بعد غلق باب الترشح... 16 مرشحا فرديا في انتخابات مجلس النواب 2025 بمطروح    نصر أكتوبر فخر الأجيال.. «إعلام السويس» تنظم احتفالية جماهيرية بحضور قيادات القطاع والمحافظة    خبير تربوي يكشف أسباب التعدي على المعلمين وكيفية معالجته    حسين هريدي: القمة المصرية السودانية بحثت جهود وقف حرب السودان والتحضير لاجتماع واشنطن    وزير الاستثمار يلتقي نائب رئيس شركة جي بي مورجان تشيس خلال زيارته إلى الولايات المتحدة    خلال أيام يبدأ صرف معاشات شهر نوفمبر 2025 لملايين المستفيدين    الجيش الإسرائيلي يقتحم مدينة نابلس شمال الضفة الغربية    القناة 14 العبرية: توافق إسرائيلي على تولي قوة محلية من غزة تشغيل معبر رفح من الجانب الفلسطيني    ميسرة بكور: أوروبا تسعى لاستقلال أمنى عن واشنطن فى ظل التباعد عبر الأطلسى    بعد شائعات اعتقاله.. ياسر أبو شباب لقناة 14 العبرية: لسنا خائفين من حماس    مباشر كأس العالم للشباب - المغرب (0)-(0) فرنسا.. انطلاق المباراة    ترامب يهدد بنقل مباريات كأس العالم من مدن أمريكية «غير آمنة»    دوري القسم الثاني.. الأوليمبي يواصل عروضه القوية ويعزز صدارته ب«ثنائية الحرية»    سيدات الأهلي يتأهلن لربع نهائي بطولة إفريقيا للأندية لليد    مطلوب بعدة قضايا.. مصرع مسجل خطر أثناء حملة أمنية لضبطه في قنا    أحكام تتراوح من عام للمؤبد على المتهمين بقتل شخص وإصابة آخرين في مشاجرة بطوخ    رئيس هيئة الدواء: مصر تمتلك منظومة رقابية متكاملة تغطي صناعة وتوزيع الدواء    محامي شيرين عبدالوهاب: «انتصار جديد لها على روتانا.. ومن حقها إصدار أغانيها في أي وقت»    بالأسماء.. لجان تحكيم الدورة الثامنة لمهرجان الجونة السينمائي: تضم نخبة من أبرز صناع السينما الإقليمية والعالمية    المتحف القومي للحضارة المصرية يحتفي باليوم العالمي للتراث الثقافي غير المادي بفعالية «حضارة وشعوب»    «نكديين ومش بيحبوا السهر».. 4 أبراج تفضل الهدوء على الخروج في عطلة نهاية الأسبوع    قصور الثقافة بالغربية تحتفل باليوم العالمي للمرأة الريفية    غادة عبد الرازق تبدأ تحضيرات مسلسل "عاليا" لرمضان 2026    هل يجوز شراء شقة بنظام التمويل العقاري بقصد الاستثمار؟.. أمين الفتوى يجيب    هل الألعاب الإلكترونية التي تدر أرباحًا مالية حلال أم حرام؟.. أمين الفتوى يوضح    رئيس هيئة الدواء: مصر تنتج 4 مليارات عبوة دواء سنويا    الصحة العالمية: نموذج برنامج التطعيم الإجباري فى مصر يحُتذى به على مستوى العالم    «تجهز في 5 دقايق».. حضري طبق «السبانخ بالكريمة» وتمتتعي بالمذاق الشتوي (الطريقة والخطوات)    برشلونة يعلن تمديد عقد دي يونج حتى 2029    انطلاق موسم الحج السياحي 1447ه بتسهيلات غير مسبوقة وتخفيضات كبيرة في الأسعار    مركز الملك سلمان للإغاثة يوزّع مساعدات إغاثية في مخيمات النازحين في قطاع غزة    بقبلة على يده.. رينارد يوجه رسالة قوية عن موهبة المنتخب السعودي    بعد دعوته للانعقاد.. تعرف على الضوابط التنظيمية للجلسة الافتتاحية لمجلس الشيوخ    حازم هلال: فخور بالانضمام لقائمة الخطيب.. ونسعى لاستكمال مسيرة الإنجازات    انطلاق الدورة السادسة عشر من مهرجان المسرح العربى من 10 ل 16 يناير    مستشار الرئيس الفلسطينى يدعو إلى وجود سلاح شرعى وقوى أمنية لإنفاذ القانون    جامعة قناة السويس تنفذ برنامجًا تدريبيًا توعويًا بمدرسة الجلاء الابتدائية    ننشر مقررات امتحان شهر أكتوبر 2025 لطلاب الصف الخامس الابتدائي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 15-10-2025 في محافظة الأقصر    صحة المنوفية تواصل استعداداتها للاعتماد من هيئة الاعتماد والرقابة    شفاء المرضى أهم من الشهرة العالمية    وزير العمل يلتقي رئيس غرفة تجارة وصناعة قطر لتعزيز التعاون بالملفات المشتركة    رفع كفاءة المنشآت لخدمة الشباب..محافظ الجيزة يتفقد مركز شباب المناجم بالواحات البحرية    شريف حلمي: الأكاديمية العربية شريك أساسي في إعداد كوادر مشروع الضبعة النووية    وزير المالية: تحسن أداء الاقتصاد المصرى خلال الربع الأول من 2025-2026    عريس ال Ai.. أول قانون يواجه ظاهرة زواج البشر من روبوتات الذكاء الاصطناعى    إيفاد: الحلول القائمة على الطبيعة تحسن رطوبة التربة وتزيد كفاءة أنظمة الري    متحدث الحكومة: تمويل 128 ألف مشروع بالمحافظات الحدودية ب4.9 مليار جنيه    حكم تشغيل القرآن الكريم عبر مكبرات الصوت قبل الفجر والجمعة    الجامع الأزهر يقرر مد فترة التقديم لمسابقة بنك فيصل لذوى الهمم حتى 20 أكتوبر الجارى    رئيس مجلس النواب يستقبل السفير محمود كارم رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان    ب 20 مليون جنيه.. «الداخلية» توجه ضربات أمنية ل«مافيا الاتجار بالدولار» في المحافظات    عاجل- مجلس الوزراء يشيد باتفاق شرم الشيخ للسلام ويؤكد دعم مصر لمسار التسوية في الشرق الأوسط    الكرملين: بوتين سيجري محادثات مع الرئيس السوري اليوم    أسرة سوزي الأردنية تساندها قبل بدء ثاني جلسات محاكمتها في بث فيديوهات خادشة    رغم منع دخول أعلام فلسطين.. إيطاليا تهزم إسرائيل وتنهي فرصها في التأهل    رمضان السيد: ظهور أسامة نبيه في هذا التوقيت كان غير موفقًا    عمقها 30 مترًا.. وفاة 3 شباب انهارت عليهم حفرة خلال التنقيب عن الآثار بالفيوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تراجعت الثورة المضادة فمتى تستسلم؟
نشر في الشروق الجديد يوم 25 - 01 - 2012

