ما إن انطلقت الدعوات لعودة اللجان الشعبية لحفظ الأمن والنظام فى الشارع المصرى بعد موجة من الإضرابات التى اجتاحت الشرطة وإصدار النائب العام قرار بتفعيل المادة 37 من قانون الإجراءات الجنائية والتى تمنح المواطنين ما يشبه الضبطية القضائية حتى أصيب الناس بالذعر وزادت التساؤلات، لماذا الآن تصدر هذه القرارات؟ هل هذه دعوة لتفكيك الشرطة وانهيارها؟ وهل الدعوة لإنشاء شركات أمن خاصة مسلحة لحماية المنشآت تزيد المسألة تعقيدا أم أننا نستطيع أن نستفيد من تجربة القوات المسلحة بعد حرب 1967 والذى تم فيه بناء القوات المسلحة فى عام واحد، مع التأكيد على أن هيكلة الشرطة وبناء شرطة حديثة تقوم على احدث الوسائل وتحترم حقوق الإنسان ليس معناه قيام شرطة موازية أو بديلة.. أفكار واقتراحات كثيرة يطرحها الخبراء والمختصون فى السطور التالية. فى البداية يقول الخبير الأمنى اللواء فاروق أبو العطا مدير الادارة العامة لشرطة مكافحة المخدرات ومساعد وزير الداخلية السابق إن مصر تمر الآن بأزمة طاحنة يرجع السبب الرئيسى إلى عدم تحقيق باقى أهداف الثورة وعدم شعور المواطن بتغيير طرأ على حياته. ولا شك انه عند حدوث الانفجار فى 25/1/2011 كان موجها إلى حد بعيد لجهاز الشرطة مما أدى إلى حدوث ارتباك وخلل فى الجهاز بالإضافة إلى انعدام الثقة بينه وبين الشعب وكذلك ضعف الثقة داخليا بالجهاز. وأضاف أن الشرطة تقوم بمواجهة أعمال العنف والشغب المصاحب للتظاهرات السلمية منذ عامين وحدوث اعتداءات مستمرة على قوات الشرطة ومنشآتها مما أدى إلى سقوط العديد من الشهداء والمصابين من أفراد الشرطة ومازالوا يتحملون بمفردهم تبعات الانفلات الأمنى بالشارع وحالة الغضب التى تجتاح المواطنين، والحقيقة ان المواجهة الأمنية بمفردها غير كافية لحل مشكلة الوطن ولا تؤدى الى النتائج المرجوة. وأضاف أن مصر تحتاج الآن وبسرعة إلى مصالحة وطنية حقيقية على أساس سليم وصدور قرارات وإجراءات تلقى القبول من المجتمع وتخلق مكانا مناسباً وعلى النخب الالتحام بالمواطنين وعرض برامجهم عليهم ومناقشتها والوقوف على المشاكل وإيجاد الحلول المناسبة حتى تجف حالة الاحتقان. لجان شعبية وقد اتجه البعض مؤخرا ردًا على اضراب بعض قطاعات الشرطة عن العمل حتى تتحقق مطالب معينة بدعوة اللجوء إلى تكوين لجان شعبية لتحقيق الأمن أو إنشاء شركات أمنية خاصة لحماية المنشآت وتسليحها استناداً الى دور هذه اللجان أثناء اندلاع الثورة ولكن يجب ان ندرك أن قيام لجان شعبية فى وقت معاصر لقيام الثورة كان أمراً استثنائيا شأنه شأن الثورة ذاتها فهى إجراء استثنائى غير قانونى وقد انتهى الآن هذا الاستثناء بانتخاب رئيس للبلاد وإقرار الدستور وعودة القانون ومؤسسات الدولة إلى العمل، علاوة على أن تنفيذ هذه الفكرة على اطلاقها تخلق حالة من الفوضى بالبلاد لأن تنفيذ القانون يكون من خلال جهاز الشرطة وفقا للقانون رقم 109 لسنة 1971 والذى نص على أن تختص الشرطة بالمحافظة على النظام والأمن العام والآداب وحماية الأرواح والأعراض والأموال ومنع وقوع الجرائم وضبطها وكفالة الطمأنينة والأمن للمواطنين وتنفيذ ما يفرض عليها القوانين واللوائح من واجبات وأن تلك الدعوى ما هى إلا الغاء أو تجميد لدور الشرطة المنصوص عليه قانونا وإحلال فئة أو طائفة أخرى لتنفيذ القانون دون صلاحيات. بينما يقتصر دور المواطن على التعاون مع رجل الضبطية القضائية فى الإدلاء بما لديه من معلومات عن وقائع تخالف القانون والأفضل أن يتم تطوير أداء الشرطة وهيكلتها حتى تستطيع القيام بدورها، ومن الضرورى الآن الإسراع بدعم جهاز الشرطة وعلاجه على أساس سليم حتى يتمكن من أداء مهامه فهو جهاز وطنى ملك للشعب يختص قانونا ودستوريا بإنفاذ القانون على الجميع وبحياد تام دون تعسف او استفزاز وبمراعاة لحقوق الإنسان والبدء فورا فى اجراء مفاوضات مع القطاعات المضربة عن العمل والوقوف على المشاكل التى تواجههم فى تنفيذ واجبهم والعمل بجدية على حلها جذريا. تجارب ناجحة ويستكمل اللواء فاروق أبو العطا قائلًا إن هناك حاجة ماسة لتطوير عمل جهاز الشرطة، وقد كثر الحديث فى الآونة الأخيرة عن اعادة هيكلة الشرطة بمعنى اعفائها من بعض مهامها التى هى فى نظر البعض ثانوية وتعيقه عن تحقيق الأمن العام، ولكن قبل أن يتم ذلك فإنه من الضرورى القيام بعملية اصلاح أو إعادة تأهيل ولنا فى القوات المسلحة أسوة حسنة بعد نكسة 1967 حيث كان الهدف القومى للمصريين جميعا هو تحرير الأرض والآن يجب أن يترسخ الهدف حول بناء دولة مصر الديمقراطية، فقد قامت القوات المسلحة بإعادة الاصلاح والبناء فى وقت قياسى وحققت النصر، فالشرطة الآن تحتاج لإعادة تأهيل نفسى نتيجة ما اصابها لاكتساب الثقة مرة أخرى وكذلك تعبئة معنوية بواجباتها وأهدافها وحقوقها والتزاماتها القانونية وإعادة التدريب والارتقاء بمستوى الأداء فى كافة مجالاتها، وكذلك اعتماد معيار الكفاءة فى اختيار القادة وتغيير العقيدة أو المفهوم لدى رجل الشرطة بأنه موظف عام يؤدى خدمة عامة للدولة فهو خادم عام. ومن هنا تبدأ أولى درجات تجدد الثقة بينه وبين المواطن، كما يتعين تحقيق العدالة داخل الجهاز ابتداءً من التعيينات والتنقلات والحوافز المادية والأدبية والرعاية الصحية والاجتماعية ووضع المعايير المنظمة لذلك. ولا شك فى أن بعد أحداث الثورة وما تلاها من غياب أمنى والنتائج التى ترتبت على ذلك فهناك حاجة ماسة لإعادة بناء الثقة المتبادلة بين الشرطة والشعب، وأرى فى تصورى لتحقيق هذه الثقة هو تفعيل دور العلاقات العامة بأقسام الشرطة والمديريات وكذلك دور باحثات الشرطة وتوسيع دائرة نشاطهما وتعميق اتصالهما بالجمهور وتوطيد العلاقة بين الشرطة والشعب وتفعيل دور أصدقاء الشرطة مثل أسبوع المرور وخلافه وفى كثير من الدول العربية يوجد مايعرف بالشرطة المجتمعية وهى تنظيم شرطى اجتماعى يقوم على تعاون المواطن مع رجال الشرطة للمحافظة على الأمن كل فى منطقته ومواجهة أسباب الجريمة والوصول للنتائج الأمنية المتوخاة وتوظيف اكبر قدر ممكن من طاقات المجتمع لأعمال الشرطة وتحفيز المواطن لمواجهة الجريمة قبل وقوعها، فالجرائم لها أسبابها والوصول لهذه الأسباب مبكرا يعنى الوقاية منها. ويضيف قائلاً إن من الصعوبة تغطية التجمعات السكانية برجال الشرطة