إقبال واسع على تقديم طلبات الترشح لانتخابات مجلس النواب بمحكمة جنوب القاهرة    أهم أخبار السعودية اليوم الجمعة 10 أكتوبر 2025.. جامعة جازان تتقدم أكثر من 200 مرتبة في تصنيف التايمز 2026    10 مرشحين يتنافسون على 4 مقاعد.. إقبال متوسط على انتخابات الأطباء بالبحيرة    وزارة الكهرباء: التوسع في أنظمة تخزين الطاقة بواسطة البطاريات لتعظيم الفائدة من المحطات الشمسية ومحطات الرياح    25 صورة ترصد فعاليات ماراثون للتوعية ضد شلل الأطفال بالأقصر    بكين تعلن إجراءات رقابية على صادرات التكنولوجيا الخاصة بالتربة النادرة    لاعب سابق في الفريق ومعجون كورة.. من هو مترجم ياس سوروب في الأهلي؟    انضمام المحترفين جوناس الملاح وكريم حسنين لمنتخب 2007.. وموهبة ثالثة في الطريق    القبض على متهم هدد المارة بسلاح أبيض في القاهرة    بإقبال كبير.. الموسيقى والغناء يزينان احتفالات نصر أكتوبر بوادي النطرون    فيلم هيبتا المناظرة الأخيرة يتعدى 7 ملايين إيرادات منذ عرضه    صحة الدقهلية: استئناف العمل بوحدة مناظير الجهاز الهضمي بميت غمر    تعرف على موعد والقنوات الناقلة لمباراة مصر وغينيا بيساو فى تصفيات كأس العالم    هالاند لاعب شهر سبتمبر في الدوري الإنجليزي    ياسر ريان: الرئيس السيسي عاملنا هيبة فى الخارج وموقفه تاريخى فى اتفاق شرم الشيخ    شيخ الأزهر والمفتى ووزير الأوقاف يعزون المهندس إبراهيم محلب فى وفاة شقيقته    حبس قاتل تاجر العسل بالغربية على ذمه التحقيق    ضبط 6 طن أعلاف مجهولة المصدر بالمنوفية    فرنسا: اتفاق شرم الشيخ خطوة تاريخية ونجاحه يجعله مشروعا للسلام الدائم    انقطاع المياه يثير غضب أهالي أبوصوير.. "من امبارح مش لقين نقطة نشربها"    مراسل القاهرة الإخبارية يرصد مشاهد مؤثرة من عودة النازحين لمدينة غزة.. فيديو    فرنسا: العنانى قاد بحملته الدقيقة تحديد رؤية دولية لدور يونسكو والإصلاحات اللازمة    مهرجان الجونة.. استثمار فى الشغف وجمال السينما    أحمد عمر هاشم يستحضر مأساة غزة باحتفال الإسراء والمعراج الأخير    لبنان: بيروت ودمشق اتفقتا على تشكيل لجان مشتركة لمعالجة الملفات العالقة    اليونيسيف تحث على تدفق المساعدات إلى غزة    الخبراء تطالب بحوار مجتمعي قبل فرض ضريبة على المشروبات الغازية    «قلبي قالي».. ياس سوروب يتحدث عن سبب اختياره تدريب الأهلي    مصر تستعد لتطبيق التوقيت الشتوي وبداية فصل الشتاء 2025    أصحاب الكهف وذي القرنين وموسى.. دروس خالدة من سورة النور    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 10-10-2025 في محافظة الأقصر    أدعية يوم الجمعة.. نداء القلوب إلى السماء    بمشاركة 22 جامعة مصرية حكومية وخاصة.. اختتام برنامج محاكاة قمة المناخ COP30    «الداخلية»: ضبط شخص اعتدى على زوجة شقيقه وحطم محتويات شقتها بالدقهلية    قرار جديد من الجمارك المصرية.. إعفاء لهاتف واحد