسات واضحة وتوافق وطنى.. وهذا لا يعنى الاتفاق التام.. لكنه يعنى وجود مجموعة من القيم الأساسية تؤمن بها القوى السياسية المختلفة.. وفى نفس الوقت يمكن أن تختلف الرؤى التفصيلية والطبيقية فى الوصول إلى إنشاء هذا النظام الجديد، على أن يكون الخلاف فى التطبيق أمر طبيعى لا يخشى منه.. وهذه مشيئة الله جل شأنه فى كونه، والتى تعنى التنوع المتكامل لا المتنافر، والذى يمكن من صيرورة الحياة وتطورها. ومايحدث فى مصر الآن أننا اختزلنا كل هذه الأمور، واتجهت كل القوى السياسية إلى النزوع للحكم كل على هو أما حسب ما تبغى، دون أن يكون هناك توافق على أسس النظام الجديد. والقوى السياسية فشلت فى أن تصل إلى حالة التوافق على أسس النظام الجديد. وهذا يعنى أن الثورة لم تفشل، وإنما هم الذين فشلوا لأنهم لم يدركوا طبيعة المرحلة.. ووجدنا من يتسرع للحصول على المغانم لها لنفسه.. وهناك من يرفض لمجرد الرفض.. وهناك من يدين لمجرد الإدانة.. ونحن الآن أمام سلوكيات ذات طابع سلبى. وحتى هذه اللحظة فإن الجميع قد فشل، لكن الثورة لم تفشل، لأن الثورة ستظل (فكرة مهمة) للتغيير الجذرى.. وإذا فشل القادة الحاليون فى استيعاب هذا المعنى سيأتى بعدهم آخرون يستوعبون هذا المعنى الإيجابى، وينجزون أهداف الثورة. الثورة المضادة ويواصل د. حسن أبو طالب حديثه فيقول إن الذين يتصورن أن هناك ثورة مضادة ستعيد النظام السابق تفكيرهم خاطىء تمامًا وهو نوع من العطل والخطل،لأن من مات سياسيًا واجتماعيًا وتاريخيا ليس له من سبب فى العودة للحياة مرة أخرى.. والذين يتحدثون عن فشلهم وهم لم يدركوا المعنى الإيجابى لفكرة الثورة والتغيير الذى اجدثته.. ونحن مازلنا نعيش فى أوهام الماض، إذا استمر هذا الحال على ما هو عليه، فإن ذلك يعنى زيادة المأزق الذى نعيشه كثافة وعمقا. أما إذا تحررنا من هذه الأوهام إعادة بناء مصر الثورية الحديثة. ومن يريد البناء فعليه النظر إلى الأمام، وأن ينسى ما هو فى الخلف. ثورة بلا قيادة! د. محمد مرسى أستاذ العلاقات الدولية بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا يرى أن الثورة من المفترض أن تحدث تغييرا جذريا فى النظام.. وهذا لم يتم ومن المفترض أيضاً أن يكون لها قيادة وأهداف واضحة.. ومن قام بالثورة هو الذى يتولى القيادة لتنفيذ مطالب الثورة، وتعديل النظام بما يتماشى مع متطلبات الثورة.. لكن ما تلبى ذلك من أحداث بعد ثورة يناير يجعلنا نعيد تسميتها بمسمى آخر مثل: الضغط الشعبى الذى أدى إلى تنحى رأس النظام».. لكن نفس النظام قاد عملية تحول ديمقراطى عليها الكثير من علامات الاستفهام... وإذا ظلت الأحوال على ما هى عليه من تردٍ اقتصادى واجتماعى فمن الممكن أن يكون هناك دافع لتحرك الجماهير إلى المطالبة بتغيير حقيقى فى البلاد.. حيث لا توجد هناك خطط واضحة تبشر بإجراء تحسن فى أى قطاع على المستوى الاقتصادى والاجتماعى والسياسى، حيث إن الموجودين فى السلطة ليس لديهم خطط تطمئن الناس وتجعلهم فى انتظار الأمل لتحسن الأمور.. لذلك فإن الظروف الحالية من الممكن أن تؤدى إلى ظهور حراك