على مدار الساعة نظرا للزيادة المستمرة فى عدد السكان وما يتبع ذلك من حراك اجتماعى وكثرة المتطلبات الأمنية وتزايدها وصعوبة تلبية كل الاحتياجات الأمنية، الأمر الذى يستلزم معه اللجوء إلى هذا الأسلوب فى العمل، عن طريق جمع المعلومات عن الظواهر الاجرامية وأية آفات اجتماعية فى منطقة الاختصاص وعن الأشخاص معتادى الإجرام وخلق وعى عام لدى المجتمع بدور الشرطة وأهميتها والعمل مع المؤسسات الحكومية والأهلية لمساعدة المجتمع المحلى فى إيجاد الحلول المناسبة للمشاكل التى تواجهه سواء فى الجانب الأمنى أو الصحى أو الاجتماعى أو البيئى، وكذلك معالجة المشاكل الأمنية التى يمكن حلها بالطرق الودية وبالحدود التى يسمح بها القانون، والعمل على إجراء تغيير شامل فى تعامل الشرطة مع المواطنين ودعم السلوك الايجابى لرجال الشرطة وبما يضمن تقديم خدمات شرطية أفضل للجمهور، ولتحقيق ذلك يمكن الاستعانة بخريجى كليات الآداب ومعاهد الخدمة الاجتماعية وإلحاقهم بجهاز الشرطة بعد تدريبهم وتأهيلهم بأكاديمية الشرطة. المركزى وأمن الدولة وأشار اللواء أبو العطا إلى أن جهاز أمن الدولة هو جهاز يعمل لحماية الأمن الداخلى من خطر الإرهاب والتخابر مع الخارج كما أنه جهاز معلومات أمنية واجبه جس نبض الشارع والتعرف على المشكلات الجماهيرية التى تواجه المواطنين (أسعار – تموين – زراعة – بطالة – عشوائيات – إسكان). ويقوم بعرض هذه الحقائق على متخذى القرارات ووضع تصور لطرق معالجتها نابعة من رؤية واقتراحات الجماهير وعمل تقديرات للرأى العام قبل وبعد صدور القرارات المهمة.. فهو جهاز انذار مبكر يعمل على استكشاف الأزمات قبل وقوعها ويوصف بأنه مركز للمعلومات ودعم للقرارات المهمة فى الدولة. والحديث عن تجاوز جهاز أمن الدولة لاهدافه فى السنوات الماضية وتدخله فى كثير من الملفات البعيدة عن اختصاصه، فإن ذلك كان يرجع الى الخلل فى إدارة الدولة آنذاك التى كانت تعتمد على الجهاز فى تسيير كثيرا من أمورها مما أبعده عن اختصاصه الأصيل، ويجب ألا نتناسى دور هذا الجهاز فى مواجهة الإرهاب فى ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضى وما حققه من نتائج حمى بها الوطن من هذه الظاهرة الآثمة وعلينا ان نتذكر ما قدمه هذا الجهاز من شهداء أبرار سقطوا اثناء تأديتهم لواجباتهم، فلا مانع من اعادة هيكلة هذا الجهاز أو إنشاء جهاز آخر يعتمد على واجباته الأصلية فقط ويهدف الى الحفاظ على الأمن الداخلى للوطن وحمايته من الإرهاب الداخلى والخارجى فى إطار الشرعية والقانون. أما فيما يخص الأمن المركزى فيقول اللواء فاروق أبو العطا إن الأمن المركزى هو جهاز يعتمد على قاعدة كبيرة من المجندين ومهامه فض الشغب وتأمين الاهداف الحيوية، ومن المؤكد أنه ازداد أعداده من المجندين والضباط بشكل ملحوظ فى الفترة الماضية وفى ظل مفهوم الشرطة الحديثة قد يكون من المناسب اختصار هذه الأعداد الكبيرة من المجندين والاستعاضة عنهم بأعداد أقل كثيرا من ذوى المؤهلات (إعدادية – دبلوم) والحاقهم بالعمل به، فالفرد المتعلم يكون استيعابه أسرع وأسهل كثيرا من غيره ويؤدى عمله بكفاءة