فقط لكل مسافر كل 3 سنوات    الطرح الجديد لوحدات «جنة» و«سكن مصر» 2025.. أسعار مميزة وأنظمة سداد مرنة للمواطنين    إيرادات فيلم "فيها إيه يعني" تتجاوز ال30 مليون جنيه خلال 9 أيام عرض بالسينمات    الحسابات الفلكية تكشف أول أيام شهر رمضان المبارك لعام 1447 هجريًا    معاريف: نتنياهو يسعى لاستثمار زخم اتفاق وقف النار لتقديم موعد الانتخابات    زاخاروفا: نرحب باتفاق وقف إطلاق النار بغزة وندعو إسرائيل وحماس للالتزام الكامل به    الصحة: الكشف الطبي على 3521 مرشحا لانتخابات مجلس النواب بجميع المحافظات    «الخريف موسم العدوى».. كيف تحمي نفسك من الفيروسات الهوائية؟ (فيديو)    العثور على جثة سيدة مصابة ب3 طعنات داخل الملاحات بالإسكندرية    إعلام إسرائيلى: الحكومة ستجرى تصويتا هاتفيا على استبدال أسماء 10 أسرى فلسطينيين    شرط يمنع التقدم لحج القرعة هذا العام.. تعرف عليه    الداخلية تكشف حقيقة صور صبية يتعاطون المخدرات ويتحرشون بفتيات فى الدقهلية    لليوم الثالث.. لجان تلقي أوراق انتخابات مجلس النواب تستقبل طالبي الترشح    4 قرارات جمهورية مهمة وتكليفات حاسمة من السيسي للحكومة ورسائل رئاسية مطمئنة للمصريين    سعر الأسمنت اليوم الجمعه 10 اكتوبر 2025 فى المنيا    لليوم الثالث.. استمرار تلقي أوراق طالبي الترشح لانتخابات مجلس النواب    الأهلي يجيب.. هل يعاني أشرف داري من إصابة مزمنة؟    المغرب تضرب موعدا مع الولايات المتحدة فى ربع نهائى مونديال الشباب.. فيديو    أمطار لمدة 24 ساعة .. بيان مهم بشأن حالة الطقس في القاهرة والمحافظات    تفاصيل جلسة لبيب مع فيريرا وجون إدوارد    «زي النهارده» في 10 أكتوبر 2009 .. وفاة الدكتور محمد السيد سعيد    وليد صلاح: عقدنا اجتماعا مع مانشيني.. وتوروب مناسب لكل معاييرنا    أهم 30 دقيقة أعقبت إعلان إنهاء الحرب.. لماذا تأخر القرار حتى منتصف الليل؟    السيسي يُحمّل الشعب «العَوَر».. ومراقبون: إعادة الهيكلة مشروع التفافٍ جديد لتبرير الفشل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المفتى يرفض أحكامًا بالإعدام
نشر في أكتوبر يوم 10 - 02 - 2013

21 متهمًا فى قضية أحداث بورسعيد، تمت إحالة أوراقهم للمفتى فى انتظار الرأى الشرعى تمهيدًا لإصدار حكم إعدام بشأنهم فى 9 مارس القادم.. هذا القرار الذى تسبب فى هذه الفوضى العنيفة التى ضربت أطناب مصر خلال الأيام الماضية لا يعتبر حكمًا - بأى شكل من أشكال الأحكام - كما أنه ليس من قبيل الإجراءات الروتينية لأن أوراق القضايا المحالة لدار الإفتاء تمر بمراحل دراسة عديدة ودقيقة قبل أن يتم أخذ قرار شرعى باستحقاق المتهم لحكم الإعدام من عدمه ويحدث كثيرًا أن يصدر تقرير دار الإفتاء برفض حكم الإعدام أو تفويض الأمر للمحكمة لإعادة النظر فى أمره وعروض القضايا التالية تكشف تفاصيل كثيرة بهذه العملية التى تدخل فيها أمور شرعية وفنيات أخرى كثيرة.
