لم يكن المشهد السياسى المحتقن، وأجواء الأحداث الملتهبة فى القاهرة ببعيدة عما يجرى فى الثغر، إذ اشتعلت شوارع وميادين الإسكندرية بالمسيرات الشعبية سواء المؤيدة للرئيس وللاستفتاء على الدستور، أو المنددة بالإعلان الدستورى والرافضة لمشروع الدستور الجديد.. وفى الوقت الذى كاد ميدان سيدى جابر يتحول إلى ساحة للعراك بين الآلاف من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين والمعتصمين من القوى المدنية، شهدت منطقة سموحة حادثاً مؤسفاً بالاعتداء على القيادى الإخوانى صبحى صالح، بينما أعلنت قوى ثورية وفى مقدمتها حركة 6 أبريل بالإسكندرية استنكارها لحالة الاستقطاب التى تشهدها البلاد فى الفترة الأخيرة.. «أكتوبر» عاشت الأجواء الملتهبة فى الإسكندرية.. ورصدت حالة الاحتقان السياسى على أرض الواقع.بعد انتهاء وقائع مليونية “الإنذار الأخير” بالإسكندرية دعت القوى المدنية إلى الاعتصام بميدان سيدى جابر واستمرار التظاهر لحين إسقاط الإعلان الدستورى والتراجع عن الاستفتاء على الدستور، وفى نفس الوقت دعت جماعة الإخوان المسلمين الأربعاء الماضى إلى النزول بمظاهرات حاشدة مساء نفس اليوم وقال أنس القاضي المتحدث الرسمي باسم جماعة الإخوان المسلمين بالإسكندرية إن الجماعة دعت للتظاهرات تزامنا مع التظاهرات أمام قصر الاتحادية وذلك لحماية الشرعية بعد التعديات التي يقوم بها عدد من القوى العلمانية والشيوعية وإعلام النظام البائد ،في محاولة منهم للانقلاب علي الشعب وفرض رأيهم بالقوة دون ديمقراطية. واحتشد حوالى 5000 فرد من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين وعدد من الفصائل الإسلامية الأخرى ومنهم حزب البناء والتنمية ومساء الأربعاء بميدان مسجد القائد إبراهيم وخرجوا فى مسيرة طافت شوارع الإسكندرية واتجهت من ميدان القائد إبراهيم ثم إلى طريق الحرية ومنها إلى منطقة محرم بك بينما أذاعت سيارات أغانى مؤيدة للرئيس محمد مرسى ورددوا عددا من الشعارات المؤيدة للرئيس ومنها (عاش الريس عاش،دم الشعب ماراحش بلاش) و(مهما نلف ومهما ندور هنصوت برضه على الدستور). وقد دعا المتظاهرون الشعب المصرى لأن يقف مع الرئيس حتى لا تتحول مصر إلى دولة شيوعية حمراء بحسب وصفهم، كما دعت المظاهرات إلى التصويت بنعم على الدستور. وقد ضمت المسيرة عددا من قيادات جماعة الإخوان المسلمين ومنهم صابر أبو الفتوح ونواب مجلسى الشعب والشورى السابقين من أعضاء جماعة الاخوان، كما ضمت عددا من السيدات المنتقبات من عضوات الجماعة. وفى ذات الوقت احتشد حوالى ثلاثة آلاف شاب من القوى الثورية المختلفة بمنطقة سيدى جابر حاملين الأعلام السوداء حدادا على الأحداث بمنطقة قصر الاتحادية، وقامت السيدات المقيمات بمنازل المنطقة بتعليق أعلام سوداء على شرفات المنازل حدادا على نفس الأحداث. وقام المتظاهرون بطرد جنود الأمن المركزي الذين دفعت بهم مديرية أمن الإسكندرية لتأمين المظاهرات، وخاصة مع خروج مظاهرات جماعة الإخوان المسلمين ومؤيدي مرسي في مسيرات بالقرب من مكان تجمع المتظاهرين . وتابع المتظاهرون أحداث قصر الاتحادية من خلال مقاهى منطقة سيدى جابر مثل مقهى عبدالكريم ومقهى شكرى. واحتجز بعض المتظاهرين القيادى الإخوانى صبحى صالح أثناء توجهه لمنزله الذى يقع