ولقد شاهدنا فى دول عديدة ان عشرين فرداً مدربا جيدا يمكنهم التصدى لأعمال شغب قوامها 200 شخص (Swat Team) ومن المؤكد أيضا أن القدرة الاستيعابية للفرد المدرب تكون أقدر على تقدير المواقف وحسن المواجهة والاستخدام الجيد لوسائل فض الشغب دون مبالغة ويكون فى النهاية اكثر فاعيلة وأقل تكلفة أى الاعتماد على الكيف وليس الكم أن اختصار الأعداد الكبيرة من المجندين فيه وفرة مادية كبيرة يمكن من خلالها منح مرتبات مناسبة للأفراد الجدد على أن يعملوا لفترة سنية معينة فى الأمن المركزى يمكنه بعدها الانضمام إلى الشرطة الاعتيادية ويمكنه استكمال دراسته فى أى مرحلة ويسمح له بالترقى فيما بعد حسب الدرجات العلمية التى سيحصل عليها. ويضيف قائلا إن من نتائج ثورة 25 يناير العظيمة وما أفرزته من شباب واع ومتحمس يسعى إلى نهضة الوطن ومن أمثلته ما قام به شباب اللجان الشعبية من تسيير المرور وتأمين المساكن والمنشآت ودور العبادة ومن الطبيعى النظر فى الاستعانة بمن يرغب من هؤلاء الشباب للعمل بأقسام المرور بأجر يتلاءم مع مؤهلاته العلمية،ونظرا لما لديهم من ثقافة وحسن تقدير تؤهلهم لأداء هذا العمل بكفاءة تدفع المواطنين على احترامهم وتقديرهم وذلك بعد تدريبهم على أن يعملوا تحت إشراف الضباط المعنيين، ويمكن بعد ذلك انخراطهم فى جهاز الشرطة مستقبلا إذا حصلوا على درجات علمية معينة وبعد تأهيلهم بأكاديمية الشرطة، كما يمكن الاستعانة بخريجى الجامعة الذين يحل عليهم دور التجنيد للقيام بهذه المهمة. فصيل معين فى حين أكد وائل راغب الأمين العام للجمعية المصرية الدستورية والقانونية لحقوق الانسان أن أزمة الشرطة الآن ترجع إلى تدخل الشرطة فى كثير من الأمور التى لا تخص عملها والتى تتمثل فى بعض الاعتصامات داخل المصانع والمنشآت الحكومية وهو الامر الذى لا يخص عملها والذى يتمثل فى الدفاع عن الافراد والمنشآت وليس الدخول فى أى نزاعات فردية أو جماعية كما أنه يجب لإنهاء أزمة الشرطة تلبية مطالبها والتى من أهمها التسليح لمواجهة المستجدات على المجتمع المصرى والذى أصبح معظم أفراده مسلحين هذا الى جانب إعادة صياغة الهياكل الإدارية للشرطة والتى أصبح معظم القيادات بها من الضباط الذين كانوا متهمين فى قضايا تعذيب وتغيير الفلسفة التى تعمل الشرطة من خلالها والعودة الى دورها الاساسى الذى أنشئ هذا الجهاز من أجله. ويرى راغب أنه من المستحيل تنفيذ ما يعرف بالشرطة الموازية أو اللجان الشعبية البديلة عن الشرطة لأن هذا الأمر سوف يساء استخدامه لأنه من المستحيل أن تكون هذه الشرطة الجديدة أو الجماعات الشعبية من جميع فصائل الشعب أو التيارات السياسية وهو ما ينبئ بحدوث حرب أهلية عند تنفيذ هذا الأمر، مشيرًا إلى أن مسألة حمل الشعب المصرى للأسلحة دون داع هو كارثة بكل المقاييس ويطرح هذا الامر عدة تسأولات حول مصادر هذه الاسلحة خاصة وأنه تشير جميع الشائعات والمناقشات ناحية الغرب حول منطقة مطروح وليبيا وهو ما يؤكد الغياب الامنى داخل مصر وعلى الحدود! فوضى هائلة ويقول د. حسن محمد حسن أستاذ علم الاجتماع بجامعة الاسكندرية إن الشرطة المصرية وممارستها