وقبل أن تنتقل إلى هذه التفاصيل نلفت النظر إلى أن أوراق المتهمين المحالة إلى المفتى فى قضية بورسعيد يعد ثانى أكبر عدد فى قضية واحدة تحال أوراقهم للبحث فى شأن إصدار أحكام بالإعدام عليهم وهو ما يعيد إلى الأذهان قضية مجزرة وادى النطرون التى أحيلت فيها أوراق 24 متهمًا إلى المفتى فى 2009 وصدرت أحكام باعدامهم جميعًا. وهذا بدوره يعيد إلى الأذهان دور المفتى الجوهرى فى قضايا الإعدام .
أحد أهم أدوار مفتى مصر هو بيان الحكم الشرعى فيما يرد إلى دار الإفتاء من قضايا محكمة الجنايات الخاصة بعقوبة الإعدام، حيث تقوم دار الإفتاء المصرية بدراسة الأوراق الجنائية، التى تحال إليها منذ بدايتها، ويذكر فى التقرير النهائى عرض للواقعة، والأدلة التى تحملها أوراق الدعوى، ومعايير فى الفقه الإسلامى على اختلاف آراء الفقهاء، واختيار الرأى الذى يوافق الشريعة وصالح المجتمع، وتسجل التقارير بعد الانتهاء منها بالسجل الخاص بالجنايات، ويرفق التقرير بملف القضية بسرية تامة بمظروف مغلق ومختوم، يتم تسليمه لمحكمة الجنايات المختصة.
بدورها أكدت دار الإفتاء فى بيان لها صدر فى وقت قريب أنه من المهام المنوطة بدار الإفتاء المصرية إصدار الفتوى فى قضايا الإعدام، حيث تحيل محاكم الجنايات وجوبا إلى فضيلة المفتى القضايا، التى ترى بالإجماع وبعد إقفال باب المرافعة وبعد المداولة إنزال عقوبة الإعدام بمقترفيها، وذلك قبل النطق بالحكم، تنفيذا للمادة «2/183» من قانون الإجراءات الجنائية.
وبالتالى فإن رفض الحكم أمر وارد إلا أن رفض المفتى للحكم لا يعنى إعادة الحياة لكل من حكم القاضى بإعدامه، لأن رأى الافتاء استشارى بالنسبة للقاضي، الذى يتخذ قراره بمنتهى الحرية على خلفية الرأى الشرعى الذى يصله من دار الافتاء، لكن استشارية رأى المفتي، لا تقلل من أهمية دوره، بل دائما تميل المحكمة إلى الأخذ برأى المفتي، خاصة لو جاء تقريره قائما على أسانيد شرعية واضحة.
مراحل القضية
وأوراق قضية الإعدام تمر بثلاث مراحل هى: مرحلة الإحالة، ومرحلة الدراسة والتأصيل الشرعي، ومرحلة التكييف الشرعى والقانوني، مرحلة الإحالة، وهى من المهام المنوطة بدار الإفتاء المصرية إصدار الفتوى فى قضايا الإعدام، حيث تحيل محاكم الجنايات وجوبًا إلى فضيلة المفتى القضايا، التى ترى بالإجماع، وبعد إقفال باب المرافعة وبعد المداولة إنزال عقوبة الإعدام بمقترفيها، وذلك قبل النطق بالحكم، تنفيذًا للمادة (2/183) من قانون الإجراءات الجنائية ثم تأتى مرحلة الدراسة والتأصيل الشرعى، وفيها تقوم دار الافتاء فى هذه المرحلة بفحص القضية المحالة إليها من محكمة الجنايات، ويدرس الأوراق منذ بدايتها، وتصبح ضوابط الفتوى فى قضايا الإعدام، هى الالتزام بعرض الواقعة والأدلة حسبما تحمله أوراق الجناية على الأدلة الشرعية بمعاييرها الموضوعية المقررة فى الفقه الإسلامي، وتكييف الواقعة ذاتها وتوصيفها بأنها قتل عمد إذا تحققت فيها الأوصاف، التى انتهى الفقه الإسلامى إلى تقريرها لهذا النوع من الجرائم.
