يرى محللون أن حالة الركود التى يمر بها الاقتصاد الأمريكى فى الفترة الحالية ربما كانت أحد أبرز أسلحة رومنى – المرشح الجمهورى - فى الوصول إلى البيت الأبيض، لأنه و حتى الآن قبل موعد الانتخابات بأيام، لم تقدم حملته برنامجا انتخابيا واضحا ولكنها تعتمد على تسليط الضوء على أخطاء المنافس الديمقراطى باراك أوباما خاصة فيما يتعلق بالأداء الاقتصادى والبطالة والتراجع فى أعداد الوظائف وعجز الميزانية ، مستفيدا من كونه ( أى رومنى ) رجل اقتصاد فى المقام الأول أثبت كفاءته فى إنقاذ الشركات المتعثرة. وقد حاول رومنى فى الأيام الأخيرة من حملته الانتخابية استعارة شعار «التغيير» الذى اعتمده أوباما خلال حملته فى عام عام 2008، حيث اعتبر خصمه الديمقراطى ممثلا «للوضع القائم» ، متهما إياه بشن حملة سلبية ومتدنية خالية من أية أفكار جديدة ، فى الوقت الذى تعهد «رومنى» فيه بخفض العجز وتحرير النمو وتأمين 12 مليون فرصة عمل فى السنوات الأربع المقبلة. اعتمد رومنى أيضا فى حملته على توجيه الانتقادات لخصمه بشأن سياسته الخارجية القائمة على الدبلوماسية متهما إياه بإضعاف النفوذ الأمريكى حول العالم ، وقد وجد رومنى ضالته فى الهجوم على القنصلية الأمريكية فى بنغازى والذى أسفر عن مقتل السفير الأمريكى كريستوفر ستيفنز وثلاثة دبلوماسيين أمريكيين آخرين. وفى بداية حملته وجد رومنى فى إعلان أوباما عن تأييده لزواج المثليين فرصة ذهبية لكسب تأييد الناخبين الإنجيليين المحافظين وطمأنة مخاوفهم من انتمائه دينيا إلى طائفة المورمون التى تعتنق تقاليد يعتبرها الكثير من المسيحيين الأمريكيين لا علاقة لها بالدين المسيحى. فقد حاول رومنى الظهور بصورة النقيض لمنافسه الديمقراطى بالتأكيد على معارضته لزواج مثليى الجنس. ولكن فى الوقت الذى يستبعد فيه المراقبون أن تؤثر مورمونية رومنى سلبا فى التصويت له فى الانتخابات إلا أن هناك عدة عوامل قد تؤدى إلى عدم فوزه من بينها ما أظهرته استطلاعات الرأى عن ميل النساء بشكل كبير للتصويت لأوباما بسبب معارضة رومنى للإجهاض، وكذلك احتمالية خسارته لأصوات الناخبين من أصول لاتينية وأفريقية بسبب معارضته لسياسة الهجرة وقد أشارت استطلاعات الرأى إلى أن 80% من الناخبين من غير البيض يؤيدون إعادة انتخاب أوباما. كما تتهم حملة أوباما منافسهم بالافتقار للمبادئ وبأنه يغير مواقفه من أجل مكاسب سياسية فهو ينتقد نظام أوباما الصحى بالرغم من أنه أقر نظاما مشابها عندما كان حاكما لولاية ماساتشوستس، وكذلك يعارض الآن زواج المثليين فى حين أنه فى عام 1994 وافق خلال نقاش على تقديم بعض التنازلات لهم، وأيضا غير موقفه من الإجهاض عدة مرات. بالإضافة إلى الصورة المتداولة عن رومنى كرجل أعمال ثرى بعيد عن واقع الغالبية الساحقة من الأمريكيين وهى الصورة التى يروج لها فريق أوباما منتقدين السياسة الاقتصادية التى ينادى بها والتى تقوم على إعفاءات ضريبية للأكثر ثراء من جهة واقتطاعات فى البرامج الاجتماعية من جهة أخرى. وما يزيد الوضع سوءا لرومنى ذلك الشريط الذى تم تسريبه على الانترنت لخطاب ألقاه فى مايو الماضى خلال اجتماع لجمع التبرعات فى فلوريدا ووصف فيه مؤيدى أوباما- أى نصف الناخبين الأمريكيين تقريبا- بأنهم «يعيشون على عطايا الحكومة ويؤمنون بأنهم ضحايا وأن الحكومة مسئولة عن إعالتهم».وفى هذا الصدد قالت صحيفة «فينانشيال تايمز» البريطانية إن حملة أوباما لو أرادت ابتكار نسخة كاريكاتورية لشخص ذى نفوذ بعيد كل البعد عن الواقع بسبب ثروته لما تمكنت من فعل شئ أفضل مما فعله خصمهم بنفسه. كما يفتقر رومنى إلى الخبرة فى مجال السياسة الخارجية وهو ما ظهر بوضوح خلال المناظرة الثالثة بينه وبين أوباما وأشارت إليه افتتاحية لصحيفة نيويورك تايمز حيث قالت إن رومنى بدا مرتبكا بسبب افتقاره لأى أفكار حقيقية بشأن معظم القضايا الخارجية.