غلق باب الطعون الانتخابية بعدد 251 طعنا على المرحلة الأولى بانتخابات النواب    قوات الاحتلال تتوغل في قرية الصمدانية الغربية بريف القنيطرة بسوريا    من المذكرة السرية إلى التصنيف الإرهابي، هل بدأت الحرب الأمريكية على الإخوان؟    مواعيد الجولة الأولى لدور مجموعات دوري أبطال أفريقيا بمشاركة الأهلي وبيراميدز    فريق بحث لكشف ملابسات واقعة الاعتداء على طفلة بمدرسة دولية في القاهرة    عرض "الملك لير" ل يحيى الفخراني في افتتاح مهرجان أيام قرطاج المسرحية    المهن التمثيلية تحذر من انتحال اسم شركة فور إيفر دراما ومسلسل "كلهم بيحبوا مودي"    تطعيم 352 ألف طفل خلال الأسبوع الأول لحملة ضد الحصبة بأسوان    طرابلس.. تأسيس الهيئة العليا للرئاسات لتوحيد القرار الوطني الليبي    خبير دولي: قرار الأمم المتحدة انتصار رمزي للقضية الفلسطينية ويعكس الدعم المصري التاريخي    رئيس جامعة كفر الشيخ يستقبل وفد إدارة جائزة التميز الحكومي    تطورات إصابة حسين الشحات في الأهلي    الهيئة الوطنية للانتخابات تعلن رسميا انطلاق التصويت بالخارج من دولة نيوزيلندا    حقيقة إلغاء انتخابات مجلس النواب وتأجيلها عام كامل؟.. مصطفى بكري يكشف الحقائق    حنان الصاوي تكتب : دورة عاشرة بروح عالمية.. مهرجان شرم الشيخ الدولي يزهر المسرح في سيناء    هل تؤثر عدم زيارة المدينة على صحة العمرة؟ أمين الفتوى يُجيب(فيديو)    هل يوجد عذاب للقبر؟.. أمين الفتوى يجيب    هل التأمين على الحياة حلال أم حرام؟.. أمين الفتوى يجيب    ثلث القيمة يختفى فى أسابيع |انهيار قياسى للعملات المشفرة    احتفالية مستشفى الناس بحضور سفراء ونجوم المجتمع.. أول وأكبر مركز مجاني لزراعة الكبد بالشرق الأوسط "صور"    أطعمة تعيد التوازن لأمعائك وتحسن الهضم    في حوار له .. ساديو ماني يكشف كواليس أزمته مع محمد صلاح وانتقاله إلى ليفربول    مساعد وزير الخارجية يشيد ببرامج الاتحاد الأفريقي لإعادة إعمار الدول الخارجة من النزاعات    أول رد من عائلة محمد فوزي على إدعاء كريم الحو في «The Voice» | شاهد    محافظ الفيوم يوجه بسرعة رفع مخلفات الطبقة الأسفلتية القديمة بشارع عدلي يكن لتيسير الحركة المرورية    نجم منتخب إسكتلندا يحطم رقم كريستيانو رونالدو الفريد    «سمات روايات الأطفال.. مؤتمر مركز بحوث أدب الطفل تناقش آفاق فهم البنية السردية وصور الفقد والبطل والفتاة في أدب اليافع    الداخلية تضبط صاحب فيديو «عصا البلطجة» بالجيزة    وكالة الطاقة الذرية تدعو إلى مزيد من عمليات التفتيش على المواقع النووية الإيرانية    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 20نوفمبر 2025 فى المنيا    الوكيل: تركيب وعاء أول مفاعل نووي ينقل مشروع الضبعة من مرحلة الإنشاءات إلى التركيبات    رئيس كوريا الجنوبية: أحب الحضارة المصرية وشعبنا يحبكم    يونيفيل: استقرار هش على طول الخط الأزرق ونسير دوريات مع الجيش اللبناني    تعفن الدماغ.. دراسة تكشف علاقة مشاهدة الريلز باضطراب التركيز والذاكرة    محافظ القليوبية يُهدي ماكينات خياطة ل 15 متدربة من خريجات دورات المهنة    إيقاف بسمة وهبة وياسمين الخطيب.. الأعلى للإعلام يقرر    الجبهة الوطنية يكلف عبد الظاهر بتسيير أعمال أمانة الجيزة عقب استقالة الدالي    شركة مياه القليوبية ترفع درجة الاستعداد للمرحلة الثانية من انتخابات النواب    خدمة في الجول - طرح تذاكر مواجهة نهائي المرتبط بين الأهلي والاتحاد    النائب محمد إبراهيم موسى: تصنيف الإخوان إرهابية وCAIR خطوة حاسمة لمواجهة التطرف    مجلس الوزراء يُوافق على إصدار لائحة تنظيم التصوير الأجنبي داخل مصر    