أما مرحلة التكييف الشرعى والقانوني، ويقوم فى هذه المرحلة بمعاونة فضيلة المفتى هيئة مكونة من ثلاثة من المستشارين من رؤساء محاكم الاستئناف، تكون مهمتهم دراسةَ ملف القضية، لبيان ما إذا كان الجُرم الذى اقترفه المتهم يستوجب إنزال عقوبة القصاص حدًّا أو تعزيرًا أو قصاصًا أو غير ذلك ثم بعد ذلك يقوم السادة المستشارون بعرض القضية على فضيلة المفتى، لإبداء الرأى النهائى من دار الإفتاء فيها.
زيادة العدد!
وفى تقريرها السنوى الأخير، ذكرت دار الافتاء أن إجمالى عدد قضايا الإعدام التى نظرتها خلال 2012 شهد زيادة ملحوظة، ليصل إلى 210 قضايا مقارنة ب145 قضية فى 2011، وأن أكثر ما يميز أداء الدار العام الماضى أن المفتى رفض 9 أحكام بالإعدام، فيما فوض المحكمة فى 3 أحكام أخرى، ليكون د. على جمعة، مفتى مصر، بذلك قد أعطى فرصة الحياة للمحكوم عليهم بالإعدام فى 12 قضية.
ففى يناير 2012، عرضت محاكم الجنايات على دار الافتاء 15 حكمًا بالإعدام قبلت جميعها، وفى فبراير، بلغ عدد الأحكام التى تلقتها الدار من المحاكم 16 قضية رفضت قضية واحدة، وكان عدد المتهمين فى هذه القضية 6 متهمين.
ووفقا لأوراق هذه القضية، إنه ثبت الجرم وتأيد فى حق المتهمين الخمسة الأول دون السادس ولخلاف بينهم والمجنى عليه مرده سبق قتله لشقيقهم فى عام 1988، ورغم أن الخلاف قد أنهى بينهم لحمله كفنه وتوجهه إليهم وسداده للدية، فإنهم أضمروا له الشر فى نفوسهم، وقرروا الإجهاز عليه، فحضروا من بلدتهم بسيارة السادس، وتوجهوا إلى مكان عمله، وما أن أبصروه أمامهم حتى انهالوا عليه جميعهم طعنًا بما يحملون من أسلحة بيضاء، وبعد تأكدهم من موته فروا من مكان الجريمة، واستعملوا السيارة التى كان ينتظرهم بها السادس، وعادوا من حيث أتوا.
وذكرت الأوراق أن دور المتهم السادس صاحب السيارة تمثل فى أنه قام باحضار المتهمين من بلدتهم، وهذا ما اعتبره المفتى ليس بدليل كاف، خاصة أن هذا المتهم لم يتواجد على مسرح الجريمة، وربما لا يعلم قصدهم من الحضور إلى القاهرة، ومن ثم انتهت دار الافتاء إلى رأيها بأن عقوبة إعدام صاحب السيارة ليست واجبة.
وفى شهر مارس، بلغ عدد قضايا الإعدام المعروضة على المفتى 20 قضية، وبعد اخضاع هذه القضايا لمراحل الإحالة والدراسة والتكييف القانونى تم الانتهاء إلى قبول الحكم فى 18 قضية، فيما تم رفض الحكم فى قضيتين، ففى القضية الأولى المرفوض حكمها، والمتهم فيها ثلاثة، ثبت وتأيد شرعا فى حق المتهم الأول والمتهمة الثانية بمقتضى القرائن القاطعة ما لم يثبت فى حق المتهم الثالث، إذ لم تحو الأوراق ما يوميء إلى أنه ضالع فيه على أى نحو كان لمرور الزوجين المتهمين الأول والثانية بضائقة مالية، فقد تثالثا مع الشيطان الذى سول لهما وأملى لهما قتل المجنى عليها وسرقة مصاغها، ونفذا مخططهما الإجرامى.
