مواعيد صرف معاش تكافل وكرامة بالزيادة الجديدة لشهر مايو 2024    أوستن: لا مؤشرات على نية حماس مهاجمة القوات الأمريكية في غزة    جنازة مهيبة لطالب لقى مصرعه غرقًا بالمنوفية (صور)    أوستن: لا مؤشرات على نية حماس مهاجمة القوات الأمريكية في غزة    انتهاء أزمة الشيبي والشحات؟ رئيس اتحاد الكرة يرد    أهداف برشلونة في الميركاتو الصيفي    نجم الأهلي يقترب من الرحيل عن الفريق | لهذا السبب    "الدفاع التايوانية" تعلن رصد 26 طائرة و5 سفن صينية في محيط الجزيرة    اليونسكو تمنح الصحفيين الفلسطينيين جائزة حرية الصحافة    رسالة جديدة من هاني الناظر إلى ابنه في المنام.. ما هي؟    20 لاعبًا بقائمة الاتحاد السكندري لمواجهة بلدية المحلة اليوم في الدوري    ارتفاع عدد ضحايا القصف الإسرائيلي على منزلًا شمال رفح الفلسطينية إلى 6 شهداء    10 أيام في العناية.. وفاة عروس "حادث يوم الزفاف" بكفر الشيخ    تركيا تعلق جميع المعاملات التجارية مع إسرائيل    كاتبة: تعامل المصريين مع الوباء خالف الواقع.. ورواية "أولاد الناس" تنبأت به    "نلون البيض ونسمع الدنيا ربيع".. أبرز مظاهر احتفال شم النسيم 2024 في مصر    هل يجوز الظهور بدون حجاب أمام زوج الأخت كونه من المحارم؟    حكم البيع والهبة في مرض الموت؟.. الإفتاء تُجيب    سعر الريال السعودي اليوم الجمعة 3 مايو 2024 بالتزامن مع إجازة البنوك وبداية موسم الحج    بعد انفراد "فيتو"، التراجع عن قرار وقف صرف السكر الحر على البطاقات التموينية، والتموين تكشف السبب    بركات ينتقد تصرفات لاعب الإسماعيلي والبنك الأهلي    سر جملة مستفزة أشعلت الخلاف بين صلاح وكلوب.. 15 دقيقة غضب في مباراة ليفربول    مصطفى كامل ينشر صورا لعقد قران ابنته فرح: اللهم أنعم عليهما بالذرية الصالحة    تعيين رئيس جديد لشعبة الاستخبارات العسكرية في إسرائيل    أول تعليق من أسرة الشهيد عدنان البرش: «ودعنا خير الرجال ونعيش صدمة كبرى»    الإفتاء: لا يجوز تطبب غير الطبيب وتصدرِه لعلاج الناس    العثور على جثة سيدة مسنة بأرض زراعية في الفيوم    انخفاض جديد مفاجئ.. أسعار الدواجن والبيض اليوم الجمعة 3 مايو 2024 بالبورصة والأسواق    انقطاع المياه بمدينة طما في سوهاج للقيام بأعمال الصيانة | اليوم    برلماني: إطلاق اسم السيسي على أحد مدن سيناء رسالة تؤكد أهمية البقعة الغالية    أحكام بالسجن المشدد .. «الجنايات» تضع النهاية لتجار الأعضاء البشرية    فريدة سيف النصر توجه رسالة بعد تجاهل اسمها في اللقاءات التليفزيونية    السفير سامح أبو العينين مساعداً لوزير الخارجية للشؤون الأمريكية    عز يعود للارتفاع.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 3 مايو 2024 بالمصانع والأسواق    نكشف ماذا حدث فى جريمة طفل شبرا الخيمة؟.. لماذا تدخل الإنتربول؟    كيفية إتمام الطواف لمن شك في عدده    قتل.. ذبح.. تعذيب..