المتعددة التى صدرت عنها منذ ثورة 25 يناير أثارت كثيرا من الجدل حول مدى التباس مواقفها المهنية بالمواقف السياسية السائدة فى المجتمع، إذ كان لها دور كبير فى التصدى للثورة المصرية وفى الانحياز التام للنظام السياسى القديم على حساب الشعب المصرى وأمنه حيث تخلت عن دورها المهنى تماما وانسحب رجالها من مواقعهم مما أثار نفوس المواطنين ضد المؤسسة الأمنية ودفعهم الى الاعتماد على قدراتهم الذاتية فى توفير الأمن لهم ولممتلكاتهم الخاصة. وأضاف: بعد انتصار الثورة وتغيير السلطة الحاكمة ظلت الشرطة عصية على مواكبة التغيير الثورى ومقاومة نداءات التطهير وانقسمت تنظيميا إلى تيارات موالية للثورة وأخرى مناوئة لها. إلى أن بلغ الحال بالدولة إلى الاعتماد على الجيش فى تحمل جانب من مسئولية الحفاظ على الأمن الداخلى للوطن وللمواطنين، ومن الناحية النظرية تقتصر مهمة الشرطة على فرض النظام العام على أفراد المجتمع وإلزامهم بتنفيذ القواعد القانونية المنظمة للعلاقات فيما بينهم ولو جبرا إذا لزم الأمر، وتبعا لذلك تحرص الدول على أن يكون جهاز أو تنظيم الشرطة بعيدا عن الصراعات الحزبية والمناوشات بين القوى السياسية والالتزام بمهنية الأداء الأمنى وفق القواعد القانونية التى ترسم أبعاده وملامحه، ولكن الأمر فى كثير من الدول النامية وفى ظل نظمها غير الديمقراطية تقوم السلطة الحاكمة بتحويل جهاز الشرطة إلى مؤسسة أمنية تابعة للحاكم، تأتمر بأوامره وتحميه وتنفذ مخططاته ومن ثم يتحول ولاء الأفراد فى جهاز الشرطة من الولاء للتنظيم إلى ولاء للأشخاص ومن الالتزام المهنى إلى الالتزام بتحقيق أهداف من يهيمنون على السلطة ويسيطرون على النظام السياسى وتتوالى مستويات الولاء الشخصى فى تدرجها النازل من أعلى مستويات التنظيم الشرطى إلى أدناها حتى نجد أن أى مساس بشخص يتولى منصبا عند أى مستوى من مستويات التنظيم يثير التابعين له فيخرجون مدافعين عنه ومعبرين عن التزامهم بالانتماء إليه ومقومين لأى قرار يتخذ ضده. وأوضح أن الأداء الأمنى فى مصر تأثر بالانقسامات الحادة داخل جهاز الشرطة وبالولاءات الشخصية لأفراده والتى تعددت داخله، وتعانى العلاقة بين الشرطة وبين النظام السياسى من فقدان الثقة إلى حد أن الرئيس يستصدر قانونا يعهد للجيش بجزء من مسئولية الحفاظ على الأمن الداخلى. وقد بدأت الشرطة فى الآونة الأخيرة بالتراجع مرة أخرى عن أداء مسئولياتها الأمنية بذريعة نقص التسليح وعدم القدرة على مواجهة الخارجين على القانون من بلاطجة النظام القديم، وعندما تتراجع الشرطة عن القيام بواجبها المهنى فى الحفاظ على الأمن يستجيب المجتمع لهذا التراخى بتولى مهمة الدفاع عن ذاته إما بطريقة تلقائية غير منظمة أو بتشكيل تنظيمات فرعية غير رسمية كالشركات الأمنية للقيام بهذه المهمة وشغل الفراغ الذى يحدث نتيجة غياب الشرطة. وفى كل الأحوال يمكن أن تؤدى هذه الظاهرة إلى نوع من الفوضى الهائلة فى المجتمع لاحتمال قيام كل جماعة من الجماعات المناط بها مسئولية الحفاظ على الأمن تطبيق القانون وفق رؤيتها وتوقيع الجزاءات التى تراها على الخارجين على القانون