يوم الواقعة
وفى يوم الواقعة ونفاذا لمخططهما سعيا معًا إلى مسكن المجنى عليها وصعدا إليه عندما جزما بوجودها وحدها فيه، وما أن ظفرا بها أمسك المتهم الأول «بفوطة» أحضرتها له المجنى عليها بزعمه لها حاجته إليها بللها بالماء، ثم فى غفلة من المجنى عليها أمسك بها هو والمتهمة الثانية وطرحها أرضا، وبالفوطة المبللة أطبق المتهم الأول على منافذ الهواء فمها وأنفها كاتما بها أنفاسها قاصدا قتلها، ولم يتركها إلا جثة هامدة، تم إنزال عقوبة الإعدام على المتهم الأول والمتهمة الثانية، بالتالى لم يثبت فى حق المتهم الثالث ما يوجب إنزال عقوبة الإعدام به.
أما الجناية الثانية، فقد ثبت من مطالعة أوراق هذه الدعوى أن قتل المجنى عليه قد ثبت شرعًا وتأيد فى حق المتهمين الأول والثاني، وذلك بمقتضى القرائن القاطعة، التى تضمنتها أوراق الدعوى والتحريات السرية حول الواقعة قد دلت على أن المتهمين ولخلاف سابق بين عائلتهما وعائلة المجنى عليه قد عقدا العزم على قتل أى من أفراد تلك العائلة وأعدا العدة اللازمة لذلك فحمل كل منهما سلاحًا ناريًا بندقية آلية وخرجا إلى الطريق العام وما أن أبصرا المجنى عليه واقفا أمام سيارته حتى نزلا عن السيارة، التى كانا يستقلانها وأمطراه بوابل من الأعيرة النارية أردته قتيلا وفرا هاربين من مكان الجريمة.
وعن المتهم الثالث المسند إليه الاشتراك بالاعانة دون أن يكون متواجدا على مسرح الجريمة أو مشاركا فى تنفيذها، فإن الدليل الذى ركنت عليه النيابة العامة فى إسناد الاتهام إليه هو تحريات الشرطة وحدها، التى لا تنهض بذاتها دليلا يمكن التعويل عليه فى القضاء بعقوبة الإعدام، وترى دار الإفتاء أنه لا دور له فى واقعة قتل المجنى عليه.
قضايا أبريل!
وبلغ عدد القضايا التى نظرها المفتى فى أبريل الماضى 32 قضية رفض اثنتان، الأولى بلغ عدد المتهمين فيها (3) هاربين، حيث بيّت المتهمون النية وعقدوا العزم على قتل المجنى عليه، وأعدوا لهذا الغرض أسلحة نارية «بنادق آلية» كانت بحوزتهم، وما أن ظفروا به مستقلا مركبته الآلية حتى أطلقوا صوبه عدة أعيرة نارية من الأسلحة النارية السالفة فأحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية، والتى أودت بحياته، وقد اقترنت تلك الجناية بجناية أخرى هى أنهم فى ذات الزمان والمكان سالفى الذكر سرقوا المركبة الآلية المملوكة للمجنى عليه.
وذكر دار الافتاء فى تقريرها أن أوراق هذه الدعوى تكشف أنها عارية من دليل، عاطلة عن سند يؤخذ به المتهمون، فلا إقرار بالجرم ينسب إليهم، ولا بينة شرعية أو قرينة قاطعة على ارتكابهم إياه، وما حوته الأوراق من أقوال من أهلية المجنى عليه، لا تصلح بينة على ثبوت التهمة، إذ لم يشاهد أيا منهم الواقعة، ولم يحدد أيا منهم من أخبره بأن المتهمين هم مرتكبوها.
إذ قرر كل منهم بتحقيقات النيابة العامة أن «الناس اللى فى الشارع هم اللى قالوا إن المتهمين هم اللى قتلوا المجنى عليه»، وهو ما ينسحب القول به على ما جاء على لسان الشاهد صاحب المجنى عليه وصديقه بذات التحقيقات، ذلك إنه ولئن أبصر هذا الشاهد جانبًا من أحداث الواقعة، إلا انه لم يتعرف بنفسه على أى من المتهمين مقررا أيضا، ومن ثم فإن ما تبقى فى الأوراق من التحريات وأقوال مجريها بتحقيقات النيابة العامة لا تصلح وحدها لأن تُكونّ قرينة معينة، أو دليلا أساسيا على ثبوت التهمة.