«إبليس» يدير «الدارك ويب» وكر لأبشع الجرائم    معهد التغذية ينصح بوضع الرنجة والأسماك المملحة في الفريزر قبل الأكل، ما السبب؟    خبيرة أسرية: ارتداء المرأة للملابس الفضفاضة لا يحميها من التحرش    ضم النني وعودة حمدي فتحي.. مفاجآت مدوية في خريطة صفقات الأهلي الصيفية    "عيدنا عيدكم".. مبادرة شبابية لتوزيع اللحوم مجاناً على الأقباط بأسيوط    محمد مختار يكتب عن البرادعي .. حامل الحقيبة الذي خدعنا وخدعهم وخدع نفسه !    شايفنى طيار ..محمد أحمد ماهر: أبويا كان شبه هيقاطعنى عشان الفن    قفزة كبيرة في الاستثمارات الكويتية بمصر.. 15 مليار دولار تعكس قوة العلاقات الثنائية    مجلس الوزراء: الأيام القادمة ستشهد مزيد من الانخفاض في الأسعار    اليوم.. الأوقاف تفتتح 19 مسجداً بالمحافظات    بشير التابعي: من المستحيل انتقال إكرامي للزمالك.. وكولر لن يغامر أمام الترجي    سفير الكويت: مصر شهدت قفزة كبيرة في الإصلاحات والقوانين الاقتصادية والبنية التحتية    الحمار «جاك» يفوز بمسابقة الحمير بإحدى قرى الفيوم    هالة زايد مدافعة عن حسام موافي بعد مشهد تقبيل الأيادي: كفوا أيديكم عن الأستاذ الجليل    برج السرطان.. حظك اليوم الجمعة 3 مايو 2024: نظام صحي جديد    البطريرك يوسف العبسي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يحتفل برتبة غسل الأرجل    جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات    تعرف على طقس «غسل الأرجل» بالهند    بطريقة سهلة.. طريقة تحضير شوربة الشوفان    القصة الكاملة لتغريم مرتضى منصور 400 ألف جنيه لصالح محامي الأهلي    صحة الإسماعيلية تختتم دورة تدريبية ل 75 صيدليا بالمستشفيات (صور)    بالفيديو.. خالد الجندي يهنئ عمال مصر: "العمل شرط لدخول الجنة"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشيخ والممثلة.. أو الدين والأخلاق
نشر في أكتوبر يوم 28 - 10 - 2012

أمام كاميرات التصوير وقبلها منصة القضاء رفع الشيخ وفريقه صور الممثلة وقد تعرت أو وهى فى أوضاع شبه جنسية فرد فريق الممثلة دعاة الحداثة أن هذا فنا والفن حضارة وأنها مناظر وليست ممارسات حقيقية (فى الغرب يذهبون فى فنهم شوطا أبعد من هذا بكثير) وعاير الفريق الأخير الفريق الأول بحكاية النائب وفتاة السيارة كأنهم يقولون لهم تحسسوا البطحة على رءوسكم قبل أن تتحدثوا عن الأخلاق.
وفى رأيىّ أن مشكلة الشيخ والممثلة أبرز مثال على إشكالية الدين والأخلاق التى يتنازعها الإسلاميون المحافظون ودعاة الحداثة فى المجتمع المصرى الآن.
(1)
المشكلة أن بعض الناس تنخدع فى طرح دعاة الحداثة حين يطرحون أنفسهم أخلاقيين أو أكثر إنسانية وتفتحاً من خصومهم الإسلاميين، وأن أخلاقهم تلك وإنسانيتهم ليسا لهما علاقة مباشرة بالدين الذى هو علاقة خاصة جدا بين الفرد وربه وهم فى هذا كاذبون إلا قليلا.. وهل ينفصل الدين عن الأخلاق؟!