بصرف النظر عن الالتزام بمعايير دفاع المتهم عن نفسه وحصانته فى الحصول على محاكمة عادلة ومن هذا ما نراه على أرض الواقع من سحل وقتل لبعض البلطجية والخارجين على القانون فى المناطق الريفية وفى الأحياء الشعبية بالمدن. وأشار إلى أن قيام أفراد عاديين بمهام الحفاظ على الأمن فى غياب جهاز الشرطة يكون فى غالب الأمر على سبيل الاستثناء حيث تفرضه الظروف الطارئة التى يمر بها المجتمع، ويحدث هذا فى كثير من دول العالم فى حالات الحروب والانقسامات الداخلية وفى وقت الكوارث والأزمات العامة. وعلى الرغم من أن القوى الشعبية التى تتطوع للقيام بأعمال الشرطة لا تخضع لقواعد تنظيمية دقيقة إلا أن نجاحها فى أداء مهمتها يتوقف الى حد كبير على مدى التزامها بالعمل فى نفس الإطار العام الذى تنفذ فيه الشرطة الرسمية مهامها الوظيفية، من ذلك على سبيل المثال تطبيق قواعد احتجاز المتهم والتحفظ على أدلة الاتهام التى تدينه وتسليمه فى أسرع وقت إلى ممثلين للسلطة الرسمية العامة من بعض رجال الشرطة أو الجيش. وأضاف: وبالنظر إلى الوضع فى المجتمع المصرى نجد أن انسحاب الشرطة وتراجعها عن أداء مهامها الأمنية يجب أن يكون محل مراجعة وتقييم سريع من المسئولين عن قيادة جهاز الشرطة فضلا عما يمكن القيام به من اعادة هيكلة هذا الجهاز وبنائه على أسس مهنية بعيدا عن تأثيرات القوى السياسية وصراعاتها. وحتى تتم تلك الهيكلة يمكن للدولة أن تنشئ جهازا شرطيا موازيا مثل الحرس الوطنى فى الولاياتالمتحدة وهوجهاز أمنى بالدرجة الأولى ومهمته الحفاظ على أمن الوطن والمواطنين وخاصة فى حالات الكوارث العامة ووجود أعمال الشغب التى تهدد السلام الاجتماعى بحيث يبنى على أساس مهنى احترافى ويكون ولاء أفراده لوطنهم وليس للحاكم أو أى مسئول سياسى. حرب أهلية وتحذر د. نهلة إبراهيم مدرس علم الاجتماع بكلية آداب الإسكندرية من السماح بتكوين ما اسمته بالميليشيات المسلحة، لأنها تفتح الباب على مصراعيه للحرب الأهلية، مشيرة إلى أن الشعب المصرى لن يقبل هذه الميليشيات بسهولة وقد يدخل البلاد فى سيناريوهات شديدة القتامة، واعتقد أن المقاومة ستكون عنيفة جدا وستنطلق دعوات لاحصر لها لمطالبة الجيش بالتدخل والعودة بمنتهى القوة ووقتها لا أحد يستطيع أن يرسم سيناريوهات محددة لما يمكن أن يحدث، وربنا وحده هو القادر على ان يحمى مصر مما يمكن أن يحدث. وقالت لا أجد مبررا آخر لمنح المواطنين حق إلقاء القبض على أى شخص مشتبه به إلا أنه قرار يدعم تلك الميليشيات، وهذا القانون ضد حقوق الإنسان فكيف أعطى لأى شخص حق الضبطية القضائية فى حالة التلبس؟ومن الذى يقرر أن هذه حالة تلبس إذا كنا حتى الآن لا نستطيع إثبات حالات التلبس فى حالة إلقاء الشرطة القبض على شخص فهل نستطيع إثباتها إذا كان الشعب كله له حق القاء القبض على بعضه؟ وهل من تم منحهم الضبطية القضائية يعرفون معنى الضبطية القضائية؟ وهل نضمن طريقة تعامل من يلقى القبض على اى مواطن بأنها ستكون بطريقة مسالمة أم عنفًا وتعذيبًا ودموية، مضيفة أنه فى الحقيقة وفى ظل تلك القرارات الغريبة أنا أرى المستقبل مظلمًا بكل المقاييس.