ربما كانت حجة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو الواهية بأنه اعتذر للأتراك عن فضيحة سفينة الإغاثة مرمرة بسبب الوضع المتدهور فى سوريا، صالحة على امتداد العام الثالث للحرب الدائرة فى سوريا، وربما سوف تصلح وقد تزداد صلاحيتها فى الأشهر القادمة. هذا ما كتبه موقع «ديبكا» القريب من أوساط المخابرات الإسرائيلية على شبكة الإنترنت، وأضاف: لكن لماذا «التنازل» الآخر بموافقته والتزامه أمام الرئس الأمريكى ب «كبح جماح» حركة بناء المستوطنات الإسرائيلية خارج نطاق القدس وفى التجمعات الاستيطانية الكبرى؟ ويؤكد الموقع أن رئيس الوزراء الإسرائيلى التزم أمام الرئيس الأمريكى بثلاثة تنازلات كبرى، أولها أنه وافق على تأجيل أية عملية عسكرية إسرائيلية ضد إيران إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية فى شهر يونيو القادم، أى بعد ثلاثة أشهر تقريبًا، ثم بعد ذلك هناك اتفاق أمريكى - إسرائيلى بأن لن تكون هناك عملية عسكرية إلا إذا قررت واشنطن وإسرائيل القيام بذلك، ونظرًا لسرية مثل هذه الأمور لا يمكن التحدث عنها تفصيلًا فى الوقت الحاضر. وثانيها، أنه رغم وعوده والتزاماته أمام الشعب الإسرائيلى وبعض أعضاء حكومته الجديدة، فقد التزم نتنياهو أمام الرئيس أوباما ب «كبح جماح» عملية بناء المستوطنات خارج الكتل الاستيطانية الكبرى، وهنا لا يوجد مجال للعب بالكلمات، فالإسرائيليون يتحدثون عن «كبح جماح» والأمريكيون والأردنيون وأبو مازن يتحدثون عن تجميد عملية البناء. ويؤكد الموقع الإسرائيلى بأن نتنياهو سوف ينكر أو يراوغ فيما يتعلق بكلمة «كبح جماح» مثلما يفعل نفس الشىء الآن بكلمة «اعتذار» للأتراك. وربما جاء عيد الفصح اليهودى فى صالحه لأن هناك أكثر من مليون إسرائيلى موجودين خارج البلاد، وهناك عدة ملايين ذهبوا للتنزه وقضاء العيد خارج بيوتهم، وقلة قليلة فقط هم الذين سوف يتنبهون لذلك، ولكت ماذا عن وزير التجارة والصناعة «نفتالى بينيت» زعيم حزب البيت اليهودى المنادى بالاستيطان؟ هل سيوافق حزب البيت اليهودى على «كبح جماح» عملية البناء؟ وهل سيقبل كل من رئيس لجنة الخارجية والأمن بالكنيست «أفيجدور ليبرمان» ونائب وزير الدفاع الجديد «دانى دانون» بذلك؟ هل نحن بصدد أول أزمة ائتلافية تواجهها حكومة نتنياهو حتى قبل أن تبدأ الحكومة والكنيست عملهما؟ والتنازل الثالث هو بالطبع «الاعتذار» لتركيا، وخطأ نتنياهو فى هذا الاعتذار هو أنه فى الواقع ألغى أى إنجاز حققته عملية «عمود السحاب» التى قام بها الجيش الإسرائيلى فى غزة قبل حوالى خمسة أشهر وبالتحديد فى نوفمبر 2012. إن نتنياهو بالاعتذار التركى أضر بالجيش الإسرائيلى مرتين.. مرة فى البحر ومرة على اليابسة، ولذلك يجب ألا نتعجب من إعلان حماس مجددًا بأنها انتصرت. ويضيف الموقع الإسرائيلى المقرب من الموساد بأن الرئيس أوباما أيضًا قدم لنتنياهو فى هذه الزيارة عدة تنازلات كبيرة، من بينها أنه ضمن تزويد الجيش الإسرائيلى بمعدات لا يمكن الحديث عن تفاصيلها فى الإعلام، وهى أجهزة ومعدات كانت الولاياتالمتحدة ولفترة طويلة ترفض نقلها لإسرائيل. ومن المحتمل جدًا مثلما سمعنا عن طفرة فى العلاقات مع تركيا أن نسمع وفى القريب العاجل أيضًا عن طفرة فى العلاقات بين مصر وإسرائيل، لكن كل هذه الإنجازات التى حققها نتنياهو لا تلغى التنازلات التى قدمها للأتراك والفلسطينيين. نفس الموقع الإسرائيلى ذكر فى موضع آخر أن تركيا لم يكن أمامها خيار آخر سوى قبول الاعتذار الإسرائيلى لأن الجيش التركى لا يمكنه العمل بدون التكنولوجيا العسكرية الإسرائيلية، وبدون هذه التكنولوجيا لا توجد حماية لتركيا من الصواريخ الإيرانية! كما أن غالبية الصادرات التركية بما فيها الصادرات للولايات المتحدة، ترتبط بموانئ إسرائيلية.