..هم يعتمدون فى الترويج لأكذوبة فصل الدين عن الأخلاق على ما نراه ونلمسه من الواقع الأخلاقى المتردى الذى يعيشه المجتمع المصرى الآن، ويزداد الأسى حين نصادف كثيراً من الرجال والنساء يظهر الواحد أو الواحدة منهم الالتزام الدينى، ويتخذ السمت الشكلى الذى يتصور معه أنه يتأسى بسنة الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) والصحابة ، فيسرع الرجل ليتقدم صفوف المصلين إماما ويزيد النوافل على المفروضة ، ويحرص على صوم الفرض والسنة، وتفاجأ أن نفس هذا الشخص يكذب فى حديثه، وليس له عهد ولا ذمة أو يدس لزملائه فى العمل عند الرؤساء لينال لديهم الحظوة أو يسعى إلى استبعادهم لينفرد هو بالمزايا ويضيّق عليهم رزقهم فى منافسة غير شريفة ثم ينقلب على من يمنحه هذه المزايا ليبحث عن آخر يواصل معه لعبته، وهو يظن واهما أن عدم الصدق حيطة وذكاء والغش والضغينة مداراة، والشحناء دفاع عن النفس، وأن هذه السلوكيات ليست لها علاقة بالدين ولا تفسده، ومثله المرأة التى تؤذى جيرانها ولا تعف لسانها عن ذكر العيوب صدقا وكذبا تفعل ذلك وهى حريصة على أن تسبل على نفسها رداء الجسد أو رداء النسك والزهد والتصوف ومنهن - ومن الرجال كذلك - من يدعى أنه منسّب أى يمتد نسبه وسلساله إلى آل بيت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) والله ورسوله منهم بريئان.
هذا الواقع يطرح السؤال الذى تحيّر إجابته - على قدر وضوحها – كثيراً منا: هل يمكن أن يكون الإنسان ذا خلق وهو بعيد عن الدين، أو يكون ملتزماً دينيا وسىء الخلق؟! الإجابة: نعم ولا يحتاج تأكيدها أكثر من نظرة مراجعة سريعة للواقع من حولنا لملاحظة السلوك الخلقى فى الممارسات العملية اليومية.. وهو ما يؤدى إلى سوء أو ارتباك الفهم عند البعض ممن لا يجدون إجابة عن سؤال: كيف يكون هذا؟
(2)
فى كتابه (الإسلام بين الشرق والغرب) يقول لنا المفكر الإسلامى المجدد على عزت بيجوفيتش كيف يكون ذلك.
وأول إيضاح يقدمه بيجوفيتش هو أن الفكر الأخلاقى أقدم الأفكار الإنسانية، ولا يسبقه فى هذا سوى الفكر الدينى، الذى هو قديم قِدَم الإنسان نفسه.. وقد التحم الفكران معا عبر التاريخ.
ويلفت بيجوفيتش النظر إلى ظهور حركة سُمّيت ب (الأخلاق العلمانية) المتجرّدة من الدين.. وذلك خلال القرن التاسع عشر.. ظهرت فى فرنسا وإنجلترا وألمانيا وأمريكا وإيطاليا.. وأُطلق عليها أسماء مختلفة مثل: جمعيات الثقافة الأخلاقية، مؤسسات الإنعاش، الجمعيات الأخلاقية.. إلى آخر هذه الأسماء التى لا تدل على مضمون أخلاقى حقيقى سوى الانفلات من الإيمان.
ويمضى بيجوفيتش يفسر هذه الظاهرة الاجتماعية فيقول: علينا أن نفهم حقيقة أساسية فى العلاقة بين الأخلاق والدين .. فرغم أنهما متلازمان متساندان. فإنهما ليسا شيئا واحدا.. فالأخلاق كمبدأ لا يمكن وجودها بغير دين.. أما الأخلاق كممارسة أو حالة معينة من السلوك فإنها لا تعتمد بطريق مباشر على التّديّن.
ليست هناك إذن علاقةٌ تلازم بين عقيدتنا وسلوكنا، فسلوكنا ليس بالضرورة من اختيارنا الواعى ولا هو مقصور عليه.. إنه على الأرجح نتيجة التنشئة والمواقف التى تشكَّلت فى مرحلة الطفولة، أكثر من كونه نتيجة للمعتقدات الفلسفية والسياسية الواعية التى تأتى فى مرحلة متأخِّرة من مراحل العمر.