شعبى للمطالبه بتحقيق أهداف ثورة يناير. حاجز الخوف! ويؤكد خالد فؤاد حافظ رئيس حزب الشعب الديمقراطى أننا لا نستطيع الحكم على نجاح الثورة أوفشلها خلال الفترة الانتقالية التى تمر بها الآن.. لأننا مازلنا فى هذه الفترة والتى لم تكتمل خاصة فى مجال البنية التشريعية، والتى تعتبر بمثابة العقل المفكر، لأن العقل هو مناط التكليف.. وعقل الثورة لم يكتمل، لأن مجلس الشورى مع احترامنا له لن يكون بديلا عن مجلس النواب، وإنما يقوم بدوره لحين انتخاب مجلس نواب يعبر عن إرادة الشعب المصرى، وعلى ذلك يصبح من قبيل التسرع إصدار الأحكام بفشل الثورة، أو نجاجها كلياً.. وهناك أهداف مرحلية نجحنا فيها مثل كسر حاجز الخوف لدى الشعب المصرى من الحكام، والذى أخذ زمام المبادرة لتقرير مصيره لأول مرة منذ مدة كبيرة. والشعب المصرى الآن قادر على التمييز بين الغث والثمين، مع مراعاة أن هناك طبقات عريضة من الشعب المصرى مازالت تعانى من الأمية والفقر.. ولابد أن نتحمل هذا الوضع القائم، والقيام بوضع خطط قومية لتغيير هذا الوضع المذرى من خلال عودة نظام الخدمة العامة لخريجى الجامعات، وتكون مهمة هؤلاء الخريجين العمل على محوأمية المواطنين، وهو العدد رقم (1) للشعب المصرى، وتقاعس الدولة عن عدم إعادة نظام الخدمة العامة غير مبرر. أعتاب مرحلة! نحن الآن على أعتاب مرحلة فارقة، فالشعب المصرى أمام اختيار محدد أن يحكم بلاده بنفسه ويشارك فى انتخابات برلمانية.. أو يستمر فى حالة اللامبالاة التى أدت إلى عدم نزول 26 مليون مواطن للإدلاء بأصواتهم فى انتخابات الرئاسة.. وعلى الشعب ان يشكل مجلس نواب بنفسه ولمحض ارادته، ثم يشكل حكومته من الأغلبية البرلمانية المنتخبة مباشرة منه ولأول مرة منذ قيام ثورة يوليو 1952. أما الخيار الثانى فهو أن يظل الشعب المصرى فى حالة اليأس واللامبالاة التى تبثها بعض الجهات المعادية لمصر بهدف السطو على ميراث وقدرات وإمكانات مصر.. وهذه الجهات تمثل دولًا اقليمية تريد سلب مصر مميزات موقعها وريادتها للمنطقة.. واستقرار هذا البلد ليس فى صالح هذه الجهات والدليل على ذلك أن هناك دولاً فى الإقليم احتلت مقعد مصر فى مجموعة دول العشرين التى تحكم العالم الآن.. وقد تم استبعاد مصر من هذه المجموعة العالمية الحاكمة وتحولت مصر إلى (الرجل المريض).. لكن ثورة يناير جاءت لتعيد الروح لهذا الكيان الكبير. خطر الثورة المضادة ويوضح ياسر عبد الحميد رئيس حركة «محامون من أجل مصر» أن الثورة لم تفشل، وإنما حققت الكثير من أهدافها فقد تم ابعاد بعض عناصر النظام الحاكم السابق.. لكن الثورة عجزت حتى الآن فى تحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية ومنها تطبيق الحدين الأقصى والادنى للأجور، وإذا تم تفعيل ذلك فسيحقق توفير 30 مليار جنيه سنويا بما يمكن إعادة توزيع هذا المبلغ الضخم لتحقيق قدر من العدالة، ورفع مستويات الأجور الضعيفة، ومساعدة الأسر الفقيرة من هذا الفائض. ويتهم ياسر عبد الحميد الرئيس السابق مبارك بأنه يقود الثورة المضادة من محبسه بسجن ليمان طره ومبارك قال