رغم أن مجلس الشورى استجاب مؤخرا إلى القرارات التى انتهت إليها المحكمة الدستورية العليا برئاسة المستشار ماهر البحيرى بوجود «عوار دستورى» فى مشروع قانون تعديل بعض أحكام قانونى مجلس النواب، وتنظيم مباشرة الحقوق السياسية- والمعروف بقانون الانتخابات- والذى سيجرى على أساس تعديهما انتخابات مجلس النواب القادم.. إلا أننا نقول إن ذلك يعتبر أول تطبيق عملى لنظام الرقابة السابقة لمشروعات القوانين التى تصدرها السلطة التشريعية الممثلة حاليا فى مجلس الشورى حتى انتخاب مجلس النواب الجديد طبقا لنص المادة 177 من الدستور. وأن المحكمة الدستورية لقنت مجلس الشورى درسا دستوريا فى إصدار التشريعات وأنها يجب أن تأخذ حقها من الدراسة والبحث بعيدا عن تسلط الأغلبية.. وهو ما حذر منه بعض القانونيين فى الشورى أثناء المناقشات. فالمادة 177 اشترطت أن رئيس الجمهورية أو مجلس النواب يقومان بعرض مشروعات القوانين المنظمة لمباشرة الحقوق السياسية وللانتخابات الرئاسية والتشريعية والمحلية على المحكمة الدستورية العليا قبل إصدارها لتقرير مدى مطابقتها للدستور أم لا. وقد أشارت المحكمة الدستورية إلى وجود عشر ملاحظات مهمة على مشروع القانون منها خمس ملاحظات مخالفة تماما لأحكام الدستور والخمس الأخرى يتم تعديلهما طبقا لتفسيرات المحكمة الدستورية. وكانت اللجنة التشريعية بمجلس الشورى قد أعدت مسودة التعديلات ورأسها د. أحمد فهمى، وقد وافق المجلس عليها وأكدت أنه يقصد بالفلاح كل من امتهن الزراعة لمدة 10 سنوات على الأقل وتكون سابقة على ترشحه لعضوية مجلس النواب ويعتبر عاملا كل من يعمل لدى الغير مقابل أجر أو مرتب. وكانت المحكمة قد اعتبرت أن النص السابق يخالف نص المادة 229 من الدستور. وحول شروط الترشح وعدد مقاعد مجلس النواب وإسقاط العضوية عن النائب الذى يغير صفته التى ترشح عليها سواء كانت صفة العامل أو الفلاح أو إذا غير انتماءه الحزبى أو تخلى عنه، وأصبح مستقلا أو صار المستقل حزبيا وكانت الأغلبية فى مجلس الشورى قد رفضت إسقاط عضويته على لسان زعيمها د. عصام العريان.. فالنص الجديد وافق على إسقاط العضوية إذا غير عضو مجلس النواب الصفة التى ترشح بها سواء كانت صفة العامل أو الفلاح أو إذا غير انتماءه الحزبى عنه وأصبح مستقلا أو صار المستقيل حزبيا. تعديل الدوائر كما نصت المادة على أن يكون انتخاب مجلس النواب بواقع ثلثى المقاعد بنظام القوائم المغلقة والثلث الآخر بالنظام الفردى ويحق للأحزاب والمستقلين الترشح فى كل منهما، ويجب أن يكون عدد الأعضاء الممثلين لكل محافظة عن طريق القوائم المغلقة مساويا لثلثى عدد المقاعد المخصصة للمحافظة، وأن يكون عدد الأعضاء الممثلين لها عن طريق الانتخاب الفردى مساويا لثلث عدد المقاعد المخصصة لها. وقد تم تعديل وتقسيم الدوائر الانتخابية لبعض المحافظات بما يراعى التمثيل العادل للسكان والتمثيل العادل للمحافظات. وكانت المحكمة الدستورية قد أشارت فى حكمها السابق إلى أن تقسيم الدوائر يجب أن ينضبط بحيث يتناسب مع عدد السكان فى كل دائرة من الدوائر التى تقسم إليها البلاد بمراعاة التجاور الجغرافى، كما يجب ألا تُرسم الدوائر بطريقة تعسفية ودون مراعاة للصالح العام، وأن عدالة تمثيل المحافظات تقتضى أن تمثل كل محافظات الدولة فى مجلس النواب بصرف النظر عن عدد سكانها. وقد ضربت المحكمة الدستورية مثلا بمحافظة دمياط التى يبلغ عدد سكانها 1.254 مليون خصص لها ثمانية مقاعد للقائمة وأربعة للفردى (12 مقاعدا) فى حين أن محافظة أسوان التى يبلغ عدد سكانها 1.340 مليون نسمة خصص لها أربعة مقاعد للقائمة واثنان للفردى (6 مقاعد). وهذه الملاحظة كشفت عنها