وقالت «الافتاء» تعليقا على هذه القضية: «إن الشك هو قوام كل ادلة الثبوت فى القضية، ذلك أن الغالب الأعم من شهود الدعوى سالفى الذكر قرروا بالتحقيقات «بأن المتهمين حراميه وبيسرقوا عربيات»، وهو ما يوميء إلى أن الفاعلين الحقيقيين للجرم يشكلون فيما بينهم عصابة تقوم على إرهاب الناس وقتل الأنفس وسلب للأموال، خلافا لما ذهبت إليه التحريات وأقوال مجريها من أن دافع المتهمين على ارتكاب الجريمة هو لخلاف مادى بينهم والمجنى عليه، ومن ثم لا يصح والحال كذلك إنزال عقوبة الإعدام بهؤلاء المتهمين».
عارية!
أما الجناية الثانية، التى رفضت الافتاء حكم الإعدام فيها، فإن الرفض جاء نتيجة أن البيّن من أوراق الدعوى أنها عارية من دليل، عاطلة عند سند يؤاخذ به المتهمون، فلا إقرار بالجرم ينسب إليهم، ولا بينة شرعية على أنهم الفاعلون له، فقد أجمع شهود العيان شقيقا القتيل، ومنهما من هو مجنىّ عليه فى الحادثة فى تحقيقات النيابة العامة على أن الفاعلين مجهولون لهم وملثمون، ومن ثم فإن ما تبقى بالأوراق من تحريات وأقوال مجريها بذات التحقيقات لا تنهض وحدها لأن تكُوّن قرينة معينة أو دليلا على ثبوت جرم قتل المجنى عليه فى حق المتهمين، مما يتعين معه والحال كذلك درء جزاء إعدام المتهمين قصاصا عن هذا الجرم، فمتى كان ذلك فتذهب دار الإفتاء إلى درء جزاء إعدام المتهمين قصاصا.
وقبل د. على جمعة، مفتى مصر، وفقا للتقرير، فى مايو الماضى الأحكام المحالة إليه فى 15 قضية وذلك بعد أن ثبت له صحة هذه الأحكام. فيما تلقى المفتى من محاكم جنايات مصر فى يونيو 17 قضية قبل بالأحكام فى 15 منها، وفوضت واحدة إلى المحكمة، ورفضت واحدة وهى الجناية التى ملخصها قتل المتهم مع آخر مجهول المجنى عليه عمدًا مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتا النية وعقدا العزم المصمم على ذلك، وأعد الأول لهذا الغرض سلاحًا ناريا «بندقية آلية»، وتوجها إلى المكان الذى أيقنا سلفا وجوده فيه، وما أن ظفرا به حتى أطلق المتهم الأول صوبه عدة أعيرة نارية أودت بحياته.
وحيث إنه من المقرر شرعًا أن إثبات الجناية على النفس يكون إما بمقتضى إقرار صحيح يصدر عن الجانى، وإما بمقتضى البينة الشرعية، وإما بمقتضى القرائن القاطعة، وكان ما حوته هذه الدعوى من أوراق تفتقر إلى سند يومىء إلى أن المتهم هو الفاعل لجرم قتل المجنى عليه، فلا إقرار منه بذلك يمكن أخذه بآصرته، ولا بينة عليه، إذ أن ما قرره ابن عم المجنى عليه بتحقيقات النيابة العامة من أن شخصا ما لا يعرفه قد أبلغه هاتفيا بأن القاتل هو المتهم، لا يستقيم به معنى الشهادة شرعًا، ومن ثم لا يمكن التعويل عليها فى ثبوت جرم القتل فى حق المتهم، فمتى كان ذلك، فإن دار الإفتاء تذهب إلى درء جزاء إعدام المتهم عن جرم قتل المجنى عليه.