ذلك قبل التنحى «إما هو أو الفوضى».. وقد عاش الرئيس السابق حتى هذه اللحظة ليرى الفوضى التى كان ينشدها!. وما جرى فى محاكمة مبارك فى الجلسة الماضية يؤكد هذا المعنى ويؤكد لسان حال مبارك أنه نجح فى قيادة الثورة المضادة.. وبالرغم من كل ما حدث فإن الثورة لم تفشل كما يدعى البعض لكنها ماضية فى طريقها لتحقيق لأهداف التى تفجرت من أجلها وهى: «عيش، حرية، عدالة اجتماعية» بشرط أن يرتفع الجميع عن التشاحن والتباغض وأن تتشابك الأيدى بهدف البناء وليس الصراع..لابد من إقالة حكومة هشام قنديل.. وعلى المجتمع المصرى أن يهدأ قليلًا حتى تنتهى قضية النائب العام بالطرق القانونية دون تدخل من أية جهات أخرى، وترك الأمر لمؤسسة القضاء المصرى.. وعلى كل مواطن مصرى العمل بجد فى مجاله.. وعلى مؤسسات الجيش والشرطة والقضاء ورجال الدين مسلمين ومسيحيين ورجال الإعلام أن يكونوا جميعا محايدين من الناحية السياسية حتى ينصلح حال الشعب المصرى، وإذا تم حياد هذه المؤسسات الخمس التى أشرنا إليها ستحقق أهداف الثورة لا محالة. رسالة للرئيس ويوجه ياسر عبد الحميد رسالة إلى الرئيس محمد مرسى أن يعى سيادته أن كل من يعارضه حبا فى تقدم البلاد وليس كرهًا فى شخصه الكريم.. وعلى الرئيس مرسى اتخاذ قرارات حكيمة تتطلبها المرحلة، وذلك بعد تفكير وتروى حتى لا يضطر أن يلغى قراراته مرة أخرى كما فعل من قبل.. وليعلم سيادة الرئيس مرسى أنه يحكم شعباً واعياً، وشعباً له تاريخ أكثر من 10 آلاف عام.. وليس شعباً تاريخه لا يتعدى 80 عامًا!. «لم تفشل» بها بين الكلمتين بدأ تامر القاضى المتحدث باسم اتحاد شباب الثورة كلامه وهو يصف الثورة لكنها تمر بصعوبات مرحلية وعوائق خطيرة، لأن جماعة الإخوان أقصوا الثورة والثوار عن المشهد السياسى، بعد أن تخلوا عن اهداف الثورة وتنكروا لها عندما حققوا أهدافهم فى الوصول إلى سدة الحكم. عبد الفتاح نصار المتحدث الرسمى لائتلاف 19 مارس قال ل أكتوبر إنه بعد تطور الأحداث خلال عامين يتضح ان الثورة فشلت وأسباب الفشل ماثلة للجميع فهناك انحدار مستمر فى احوال البلاد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والمالية. والثورة التى لا تحقق اهدافها فى تقديم الرخاء للشعب تعتبر فاشلة. ويطالب عبد الفتاح نصار قوى الشعب المختلفة بالانتفاضة ضد كافة الممارسات الخاطئة لجماعة نظام الحكم الحالى، والحل فى ضرورة إنصات النظام إلى صوت العقل، ويعلى مصلحة مصر فوق المصالح الحزبية. وفى البحث عن حلول للخروج من المأزق.. يدعو د. حسن أبو طالب كل من لديهم القدرة على التحرك واتخاذ القرار السليم خاصة الذين هم فى السلطة لأنهم أصحاب القرار الآن أن يمدوا ايديهم لكافة القوى السياسية الأخرى الموجودة بالمجتمع، وأن يجتهد الجميع من خلال الحوار العقلانى للوصول إلى توافق وطنى عام لبناء مصر جديدة تحقق أهداف الثورة، وتحقق الحرية والعدالة والتنمية والديمقراطية. القضايا القومية ويضيف أبو طالب لدينا الآن 4 قضايا قومية لا خلاف عليها، القضية الأولى حماية الأمن القومى المصرى وفى القلة منها حماية الجيش