المناقشات السابقة ولكن حزب الأغلبية رفض هذه الملاحظات. حقوق المستقلين كما نص مشروع القانون بعد التعديلات عليه بأنه يجوز أن تتضمن القائمة الواحدة مرشحى أكثر من حزب كما يجوز أن تشكل القائمة من مرشحين مستقلين غير منتمين لأحزاب أو تجمع بينهم. وفى جميع الأحوال يتعين إثبات اسم الحزب أو صفة المستقل ضمن القائمة الواحدة. وهذا النص كما قالت المحكمة إنه يتعلق بحق الناخب الذى يجب أن يقف على حقيقة المرشح عند الادلاء بصوته لاختيار من هو أحق به والذى كفلته المادة (55) من الدستور. أداء الخدمة العسكرية كما استجاب مشروع القانون بعد تعديلاته لما طالبت به المحكمة الدستورية العليا للشروط الواجب توافرها فى المرشح لعضوية مجلس النواب حتى يتفق مع أحكام الدستور فنص على: أن يكون مصريا متمتعا بحقوقه المدنية والسياسية وأن يكون قد أدى الخدمة العسكرية الإلزامية أو أعفى من أدائها أو استثنى منها ما لم يكن استثناؤه بناء على حكم قضائى بات ينطوى على الإضرار بالمصلحة العامة أو المساس بأمن الدولة طبقا للقانون. أما بالنسبة للطعون فقد أشارت التعديلات الجديدة إلى أن يكون الطعن على القرار الصادر من اللجنة المنصوص عليها فى المادة الثامنة من هذا القانون أمام محكمة القضاء الإدارى خلال 7 أيام تبدأ من تاريخ قفل باب الترشح للمرشح أو الحزب ممثل القائمة وعلى المحكمة أن تفصل فى الطعن خلال 7 أيام على الأكثر. وحول مادة العزل السياسى لقيادات الحزب الوطنى نص مشروع القانون بعد تعديلها على (ألا يكون من قيادات الحزب الوطنى المنحل ويقصد بالقيادات كل من كان عضوا بأمانته العامة أو مكتبه السياسى أو بلجنة السياسات فى الخامس والعشرين من يناير 2011 أو كان عضوا بمجلسى الشعب والشورى فى الفصلين التشريعيين السابقين على قيام الثورة ولا يسرى هذا الشرط إلا لمدة عشر سنوات من تاريخ العمل بالدستور. وكان النص السابق الذى اعترضت عليه المحكمة الدستورية العليا يخالف نص المادة 232 من الدستور الذى اشترط لمنع قيادات الحزب الوطنى المنحل من ممارسة العمل السياسى والترشح للانتخابات الرئاسية والتشريعية كونه عضوا بمجلسى الشعب أو الشورى فى الفصلين التشريعيين السابقين على قيام الثورة، ومن ثم فإن النص على كونه عضوا فى أى من الفصلين التشريعيين يخالف نص المادة 232 من الدستور التى اشترطت كونه عضوا فى الفصلين التشريعيين معا. وحول عمل اللجان الفرعية فى العملية الانتخابية التشريعية واعتراض المحكمة الدستورية على أن تقوم اللجنة الفرعية بإعلان النتيجة، وكذلك اللجان العامة، فقد قالت المحكمة إنه إعلان لحصر عددى مبدئى للأصوات التى حصل عليها كل مرشح فى هذه اللجان لا ينبئ عن فوز مرشح وخسارة آخر، كما طلبت المحكمة تحديد مصطلح منظمات المجتمع المدنى الذين يحضرون عمليات الفرز لأنه ليس له مدلول محدد وواضح وأن الأمر يقتضى وضع معيار محدد ودقيق لهذه المنظمات حتى لا يسمح بحضور بعض هذه المنظمات غير المرخص لها وفقا للقانون ووضع حد أقصى لعدد من يمثلون هذه المنظمات فى كل لجنة حتى لا تؤدى كثرة العدد إلى تعطيل عمل هذه اللجان. ولهذا فقد نصت المادة الجديدة فى مشروع القانون بعد تعديلها على: تقوم اللجان الفرعية بكافة أعمال الفرز وإعلان الحصر العددى لأصوات الناخبين باللجنة، وكذلك الأصوات الصحيحة والباطلة وكذا الأصوات التى حصل عليها كل مرشح أو قائمة بحضور مندوبى المرشحين الفرديين والقوائم ويسلم رئيس اللجنة الفرعية صورة من نتيجة الفرز إلى مندوب الداخلية لتعليقها بلوحة تعد لذلك بالقسم المختص، وتسلم صورة رسمية منها لكل من يطلبها من المرشحين كما يقوم رئيس اللجنة الفرعية بلصق صورة من نتيجة