اعترافات يوليو
وفى يوليو 2012، تلقت دار الافتار 17 حكم إعدام، وبعد الدراسة قبل المفتى 16 حكما فيما رفض حكما واحدا، وهو الحكم الصادر فى جناية ملخصها أن الدليل قبل هؤلاء المتهمين قد استمد من أقوال شهود عادوا بتحقيقات النيابة العامة، وعدلوا عن تلك الأقوال، وقرروا أن المتهمون ليسوا هم مرتكبى الواقعة، فضلا عن أن والد المجنى عليه قد قدم إقرارًا موثقًا بالشهر العقارى يقسم فيه بالله العظيم أن المتهمين المقدمين إلى المحاكمة ليسوا هم مرتكبى واقعة قتل نجله، وعززها بسؤاله أمام النيابة العامة من أن المتهمين ليسوا هم مرتكبى الواقعة.
وقدم أيضا خال المجنى عليه إقرارا آخر موثقًا بالشهر العقارى أنه يقسم بالله العظيم أنه شاهد الواقعة، لكون مكانها بجوار مسكنه، وأن مرتكبيها ليسوا هم المتهمين المقدمين إلى المحاكمة، وأن من قام بها شخصان لا يعرفهما حضرا راكبين دراجة بخارية نزلا من عليها أمام المقهى، وأطلقا الأعيرة النارية التى نجم عنها وفاة ابن شقيقته المجنى عليه.
ولما كان ذلك وكانت الأوراق تعد خلوا من دليل يقينى يمكن أخذ المتهمين به، وكان المقرر لأن يخطئ الإمام فى العفو خير من أن يخطئ فى العقوبة، ولأن يفلت متهم من العقاب خير من أن يدان برئ بجرم ربما لم يرتكبه، ومن ثم فإن دار الإفتاء ترى أن المتهمين المطلوبين لا يستحقون إنزال عقوبة القصاص عليهم.
.. وأغسطس
وفى شهر أغسطس بلغ عدد القضايا 5 رفضت دار الإفتاء واحدة منها، التى ملخصها قتل المتهم المجنى عليه عمدًا بأن أطلق صوبه طلقتين من سلاح نارى «بندقية آلية» قاصدا من ذلك قتله واستعراضا للقوة أمامه، فأحدث به إصاباته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية المرفق، التى أودت بحياته، وكان الادعاء بأن المتهم هو الذى قتل المجنى عليه برميه بالرصاص من بندقية آلية، لا سند له من أقوال شاهدى الدعوى إذ المستقى من أقوالهما بتحقيقات النيابة العامة أن القاتل الذى أبصراه يطلق الرصاص على المجنى عليه ويصرعه، مجهول لهما، ولم يجر استعراف عليه منهما. وبالتالى يصبح ما تبقى فى الأوراق من تحريات شرطية وأقوال مجريها من أن تحرياته أشارت إلى أن المتهم هو الفاعل لجريمة قتل المجنى عليه، لا يصلح وحده، لأن يُكوّن قرينة معينة أو دليلا أساسيا على ثبوت الجرم فى حق هذا المتهم، وإذ تضحى الأوراق عاطلة عن سند يؤاخذ به، فلا إقرار، ولا بينة، ولا قرائن قاطعة على أنه هو الفاعل للجريمة على ما سلف بسطه، فقد تعين والحال كذلك درء جزاء إعدامه قصاصا عن هذا الجرم.
وسبتمبر
ورفض د. على جمعة فى سبتمبر الماضى حكم إعدام من إجمالى 7 أحكام عرضت عليه، وملخص القضية التى رفض فيها «الإفتاء» الحكم أنه كانت هناك مشاجرة نتج عنها مقتل شخص وإصابة ثالث، مما أثار حفيظة عائلته وأضمروا الانتقام من المتهم وعائلته أخذًا بالثأر فأعد المتهمون خطة الانتقام وأعدوا الأسلحة النارية والذخائر اللازمة والمتهمون الأول والرابع والخامس عقدوا عزمهم على قتل المجنى عليهم، فقد اعدوا أسلحة نارية «مسدسات وبنادق آلية» محشوة بالرصاص.