تسلك الثورة المضادة فى مصر طريقا لم يسبق أن سلكته ثورة مضادة من قبل فى التاريخ.. بالتحديد فى تاريخ الثورات الكبرى.

لم يحدث من قبل أن حاولت ثورة مضادة أن تصور نفسها بأنها هى الثورة. كما لم يحدث من قبل فى تاريخ الثورات أن تظاهرت الثورة المضادة بأنها هى الثورة وهى حاميتها وهى رافعة ألويتها وهى المسئولة عن تحقيق مطالبها وأهدافها.

ولكن هذا ما يحدث فى مصر الآن منذ لحظة اقتراب العيد السنوى لثورة 25 يناير.

ف معنى لقرارات الحكم بعد كل ما أظهره من رغبة فى وأد الثورة عن طريق قمع الثوار باحتضان تاريخية هذه الثورة وارتباطها الحميم بوجدان الشعب وفكره بإعن تاريخ 25 يناير مناسبة قومية وتسجيلها فى الذاكرة القومية للشعب والأمة ستعادتها كل عام لحتفال بها وبقيمتها التاريخية. إن الثورات المضادة تحاول دائما أن تثبت أن الثورة جاءت اما قبل أوانها أو أن أوانها قد فات. وعندما تفشل الثورة المضادة فى تثبيت أى من هاتين «الحقيقتين» فإنها تؤثر أن تتراجع وان تختفى وان تعترف بانتصار الثورة عليها. حدث هذا فى السنوات الأولى للثورة الفرنسية كما حدث فى السنوات الأولى للثورة البلشفية. وفى هاتين الثورتين كانت الثورة المضادة قد قطعت شوطا كبيرا فى تحدى الثورة وبدا انها توشك أن تسقط الثورة وتجبرها على انهيار فى وجدان الأمة وعقلها.