الفرز على باب اللجنة الفرعية ويثبت ذلك بالمحضر، وعلى رئيس اللجنة العامة الإعلان عن عدد الأصوات الصحيحة التى حصل عليها كل مرشح وكل قائمة، ويسمح بحضور مندوبى وسائل الإعلام وممثلى منظمات المجتمع المدنى الذين يحددهم وتصرح لهم اللجنة العليا للانتخابات لمتابعة الانتخاب وعملية الفرز والإعلان. *** وحول سير العملية الانتخابية داخل اللجان ولضمان عدم تكرار الإدلاء بالصوت الانتخابى أو الاستفتاء فى يومين متتاليين فقد أشارت المادة فى مشروع القانون الجديد بعد مراعاة ملاحظات المحكمة الدستورية بالنص: على رئيس اللجنة أن يسلم لكل ناخب بطاقة مفتوحة على ظهرها خاتم اللجنة وتاريخ الانتخاب أو الاستفتاء، ويجوز لرئيس اللجنة الفرعية أن يستعيض بتوقيعه عن خاتم اللجنة فى حالة طمسه وينتحى الناخب جانبا من الجوانب المخصصة لإبداء الرأى فى قاعة الانتخاب ذاتها، وبعد أن يثبت رأيه على البطاقة يعيدها مطوية إلى الرئيس ليضعها فى الصندوق الخاص ببطاقات الانتخاب، ويوقع قرين اسمه فى كشف واحد لحضور الناخبين بخطه أو ببصمة إبهامه، وتضع اللجنة العليا للانتخابات الضمانات والوسائل التى تكفل تكرار التصويت. وحول مشاركة المصريين المقيمين فى الخارج للاقتراع فى انتخابات مجلس النواب القادمة فقد طالبت المحكمة الدستورية بضرورة أن تكون هذه المشاركة تحت إشراف قضائى كامل خاصة عمليتى الاقتراع والفرز طبقًا لنص المادة 210 من الدستور. وأشارت المحكمة الدستورية إلى أن الدستور استحدث فى ديسمبر 2012 نظامًا جديدًا للإشراف على الانتخابات العامة والاستفتاء بها إلى المفوضية الوطنية للانتخابات فى المادة 208 وبين تشكيلها فى المادة 209 منه وفى المادة 210. وقد راعت المادة فى مشروع القانون الجديد الذى ناقشه الشورى مؤخرًا هذه الملاحظات التى أشارت إليها المحكمة الدستورية فى قرارها الأخير والنص الجديد يقول: لكل مصرى مقيم فى الخارج يحمل بطاقة رقم قومى أو جواز سفر سارى الصلاحية وسبق له استخراج بطاقة رقم قومى الحق فى الاقتراع فى الانتخابات العامة والاستفتاءات، ويجب على كل مصرى مقيم بالخارج ومقيد بقاعدة بيانات الناخبين، ويرغب فى ممارسة حق الاقتراع إبداء رغبته فى ذلك بطلب يقدم لدى قنصلية جمهورية مصر العربية فى الدول التى يقيم بها أو اللجنة العليا للانتخابات سواء باليد أو بالبريد الالكترونى، وعلى أن يدون بالطلب تاريخ تقديمه ومحل إقامته بالدولة وموطنه الانتخابى، وهو محل إقامته داخل مصر الثابت ببطاقة الرقم القومى، ويثبت السجل المعد لقيد الطلبات بكل بعثة دبلوماسية أو قنصلية تاريخ تقديمه، وتعد كل بعثة أو قنصلية كشفا يعرض فى مكان ظاهر مثبت به المسجلين بها والموطن الانتخابى لكل منهم، وتنشأ مقار انتخابية فى دوائر اختصاص البعثة الدبلوماسية والقنصلية وتعيين مقارها وينشأ بهذه المقار عدد من اللجان الفرعية لا يزيد عدد الناخبين بكل منها على 1000 ناخب وتشكل لجنة عامة بمقر كل بعثة من عدد من أعضاء السلك الدبلوماسى أو القنصلى بإشراف قضائى كامل ويعين أمين لكل لجنة من العاملين بوزارة الخارجية. وتبدأ عملية الاقتراع قبل الموعد المحدد للاقتراع فى مصر ويجوز التصويت بالبريد على النحو الذى يصدر به قرار اللجنة العليا للانتخابات، وعلى أن تتم إجراءات الفرز وفقا لحكم المادة 34 من هذا القانون. *** كانت هذه النصوص التى تم الاتفاق عليها فى تعديلات الشورى لقانون الانتخاب بعد أن وضع الأعضاء فى اعتبارهم ملاحظات المحكمة الدستورية فى قرارها الأخير وما انتهت إليه بعد إعمال رقابتها القضائية السابقة نفاذًا لما يقضى به نص المادة 177 من الدستور وبعد أن أودعت هيئة المفوضية تقريرًا برأيها.