ووفقا لأوراق القضية، ذهب المتهمون الثلاثة، فى صباح يوم الواقعة، بسيارة إلى حيث أيقنوا تواجد المجنى عليهم بأرضهم يزرعونها، وهناك توقفوا بالسيارة، ومن بين الزراعات تسلل المتهمون الأول والرابع والخامس يحملون أسلحتهم المحشوة بالرصاص صوب المجنى عليهم، وما أن ظفروا بهم حتى رماهم المتهم الأول بوابل من الطلقات من سلاحه، فصرع المجنى عليهم الثلاثة.
وذهبت أوراق القضية إلى أن تواجد المتهمين الرابع والخامس على مسرح الحادث يطلقون من أسلحتهما الأعيرة النارية فى الهواء شد من أزر أولهم وعلى أهبة الاستعداد لرمى المجنى عليهم متى لم يفعل أولهم قاصدين قتلهم وفروا هاربين وهو ما يستوجب عقابهم دون المتهمين الثانى والثالث والسادس إذ لا إقرار ولا بينة ولا قرينة على مساهمتهما فى ارتكاب الجريمة بأى صورة كانت اللهم إلا التحريات وأقوال مجريها، وهى لا تصلح وحدها، لأن تكون قرينة معينة أو دليلا أساسيا على ثبوت ذلك الجرم فى حق هؤلاء المتهمين، وبالفعل تم إنزال عقوبة الإعدام على المتهمين الثلاثة الأول والرابع والخامس.
.. وأكتوبر
وفى أكتوبر، تلقت دار الإفتاء 7 قضايا قبلت الأحكام الصادرة فى 6 منها، وتم تفويض المحكمة فى السابعة، وفى نوفمبر، زاد عدد القضايا المعروضة على دار الافتاء لتبلغ 21 قضية، رفضت الدار الحكم بالإعدام فى واحدة منها، وملخصها أن أوراق هذه الدعوى عارية من دليل، عاطلة عن سند يؤاخذ به المتهمان الثانى والثالث، فلا إقرار بارتكابهما الجرم المسند إليهما، ولا بينة شرعية على اقترافهما إياه، وما حوته الأوراق من التحريات الشرطية وأقوال مجريها لا تصلح وحدها لأن تكون قرينة مُعينة أو دليلا أساسيا على ثبوت التهمة فى حق هذين المتهمين، فضلا عن أن الشك هو قوامها، لما شابها من تضارب معيب سواء فى عدد الجناة ودورهم أو الأهم فى ماهيتهم وهو بيت القصيد.
تذهب أوراق القضية إلى أنه بعد أن قطع مجرى التحريات فى أقواله بالتحقيقات بأن تحرياته النهائية أشارت إلى أن الجناة، ثلاثة لم يسم منهم المتهمين الثانى والثالث، عاد ليقرر أن عددهم أربعة أو يزيد سمى منهم هذين المتهمين، فضلا عن إصراره – فى كل حال - على تسمية المتهم الأول، الذى أخلت محكمة الجنايات سبيله فى ضوء التقرير الفني، الذى جزم بأن هذا المتهم ليس من الأشخاص، الذين حواهم القرص المدمج الذى سجلت عليه مشاهد واقعة السرقة بالسلاح، بما ينفى عنه أنه من بين الجناة، ويشكك من ثم فى الجملة فى جدية هذه التحريات، والتى لا تصلح وحدها حتى وإن صحت جدلاً، وهى فى الواقع على ما سلف بيانه محل شك، على أن المتهمين الثانى والثالث من بين مرتكبى واقعة الدعوى، وهى شبهة توجب درء حد الإعدام عنهما شرعا إعمالا لقوله صلى الله عليه وآله وسلم «إدرءوا الحدود بالشبهات، ولأن يخطيء الإمام فى العفو خير من أن يُخطيء فى العقوبة».
.. وديسمبر
وجاء شهر ديسمبر 2012 لتحيل محاكم جنايات مصر 23 قضية إلى دار الافتاء لتتصدى لها الدار بالدراسة والتأصيل الشرعى والتكييف الشرعى والقانونى، لتصل فى النهاية إلى القبول بهذه الأحكام كلها بدون رفض أو تفويض للمحكمة فى ابداء الرأى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.