محافظ الأقصر يوجه بتحسين الخدمة بوحدة الغسيل الكلوى بمركزى طب أسرة الدير واصفون    التضامن: نخطط لتحويل العاصمة الجديدة إلى مدينة صديقة للأطفال    أسهم الإسكندرية لتداول الحاويات تواصل الصعود وتقفز 7% بعد صفقة موانئ أبوظبي    تموين القليوبية: جنح ضد سوبر ماركت ومخالفي الأسعار    جثة طائرة من السماء.. مصرع شاب عثروا عليه ملقى بشوارع الحلمية    السبت المقبل.. «التضامن» تعلن أسعار برامج حج الجمعيات الأهلية    جنايات سوهاج تقضى بإعدام قاتل شقيقه بمركز البلينا بسبب خلافات بينهما    اسعار الأسمنت اليوم الخميس 20نوفمبر 2025 فى المنيا    الرقابة المالية تصدر ضوابط عمل لجنة حماية المتعاملين وتسوية المنازعات في مجال التأمين    والده ل في الجول: أشرف داري لا يفكر في الرحيل عن الأهلي    طقس الإسكندرية اليوم: ارتفاع تدريجي فى درجات الحرارة.. والعظمى 27 درجة مئوية    مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبى: سنفرض عقوبات على عدد من الجهات السودانية    سبورت بيلد: صلاح هو المشكلة الأكبر أمام تألق فيرتز في ليفربول    "الشباب والرياضة" تدشن "تلعب كورة" لاكتشاف 2000 موهبة في دمياط    نائب وزير الخارجية يجدد دعوة أبناء مصر بالخارج للتوجه إلى صناديق الاقتراع    جامعة بنها تحافظ على مكانتها ضمن أفضل الجامعات عالميًا في تصنيف التايمز للتخصصات البينية 2026    أدعية الرزق وأفضل الطرق لطلب البركة والتوفيق من الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أزمة الإعلان الدستورى وتداعياتها ومستقبلها فى مصر
نشر في أكتوبر يوم 02 - 12 - 2012

أصدر الرئيس د. محمد مرسى يوم 22 نوفمبر 2012 الإعلان الدستورى الجديد بشكل مفاجئ، مما أدى إلى اشتعال الساحة المصرية بأكملها بطريقة مفاجئة أيضاً، وكأن المسرح المشتعل كان معدا لاستقبال هذا الحدث، ولكن الجديد فى تداعيات ردود الأفعال هو التطور السريع نحو آثار خطيرة على كيان مصر فى الداخل والخارج، بحيث يمكن القول أنها الأزمة الأخطر التى يتعرض لها النظام الجديد وإذا قدر له تجاوزها، فإنها ستترك الكثير من الدروس والجراح، ولذلك يجب أن نركز على خمسة محاور فى تحليلنا لهذا الحدث الخطير الذى تجاوزت آثاره حجمه بمئات المرات، كما كشف عن حجم المؤامرة التى تتعرض لها مصر والنظام الجديد فيها.
فالأزمة فى جوهرها سياسية وليست خلافا قانونيا حول صلب الإعلان،
وقد قيل فى تفسير دوافع الإعلان الدستورى الكثير، ونستطيع أن نحدد ثلاثة تفسيرات أولها الذى قدمه الرئيس نفسه وأنه حريص على تهيئة البيئة المناسبة لصدور الإعلان الدستورى واستكمال المؤسسات ومكافحة الفساد بممارسة الصلاحيات الممنوحة قانونا للرئيس.
وثانيها تفسير جبهة المعارضة الواسعة التى تشكلت لإسقاط الإعلان بكل الأدوات منها الاحتجاج والإعلام والاعتصام والمظاهرات ووصلت بعض الأدوات إلى حد استخدام العنف وتأليب الشعب ضد الرئيس والإخوان وتقسيم المجتمع إلى إخوان وقوى مدنية وتصوير الموقف على أن الرئيس يريد إنشاء ديكتاتورية جديدة وتمكين الإخوان من مفاصل الدولة وتعطيل مسار تداول السلطة. فى هذا السياق وجد هذا التفسير فى صياغة الإعلان، وفى عدم تمكن الرئيس من تحقيق إنجازات شعبية كبيرة سندا وحجة ساقت معها من الإشارات والحجج ما يشكك فى صلاحية الرئيس نفسه، واستغلت فى ذلك كل نقد ومعارضته مهما كانت موضوعية وأعادت إلى الأذهان كل صور النقد للإخوان والدولة الدينية وصورة المرشد العام الذى يرونه الموجه والملهم لقرارات الرئيس، وعزز ذلك الاتجاه استقالة عدد من مساعدى ومستشارى الرئيس وإعلان بعضهم أنهم لا يعلمون شيئا عن الإعلان ولم يستشاروا بشأنه.