بسموحة خلف ميدان سيدى جابر، وقاموا بالاعتداء عليه وتحطيم سيارته وتمزيق ملابسه كما قاموا بربطه فى شجرة وأخذوا الموبايل الخاص به ومسدس محشو بالطلقات من سيارته، ورفضوا تسليمه للإسعاف التى حضرت لأخذه بعد أن نزف لفترة طويلة، كما فشلت الشرطة فى تخليصه، ولكن بعض العقلاء من القوى الثورية قاموا بنقله لأحد المستشفيات الخاصة بعد أن تفاوض معهم مدير الأمن ومدير المباحث، وبرر المتظاهرون هجومهم على صبحى صالح بقولهم إنه كان يوزع مبالغ مالية على عناصر إخوانية للهجوم على المتظاهرين، ولأنه من قيادات الإخوان وعضو بالجمعية التأسيسية للدستور، فى حين قال صبحى صالح والذى أصيب بوجهه ورأسه وأجزاء من جسمه بعد خروجه من غرفة العناية المركزة: “أنا صاحب مشروع إسلامي ومقتنع بما أعمل ومستعد أدفع ضريبته، وراض جدا ومستريح جدا وسأكمل مشواري”.، وتابع: “أنا فخور إني من الإخوان.. الآن أشعر أن أطهر ناس في مصر هم الإخوان”.، وتساءل عن نهج الاعتداءات التي يتبعها المعارضون، قائلا: “إذا كانت هذه هي السياسة فما هو الإجرام وما هي البلطجة؟ طبعا هذا فصيل سياسي.. النبابيت والسيوف والسنج والمطاوي هذا (يعتبرونه) عملاً سياسيًا”.واتهم صبحى صالح فى بلاغه الى اللواء عبد الموجود لطفى مدير أمن الإسكندرية واللواء ناصر العبد رئيس مباحث الإسكندرية كلا من أبوالعز الحريرى القيادى اليسارى وعضو مجلس الشعب السابق والمرشح الرئاسى السابق، وعبد الرحمن الجوهرى منسق حركة كفاية بالإسكندرية بتحريض المتظاهرين للاعتداء عليه. من جانبها أصدرت حركة 6 أبريل بالإسكندرية بيانا أعلنت فيه استنكارها لحالة الاستقطاب التى تشهدها البلاد فى الأيام الأخيرة والتى أحدثت حالة من الانقسامات الداخلية التى لا تبشر بخير بعد ثورة نظيفة وبيضاء، وقالت إن بعض أعضائها رصدوا واقعة الاعتداء على القيادى الإخوانى صبحى صالح والتى لم يشارك فيها أعضاء الحركة كما أكدوا أن الثوار رفضوا الاعتداء عليه. من جهته أكد عاطف أبو السعيد أمين الإعلام بحزب الحرية والعدالة بالإسكندرية أن تحول المشهد السياسى المصرى إلى الدموية ومحاولة اغتيال الرموز الوطنية والتى بدأت بمحاولة اغتيال صبحى صالح ينذر بخطر داهم يهدد البلاد، وحذر التيارات المشبوهة (على حسب قوله) من التزام هذا النهج، وقال إن حزبه سيظل ملتزما بالقانون ومؤسسات الدولة، ولكنه لن يقف مكتوف الأيدى تجاه الاعتداءات البربرية ويعرف جيدا كيف يأخذ حقه بالقانون والشرعية. فى حين ألقت مباحث الإسكندرية القبض على أربعة أشخاص يشتبه فى تورطهم فى الاعتداء على صبحى صالح وتهشيم سيارته. من جانبه قال د.طارق فهيم أمين عام حزب النور بالإسكندرية إنه يدين الاعتداءات على المتظاهرين من الجانبين، وأكد أن حزب النور لم ولن يسفك الدماء ولم يشارك فى قتال بين المصريين، ودعا الجميع إلى ضبط النفس. وأضاف أن الحزب لو شارك فى مظاهرات فستكون مظاهرات للدعوة إلى الموافقة على مشروع الدستور الجديد. ورغم كل أحداث العنف التى تسود مصر لم ينس أعضاء جماعة الإخوان المسلمين حملات الدعاية المكثفة لحث الناس على التصويت بنعم على الدستور، فقد انتشرت بشوارع الإسكندرية سيدات ينتمين للجماعة يقومن بإيقاف السيدات بالشوارع لحثهن على التصويت بنعم فى الاستفتاء على الدستور.