المصرى من أى افعال أو مؤامرات تريد انقسامه أو إضعافه. والقضية الثانية إنهاض الاقتصاد المصرى وإخراجه من عثرته.. والقضية الثالثة تطوير التعليم ليتوافق مع أهداف الثورة وبناء مواطن صالح يؤمن بهذا الوطن ويضحى من أجله.. والرابعة تحقيق الأمن الداخلى، والذى يعنى القضاء على كل مظاهر الانفلات السلوكى الذى أصبح سمة غالبة فى كل بقاع مصر!. ويطالب. محمد مرسى كافة فرقاء الوطن من حكام ومعارضة بالنظر إلى مصلحة مصر العليا.. وأن يضع الجميع قضية الوطنية المصرية الخالصة فى عقولهم وقلوبهم. ونسأل الله العلى القدير التوفيق لمصر أن تخرج من المحنة التى تمر بها وتعود كما كانت قوية متعافية بسلام وبدون خسائر جديدة. نجاح الثورة وينهى خالد فؤاد حافظ حديثه قائلا إن الخطوة التى تحدد نجاح الثورة أو فشلها ليست محاكمات رموز النظام السابق أو استعادة الأموال المنهوبة، وإنما مشاركة الشعب المصرى فى تشكيل حكومته القادمة والتى ستعبر عن إرادة الأمة المصرية. ونسبة التصويت فى الانتخابات البرلمانية هى التى ستحدد نسبة نجاح الثورة، وكلما ارتفعت نسبة التصويت زادت نسبة نجاح الثورة بالقياس إلى الحكم الهائل لمجموع الناخبين المصريين. والحل كما يراه تامر القاضى العمل على استكمال أهداف الثورة والحشد الشعبى لتحقيق هذه الأهداف، لأن الأوضاع الحالية فى البلاد متردية، ولن يكون هناك تحسن إلا بتحقيق اهداف ومطالب الثورة فى العيش بكرامة وتحقيق الحرية والديمقراطية والثورة التى اطاحت بنظام مبارك العنيد وكذلك المجلس العسكرى هى قادرة على الاطاحة بنظام الإخوان فى حالة استمرارهم فى سياساتهم الاقتصادية والتسليطية والتنكر لمبادئ واهداف الثورة.. واى فصيل سياسى يظن أن مصر ملك له وحده يكون خاطئا.. والثورة ستطيح به آجلًا أم عاجلًا. كيفية الخروج من الأزمة يؤكد سامح فؤاد منسق عام حركة «محامون من أجل مصر» أن الثورة لم تفشل، لأننا قد تخلصنا من نظام قمعى مستبد الذى كان يحكم البلاد. وإن لم تكتمل اهداف الثورة حتى هذه اللحظة،فإن المأمول أن يتم تحقيق كل اهداف الثورة على مراحل زمنية طبقا للرؤية الجديدة من خلال تحقيق العدالة الاجتماعية والحرية بالإضافة إلى الاصلاحات الاقتصادية، وترسيخ التعددي الحزبية، واقرار مبدأ التداول السلمى للسلطة طبقا للآليات الديمقراطية المتعارف عليها عالميًا. ويرى سامح فؤاد انه لابد من اتباع مجموعة من السياسيات يتخذها النظام الحاكم للوصول للإصلاح السياسى والاقتصادى والاجتماعى مثل قانون الحد الادنى والاقصى للأجور، وإقرار قانون للضريبة التصاعدية، والاعتماد على الموارد الذاتية للبلاد بدلًا من الاقتراض الذى يزيد عبء الخزانة العامة.. وبالنسبة للجانب السياسى فالمطلوب من النظام الاستماع إلى معارضيه من خلال فتح قنوات اتصال بالمعارضة والحوار معها وأخذ ما يفيد المجتمع فى المرحلة القادمة. أما الجانب الاجتماعى فلابد من اصلاح منظومة التعليم، وإصدار قانون جديد للتأمين الصحى ليشمل كل فئات الشعب، وزيادة التوعية السياسية من خلال برامج إعلامية هادفة التى تحقق مصالح الوطن