التفسير الثالث يربط بين الإخوان وواشنطن فيرى أن اتفاق التهدئة فى غزة غير المعلن أسعد واشنطن ووثق العلاقة مع الإخوان فسمحت واشنطن للرئيس بأن يصدر هذا الإعلان.
qqq
ويتضمن الإعلان ست مواد بخلاف مادة النشر والنفاذ تتركز على إعادة التحقيقات والمحاكمات فى جرائم قتل المتظاهرين وفقا لقانون حماية الثورة، كما ركز على تعيين نائب عام جديد محل السابق ركز الإعلام من ناحية ثالثة على تحصين مجلس الشورى والجمعية التأسيسية للدستور والحل بحكم قضائى، وكذلك تحصين قرارات الرئيس من الدعوى ضد قرارات الرئيس وأعماله القانونية منذ توليه السلطة وحتى بدء العمل بالدستور وانتخاب مجلس شعب جديد من الطعن عليها أمام أى جهة وبأى طريقة وانقضاء الدعاوى المنظورة أمام القضاء بشأنها وأخيراً إطلاق يد الرئيس فى اتخاذ التدابير الواجبة لمواجهة الخطر على الثورة والأمة والوحدة الوطنية ومؤسسات الدولة. هذا الإعلان أنكر البعض عليه صفة الدستور وأنكر على الرئيس أن يتحول من الشرعية الدستورية إلى الشرعية الثورية، كما رأى البعض أن شل يد القضاء عن النظر فى أعمال الرئيس والمؤسسات اعتداء صارخ على السلطة القضائية. وأما قيمة الإعلان فهى إما معدوم القيمة، وإما أنه يدخل فى سلطات الرئيس وله قيمة كاملة ولكل من النظرين أسانيده وحججه، بينما رأى البعض الآخر أن الإعلان هو استئناف لمعركة الرئيس مع القضاء الذى حل مجلس الشعب وينظر فى حل مجلس الشورى والجمعية التأسيسية ويتمسك بالنائب العام.. بل ينظر فى دعوى بطلان انتخابات رئيس الجمهورية وكلها أمثلة على الزج بالقضاء فى صراع سياسى وتوظيفه لهدم الوطن وتعويق صدور الدستور وتوريط الرئيس فى حمل السلطة التشريعية مع التنفيذية، وابتداع ذرائع بأنه ديكتاتور وأنه يجمع بين السلطات ويتجاوز القضاء.
qqq
والمتابع للوضع المصرى يلحظ أن الرئيس والإخوان والتيار الإسلامى يتعرضون لمحاولات العزل والفصل بين القوى الإسلامية والقوى المدنية وهو تقسيم غريب ليس معروفاً فى الأدبيات السياسية أو الواقع، وهى بيئة يغلب عليها التربص والمؤامرة والتخطيط لتبشيع صورة الإخوان والتيار الإسلامى.
ويرى البعض أن هذه المؤامرة يشترك فيها بعض رموز الداخل وقوى الخارج لإسقاط النظام وإخراج التيار الإسلامى تماماً مهزوماً من الساحة السياسية خاصة بعد تكتل بعض الشخصيات التى أثارت جدلاً واسعاً فى الساحة، ولذلك بدأ رد الفعل أعلى بكثير من الفعل نفسه كما بدا وكأنها كانت تنتظر هذا الإعلان رغم أنه كان مفاجئاً وقد وقعت على هذه الفريسة، كما تقع الضباع على فرائسها
qqq
وقد لاحظنا أن الإعلان كان مناسبة ولم يكن بذاته السبب الحقيقى فيما حدث من تداعيات.. بل تم توظيفه وقراءته بشكل يتناقض مع الدوافع الحقيقية عند الرئيس فأصبح مادة خصبة لإثارة القلاقل والفتن والانقسام الحاد وتم اختزال الإعلان فى سؤال واحد هل تؤيد الديكتاتورية أم تعارضها؟ وكأنه قطع بأن الإعلان يؤسس للدكتاتورية ونشط الإعلام ونادى القضاه وبعض الشخصيات السياسية فى توسيع دائرة الخلاف وتحويله إلى صراع دموى ويمكن أن يتحول إلى حرب أهلية.