اما أن تجد الثورة المضادة نفسها مجبرة بعد معارك وشهداء ومصابين للثورة على أن تتبنى الثورة وجانبا من أهدافها ومطالبها وحتى شعاراتها فهذا هو جديد الثورة المضادة الذى ظهر فى مصر فى الأسابيع الأخيرة، خاصة مع اقتراب العيد السنوى الأول للثورة. وعنى هذا أن الثورة المضادة المصرية أدركت وسلمت بأن الثورة أقوى منها بكثير وان استمرارها اى الثورة المضادة فى السير فى طريق مضاد محكوم عليه بالإخفاق والسقوط. وهنا يظهر التناقض الحاد فى سمات الثورة المضادة المصرية: انها تريد أن تحل محل الثورة بتبنى عدد من جوانبها وتريد فى الوقت نفسه أن توقف مسيرة الثورة التى عن طريقها تكتمل العملية الثورية ويكتمل تحقيق الأهداف سنة وراء اخرى. وهنا أيضا يظهر أن الثورة المضادة تعتقد أن طاقة الثورة تكون قد نضبت تماما بانتهاء الفترة انتقالية ودعم النتائج التى تسفر عنها هذه الفترة خاصة فى مجال الحكم اى فى مجال الديمقراطية ومؤسساتها وعلى رأسها المجلس التشريعى (مجلس الشعب) ووثائقها الأساسية وعلى رأسها الدستور.

ويبدو أن الثورة المضادة تعتقد انه اذا انقضت مناسبة العيد الأول للثورة فى 25 يناير الحالى دون أحداث تجدد الثورة وطاقاتها وطريقها أى ما أسمته الثورة المضادة بإلحاح بأنه «مخطط تخريب مصر» فإن العيد السنوى الثانى وبعده الثالث وصو الى ما هو ابعد زمنيا بكثير سيأتى وقد تحولت الثورة الى مجرد عيد واحتفال سنوى.. ولا مانع لدى الثورة المضادة من ذلك. فإنها ستكون قد أبقت أهداف الثورة بعيدا عن متناول الشعب بل بعيدا عن الذاكرة القومية والوجدان الشعبى. شىء اشبه ما يكون بذكرى ثورة يوليو 1952 بعد رحيل جمال عبد الناصر عن عالمنا ورحيله بعد ذلك على يد أنور السادات من واقعنا وسياساتنا نحو كل ما هو مضاد لفكر ذلك القائد الراحل وطموحاته الثورية الاجتماعية والتحررية.

انما يبقى أن هذا الاعتراف من جانب الثورة المضادة وهى فى ذروة قوتها وتمكنها يدل على انها وصلت الى نقطة الوعى بان وأد الثورة او محوها هدف مستحيل مهما كانت النتائج التى أمكن التوصل إليها. وهذه النتائج التى توصلت اليها الثورة المضادة لا تتجاوز تثبيت الأوضاع التى كان النظام القديم قد رسخها. وهذه تتلخص فى أمرين اثنين: الأول تثبيت النظام الداخلى عند خطوط الرأسمالية كنظام اقتصادي اجتماعى، والثانى تثبيت العلاقات الخارجية عند خطوط التحالف مع الولايات المتحدة حليف إسرائيل الأساسى والرئيسى وخطوط السلام بالتالى مع إسرائيل. بالإضافة إلى ما بين هذه الخطوط الداخلية والخارجية من تبادل وتفاعل، كل يدعم الآخر ويدعم تثبيته.

