لاشك أن التقارب بين مصر ودول حوض النيل بات ضرورة ملحة فى المرحلة الراهنة ولكن على أسس واقعية تراعى فيها كافة المصالح وفى إطار الحقوق التاريخية والقانونية للدول ولذلك لابد من تفعيل الآلية الجديدة للتفاهم والتعاون بين النيل الشرقى «مصر والسودان وإثيوبيا، خاصة فيما يتعلق بإيجاد حلول توافقية للمشاكل المعلقة فى حوض نهر النيل. وفى هذا الاطار أكد السفير انطونى كون - سفيردولة جنوب السودان بالقاهرة - أهمية التعاون المشترك والتقارب بين دول حوض النيل، خاصة أن مصر بحاجة إلى دول الحوض وفى الوقت نفسه هذه الدول تحتاج إلى مصر ولذلك علينا أن نجلس معا لنتصارح فى كيفية الاستفادة المشتركة من مياه النيل. وأضاف أن بلاده حريصة على تعزيز علاقات التعاون والاستثمار مع مصر، خلال الفترة المقبلة مشيدا باهتمام مصر ورعايتها لشئون جنوب السودان وذلك رغم الظروف الصعبة التى تمر بها فى المرحلة الانتقالية.موضحا أن مصر هى أكبر دولة تحتضن ابناء الجنوب وتفتح لهم المدارس والجامعات، وأن جنوب السودان يدرك تماما علاقاته بمصر القديمة قدم النيل وستبقى مستمرة وقوية. وفيما يتعلق بالتغلغل الإسرائيلى فى جنوب السودان أكد أن بلاده ذات سيادة ولها حرية التصرف فى إقامة علاقات مع كل دول العالم، فى إطار مصلحة وشعبها الباحث عن التنمية والاستقرار. وقال إننا نمد أيدينا لكل دول العالم لدعمنا ومساندتنا لتحقيق اهدافنا فى التنمية والتحول السياسى لإقامة دولة ديمقراطية حديثة تحقق اهداف كفاح شعب الجنوب، فى الوقت نفسه فإن علاقاتنا مع إسرائيل لا تأتى خصما من علاقاتنا مع أشقائنا فى الدول العربية ولا يوجد ما يثير المخاوف من علاقتنا مع إسرائيل فهى تتشابه مع علاقات بعض الدول العربية مع إسرائيل سواء كانت رسمية أو غير رسمية. ومن جانبه أكد السفير محمود غيدى سفير أثيوبيا بالقاهرة أن العلاقات المصرية الاثيوبية هى علاقة أزلية والتفاوض حول الاتفاقية الاطارية لمياه النيل يجب أن يستمر، موضحا ان حوار مسئولى بلاده البناء مع وزارة الرى المصرية سيستمر وهو الأسلوب الحضارى لإيجاد حل للخلافات والنزاعات. موضحا أن بلاده لا تسعى للإضرار بمصالح مصر فى مياه النيل وأن بناء السدود الاثيوبية لم ولن تضر بحصة مصر لقناعة دول حوض النيل بأن النهر هو شريان الحياة للجميع. ونفى السفير الاثيوبى وجود أى تمويل من إسرائيل للسدود الاثيوبية وقال إن إسرائيل لم ولن تشارك بمليم واحد فى إنشاء هذه السدود ورحب السفير بالاتفاق على بدء الدراسات اللازمة والمشاورات لإيجاد آلية تعاونية دائمة فى المستقبل بين دول حوض النيل الشرقى لتعزيز التعاون بين دول حوض النيل الشرقى وضمان استمراريته بناء على المكاسب التى تحققت ومواصلة المشروعات المشتركة، واستئناف مصر والسودان لمشاركتها فى أنشطة مكتب حوض النيل الشرقى «الإنترو».وأشار الى حجم الاستثمارات المصرية فى اثيوبيا وصل إلى 2 مليار دولار وهو رقم قابل للزيادة فى ظل وجود فرص استثمارية واعدة تخدم العلاقات التجارية بين البلدين. ويرى أن سياسة بلاده تهدف إلى تعزيز التعاون مع مصر التى قدمت الكثير لاثيوبيا وليس هناك تنافس بين الدورين الاثيوبى والمصرى بل هناك تكامل فى الأدوار، مؤكدا أن بلاده لا تنتهج سياسة متهورة يمكن أن تضر بالمصالح المصرية والتعاون مع مصر يستند على تحقيق المصالح المشتركة والمنافع.موضحا أن سد النهضة سيعود بالخير على أثيوبيا ومصر وأفريقيا وهناك أساليب علمية لتفادى المشاكل والأضرار. ومن جهته أكد د. هانى رسلان، الخبير الاستراتيجى بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن توقيع اتفاقية التعاون بين دول النيل الشرقى، يمثل خطوة مهمة لحل الخلافات القائمة حول اتفاقية عنتيبى وسد النهضة. ويرى أن الاتفاق يعكس رغبة قوية للحفاظ على علاقات التعاون المشترك وقدر من المرونة بما تم تحقيقه فى ظل وجود مكتب الأنترو التابع لمبادرة حوض النيل. موضحا ان هذا الاتفاق سيساعد فى إنقاذ الدراسات الخاصة بالمشروعات المشتركة على النيل الشرقي، وذلك بعد تجميد مصر والسودان لنشاطهما فى المكتب بسبب التوقيع المنفرد لدول حوض النيل على اتفاقية عنتيبى. أوضح د.عبد الفتاح مطاوع - نائب رئيس المركز القومى لبحوث المياه أن العلم هو الحل وهو ما يمكن من خلاله وجود سياسة تعاون مشترك بين دول حوض النيل وذلك من اجل مواجهة الأزمة المصرية فى نقص المياه وخصائص نهر النيل والتحديات فى دول حوض نهر النيل، وأيضاً المشروعات المقترحة والتى منها إنشاء سد جديد داخل بحيرة قارون. وتحدث د.السيد فليفل - عميد معهد البحوث والدراسات الإفريقية بجامعة القاهرة - عن محاور تطبيق العلاقات بين مصر ودول حوض النيل، ووصف وضع مصر بأنه فى الحد الأدنى بين دول حوض النيل، مضيفاًوأننا بحاجة إلى تغيير الموقف المصري، وأننا أصبحنا أضعف من المطلوب، ولكن الأفارقة لهم عذرهم لأنهم لم يعرفوا حقاً حجم الأزمة المائية المصرية، وهى أنه فى حالة عدم وجود تعاون فإن العجز المائى لمصر سيقدر ب 17 مليارمتر مكعب فى عام 2017، وإذا كان هدف التنمية لا يتحقق قطرياً فالتجمع التكاملى بين حوض النيل سوف يضمن تحقيق هذه التنمية ، وفى النهاية إما التبعية أو التعاون.