فإذا تربّى شخصٌ ما فى طفولته على أن يحترم كبارَ السنِّ وأن يحافظ على كلمته، وأن يحكمَ على الناس بصفاتهم وليس بمظهرهم، وأن يُحِبُّ الآخرين ويساعدهم، وأن يقولَ الصدق، ويكره النفاق وأن يكون إنسانًا بسيطًا أَبِيًّا.. إذا نشأ على كل هذه الأخلاق الحميدة فستكون هى صفاته الشخصية، بصرف النظر عن أفكاره السياسية الأخيرة أو فلسفته أو عقيدته الاسمية (مسلم أو مسيحى) التى يعتنقها، وهذه الأخلاقيات (إذا نظرنا إليها نظرة تحليلية) مدينة للدين ومنقولة منه، ومعنى ذلك أن التعليم قد استطاع أن ينقل إلينا نظرات وفضائل دينية أصيلة معينة فيما يتصلُ بالعلاقة بين الإنسان والإنسان، ولكنه لم ينقلْ معها الدينَ الذى هو مصدرُ هذه الأخلاقيات.
(3)
ويمضى بيجوفيتش يوضح فكرته فيقول:«الدين نوع من المعرفة، والأخلاق هى الحياة التى يحياها الإنسان وفقًا لهذه المعرفة، وهنا يظهر الاختلاف بين المعرفة والممارسة.. فالدين إجابة عن سؤال: كيف تفكر وكيف تؤمن؟ بينما الأخلاق إجابة عن سؤال: كيف تحكم الرغبة، أو كيف تحيا وكيف تتصرف؟.. تأمّل فى هذه الآية التى تربط بين الإيمان والعمل الصالح:(الذين آمنوا وعملوا الصالحات) إنها تتكرر بصيغتها أو معناها فى القرآن أكثر من خمسين مرة، كأنما تؤكد لنا ضرورة توحيد أمرين اعتاد الناس على الفصل بينهما.. إن هذه الآية تعبّر عن الفرق بين الدين (الإيمان) وبين الأخلاق (عملُ الصالحات) كما تأمر فى الوقت نفسه بضرورة أن يسير الاثنان معًا جنباً إلى جنب.. كذلك يكشف لنا القرآن عن علاقة أخرى عكسية بين الأخلاق والدين، فيوجه نظرنا إلى أن الممارسة الأخلاقية قد تكون حافزًا قويًا على التدين:(لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبّون).. ومعنى الآية هنا لا يقول:«آمن لتصبح خيِّرًا» إنما على العكس يقول:«افعل الخير تصبح مؤمنًا» وفى هذه النقطة نرى إجابة عن سؤال: كيف يمكن للإنسان أن يقوّى إيمانه؟ والإجابة هى: افعل الخير تجد الله أمامك.. واظب على فعل الخيرات لوجه الله تقترب من الله يربو إيمانك.
(4)
ينتهى بيجوفيتش من تحليلاته للأوضاع الأخلاقية إلى نتيجتين مهمتين (كما يقول محمد يوسف عدس) الذى ترجم له وترجم عنه: النتيجة الأولى، هى أن الأخلاق من حيث هى مبدأ لا توجدُ بلا دين، بينما الأخلاق العملية يمكنُ أن توجدَ فى غياب الدين، فهى توجد – حسب تعبيره – (بحكم القصور الذاتى)، ومن ثَمَّ فإنَّ أبرزَ خصائصها أنها واهنة بالغة الوهن، والسبب عنده أنها قد انفصلت عن المصدر الذى مَنَحَها قُوَّتَها المبدئية، ألا وهو الدين.. أما النتيجة الثانية فهى أنه لا يُمْكِنُ بناء نظام أخلاقى على الإلحاد، (أو إنكار الدين) والمثال على ذلك ما حَدَثَ فى النظام الماركسى بالاتحاد السوفيتى، فلكى يُؤَسِّسُ الماركسيون مجتمعًا ويحافظوا على وجودِه واستمراره كان عليهم أن يطلبوا من الناس مثاليةً وتضحيةً أكثر مما طَلَبَ أى نبى من أتباعه باسم الدين.
ونقول نحن ختاما: إن الدين حجة على الناس وليس الناس حجة على الدين، فلا تنخدعوا يا أصحاب العقول والأفهام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.