●●●

فهل يعنى هذا كله أن ثورة 25 يناير قد توقفت انتهت وراء خطوط هذين النظامين الداخلى والخارجى كما حددتهما بعناد قوى الثورة المضادة؟ بمعنى آخر هل انتصرت الثورة المضادة على الثورة بان تبنتها فى حدود هذه الخطوط وتبنت قيمتها التاريخية وتبنت استمرارها ذكرى فى الوجدان الشعبى المصرى؟

لعل الإجابة الواضحة والقاطعة على مثل هذه التساؤلات تنصح بانتظار سلوك الثورة اى سلوك الثوريين خلال الفترة المقبلة. نعنى الفترة التى تبدأ من اليوم الخامس والعشرين من يناير 2012. وذلك على أساس أن الثوار مطالبون بأن يثبتوا أنهم لم يكتفوا بما تم حتى الآن، وهو فى نظر الشعب المصرى لم يتجاوز حدود تنحية مبارك ومجموعته الفاسدة التى كانت تستعد لتوريث حكمه لابنه استمرارا للفساد وسطوة الأقلية المستفيدة. وهذه إجابة لا يمكن تنحيتها جانبا. فإن مصير مسار هذه الثورة يتوقف على ما سيفعله الثوار لكى يبرهنوا على أن الثورة لم تكن محدودة الأهداف الى هذا الحد وإلا لما استحقت من البداية اسم الثورة. فالثورات لا تنطلق لمجرد تغيير حاكم ومجموعته، إنما تهدف الى تغيير الواقع برمته نحو نظام جديد قادر على تحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية للأغلبية الساحقة من الشعب. الثورات تنطلق لإطلاق قدرات وطاقات الجماهير الشعبية وإظهار كل الجوانب الإيجابية فى الجماهير الشعبية بما فيها أخلاقياتها وقدراتها الإنتاجية والإبداعية.

مع ذلك فإن هذه اجابة لا تكفى فى ذاتها. اولا لأن الثورة لا تستطيع أن تعيش فى حالة انتظار لما يمكن أن يفعله وما لا يمكن أن يفعله الثوار لمواصلة طريق الثورة حتى وضعها على طريق تحقيق أهدافها. وثانيا لأن الثوار الذين خرجوا يوم 25 يناير الماضى والايام التالية حتى يوم سقوط رئاسة النظام القديم لا يزالون فى حالة الغليان نفسها التى تعتمل بداخلهم واعين بأن الثورة لم تحقق أهدافها الأساسية السياسية والاجتماعية والإنسانية. والثوار فى حالة الغليان تلك لا يمكنهم أن ينصرفوا الى بيوتهم مقهورين فى حالة من الإذل والحزن على شهدائهم ومصابيهم. هذا يمكن أن يحتمله الوجدان الوطنى والقومى. واهم من هذا يمكن أن تحتمله الحالة التى تعيشها الجماهير الشعبية العربية انتظارا لرؤية نتائج الثورة النموذج.. الثورة المصرية. أن الثورة المضادة تبقى محدودة القوى على الرغم من كل ما برهنت على قدرتها على أدائه خل الأشهر السابقة منذ يوم 25 يناير 2011. يمكن القول بان الثورة المضادة حققت كل ما هو باستطاعتها. لم تعد لها أهداف سوى التمسك بالحكم كوسيلة للإبقاء على ما استطاعت تحقيقه، وهو فى تقدير الشعب المصرى أيضا الإبقاء على النظام القديم بعد التخلص من رئيسه وجماعته ومشروع التوريث.

ونظام حكم ب أهداف سوى التمسك بالحكم يتحول الى نظام قديم، مع فارق أساسى هو وجود الثوار الماثل دائما أمام أعين الجميع. وكان هذا الوجود غير مرئى للنظام القديم وإ لما فوجئ به كما حدث، الأمر الذى اجبره على التنحى ونقله من قصور الحكم الى قفص محكمة الجنايات. و يستطيع النظام القديم الجديد أن يتجاهل وجود الثوار المستعدين دوما لمواصلة الثورة. فإما أن يتجاهلهم وإما أن يتصدى لهم كما فعل فى ميدان التحرير والشوارع المحيطة. فى الحالة الأولى يعرض نفسه لهجمات ثورية تقل قوة وعنفوانا عن أحداث ثورة 25 يناير نفسها. وفى الحالة الثانية حالة التصدى يكون قد سلم بان الثورة مستمرة وان أحداث الميادين والشوارع لم تقض عليها كما تصور او كما صور للوطن كله.

تقديرنا أن الثورة المضادة استنفدت أغراضها وأساليبها. وحان الوقت لتتراجع وتستسلم بصورة نهائية. ولن يكون ذلك امرا بالغ الصعوبة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.