وتطالب هذه الجبهة التى أطلقت على نفسها جبهة الإنقاذ الوطنى بالتراجع عن هذا الإعلان، وطالب بعضهم الولايات المتحدة وأوروبا بمساندتهم فى هذا المسعى وهو ما لقى استجابة محدودة من الخارج ولكنه لقى صدى مدمراً فى الداخل، فقد انقسم حتى أنصار الرئيس بين مساند للرئيس وإعلانه وبين مساند للرئيس وناقد بشكل ما لهذا الإعلان وخاصة للصياغة وعدم التبصر بحالة التربص بالرئيس واستعداد عامة الشعب للتجاوب مع أعداء الرئيس بسبب حرب الاستنزاف ضده التى أعاقته عن الإنجاز. أحدث الإعلان تجميعاً غريباً لكل معارضى الرئيس والإخوان، حيث يؤكدون أن الانقسام هو بين الثوار والإخوان وبين الإخوان والشعب وفى هذا الإطار ظهرت أمارات المؤامرة وتوظيف البلطجية والاعتداء على مقار الإخوان ومقارات حزبهم وكأن هذا الاعتداء تعبير عن مكافحة الديكتاتورية ورفض نظام مستبد جديد. ترتب على هذا الحدث الاحتكاك بين انصار الإعلان ومعارضيه وبين أساتذة القانون أنفسهم وبين القوى الثورية الذين دعموا الرئيس ضد مرشح النظام السابق. كذلك زاد هذا الحدث التوتر بين الشرطة والمعارضين للإعلان من الشعب، كما ازدهرت أعمال البلطجة وصناعتها وأضرت بالاقتصاد وانهارت البورصة وأصبح الاستقرار السياسى مهتزاً مما يهدد المزيد من انعدام الاستثمار والثقة فى الأوضاع فى الداخل والخارج خاصة أن بعض الأصوات فى واشنطن بدأت تنضم إلى المعارضة المصرية للإعلان. أما القضاء فقد انقسم انقساماً خطيراً خاصة بعد دعوة نادى القضاة إلى التوقف عن العمل فى المحاكم احتجاجاً على ما اعتبره النادى انتهاكاً لسلطة القضاء ودفاعاً عن استقلاله رغم أن الحقيقة تخالف ذلك تماماً من الناحية الجوهرية. كما تحدى المحامون انضمام نقيبهم إلى نادى القضاة وعلى العكس تحدى الصحفيون نقيبهم المؤيد للإعلان ويسعى كل إلى عزل نقيبهم. يمكن أن يتطور الموقف إلى تهديد الأمن القومى المصرى فى جميع مفاصله.
qqq
ويدافع الإخوان المسلمون عن الإعلان الدستورى، كما يدافعون عن مقارهم ضد أعمال الإجرام والبلطجة، أما الرئيس فقد أجرى لقاءات مع القوى السياسية والمجلس الأعلى للقضاء أملاً فى أقناعهم بالإعلان ودوافعه ونفى ما علق به من تفسيرات، وبدت بوادر التحسن فيما أعلنه المجلس الأعلى للقضاء من أنه يوافق على تحسين قرارات الرئيس السيادية دون الإدارية وهذا لا يضيف إلى ما تضمنه الإعلان ولن يجدى عند زعماء التمرد فى نادى القضاة ورغم أن المجلس الأعلى رفض الإضراب إلا أن الدعوة إليه تتسع، كما لاتزال المعارضة تصر على سحب الإعلان. والرئيس بين الاستجابة حرفياً لمطلب المعارضة، مما يؤكد أنه متردد وأنه يدير البلاد بشكل ارتجالى ويستعدى عليه دون مبرر كل الطوائف ولم يحقق إنجازاً مهماً فى برنامجه، وبين الإصرار على الإعلان دون تعديل مهما كان الثمن والثمن فادح فهو بين أمرين يقوضان فى النهاية مصداقيته ورغم أن هذه الضجة تعلو بكثير الإعلان إلا أن الحذر فى التوقيت والصياغة كان مطلوباً حتى لا يكون إثم الإعلان أكبر من نفعه. يبدو أن الحل هو تقديم تفسير وتحليل لمواد الإعلان والاستغناء عن بعض المواد التى لا تضيف شيئاً خاصة وأن تحصين الشورى والتأسيسية ليس حيوياً، كما أن ما قصده الرئيس قد انقلب إلى العكس تماماً. وأخيراً فالعبرة فى النفوس المعطوبة والجهل بالحقائق، ولكن السياسة لا تدار بالنوايا الحسنة خاصة عندما يتعلق الأمر بمصير دولة مركزية كمصر وظروف ضبابية هى تلك التى تمر بها الآن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.